هل يستويان مثلا
بقلم.. حمادة نصار أحمد
وهذه المسألة التي أريد تحريرها على وجه الدقة على إثر وقوفي مذهولا وأنا أقرأ تاريخ الشيوعية البائدة أمام كم المذابح الرهيبة وغير المبررة التي أقامها الرفاق البلاشفة من أمثال "فلاديمير لينين" و" جوزيف إستالين " ومن مضى في دروبهما الملتوية التي لا نهاية لها من الرفاق . لقد هالني هذا التاريخ الدموي للرجلين وأذنابهما.. وأفزعتني الأفكار الشيطانية التي كان يتبناها الرفاق المقدسون لأنفسهم وهم يتفننون في تعذيب الإنسان بطرق لا يملك إبليس – لعنه الله – امامها إلا أن يستغفر الله ويتوب إليه منها!!
غير إنني حين وقفت على تصورات القوم ومفاهيمهم تجاه الإنسان وأنه في النهاية لا يزيد عن كونه قردا معدلا في صيغته الأخيرة حسب ما أفادت به نظرية النشوء والارتقاء لصاحب كتاب أصل الأنواع المسيو "دارون " والتي يزعم فيها أن البقاء للأقوى وفقا لقانون الغاب حيث الحصول على القوت بالمخلب والناب !! عند ذلك وضعت يدي على مكمن الداء وأس البلاء وأيقنت أن حضارتهم هي حضارة السيارة لا حضارة راكبها .. حضارة العمارة لا حضارة ساكنها .. حضارة الثوب لا حضارة لابسه ، ما دام الإنسان هو الطور الأخير لسلسلة من التطورات السابقة والتي أنضجها الصراع من أجل البقاء .. فلماذا لا تدبر له وسائل الإبادة الجماعية في صورة مجاعة مدروسة عن عمد وسبق إصرار كالتي دبرها "لينين"عام 1921 واستمرت عاما كاملا لتودي بحياة 5 مليون آدمي فضلا عن تشريدها ما يزيد عن 29 مليون آخرين من بعض المناطق الحدودية هنالك.
وقد أشار إلى هذا الفكر الجهنمي ما يعرف بالكتاب الأسود المشهور عن الشيوعية .. حسب ما ذكره أحد أصدقائه بقوله : لم يكن" لينين " يتورع عن ذكر الجانب الإيجابي للجوع قائلا :" إن الجوع سيقربنا إلى أهدافنا وبوصولنا إلى الإشتراكية التي هي عهد ما بعد الرأسمالية ، فالجوع لا ينهي أعتقاد الناس بالقيصر فحسب بل سينهي الإعتقاد بالله أيضا
بل قد ذكرت الوثائق التاريخية أن لينين كتب رسالة في الثاني عشر من أبريل عام 1922 إلى أعضاء المكتب السياسي يقول :" إن الموقف لصالحنا ففي حال وجود مئات الألاف من الجثث على الطرقات سيمكننا الإستلاء على ممتلكات الكنيسة ، وأموال رجال الدين بقوة ودون شفقة او رحمة ولهذا ينبغي أن نضع أيدينا على أملاكها ، وأن اليأس الناتج عن الجوع هو الأمل الذي سيجعل المجتمع يقابلنا ببتهاج وعلى الأقل أنهم لن يعادونا فيبقون على الحياد " .
وقد أظهرت السجلات السوفيتية المدونة فيما بعد ان "لينين" قد قصد عمدا إنهاء حياة 5ملايين بالقحط والجوع وقد أشار إلى ذلك المؤرخ "ريتشارد بيبس" في كتابه "لينين المجهول " ثم أردف قائلا "لم يكن لينين يحمل أي شعور أو إحساس طيب للإنسانية إلا أحساس الإذلال والتحقير وليس للإنسانية عنده أي معنى . فقد عامل الشعوب كما يعامل الحداد الحديد !! "
وسبب كون "لينين" والبلاشفة الآخرين أشرارا إلى هذا الحد هو أعتقادهم بالفلسفة المادية الديالكتية التي أدت بهم إلى أعتبار الإنسان نوعا من الحيوان وينبغي معاملته بدون شفقة أو رحمة ، وأن تطور النوع البشري مرهون بشدة الصراع بين الطبقات ، ولأنهم كانوا يعتبرون الإنسان نوعا من الحيوان لذا أنتهجوا الأساليب الحيوانية لترويضه.
وهذا غيض من فيض ،وحبة رمل في صحراء شاسعة واسعة من الإبادة المنظمة .. والمذابح الجماعية للجنس البشري وهي في النهاية إفرازات طبيعية للتصورات الدارونية والمفاهيم المادية عن الإنسان وقيمته في الحياه ومكانته في الوجود .
إن من يقف على هذه الحقائق المروعة ثم يستنكف أن يرفع الكاب أو القبعة احتراما وتبجيلا لتصورات الإسلام ومفاهيمه عن مكانة الإنسان وقدره وقيمته ورسالته بين الأحياء والأشياء لهو أضل من الحمير !! لقد جاء تكريم الإنسان صريحا في القرآن في نص قطعي الثبوت ، قطعي الدلالة .. جاء تكريمه لكونه إنسانا فحسب بقطع النظر عن دينه أو لونه أو جنسه .. تكريم عام لا مخصص له .. مطلق لا تقيد فيه .. إذ يقول الله تعالى : " ولقد كرمنا بني آدم وحملناهم في البر والبحر ورزقناهم من الطيبات وفضلناهم على كثيرا ممن خلقنا تفضيلا "
وهنا يبرز الخلاف الحضاري بيننا وبينهم .. لأن الفرق الحضاري ليس خلافا في الآلات .. فالناس جميعا يديرون الآلات على نحو واحد .. والصناعة اليابانية لا تختلف عن الصناعة الأمريكية أختلافا يبرر تمّيزها .. إنما يختلف الناس حضاريا بأختلاف نظرتهم للوجود ، وما يتفرع عن هذه النظرة : نظرتهم للإنسان سيد هذا الكون ، وعلاقة هذا الإنسان بربه أو ضميره .. وأهم من ذلك أو ربما نتيجة لذلك ، علاقة الإنسان الفرد بالإنسان الفرد .
شتان شتان بين من يرى أن قضية الإنسان كلها لا تزيد عن كونها أرحاما تدفع ، وأرضا تبلع ولا إله والحياة مادة .. وبين من يؤمن بأن لهذا الإنسان خالقا يحاسب على كل ذرة ولا ينسى ولا يهمل بالمرة .
شتان شتان بين حضارة بنيت على أهرامات من جماجم البشر وأشلائهم حين أقدم روادها الأوائل على أرتكاب أبشع جريمة في تاريخ الإنسانية يوم أن قامت سفن أوربا الكاثوليكية بأصطياد ونقل 3 ملايين عبد من أنجولا وحدها – أختطفوا بكل ضروب الخداع والأرهاب والوحشية ليباعوا في أسواق الرقيق وبورصة العبيد في العالم الجديد .. أرض الحرية والمساواة !!
وبين حضارة كانت ترى في عتق الرقبة خير الفضائل !!
ونظرة المجتمع الإسلامي إلى العبيد كانت وما زالت تختلف تماما عن نظرة المجتمع الغربي . فهي علاقة قانونية ، قد تنقص من أهلية الخاضع لها ولكنها لا تغير آدميته أبدا.
بينما لا زال الطلبة البيض في أمريكا حتى اليوم يرفضون أن يجالسوا أحرار الزنوج!!
وينسفون الكنائس التي يدخلها أطفال سود .. ولكن شيوخ المسلمين لم يرفضوا منذ ألف سنة أو يزيد أن يقود جيشهم عبد !!
وقد عجبت في أسى حين قرأت يوما قصة المحترمة الأوربية التي رفضت مراقصة "العربي " لأنه عربي ليس إلا !!
ولكن بنت عمة رسول الله – صلى الله عليه وسلم – تزوجت عبدا –زيدا – ويطلقها زيد فيتزوجها رسول الله .
والعبد يستطيع أن يكون سلطانا لمصر .. فإذا أراد فقيه أن يضع حدا لإستبداده .. نقب في أوراقه الشخصية ومستنداته القانونية ليقيم عليه الدعوى بأنه لا يزال عبدا لم يتحرر بعد رغم توليه عرش السلطنة !!
تأمل مغزى هذه القضية الشهيرة .. فلم يقل المسلمون .. كيف يحكمنا عبد .. بل كيف يحكمنا -عبد- لم يتحرر ؟ !
هذه بعض مفاهيم حضارتنا وتصوراتها عن الإنسانية والإنسان وتلك مفاهيم حضارتهم وتصوراتها في ذات الباب – ترى – هل يستويان - مثلا ؟! فما لكم كيف تحكمون
الجمعة 19 أغسطس 2016, 2:15 am من طرف راهب الفكر
» تصريح الناطق الرسمي لجيش رجال الطريقة النقشبندية بصدد التهجير القسري للعراقيين
الجمعة 19 أغسطس 2016, 2:14 am من طرف راهب الفكر
» زيف المفترين في إعلان خلافة المسلمين
الجمعة 19 أغسطس 2016, 2:14 am من طرف راهب الفكر
» مبارزة شعرية .......
الجمعة 19 أغسطس 2016, 2:11 am من طرف راهب الفكر
» مقاومينا بغزة البواسل للشاعر عطا سليمان رموني
الجمعة 19 أغسطس 2016, 2:08 am من طرف راهب الفكر
» أتثائب... عبلة درويش
الأحد 24 أغسطس 2014, 1:54 pm من طرف راهب الفكر
» تصريح ولكن.... وما بعد الجدار/تغريد العزة
الأحد 24 أغسطس 2014, 1:54 pm من طرف راهب الفكر
» " منديلٌ لبسمات امرأة " لؤي ابو عكر
الأحد 24 أغسطس 2014, 1:53 pm من طرف راهب الفكر
» نقد الحزب المشكلات التنظيمية للحزب الشيوعي " سلامة كيلة (للتحميل)
الأحد 24 أغسطس 2014, 1:53 pm من طرف راهب الفكر
» تلخيص كتاب: تاريـخ فلسطين في أواخر العهد العثماني 1700 – 1918
الأحد 24 أغسطس 2014, 1:37 pm من طرف راهب الفكر