زارنا، قبل أيام، بابا نويل، أي زار معظم بيوت الكرة الأرضية، كي يطرح من جديد مسألة تتعلق بالفرق بين الأسطورة والحقيقة، والفرق بين الوهم والصدق، نحن نعلم أطفالنا الوقوف مع الحقيقة ومعرفتها، لكننا في ذات الوقت، نزرع فيهم وَهْم «بابا نويل»، الذي جال وطاف واضعاً هداياه تحت شجرة عيد الميلاد.. الأطفال يصدقون إلى حين، يكبرون ويكتشفون أن هذا الوهم الجميل، قد غاب مع تقدمهم في السن، أكذوبة عذبة جميلة، قد يأسف الطفل الكبير لدى اكتشافها، هذا العجوز ذو القبعة الطويلة وثيابه الحمراء والبيضاء، واللحية الطويلة والحواجب الكثيفة، لم يكن سوى إنسان آدمي من لحم ودم، رجل مزور يوزع الهدايا الحقيقية.
مع الوقت، لم يعد بابا نويل سوى شكل من أشكال التجارة والربح، مبتعداً عن المُثُل العليا التي أوجدته، مع ذلك، فإن بابا نويل ما زال في كثير من الأحيان، يتظاهر لصالح الفقراء وضد الاحتباس الحراري وضد الحرب على غزة وحصارها في عواصم عديدة من العالم، نسي أن يمنح هداياه للأطفال، ليمنح بركته لكل البشر.
إلاّ أن بابا نويل، ظل رمزاً طبقياً، فبشكل أو بآخر، فإن هناك ملايين الأطفال الذين لا يعرفون بابا نويل أو يعرفهم، لا هدايا ولا ما يحزنون، الفقر يلتقي مع هؤلاء الذين ليس بإمكانهم تلقّي الهدايا أو مبادلتها أو التعرف عليها، لكن هناك بابا نويل آخر، «بابا نويل» يستمد الهدايا من المؤسسات الخيرية ومن متبرعين كرماء، ليوزع هداياه في الساحات العامة والمدارس والملاجئ والمستشفيات، من دون شجرة عيد الميلاد، على الفقراء من الأطفال، بابا نويل هذا يوسع نفوذه في معظم الأقطار التي تعاني شعوبها من الفقر.
وهناك «بابا نويل» آخر، فغير ذاك الذي أصبح شكلاً من أشكال الإعلان في موسم التسوق الذي يسبق أعياد الميلاد، هناك «بابا نويل» الذي يتخذ من ملابسه وأزيائه التي يرتديها فرصة لإبعاد رجال الأمن الذين يحرسون المصارف والمؤسسات، ويقوم هذا البابا نويل بسرقة مصرف، ومتجر هنا وآخر هناك، مستثمراً وضعه الاجتماعي الذي يبعد الشكوك عنه، فهذا الزيف الذي يلبسه، يأخذ شكلاً قانونياً واجتماعياً، يبعد عنه الشبهات.
يستطيع بابا نويل التجول في أية بقعة من العالم، صحيح انه يأتي من بلاد الثلج الباردة، ولكن مع تزايد تأثير الاحتباس الحراري، فإنه تمكن من تطويع نفسه ليتجول في كل بقعة من العالم، بصرف النظر عن الطقس، بعدما انزاحت كتل الثلوج في شمال الكرة الأرضية وجنوبها، تمكن مع ذلك بابا نويل من أن يكون الضيف الدائم في ليلة الميلاد في معظم بيوت العالم، مرحباً به وبهداياه وبنصائحه للأطفال، غير أنه شوهد مؤخراً واقفاً على أحد الحواجز الإسرائيلية في الضفة الغربية، بينما جندي إسرائيلي يشير إليه بالتراجع عن اختراق الحاجز، بابا نويل الذي قهر الجبال والوديان والأنهار والاحتباس الحراري، وقف عاجزاً أمام هذا الجندي المتخندق تحت كتلة من الأسلحة التي يحمل بعضاً منها على ظهره، وبعضها الآخر بين يديه موجهة لبابا نويل، الذي فوجئ بأن أحداً تمكّن أخيراً من وقف مسيرته، شاعراً بالحزن والقهر، انحنى بابا نويل ليجلس على حجر متثاقلاً من كيس الهدايا التي يحملها على ظهره، منتظراً تصريحاً وعده به السفير البابوي في الأرض المحتلة، إلاّ أن ذلك لم يستمر طويلاً، فقد أبلغ أنه في القائمة السوداء، باعتباره إرهابياً.. وقفل عائداً، في محاولة منه هذه المرة لبلوغ منطقة منكوبة هي قطاع غزة.
وفقاً لمقابلات أجرتها وسائل الإعلام الفلسطينية، فإن شجرة عيد الميلاد التي كانت «تزرع» في ساحة الجندي المجهول، اختفت منذ أربعة أعوام، الفلسطينيون، خاصة الأطفال والشباب منهم، كانوا يحتفلون، مسيحيون ومسلمون في هذه الساحة، الآن هذه الشجرة باتت غريبة على أطفال لم يشاهدوها طوال حياتهم، نظراً لعمرهم الصغير، وعوضاً عن ذلك، حاول مسيحيو قطاع غزة، الذهاب إلى المنبع، إلى المهد في بيت لحم، إسرائيل لم تمنح سوى حوالي 200 مسيحي حقّ الوصول إلى المهد.. تقول إحدى السيدات المسيحيات، إنها فوجئت أن هناك تصريحاً لابنتها الصغيرة، وعمرها على ما أذكر 12 سنة، ولم تكن هناك موافقة على تصريح بذلك لكل أفراد العائلة، إسرائيل تمنع تنقل الصغار وحدهم ومن دون رب العائلة، تقول هذه المرأة الفلسطينية، إن الإسرائيليين يتلاعبون ويسخرون منهم من خلال هذا التصريح الكاذب.
في غزة، وجدت امرأة أخرى شجرة بلاستيكية كي تزرعها في البيت لمناسبة عيد الميلاد، غير أنها لم تجد الزينة المطلوبة لتزيين الشجرة، فإسرائيل تعتبرها من الممنوعات، وتجار الأنفاق لم يأبهوا بحاجة 4000 مسيحي في قطاع غزة، ولم يأبهوا بمسلمين يحتفلون مع أقرانهم المسيحيين في هذا العيد، تقول هذه المرأة، إنها مع ذلك «زرعت» الشجرة مع قليل من زينة الأعوام الماضية، لكنها مع ذلك ظلت الشجرة دون إنارة، فالكهرباء مقطوعة، وستشرح الأمر لبابا نويل عند حضوره.
غير أن بابا نويل، في ذلك الوقت، كان يقف حائراً كيف سيصل إلى قطاع غزة، فالبحر محاصر، والحدود مقفلة، والمعابر عاطلة عن العمل، والحصار شامل، ولم تكن هناك من وسيلة سوى أن يغامر بالدخول من خلال أحد الأنفاق، وهكذا كان، فهذه الأنفاق تعمل في تهريب كل شيء، من المخدرات إلى السلاح إلى الهاربين من وجه العدالة، إلى البضائع الضرورية والاستهلاكية والترويجية، وبابا نويل أيضاً، الذي دهش أن معظم العاملين في النفق الذي عبر من خلاله هم من الأطفال الذين يفترض أنهم يعيّدون وينتظرون بالقرب من شجرة الميلاد، وإذ نجح بابا نويل في اقتحام قطاع غزة، لم يحظ برؤية بهجة العيد، وجوه عابسة ولا ملابس جديدة، ولا شجرة الميلاد، تاه وسط الأزقّة والشوارع باحثاً عن مراده، وسط شوارع وأزقّة معتمة يلفها ظلام حالك، وعندما سمع صوت أجراس كثيفة، سار نحوها إلى أن عثر على مبنى صدعته الشقوق بفعل الضربات الجوية الإسرائيلية قبل عام بالتمام والكمال، لم يأسف بابا نويل كونه لم يعثر على أطفال في الجمع داخل الكنيسة، كونه لم يأت بالهدايا، سوى بضعة شموع أضاءت المكان!!
مع الوقت، لم يعد بابا نويل سوى شكل من أشكال التجارة والربح، مبتعداً عن المُثُل العليا التي أوجدته، مع ذلك، فإن بابا نويل ما زال في كثير من الأحيان، يتظاهر لصالح الفقراء وضد الاحتباس الحراري وضد الحرب على غزة وحصارها في عواصم عديدة من العالم، نسي أن يمنح هداياه للأطفال، ليمنح بركته لكل البشر.
إلاّ أن بابا نويل، ظل رمزاً طبقياً، فبشكل أو بآخر، فإن هناك ملايين الأطفال الذين لا يعرفون بابا نويل أو يعرفهم، لا هدايا ولا ما يحزنون، الفقر يلتقي مع هؤلاء الذين ليس بإمكانهم تلقّي الهدايا أو مبادلتها أو التعرف عليها، لكن هناك بابا نويل آخر، «بابا نويل» يستمد الهدايا من المؤسسات الخيرية ومن متبرعين كرماء، ليوزع هداياه في الساحات العامة والمدارس والملاجئ والمستشفيات، من دون شجرة عيد الميلاد، على الفقراء من الأطفال، بابا نويل هذا يوسع نفوذه في معظم الأقطار التي تعاني شعوبها من الفقر.
وهناك «بابا نويل» آخر، فغير ذاك الذي أصبح شكلاً من أشكال الإعلان في موسم التسوق الذي يسبق أعياد الميلاد، هناك «بابا نويل» الذي يتخذ من ملابسه وأزيائه التي يرتديها فرصة لإبعاد رجال الأمن الذين يحرسون المصارف والمؤسسات، ويقوم هذا البابا نويل بسرقة مصرف، ومتجر هنا وآخر هناك، مستثمراً وضعه الاجتماعي الذي يبعد الشكوك عنه، فهذا الزيف الذي يلبسه، يأخذ شكلاً قانونياً واجتماعياً، يبعد عنه الشبهات.
يستطيع بابا نويل التجول في أية بقعة من العالم، صحيح انه يأتي من بلاد الثلج الباردة، ولكن مع تزايد تأثير الاحتباس الحراري، فإنه تمكن من تطويع نفسه ليتجول في كل بقعة من العالم، بصرف النظر عن الطقس، بعدما انزاحت كتل الثلوج في شمال الكرة الأرضية وجنوبها، تمكن مع ذلك بابا نويل من أن يكون الضيف الدائم في ليلة الميلاد في معظم بيوت العالم، مرحباً به وبهداياه وبنصائحه للأطفال، غير أنه شوهد مؤخراً واقفاً على أحد الحواجز الإسرائيلية في الضفة الغربية، بينما جندي إسرائيلي يشير إليه بالتراجع عن اختراق الحاجز، بابا نويل الذي قهر الجبال والوديان والأنهار والاحتباس الحراري، وقف عاجزاً أمام هذا الجندي المتخندق تحت كتلة من الأسلحة التي يحمل بعضاً منها على ظهره، وبعضها الآخر بين يديه موجهة لبابا نويل، الذي فوجئ بأن أحداً تمكّن أخيراً من وقف مسيرته، شاعراً بالحزن والقهر، انحنى بابا نويل ليجلس على حجر متثاقلاً من كيس الهدايا التي يحملها على ظهره، منتظراً تصريحاً وعده به السفير البابوي في الأرض المحتلة، إلاّ أن ذلك لم يستمر طويلاً، فقد أبلغ أنه في القائمة السوداء، باعتباره إرهابياً.. وقفل عائداً، في محاولة منه هذه المرة لبلوغ منطقة منكوبة هي قطاع غزة.
وفقاً لمقابلات أجرتها وسائل الإعلام الفلسطينية، فإن شجرة عيد الميلاد التي كانت «تزرع» في ساحة الجندي المجهول، اختفت منذ أربعة أعوام، الفلسطينيون، خاصة الأطفال والشباب منهم، كانوا يحتفلون، مسيحيون ومسلمون في هذه الساحة، الآن هذه الشجرة باتت غريبة على أطفال لم يشاهدوها طوال حياتهم، نظراً لعمرهم الصغير، وعوضاً عن ذلك، حاول مسيحيو قطاع غزة، الذهاب إلى المنبع، إلى المهد في بيت لحم، إسرائيل لم تمنح سوى حوالي 200 مسيحي حقّ الوصول إلى المهد.. تقول إحدى السيدات المسيحيات، إنها فوجئت أن هناك تصريحاً لابنتها الصغيرة، وعمرها على ما أذكر 12 سنة، ولم تكن هناك موافقة على تصريح بذلك لكل أفراد العائلة، إسرائيل تمنع تنقل الصغار وحدهم ومن دون رب العائلة، تقول هذه المرأة الفلسطينية، إن الإسرائيليين يتلاعبون ويسخرون منهم من خلال هذا التصريح الكاذب.
في غزة، وجدت امرأة أخرى شجرة بلاستيكية كي تزرعها في البيت لمناسبة عيد الميلاد، غير أنها لم تجد الزينة المطلوبة لتزيين الشجرة، فإسرائيل تعتبرها من الممنوعات، وتجار الأنفاق لم يأبهوا بحاجة 4000 مسيحي في قطاع غزة، ولم يأبهوا بمسلمين يحتفلون مع أقرانهم المسيحيين في هذا العيد، تقول هذه المرأة، إنها مع ذلك «زرعت» الشجرة مع قليل من زينة الأعوام الماضية، لكنها مع ذلك ظلت الشجرة دون إنارة، فالكهرباء مقطوعة، وستشرح الأمر لبابا نويل عند حضوره.
غير أن بابا نويل، في ذلك الوقت، كان يقف حائراً كيف سيصل إلى قطاع غزة، فالبحر محاصر، والحدود مقفلة، والمعابر عاطلة عن العمل، والحصار شامل، ولم تكن هناك من وسيلة سوى أن يغامر بالدخول من خلال أحد الأنفاق، وهكذا كان، فهذه الأنفاق تعمل في تهريب كل شيء، من المخدرات إلى السلاح إلى الهاربين من وجه العدالة، إلى البضائع الضرورية والاستهلاكية والترويجية، وبابا نويل أيضاً، الذي دهش أن معظم العاملين في النفق الذي عبر من خلاله هم من الأطفال الذين يفترض أنهم يعيّدون وينتظرون بالقرب من شجرة الميلاد، وإذ نجح بابا نويل في اقتحام قطاع غزة، لم يحظ برؤية بهجة العيد، وجوه عابسة ولا ملابس جديدة، ولا شجرة الميلاد، تاه وسط الأزقّة والشوارع باحثاً عن مراده، وسط شوارع وأزقّة معتمة يلفها ظلام حالك، وعندما سمع صوت أجراس كثيفة، سار نحوها إلى أن عثر على مبنى صدعته الشقوق بفعل الضربات الجوية الإسرائيلية قبل عام بالتمام والكمال، لم يأسف بابا نويل كونه لم يعثر على أطفال في الجمع داخل الكنيسة، كونه لم يأت بالهدايا، سوى بضعة شموع أضاءت المكان!!
الجمعة 19 أغسطس 2016, 2:15 am من طرف راهب الفكر
» تصريح الناطق الرسمي لجيش رجال الطريقة النقشبندية بصدد التهجير القسري للعراقيين
الجمعة 19 أغسطس 2016, 2:14 am من طرف راهب الفكر
» زيف المفترين في إعلان خلافة المسلمين
الجمعة 19 أغسطس 2016, 2:14 am من طرف راهب الفكر
» مبارزة شعرية .......
الجمعة 19 أغسطس 2016, 2:11 am من طرف راهب الفكر
» مقاومينا بغزة البواسل للشاعر عطا سليمان رموني
الجمعة 19 أغسطس 2016, 2:08 am من طرف راهب الفكر
» أتثائب... عبلة درويش
الأحد 24 أغسطس 2014, 1:54 pm من طرف راهب الفكر
» تصريح ولكن.... وما بعد الجدار/تغريد العزة
الأحد 24 أغسطس 2014, 1:54 pm من طرف راهب الفكر
» " منديلٌ لبسمات امرأة " لؤي ابو عكر
الأحد 24 أغسطس 2014, 1:53 pm من طرف راهب الفكر
» نقد الحزب المشكلات التنظيمية للحزب الشيوعي " سلامة كيلة (للتحميل)
الأحد 24 أغسطس 2014, 1:53 pm من طرف راهب الفكر
» تلخيص كتاب: تاريـخ فلسطين في أواخر العهد العثماني 1700 – 1918
الأحد 24 أغسطس 2014, 1:37 pm من طرف راهب الفكر