نسخة إسرائيلية من غورباتـشوف! | |||
بقلم: الوف بن عن "هآرتس"أحد الامور الجديدة التي ادخلها اريئيل شارون الى عمل رئيس الوزراء، كان التصريح لوسائل الاعلام في بداية الجلسة الاسبوعية. دقيقتان من الزمن الاعلامي النوعي وحيدا امام الكاميرات والميكرفونات بدون مراسلين يثقلون عليه بالاسئلة ومحللين يهزأون به. فقط كلام الزعيم الى الأمة، فيما يجلس حوله الوزراء صامتين وكأنهم في فيلم، يخشون ان تلتقطهم الكاميرا في زاوية غير لطيفة. خلفاء شارون تبنوا هذه العادة بحماس: من هو السياسي الذي سيتخلى عن الحق في أن يسمع نفسه فقط. في يوم الاحد من هذا الاسبوع استغل بنيامين نتنياهو هذه المنصة، كي يطلق التصريح الاكثر تأثيرا له حتى اليوم: "حققنا اجماعا وطنيا على مفهوم الدولتين للشعبين". في خطاب بار ايلان، ثلاثة اسابيع قبل ذلك، نتنياهو وافق على دولة فلسطينية، ولكنه كان حذرا في صياغاته وتحدث بانعدام حماسة ظاهر. هذا الاسبوع بدا مغايرا تماما، حين تبنى شعار اليسار القديم، بل ووصفه كذلك بانه الانجاز الاهم لحكومته في المائة يوم الاولى. هذا ليس كل شيء: سياسيو الليكود غابوا عن خطاب بار ايلان، ولكن في جلسة الحكومة انصتوا لنتنياهو وصمتوا باجماع. بيني بيغن، موشيه يعلون، اسرائيل كاتس، ليمور لفنات، لم يسارع أي منهم الى الميكروفون صارخا. أيضا لم يتفوه أي منهم ضد نتنياهو بعد الجلسة. كما أن نتنياهو اسند الشعار بخطوات على الارض، بتعاون وزير الدفاع ايهود باراك. العديد من الحواجز رفعت، وبات اكثر سهولة وراحة على الفلسطينيين السفر على طرقات الضفة الغربية. التعاون الامني بين اسرائيل والسلطة اجتاز منذ الان الذرى من عهد اوسلو، حسب شهادة مسؤولين فلسطينيين كبار. للطرفين مصلحة في التواضع في ذلك، كل جانب لاسبابه السياسية، ولكن ينبغي القول في صالح نتنياهو انه ينفذ على الارض ما وعد به قبل الانتخابات. كل هذا يثير السؤال: هل في دار الحكومة يختبئ غورباتشوف الجديد؟ هل نتنياهو، الذي بنى حياته السياسية على معارضته لاتفاقات اوسلو هو الذي سيكون الدافن الاكبر لمشروع الاستيطان؟ المحقق لمشروع التقسيم؟ حتى غورباتشوف لم يفكر بان اصلاحاته ستدفع الاتحاد السوفييتي الى الانهيار، وأمل فقط في تعزيز شعبية ونجاعة النظام الشيوعي. ولكن ما إن ظهر الشرخ في السور، حتى انتهت القصة. خصوم نتنياهو، وعلى رأسهم زعيمة المعارضة تسيبي لفني مقتنعون بأن رئيس الوزراء "ليس هناك بعد". وانه يقول دولتين، ولكنه لا يقصد ذلك. لفني ترى في الدولة الفلسطينية مصلحة اسرائيلية، ونتنياهو، برأيها، يحاول التملص من القرار الحاسم فقط. ومع ذلك، لا يمكن استبعاد تصريحات نتنياهو وكأنها اقوال عابثة. فهو لا يمكنه ان يتراجع عن "الدولتين للشعبين". وله مصلحة سياسية واضحة في السير في هذا المسار الذي يضعه في موقع الزعيم الوطني ذي المواقف في قلب الاجماع. وهاكم تلميح آخر في أن نتنياهو يستعد لمسيرة سياسية بعيدة الاثر. في خطاب بار ايلان تحدث عن الضمانات الامنية التي سيطلبها من الاسرة الدولية، والولايات المتحدة على رأسها. وهذا يعني ان نتنياهو تبنى "وثيقة النقاط الثماني" التي طرحها سلفه ايهود اولمرت على ادارة بوش. النقاط ذاتها تافهة جدا: التجريد المطلق للدولة الفلسطينية، المراقبون الاجانب في الحدود مع الاردن، معبر رفح بإشراف اوروبي، سيطرة اسرائيلية في المجال الجوي وفي تخصيص موجات البث. باراك طرح مطالب مشابهة في كامب ديفيد قبل تسع سنوات، واولمرت اعاد صياغتها، وحسب شهادة رجاله، نال عليها موافقة أميركية. نتنياهو يريد أن يتلقى من اوباما هذه الضمانات خطيا كي يضمن بأن تتمتع اسرائيل بشرعية دولية لمخاوفها الامنية من اقامة الدولة الفلسطينية. أعظم من بن غوريون والآن للتحليل. اذا تبنى نتنياهو البنود الأمنية في التسوية الدائمة التي خطط لها باراك واولمرت في كامب ديفيد وفي انابوليس فلا يمكنه أن يتنكر ايضا لبنود اخرى فيها - وعلى رأسها الانسحاب من الغالبية العظمى من الضفة الغربية واخلاء معظم المستوطنات. ومن كنتنياهو يعرف انه في الحياة السياسية الدولة لا توجد وجبات بالمجان. فهو الذي خلق شعار "اذا اعطوا سيأخذون". من يريد أن يتلقى ضمانات امنية، ينبغي له أن يعطي مناطق. الكثير من المناطق. من ناحية نتنياهو، تبني فكرة الدولتين، استبعد معنى وجود كديما في المعارضة. الجهد الاساس له في المائة يوم التالية سيكون تحطيم حزب لفني وسحب شاؤول موفاز ومؤيديه منه. واذا ما ابعدنا في الخيال، يمكن تصور خطوة اكثر جرأة، "الانفجار المعاكس": اعادة توحيد كديما والليكود، مع اضافة بضع نواب من "اسرائيل بيتنا" المشكوك في مستقبله اليه. وهكذا يمكن خلق حزب اغلبية من 62 - 63 نائبا، والحل بضربة واحدة مشاكل "الحكم والظهور بمظهر اعظم من بن غوريون. في اللحظة التي يؤيد فيها الليكود دولة فلسطينية، لا يوجد سبب ايديولوجي حقيقي يمنع مثل هذا الاتحاد، فقط شخصي. في محيط نتنياهو يقولون انه لا توجد له خطط كهذه. افيغدور ليبرمان ألمح هذا الاسبوع بأن ايامه في وزارة الخارجية معدودة، في المؤتمر الصحافي الذي شرح فيه أنه بصفته مستوطنا لا يمكنه أن يعنى بالمفاوضات على المستوطنات بسبب "تضارب المصالح". إذاً من اجل ماذا يجلس هناك؟ والاحرى ان ليبرمان فهم بان نتنياهو وجّه اليه ركلة عندما اعطى اسنادا هادئا لانتقاد الرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي على ليبرمان، وحين اطلق الى المهمات السياسية المهمة باراك وشمعون بيريس. امكانية أن ترفع قريبا لائحة اتهام ضد ليبرمان وحزبه يخرج في اعقابه من الحكومة، زادت التخمينات في أن لفني وكديما في الطريق الى الحلول محله. لفني تصر على أن ليس هناك شيء كهذا ولا سبب لهذا، كونها لا تؤمن بجدية نتنياهو. وهي تؤمن بانه فقط بسبب عنادها البقاء في الخارج، اضطر نتنياهو لقبول الدولتين بدل أن يختبئ وراءها. ولكن يمكن التقدير بانه اذا ما خرج اسرائيل بيتنا من الائتلاف، فان لفني ايضا ستعيد النظر في معارضتها. "نتنياهو الجديد يثقل قلقه من وسائل الاعلام. من الصعب التصديق ولكن الزعيم الشجاع الذي يرى نفسه مثل تشرتشل، يفقد ما تبقى له من ثقة بالنفس حين يكتب احد ما ضده في صحيفة. تماما مثل اولمرت الذي هاجم "زرازير القلم" في خطابه الوداعي. تصريحه في الحكومة هذا الاسبوع بدأه نتنياهو بالشكوى من وسائل الاعلام التي لا تثني عليه. وبلغ هذا ذروته في الاستعراض الهاذي لمساعديه، الذين اطلقوا على عجل لصد انتقاد كديما وعرض "انجازات المائة يوم الاولى". وقد نجحوا في أن يظهروا فقط التشوش، الحرج والنزاعات في المكتب. ينبغي القول لنتنياهو، اهدأ. اذكر الدرس الاول في التسويق. لا تتهم المشترين الذين لا يحبون المنتج، بل حسن المنتج. لا يمكن الدفاع في وسائل الاعلام عن سلوك متناثر وعديم الادارة. محظور ايضا اخفاء المعلومات عن المساعدين والناطقين وزرع الشقاق بينهم. اذا قمت بخطوات كبيرة، سيدعمونك. اذا انشغلت بالهراء، فستتلقى النقد. لاولمرت كان المكتب الاكثر تنظيما وولاء، قدوة في السلوك الطيب، وهذا لم يساعده في أن يكون شعبيا او ان يجلب السلام. |
نسخة إسرائيلية من غورباتـشوف!
عـائـــدون- Admin
- جنسيتك : فلسطينية
اعلام الدول :
رقم العضوية : 1
نقاط : 10504
السٌّمعَة : 11
تاريخ التسجيل : 23/01/2009
- مساهمة رقم 1
الجمعة 19 أغسطس 2016, 2:15 am من طرف راهب الفكر
» تصريح الناطق الرسمي لجيش رجال الطريقة النقشبندية بصدد التهجير القسري للعراقيين
الجمعة 19 أغسطس 2016, 2:14 am من طرف راهب الفكر
» زيف المفترين في إعلان خلافة المسلمين
الجمعة 19 أغسطس 2016, 2:14 am من طرف راهب الفكر
» مبارزة شعرية .......
الجمعة 19 أغسطس 2016, 2:11 am من طرف راهب الفكر
» مقاومينا بغزة البواسل للشاعر عطا سليمان رموني
الجمعة 19 أغسطس 2016, 2:08 am من طرف راهب الفكر
» أتثائب... عبلة درويش
الأحد 24 أغسطس 2014, 1:54 pm من طرف راهب الفكر
» تصريح ولكن.... وما بعد الجدار/تغريد العزة
الأحد 24 أغسطس 2014, 1:54 pm من طرف راهب الفكر
» " منديلٌ لبسمات امرأة " لؤي ابو عكر
الأحد 24 أغسطس 2014, 1:53 pm من طرف راهب الفكر
» نقد الحزب المشكلات التنظيمية للحزب الشيوعي " سلامة كيلة (للتحميل)
الأحد 24 أغسطس 2014, 1:53 pm من طرف راهب الفكر
» تلخيص كتاب: تاريـخ فلسطين في أواخر العهد العثماني 1700 – 1918
الأحد 24 أغسطس 2014, 1:37 pm من طرف راهب الفكر