بين مناهج النكبة ونكبة المناهج (2/2)../ د.إلياس عطا الله |
زيف الديمقراطية والتعددية: |
أشرت إلى أنّ الفلسطينيّ لم يعرف يوما منهاجا فلسطينيّا خالصا، والأمر عائد إلى غياب الكيان الفلسطينيّ السيّد، وعليه وجدنا مناهج تتفاوت من حيث قربها أو بعدها عن تطلّعات الفلسطينيّ، وتتفاوت توظيفا في خدمة محتلّ، أو غازٍ، أو منتدَب، أو محتلّ مقيم تدعمه الشرعة الدوليّة ( إسرائيل)، وهذا التفاوت في حيّز الحريّة، وكمّ التدخّل، يلحظه الدارس في مراجعته مناهجَ المدارس الأميريّة الرسميّة، أو الأهليّة، أو الإرساليّة الأجنبيّة حتى عام النكبة، ومناهج ما بعد النكبة حتى يومنا هذا. إنّ المناهج المفصّلة للفلسطينيّ في إسرائيل هي أكثرها موادَّ- لعوامل تاريخيّة عامّة- وأتعسها مضامين لعوامل سياسيّة خاصّة، فالمناهج، في حالتنا، لا تقاس بما نتج عن الطفرة التكنولوجيّة وعلومها فحسب، بل تنقاس بثراء ما تقدّمه في مناهج اللغة العربيّة والتاريخ والجغرافية وحتى بما يعرض من مضامين موظّفة في العبريّة وغيرها ممّا يُلزَم الطالب الفلسطينيّ بدراسته، وتنقاس أيضا بالمغيّب من الموادّ والمضامين، وإن أردت اختصارا أقول إن المسألة كامنة في نقل الرواية الفلسطينيّة، وفي حمل تطلّعات الإنسان الفلسطينيّ، وفي مكانة لغته ممثلة لهويّته وانتمائه وحضارته، وفي استقلاليّة واضع المناهج، وبكلمات متنبئيّة، في وجود منهاج" (عربيّ) الوجه واليد واللسان". في غياب هذا الاختصار ينجلي زيف موضوعة المناهج الآتي ذكرها، وتسقط فرية أخرى تدّعي إسرائيل انتماءً إليها، وهي التعدّديّة الثقافيّة ( multiculturalism)، ففي نزع الرسميّة عن العربيّة تزييفٌ للمكان وأصالة أهله ولغتهم، وإسقاطٌ للشرعة الدوليّة، وإسقاط للديموقراطيّة المتبجّح بها، وإسقاط لقبول الآخر ولغته وعقيدته ووجوب العمل على تعزيزها جميعا، وهو ركيزة من ركائز مواثيق وسياسة الدول التي تدّعي التعدّدية الثقافيّة. كنت كتبت عام 2004 عن هذه التعدّديّة، وعن التعدّديّة اللغويّة ( multilingualism) المنبثقة عنها، أو المؤسّسة لها، وتساءلت: 1. هل ستعملُ التّعدّديّةُ الثّقافيّة على إعلاءِ شأنِ المغايَرَةِ، والمحافظةِ عليها، وتنظيم تعايُشِ الثّقافات، أم أنها ترمي- على المدى البعيد- إلى امتصاصها بحيثُ تنصَبُّ في التّيّار الرّئيس المهيمن في هذه الدّولة أو تلك، وعندها تتحوّل التّعدّديّة الثّقافيّة إلى أداة "ديموقراطيّة" تُفْضي إلى الأحاديّة الثّقافيّة؟ 2. ما هو دور اللّغة- وهي المركّب الأسمى في الهويّة القوميّة والثّقافيّة للجماعة- في إنجاح سياسة التّعدّديّة، وهي، أي اللّغة، قد تكون ضحيّة للتّهميش وعرضة للاندثار؟ وإجمالا لـ 1+ 2: أليس هنالك خطر في حدوث التّصوّر التّالي: تعدّديّة ثقافيّة← أحاديّة ثقافيّة تعدّديّة لغويّة ← أحاديّة لغويّة ؟ يظهر من التجربة الإسرائيلّية والأمريكيّة أنّ كلّ multi مرسومةٌ لتفضي إلى الـ mono، أو إلى بُوتقة الصهر melting pot. ينظر، عطاالله، إ.( 2004). " التعدّديّة اللغويّة في مجتمع متعدّد الثقافات"، كتاب المؤتمر، الكليّة الأكاديميّة العربيّة، حيفا، ص ص 68- 86. |
ثالثة الأثافي؛ أ- المنهج والهدف منه: |
على الغالب، تضع اللجان المختصّة بمناهج التعليم أهدافا، تصدِّرُها كتبَها التدريسيّة، أو تُصْدِرها في كتيّب خاصّ، أو في " مرشد المعلّم"، وتقسم خطّتها كالتالي: أ- أهداف سامية أو عليا. ب- أهداف تعليميّة وتربويّة، إدراكيّة ذوقيّة، إلى ما هناك من مصطلحات يجيدها العارفون بالتربية و"علم المناهج". ج- المضمون. والعلاقة بين هذا الثلاثيّ قضيّة صدق، أي أنّ ما صُرّح به هدفا ساميا، يجب أن يتناغم مع ما دونه من أهداف، وأن يكون المضمون ترجمانا لهما معا... ومن التجربة أقول- ولا أظلم أحدا- إن القضيّة لا تعرف لا صدقا ولا بعضه، ومن منهاج تدريس قواعد العربيّة المثبت في كتاب المنهاج، وفي كتاب مرشد المعلّم، أنسل " الأنّات" التالية: 1. أن ينمّي الطالب في نفسه شعور الاعتزاز باللغة العربيّة، كرابطة قوميّة حضاريّة ذات تاريخ وأصالة وقابليّة للتجدّد والتطوّر. 2. أن يضيّق الطالب الفجوة بين اللغة الفصيحة واللغة المحكيّة... مؤثرا الاستعمالات اللغويّة الفصيحة... 3. أن ينمّي الطالب حسّه الجماليّ وذوقه اللغويّ من خلال ما يدرس من نصوص وشواهد. وما ورد في هذا المبحث، يعاد، بتغيير في المفردات، ليتلاءم وبقيّة المناهج؛ في التاريخ، والجغرافيا، والعلوم، والحضارة وغيرها من مقرّرات الدراسة، إضافة إلى تغيير المضامين. كنت قد تحدّثت وكتبت عن مناهج تدريس العربيّة في المراحل القبجامعيّة، وكتبت أيضا في وضع العربيّة وإشكالاتها في إسرائيل، ولئلا أكرّر نفسي، أكرّس كلمتي اليوم لمنهج تدريس العربيّة في الجامعات الإسرائيليّة، آخذا من مقرّر قسم اللغة العربيّة وآدابها في جامعة حيفا نموذجا، مقابلا له بالمقرّر في قسم اللغة العربيّة وآدابها في الجامعة الأردنيّة، وليس لحديثي أيّ غاية لتقييم مستوى الجامعتين في هذا التخصّص، أو المفاضلة والموازنة بين هيئتي التدريس، فهذا ليس من موضوع المداخلة، وإن كان لازقًا به. |
ب- المناهج العجاف: موادّ التدريس؛ البكالوريوس أنموذجا |
أشير أوّلا إلى النقاط الأساسيّة التالية: 1. عدد ساعات التدريس الفعلي: تتبنّى الجامعة الأردنيّة أسلوب الساعات المعتمدة، وهي موزّعة بين ساعات إلزاميّة وساعات اختياريّة، وتعطى بمعدل 3 ساعات سنويّا( س س) في المادّة المدرّسة، والساعة التدريسيّة هناك 50 دقيقة، أما جامعة حيفا فتعتمد طريقة النقاط المحسوبة وفق المادّة المدروسة- ولا علاقة للنقاط بعدد الساعات-، وتعطي المادّة بمعدّل ساعتين في الفصل( س ف)، والساعة هنا 45 دقيقة. 2. في الجامعتين،كما في سائر الجامعات، الموادّ المدرّسة موزّعة بين مواد عامّة، ومتطلبات القسم والكليّة، ومتطلبّات التخصّص، وما يعنينا هنا هو المقارنة في متطلّبات التخصّص فقط. 3. يظهر أنّ دراسة العربيّة تخصّصا واحدا موسّعا( חד חוגי)، قد لفظ أنفاسه في جامعة حيفا، أُورِدُها معلومةً لا انتقاصا. 4. المعلومات معتمدة على خبرة شخصيّة بالمؤسّستين، ومنسولة من كتاب جامعة حيفا، وموقع قسم اللغة العربيّة وآدابها في الجامعة، ومن الخطّة الدراسية لدرجة البكالوريوس في اللغة العربيّة وآدابها، قسم اللغة العربيّة- كليّة الآداب- الجامعة الأردنيّة. |
الجمعة 19 أغسطس 2016, 2:15 am من طرف راهب الفكر
» تصريح الناطق الرسمي لجيش رجال الطريقة النقشبندية بصدد التهجير القسري للعراقيين
الجمعة 19 أغسطس 2016, 2:14 am من طرف راهب الفكر
» زيف المفترين في إعلان خلافة المسلمين
الجمعة 19 أغسطس 2016, 2:14 am من طرف راهب الفكر
» مبارزة شعرية .......
الجمعة 19 أغسطس 2016, 2:11 am من طرف راهب الفكر
» مقاومينا بغزة البواسل للشاعر عطا سليمان رموني
الجمعة 19 أغسطس 2016, 2:08 am من طرف راهب الفكر
» أتثائب... عبلة درويش
الأحد 24 أغسطس 2014, 1:54 pm من طرف راهب الفكر
» تصريح ولكن.... وما بعد الجدار/تغريد العزة
الأحد 24 أغسطس 2014, 1:54 pm من طرف راهب الفكر
» " منديلٌ لبسمات امرأة " لؤي ابو عكر
الأحد 24 أغسطس 2014, 1:53 pm من طرف راهب الفكر
» نقد الحزب المشكلات التنظيمية للحزب الشيوعي " سلامة كيلة (للتحميل)
الأحد 24 أغسطس 2014, 1:53 pm من طرف راهب الفكر
» تلخيص كتاب: تاريـخ فلسطين في أواخر العهد العثماني 1700 – 1918
الأحد 24 أغسطس 2014, 1:37 pm من طرف راهب الفكر