تحظى مشكلة نقص المياه وازدياد الطلب عليها في منطقة الشرق الأوسط ومنذ حوالي أربعين عاما باهتمام متزايد من الدول ومراكز البحوث المعنية بتطورات الأوضاع في المنطقة في ظل سعي بعض الأطراف الإقليمية والدولية للقيام بدور تحريضي عبر الحديث عن حروب محتملة بين بلدان المنطقة بسبب النقص في المياه، وذلك بهدف افتعال مجالات جديدة لإثارة المخاوف والتوترات في العلاقات بين دول المنطقة بدل أن تكون المياه عامل تعاون وتنمية وسلام بين شعوبها. وليس من قبيل المصادفة أن تقوم مراكز بحوث ورجال السياسة في الغرب وخصوصا في الولايات المتحدة و'إسرائيل' وفي نفس الوقت بإعداد وتسريب التقارير والسيناريوهات عن حروب المياه المتوقعة في الشرق الأوسط. ولا يحتاج المتتبع الى جهد كبير لكي يحدد أهداف الجهات التي تقف وراء مثل هذه الدعوات التي تسعى لخلق المشاكل بين الأقطار العربية والدول الأجنبية المجاورة لها والمشتركة معها في الاستفادة من الأنهار، وذلك لإيجاد مجالات متعددة لها للتحرك في المنطقة بما يخدم أهدافها الاستعمارية.
ولعل ابرز مواقف وتصريحات الساسة الأمريكان بهذا الصدد هو ما قاله مساعد وزير الخارجية الأمريكي الأسبق هارولد ساندرز عندما صرح : 'بأن المياه مورد نادر في الشرق الأوسط، ومن المحتمل أن يكون للطلب المتصاعد على مصدر مائي محدد، وهو أمر حيوي أكثر من النفط، أهمية بعيدة الأثر كسبب للصراع وكحتمية للتعاون معاً'. وفي أعقاب احتلال العراق للكويت في تشرين الثاني/نوفمبر 1990، طلبت الولايات المتحدة الأمريكية من تركيا، استخدام المياه كـسـلاحٍ سياسي يرغم العراق على سحب قواته من الأراضي الكويتية، وذلك بقطع مياه نهري الفرات ودجلة عنه، لكن الحكومة التـركية رفضت الاستجابة للاقتراح الأمريكي بسبب خطورته من جهة، وفداحة أثاره السياسية والاقتصادية على العراق وسورية من جهةٍ ثانية. كما قامت وكالة المخابرات المركزية الأمريكية منذ عام 1986 بتسريب عدة تقارير وسيناريوهات للصحافة عن حروب مياه متوقعة في المنطقة، أشار أحدها إلى أن كلاً من العراق وسورية سوف يقومان بالهجوم على الأراضي التركية لتدمير السدود. بينما قامت تلك الوكالة أواخر عام 1993، بإعداد دراسة لمشاكل المياه في العالم تتحدث عن وجود عشر مناطق مختلفة ستشهد في المستقبل صراعاتٍ ومواجهاتٍ عسكرية محتملة حول المياه. وقد قسّمت تلك الدراسة المناطق العشر المرشحة ومن بينها منطـقة الشرق الأوسط للدخول في صراع أو مواجهة محتملة بين دولها إلى ثلاثة مستويات من الخطر أولها الدول المشتركة في الأنهار في الشرق الأوسط والدول المشتركة في نهر النيل (1).
الأطماع الإسرائيلية في مياه المنطقة
ولا تخفى على أحد الأطماع الصهيونية في مياه المنطقة حيث ظهر اهتمام الكيان اليهودي بالسيطرة على مياه فلسطين مبكرا عندما صرح بن غوريون - أول رئيس وزراء للاحتلال بقوله : ' يجب السيطرة على المنابع المائية في فلسطين '، حيث باتت المياه الفلسطينية ومنذ نشوء الكيان الصهيوني الغاصب، هدفاً مركزياً للأطماع الصهيونية تحت شعار 'الأمن المائي في المقدمة' و'مدافع الدبابات الإسرائيلية يجب أن تتجاور مع أنابيب المياه'. وكان الماء - الذهب الأزرق - دافعاً أساسياً للكيان اليهودي لشن حرب عدوانية ضد الأقطار العربية في عام 1967، وقد تحقق له ذلك الهدف بالسيطرة على 53' من مياه الضفة الفلسطينية وروافد نهر الأردن، و 22 ' من مياه هضبة الجولان، وبعد غزوها لبنان 1982 حولت مياه نهر الليطاني في لبنان إلى الجليل، لتعلن رسمياً عام 1991 أن المياه في الأراضي العربية المحتلة هي جزء من 'إسرائيل!' (2).
كما سعى الكيان الصهيوني لتحريض الدول المجاورة للأقطار العربية التي تتحكم بمنابع الأنهار لكي تستخدم المياه سلاحا ضد العرب، مستفيدا من حقيقة أن الأقطار العربية لا تملك السيطرة الكاملة على منابع مياهها ؛ حيث أن أثيوبيا وتركيا وغينيا وإيران والسنغال وكينيا وأوغندا هي بلدان تتحكم بحوالي 60' من منابع الموارد المائية للوطن العربي. وقد اعترف الباحث الإسرائيلي ارنون سوفر في كتابه (الصراع على المياه في الشرق الأوسط) أن لإسرائيل مصالح سياسية إستراتيجية في حوض النيل، ولتوزيع المياه بين الدول المشتركة فيه تأثير مباشر على إسرائيل، ولذلك فهي تحاول بالتنسيق مع إثيوبيا العبث بهذا النهر للتأثير على حصة مصر والسودان منه، كما تسعى إسرائيل إلى توطيد علاقاتها مع الدول غير العربية'مثل إريتريا وإثيوبيا عبر مساندتهما و تقديم المساعدات المالية لإثيوبيا لبناء السدود على النهر، مع عرضها مقابل ذلك شراء مياه النيل منها، وهذه العلاقات المتينة تثير العصبية في مصر التي تخشى من الدول التي ينبع منها النيل. ويبين سوفر أن إسرائيل تقيم علاقات قويه مع كينيا التي ينبع منها أحد منابع النيل وأيضا أوغندا التي توجد فيها بحيرة فيكتوريا (3).
مشاريع المياه التركية
لا تزال تركيا تشهد حتى اليوم استكمال بقية وحدات مشروعها المائي العملاق (كاب) الذي تتلخص فكرته الأساسية بإقامة (13) مشروعاً رئيسياً، خصص اغلبها لمشاريع الريّ وتوليد الطاقة الكهرومائية، ويهدف مشروع الكاب إلى إقامة (22) سداً على نهري الفرات ودجلة وروافدهما وإنشاء (19) محطة لتوليد الطاقة الكهرومائية وبتكاليف باهظة لتحويله إلى مشروع تنمويٍ إقليمي شاملٍ متكامل القطاعات. وقد تسبب هذا المشروع في بعض الأحيان في حصول توترا في العلاقات بين سورية والعراق من جهة وبين تركيا من جهة أخرى كما حدث في كانون الثاني/ يناير 1990 عندما بدأت تركيا تستعد لملء اكبر الخزانات المائية الموجودة على نهر الفرات ألا وهو سد أتاتورك الذي تبلغ سعته التخزينية أكثر من (7, 48) مليارم3، حيث صاحب عملية ملء السد توتر كبير في العلاقات السياسية بين الدول الثلاث، وذكرت الحكومة التركية وقتها بان إغلاق مجرى النهر لمدة (30) يوماً جاء نتيجة لما أسمته هي (بالضرورات الفنية)، في حين اعتبر العراق وسورية أن هذا الإجراء لم يكن مدروساً دراسةً جدية كافية وتسبب في إلحاق أضرار كبيرة بالبلدين. وكانت العديد من المصادر قد أشارت إلى وجود محاولات إسرائيلية وغربية لتشجيع تركيا على إقامة المزيد من السدود على نهري الفرات ودجلة لتحقيق منافع اقتصادية وسياسية على حساب مصالح سورية والعراق.
مشاكل المياه بين العراق وإيران
إضافة إلى نهر الفرات الذي يمر بالعراق قادما من تركيا وسورية، فان العديد من ينابيع نهر دجلة تأتي من إيران ومنها أنهار ديالى والكارون والكرخة، وكان العراق ولا يزال المتضرر الأكبر من تأثر انسياب مياه نهري دجلة والفرات، حيث انخفضت ومنذ عام 2003 وبشكل كبير حصته التي تم الاتفاق عليها في اتفاقيات توزيع المياه السابقة مع الدول التي تنبع منها الأنهار أو تمر بها. وقد تسبب ذلك في خسائر بالغة على توفير احتياجات العراق المائية وخاصة على الزراعة. وأدى الانخفاض الكبير في مياه نهر ديالى والقطع الكامل لبعض الأنهار القادمة من إيران ومنها نهري الكارون والكرخة اللذان يصبان في البصرة، أدى إلى حرمان مساحات كبيرة من الأراضي الزراعية من المياه وتسبب بموت مساحات شاسعة من الأراضي الصالحة للزراعة وخصوصا بساتين النخيل في البصرة وديالى وأجبر المزارعين إلى هجرة أراضيهم الزراعية، وهو الأمر الذي دفع المزارعين وبعض القوى والأحزاب للضغط على الحكومة في بغداد للتحرك ومطالبة إيران بإعادة حصة العراق من مياه الأنهار. وقد أشار إلى ذلك طارق الهاشمي نائب رئيس الجمهورية العراقي في حديثة إلى شيوخ العشائر أثناء زيارته للبصرة في 8/8/2009 'أن إيران قطعت أنهارها عن العراق ومنها نهر الكارون الذي أدى إلى موت بساتين النخيل في البصرة وأضرت بشط العرب ومنعت تنظيفه، وتساءل : لماذا نتكلم عن قطع المياه من تركيا ولا نتحدث عن إيران؟' كما أعلنت وزارة الموارد المائية العراقية في 3/4/2009 أن الجانب الإيراني يمتنع عن عقد اللقاءات بالجانب العراقي لدراسة انخفاض المياه والحصص المائية بين البلدين رغم المخاطبات الرسمية.
إن سوء الأوضاع في العراق وانهيار مؤسسات الدولة بفعل الاحتلال لا يجب أن يكون عامل تشجيع لأي دولة لكي تقطع المياه عن العراق وتلحق الضرر به، لأن العلاقات التاريخية والمصالح المشتركة بين البلدان وحجم المعاناة والصعوبات التي تواجه الشعب العراقي حاليا، يجب أن تكون الدافع لإنصاف العراق في حصته المائية وتقديم المساعدة لشعبه لتجاوز محنته لا عبر إلحاق الأذى به واستخدام المياه لتحقيق أغراض سياسية واقتصادية.
الخلاصة
وإذا كانت مشكلة المياه وتناقص كمياتها مقابل تزايد احتياجات دول المنطقة هي حقيقة لا يمكن إغفالها، فان الحلول المتعددة المتاحة لها لا تجعل خيار الحروب هو الحل الوحيد لها نظرا لما ستتكبده جميع دول المنطقة من خسائر في كافة المجالات الاقتصادية والعسكرية والأمنية عند وقوع الحروب فيما بينها بسبب المياه. إن شعوب المنطقة أدركت أن التعاون بين الدول المشتركة بالأنهار في المنطقة هو السبيل الأفضل لتحقيق الاستقرار والتنمية والسلام في المنطقة بعيدا عن كل محاولات إثارة المشاكل والمخاوف التي تقف وراءها جهات معروفة بأطماعها وأهدافها الاستعمارية. إن اللجوء إلى الاتفاقيات الدولية التي تنظم الاستفادة من الموارد المائية بين الدول المشتركة بشكل عادل وتغليب الحكمة وتوسيع التعاون وتبادل المنافع والمصالح المشتركة، هي الضمانة لعدم استغلال دول المنبع لهذه الثروة لأغراض اقتصادية وسياسية تلحق الضرر بالدول الأخرى وبالتالي تجنب عوامل إثارة المشاكل والأزمات. ويأتي التعاون التركي السوري ليقدم نموذجا لحسن التعامل مع مشكلة المياه بحكمة وعقلانية خدمة لمصلحة البلدين.
ولعل ابرز مواقف وتصريحات الساسة الأمريكان بهذا الصدد هو ما قاله مساعد وزير الخارجية الأمريكي الأسبق هارولد ساندرز عندما صرح : 'بأن المياه مورد نادر في الشرق الأوسط، ومن المحتمل أن يكون للطلب المتصاعد على مصدر مائي محدد، وهو أمر حيوي أكثر من النفط، أهمية بعيدة الأثر كسبب للصراع وكحتمية للتعاون معاً'. وفي أعقاب احتلال العراق للكويت في تشرين الثاني/نوفمبر 1990، طلبت الولايات المتحدة الأمريكية من تركيا، استخدام المياه كـسـلاحٍ سياسي يرغم العراق على سحب قواته من الأراضي الكويتية، وذلك بقطع مياه نهري الفرات ودجلة عنه، لكن الحكومة التـركية رفضت الاستجابة للاقتراح الأمريكي بسبب خطورته من جهة، وفداحة أثاره السياسية والاقتصادية على العراق وسورية من جهةٍ ثانية. كما قامت وكالة المخابرات المركزية الأمريكية منذ عام 1986 بتسريب عدة تقارير وسيناريوهات للصحافة عن حروب مياه متوقعة في المنطقة، أشار أحدها إلى أن كلاً من العراق وسورية سوف يقومان بالهجوم على الأراضي التركية لتدمير السدود. بينما قامت تلك الوكالة أواخر عام 1993، بإعداد دراسة لمشاكل المياه في العالم تتحدث عن وجود عشر مناطق مختلفة ستشهد في المستقبل صراعاتٍ ومواجهاتٍ عسكرية محتملة حول المياه. وقد قسّمت تلك الدراسة المناطق العشر المرشحة ومن بينها منطـقة الشرق الأوسط للدخول في صراع أو مواجهة محتملة بين دولها إلى ثلاثة مستويات من الخطر أولها الدول المشتركة في الأنهار في الشرق الأوسط والدول المشتركة في نهر النيل (1).
الأطماع الإسرائيلية في مياه المنطقة
ولا تخفى على أحد الأطماع الصهيونية في مياه المنطقة حيث ظهر اهتمام الكيان اليهودي بالسيطرة على مياه فلسطين مبكرا عندما صرح بن غوريون - أول رئيس وزراء للاحتلال بقوله : ' يجب السيطرة على المنابع المائية في فلسطين '، حيث باتت المياه الفلسطينية ومنذ نشوء الكيان الصهيوني الغاصب، هدفاً مركزياً للأطماع الصهيونية تحت شعار 'الأمن المائي في المقدمة' و'مدافع الدبابات الإسرائيلية يجب أن تتجاور مع أنابيب المياه'. وكان الماء - الذهب الأزرق - دافعاً أساسياً للكيان اليهودي لشن حرب عدوانية ضد الأقطار العربية في عام 1967، وقد تحقق له ذلك الهدف بالسيطرة على 53' من مياه الضفة الفلسطينية وروافد نهر الأردن، و 22 ' من مياه هضبة الجولان، وبعد غزوها لبنان 1982 حولت مياه نهر الليطاني في لبنان إلى الجليل، لتعلن رسمياً عام 1991 أن المياه في الأراضي العربية المحتلة هي جزء من 'إسرائيل!' (2).
كما سعى الكيان الصهيوني لتحريض الدول المجاورة للأقطار العربية التي تتحكم بمنابع الأنهار لكي تستخدم المياه سلاحا ضد العرب، مستفيدا من حقيقة أن الأقطار العربية لا تملك السيطرة الكاملة على منابع مياهها ؛ حيث أن أثيوبيا وتركيا وغينيا وإيران والسنغال وكينيا وأوغندا هي بلدان تتحكم بحوالي 60' من منابع الموارد المائية للوطن العربي. وقد اعترف الباحث الإسرائيلي ارنون سوفر في كتابه (الصراع على المياه في الشرق الأوسط) أن لإسرائيل مصالح سياسية إستراتيجية في حوض النيل، ولتوزيع المياه بين الدول المشتركة فيه تأثير مباشر على إسرائيل، ولذلك فهي تحاول بالتنسيق مع إثيوبيا العبث بهذا النهر للتأثير على حصة مصر والسودان منه، كما تسعى إسرائيل إلى توطيد علاقاتها مع الدول غير العربية'مثل إريتريا وإثيوبيا عبر مساندتهما و تقديم المساعدات المالية لإثيوبيا لبناء السدود على النهر، مع عرضها مقابل ذلك شراء مياه النيل منها، وهذه العلاقات المتينة تثير العصبية في مصر التي تخشى من الدول التي ينبع منها النيل. ويبين سوفر أن إسرائيل تقيم علاقات قويه مع كينيا التي ينبع منها أحد منابع النيل وأيضا أوغندا التي توجد فيها بحيرة فيكتوريا (3).
مشاريع المياه التركية
لا تزال تركيا تشهد حتى اليوم استكمال بقية وحدات مشروعها المائي العملاق (كاب) الذي تتلخص فكرته الأساسية بإقامة (13) مشروعاً رئيسياً، خصص اغلبها لمشاريع الريّ وتوليد الطاقة الكهرومائية، ويهدف مشروع الكاب إلى إقامة (22) سداً على نهري الفرات ودجلة وروافدهما وإنشاء (19) محطة لتوليد الطاقة الكهرومائية وبتكاليف باهظة لتحويله إلى مشروع تنمويٍ إقليمي شاملٍ متكامل القطاعات. وقد تسبب هذا المشروع في بعض الأحيان في حصول توترا في العلاقات بين سورية والعراق من جهة وبين تركيا من جهة أخرى كما حدث في كانون الثاني/ يناير 1990 عندما بدأت تركيا تستعد لملء اكبر الخزانات المائية الموجودة على نهر الفرات ألا وهو سد أتاتورك الذي تبلغ سعته التخزينية أكثر من (7, 48) مليارم3، حيث صاحب عملية ملء السد توتر كبير في العلاقات السياسية بين الدول الثلاث، وذكرت الحكومة التركية وقتها بان إغلاق مجرى النهر لمدة (30) يوماً جاء نتيجة لما أسمته هي (بالضرورات الفنية)، في حين اعتبر العراق وسورية أن هذا الإجراء لم يكن مدروساً دراسةً جدية كافية وتسبب في إلحاق أضرار كبيرة بالبلدين. وكانت العديد من المصادر قد أشارت إلى وجود محاولات إسرائيلية وغربية لتشجيع تركيا على إقامة المزيد من السدود على نهري الفرات ودجلة لتحقيق منافع اقتصادية وسياسية على حساب مصالح سورية والعراق.
مشاكل المياه بين العراق وإيران
إضافة إلى نهر الفرات الذي يمر بالعراق قادما من تركيا وسورية، فان العديد من ينابيع نهر دجلة تأتي من إيران ومنها أنهار ديالى والكارون والكرخة، وكان العراق ولا يزال المتضرر الأكبر من تأثر انسياب مياه نهري دجلة والفرات، حيث انخفضت ومنذ عام 2003 وبشكل كبير حصته التي تم الاتفاق عليها في اتفاقيات توزيع المياه السابقة مع الدول التي تنبع منها الأنهار أو تمر بها. وقد تسبب ذلك في خسائر بالغة على توفير احتياجات العراق المائية وخاصة على الزراعة. وأدى الانخفاض الكبير في مياه نهر ديالى والقطع الكامل لبعض الأنهار القادمة من إيران ومنها نهري الكارون والكرخة اللذان يصبان في البصرة، أدى إلى حرمان مساحات كبيرة من الأراضي الزراعية من المياه وتسبب بموت مساحات شاسعة من الأراضي الصالحة للزراعة وخصوصا بساتين النخيل في البصرة وديالى وأجبر المزارعين إلى هجرة أراضيهم الزراعية، وهو الأمر الذي دفع المزارعين وبعض القوى والأحزاب للضغط على الحكومة في بغداد للتحرك ومطالبة إيران بإعادة حصة العراق من مياه الأنهار. وقد أشار إلى ذلك طارق الهاشمي نائب رئيس الجمهورية العراقي في حديثة إلى شيوخ العشائر أثناء زيارته للبصرة في 8/8/2009 'أن إيران قطعت أنهارها عن العراق ومنها نهر الكارون الذي أدى إلى موت بساتين النخيل في البصرة وأضرت بشط العرب ومنعت تنظيفه، وتساءل : لماذا نتكلم عن قطع المياه من تركيا ولا نتحدث عن إيران؟' كما أعلنت وزارة الموارد المائية العراقية في 3/4/2009 أن الجانب الإيراني يمتنع عن عقد اللقاءات بالجانب العراقي لدراسة انخفاض المياه والحصص المائية بين البلدين رغم المخاطبات الرسمية.
إن سوء الأوضاع في العراق وانهيار مؤسسات الدولة بفعل الاحتلال لا يجب أن يكون عامل تشجيع لأي دولة لكي تقطع المياه عن العراق وتلحق الضرر به، لأن العلاقات التاريخية والمصالح المشتركة بين البلدان وحجم المعاناة والصعوبات التي تواجه الشعب العراقي حاليا، يجب أن تكون الدافع لإنصاف العراق في حصته المائية وتقديم المساعدة لشعبه لتجاوز محنته لا عبر إلحاق الأذى به واستخدام المياه لتحقيق أغراض سياسية واقتصادية.
الخلاصة
وإذا كانت مشكلة المياه وتناقص كمياتها مقابل تزايد احتياجات دول المنطقة هي حقيقة لا يمكن إغفالها، فان الحلول المتعددة المتاحة لها لا تجعل خيار الحروب هو الحل الوحيد لها نظرا لما ستتكبده جميع دول المنطقة من خسائر في كافة المجالات الاقتصادية والعسكرية والأمنية عند وقوع الحروب فيما بينها بسبب المياه. إن شعوب المنطقة أدركت أن التعاون بين الدول المشتركة بالأنهار في المنطقة هو السبيل الأفضل لتحقيق الاستقرار والتنمية والسلام في المنطقة بعيدا عن كل محاولات إثارة المشاكل والمخاوف التي تقف وراءها جهات معروفة بأطماعها وأهدافها الاستعمارية. إن اللجوء إلى الاتفاقيات الدولية التي تنظم الاستفادة من الموارد المائية بين الدول المشتركة بشكل عادل وتغليب الحكمة وتوسيع التعاون وتبادل المنافع والمصالح المشتركة، هي الضمانة لعدم استغلال دول المنبع لهذه الثروة لأغراض اقتصادية وسياسية تلحق الضرر بالدول الأخرى وبالتالي تجنب عوامل إثارة المشاكل والأزمات. ويأتي التعاون التركي السوري ليقدم نموذجا لحسن التعامل مع مشكلة المياه بحكمة وعقلانية خدمة لمصلحة البلدين.
الجمعة 19 أغسطس 2016, 2:15 am من طرف راهب الفكر
» تصريح الناطق الرسمي لجيش رجال الطريقة النقشبندية بصدد التهجير القسري للعراقيين
الجمعة 19 أغسطس 2016, 2:14 am من طرف راهب الفكر
» زيف المفترين في إعلان خلافة المسلمين
الجمعة 19 أغسطس 2016, 2:14 am من طرف راهب الفكر
» مبارزة شعرية .......
الجمعة 19 أغسطس 2016, 2:11 am من طرف راهب الفكر
» مقاومينا بغزة البواسل للشاعر عطا سليمان رموني
الجمعة 19 أغسطس 2016, 2:08 am من طرف راهب الفكر
» أتثائب... عبلة درويش
الأحد 24 أغسطس 2014, 1:54 pm من طرف راهب الفكر
» تصريح ولكن.... وما بعد الجدار/تغريد العزة
الأحد 24 أغسطس 2014, 1:54 pm من طرف راهب الفكر
» " منديلٌ لبسمات امرأة " لؤي ابو عكر
الأحد 24 أغسطس 2014, 1:53 pm من طرف راهب الفكر
» نقد الحزب المشكلات التنظيمية للحزب الشيوعي " سلامة كيلة (للتحميل)
الأحد 24 أغسطس 2014, 1:53 pm من طرف راهب الفكر
» تلخيص كتاب: تاريـخ فلسطين في أواخر العهد العثماني 1700 – 1918
الأحد 24 أغسطس 2014, 1:37 pm من طرف راهب الفكر