الفنان محمد أحمد الحواجري

الفنان التشكيلي الفلسطيني " محمد أحمد الحواجري" من مواليد مخيم البريج في قطاع غزة عام 1976 ، موهبته الفطرية ورغبته الذاتية في خوض غمار الفن دراسة، وتعلماً في سياق دورات ومشاغل فنية تشكيلية متنوعة التقنيات والصنائع، كانت ممر العبور إلى إكسابه خبرات متعددة التقنيات، والشاملة لميادين التصوير الملون والتصميم والحفر والنحت التشكيلي، وبالتالي أخذه مكانة الطبيعي ما بين أبناء جيله كواحد من الرسامين المجتهدين، متفرع للفن كهواية وحرفة في جمعية الهلال الأحمر الفلسطيني بمدينة غزة، حصيلته الفنية أربعة معارض فردية ما بين 1999 – 2007 ، ومُشارك في مجموعة من المعارض الفنية ومشاغل الفنون التشكيلية داخل فلسطين والدول العربية وأوربا.

إنتاجه الفني التشكيلي حافل ومتنوع المواضيع والتقنيات، يدخل من بوابة التصوير الفني الملون تارة، والتصميم الزخرفي والرسم الخطي المزين بتواشيح ذات صمحترم فنية أقرب للرسم الصحفي من نوع "موتيفات" تارة، ويقتحم أسوار الحفر والتزيين الخطي والنحت ثلاثي الأبعاد في كثير من الأحيان، لا يقف فيها في حدود الأوصاف النمطية التقليدية الكلاسيكية ، لا من حيث الشكل أو المضمون ولا حتى المدرسة الفنية والاتجاه الفنين بل هي منحازة جملة وتفصيلاً على خياراتها التجريدية.

مواضيعه دائمة التنوع في محتواها البصري وطريقة السرد التقني، تألف مسالك الحداثة التعبيرية المشبعة بأنفاس التجريد والتحوير، واللعب على تجانس المساحات الملونة الممتدة في أحضان لتكوينات المرصوفة، تُقطع أوصال حيز المكان المنثور فوق سطوح خاماته إلى مزق وجداول لونية، محكومة بالتوافق والتناقض حدة وانسجاماً، وخروجاً ملحوظاً عن التشخيص وتسجيلية اللقطة السردية، يروق له الإبحار في غمار التجربة والبحث عن شكلانية مجردة من الشخوص الآدمية.

ذاكرة المكان الفلسطيني في طبيعته الخلوية ومناظره الطبيعية والمخيم خصوصاً، هي عناوين رئيسة متواجدة في متن نصوصه، تتداعى فوق سطوح خاماته الملونات المتحررة من القيود التقليدية، برمزية المدلول والمعنى، تجوب في مساحاتها المرئية بحرية الحركة والتناغم اللوني لموسيقى التحوير والتجريد المساحي، تشدو بتقاسيم الرؤى المحيطة برمزية الإحالة وإشارات موحية، مدرجة أشبه بحلم خارج للتو من مختبر مخيلته، تعارك حلم اليقظة والواقع وتفضي إلى تفاصيل ما زالت باقة في مساحة وجدانه وانفعالاته.

التصاميم المزينة بإيقاعات الخطوط العربية تأخذ حصة وافرة من رسومه، تبني جسراً بصرياً ما بين خبراته الذاتية المكتسبة في ميادين رسم وتلوين القصص الفنية المصورة، تجمع في أشتاتها رمزية النصوص المكتوبة والصور الشكلية المناسبة، تنبش معين الذاكرة الشعبية بزخارفها وقصص الأولين في بساطة التأليف والتوليف التقني والشكلي. تصطحبنا كمتلقين إلى نوافذ تعبير ورؤى متعددة المواضيع والمكونات.

الرسوم الصحفية ذات النكهة الخطيّة المتحررة من الملونات الكلاسيكية، والمكتفية بتدريجات الرمادي المتنوع، والمناسب للمقولات السردية المنشودة، تبحث في ثنايا السياسة الشخوص المحورة عن لغة تعبير بصري، توصلنا إلى ضفة قضايا حياتية وكفاحية متنوعة، معنية بالإنسان وتسجيل وقائع المعاناة الفلسطينية والعدوان الصهيوني المقيم، برمزية المدلول وخلفيات المعنى التي تقف وراءها، والرابطة لمفاهيم شتى منسوجة من واحة الوجود التاريخي والحضاري للشعب العربي الفلسطيني الموروث والمعاصر.

ملوناته سابحة في مدارات الملونات الرئيسة في حلتها الأساسية (الأحمر، الأصفر، الأزرق)، وعابرة لمفاتن الملونات المحايدة (الأسود والأبيض)، وما ينتج عنها من ملونات مشتقة ومركبة ومؤتلفة من عناق جميع الملونات في درجات لونية مناسبة، فيها ما فيها من توافق وتعارض وتناقض حدة وحساسية لونية، تستأثر بملونات الطبيعة الخلوية المحملة بنكهة الورود والأزهار وزرقة البحر والسماء، واخضرار أوراق النبات والشجر.

وتارة أخرى تالف ملوناته الحفريات التاريخية منسوخة بصيغ شكلية متنوعة، مبنية على أساس مدونات موصولة بالمكرر والمتآلف الشكلي واللوني، والمقتربة من واحة اللقي والأختام التاريخية الأسطوانية، تستعير إحالات الرمز وإشارات التواصل التراثي، ومقاربة في أوصافها الشكلية مع مسرود الحقائق والذات الشخصية وما يُحيطها من أماكن ومخزون رؤى ووقائع.