ملتقى أجراس العودة

مرحباً بك عزيزي الزائر في ملتقى أجراس العودة ، اذا لم يكن لديك حساب بعد نتشرف بدعوتك لإنشائه

انضم إلى المنتدى ، فالأمر سريع وسهل

ملتقى أجراس العودة

مرحباً بك عزيزي الزائر في ملتقى أجراس العودة ، اذا لم يكن لديك حساب بعد نتشرف بدعوتك لإنشائه

ملتقى أجراس العودة

هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.
ملتقى أجراس العودة

سياسي، ثقافي ، اجتماعي، إخباري


    الشاعر الكبير فوّاز عيد

    لمى جبريل
    لمى جبريل
    المدير العام
    المدير العام


    انثى القوس جنسيتك : اردنية
    اعلام الدول : الشاعر الكبير فوّاز عيد Jordan_a-01
    رقم العضوية : 2
    نقاط : 27505
    السٌّمعَة : 43
    تاريخ التسجيل : 25/01/2009

    الشاعر الكبير فوّاز عيد Empty الشاعر الكبير فوّاز عيد

    مُساهمة من طرف لمى جبريل الإثنين 21 ديسمبر 2009, 10:24 am

    لك الحضور وإن غبت، لأنهم ببساطة نسوك
    د.بسام رجا
    (عن صحيفة الثبات اللبنانية)

    منذ سنوات رحل الشاعر الفلسطيني الكبير فواز عيد المولود في سمخ (فلسطين) عام 1938م, رحل بصمت في أحد المشافي ويومها لم يعرفه أحد, رحل في قمة العطاء الإبداعي,غاب عن أيامنا ذلك الفلسطيني الأسمر الذي كان يكره (البروزة) واللقاءات الصحفية, ويركض في شوارع دمشق لينجز عمله المتراكم- وكما كان يردد (الأولاد بدهم يوكلو), رحل الحالم بالعودة إلى (سمخ), فتعربشت الذكريات قناديل غربته وظلت تذكره بقريته في - نهارت دفلته-, لتضيء في قلبه دروب الهجرة وصراخ الأطفال في ليل عاصف, واشتعال الفضاء بنار تحرق من يمد يده ليلتقط طفلاً لايعرف إلى أين تأخذه الأقدام المسرعة وسط الصراخ, ونحيب الشجر يعلو, ودموع غسيل الدار تهفو على مصطبة عشقت عصافير الدوري التي عرفت وجه الفتى وغنت معه في مساء السهر ومواويل العرس على ضفة النهر المعاتب لوحشة المكان.
    هي خطوة ونصل, لكن ظله ظل مزروعاً هناك, نادى عليه: يا فتى الحقول لا تغادر, وتتركني للغرباء في قهوة الصبح,عد إلي سأخبرك بكل الحكايات, وأعطيك فانوس العجائب,سأمنحك مراكب العشاق, وبسملة الأم في غياب الأحباب, عد لثانية واحدة لأخضب النظر فيك, فتلد البلاد خيولاً من قرنفل اللقاء.
    وغاب الفتى, غاب بعيداً بين الكلام وهمهمات تسرق وجهه هنا وهناك, كل الأمكنة فيها أخوتك, فتحسس يدك كي لايضيع العلام, تحسس قلبك, فالمسافة قد تطول يافتى الدفلى النائمة في كتاب نسيته تحت حجر الدار, نسيته في زحمة العيون الباحثة عن مفتاح الدار.
    لا أكتب عن الكبير لأن ذكراه مرت أوقريبة, فهكذا تعودنا أن نكتب عن ذكرى, لكنه الحنين لفارس عرف كيف تصهل الخيول في عز الظهيرة, الفارس الأسمر المبتسم دائماً, والمبدع الذي أعجب فيه الراحل الكبير محمود درويش, ومن لا يعرف فواز عيد و-ربما كثيرون- فلهم القول, إنه من جيل كتب الشعر في الستينيات, وفرادته بلغته العالية, ونصه المفتوح على التاريخ والأسطورة والميثيلوجيا, وشعريته في قصيدة ترتقي بالمبنى والمعنى.
    بدأ حياة قاسية, بعد اقتلاعه مع أسرته من (سمخ) قضاء طبرية, لتصل العائلة إلى درعا- جنوب دمشق- ويدرس في مدارسها ومن ثم يكمل في دمشق, ويحصل على الإجازة في اللغة العربية ودبلوم التربية، ويعمل مدرساً في ظروف صعبة وشاقة, ورغم كل هذا لم يفارقه الحس الشعري الذي ظهر مبكراً في بلاغته, ومع فرصته الأولى نشر الديوان الشعري الأول- في شمسي دوار -وصدر عن دار الآداب في بيروت العام 1963, كان ملفتاً للنقاد في اكتماله الفني ولغته العالية وماشكله من مفتاح جديد لقصيدة التفعيلة التي بدأت مع الرواد في الخمسينيات.
    منذ الديوان الأول عرف بلغته, التي ابتعدت عن المباشرة والضجيج, ليفتتح أشعاره برشاقة العبارة التي تقدم النص المحلق في وطنيته, في فضاءات ملحمية تستعير رموزها من الواقع ولكن بلغة فواز عيد.
    جاء الديوان الثاني _ أعناق الجياد النافرة_في العام 1969, وأيضاً عن دار الآداب ليرسخ الاسم الساحر بموسيقاه, وأجواءه الغنائية التي جعلته عالياً في المشهد الشعري الفلسطيني والعربي.
    ولأنه لم يكن برجوازياً, ولا من أصحاب العقارات, وهو المهجر من أرضه والباحث عن تفاصيل وطنه في وجوه أبنائه, انقطع عن إصدار المجموعات الشعرية حتى العام 1984, وهذه الفترة أثرت إلى حد ما على تواجده وحضوره, وصدر له الديوان الجديد - من فوق أنحل من أنين- عن دار الحوار - اللاذقية في العام 1984.
    لم تفارقه اللغة الساحرة, بل كانت تحضر بقوة مع كل غياب, وتشدك تلك التفاصيل الحياتية, في كتاباته, فهو صياد ماهر, وفي أفكاره تلحظ ذلك الأفق الذي يتسع كلما ضاقت الطرق.
    تفتش في دواوينه عن فلسطين فتجدها في كل حرف, وإن لم يقل ذلك مباشرة, ففلسطين عنده هي السهول والعيون, والهواء والنبعة وكلام الأصدقاء وبكاء الأطفال, وفي حياته اليومية الصاخبة في كل الأمكنة التي كانت ترافقه ويرافقها, ولأنه أحب فلسطين أهداها -بباب البساتين والنوم- - الذي صدر في العام 1988 عن اتحاد الكتاب العرب.
    في - نهارت الدفلى- الصادر عام 1991, وهو كتاب نثري, تجلت فيه الصورة بكل تفاصيلها, صورة الوطن المسروق, وهجرة الجسد الذي أثخن بالكلام ونشرات الأخبار البليدة, حقيقة الضياع, بلغة لا يعرف تفاصيلها وأبوابها إلا شاعرنا الذي أشعل سيجارته ولم يطفئها ولو خطفه الموت.
    تذكرته دون أدنى تفكير بصورته, هي داهمتني, وأنا أبحث عن معلومات عنه على -النت-, هكذا أردت أن أعرف أكثر, فصدمت جداً, بل فجعت,مواد قصيرة لا تتجاوز أصابع اليد الواحدة, وصورة قديمة بالأبيض والأسود, وفي عينيه ابتسامة مخفية, نعم لاتعجبوا لم أجد عن الشاعر الكبير أي شيء يذكر, والمواقع الماجنة تفيض بالأخبار, أخبار الراقصات والمطربات العاريات, أي عري هذا أن لا تجد عن مبدع كبير ما يشفي الغليل..
    هكذا تكرم فلسطين مبدعيها.. هذا هو تكريم الذي عاش فقيراً ومات فقيراً إلا من حبه لفلسطين! أين المؤسسات لتي لانسمع سوى ببياناتها, وهي مجرد شعارات كبيرة, أين مؤسسات حفظ الذاكرة الفلسطينية, ومؤسسات حفظ تراث المبدعين الفلسطينيين الذين لم يكرموا لا في موتهم ولا في حياتهم, ولا أعرف لماذا تذكرت قبر الشاعر الكبير عبد الكريم الكرمي, المهجور والذي تصدع.!
    أليس من حق فواز عيد علينا, وأمثاله أن نشيد لهم الصروح؟, فهم من حافظ على الثقافة الوطنية وتمسكوا بالهوية, أليس عيد وأمثاله, من علمنا معنى الإبداع والكتابة من أجل فلسطين؟؟! أليس هو الذي كتب هذا الكلام:
    صفق الراقص.. فاصطفت على الجنب
    جدرانٌ.. ونخل.. ويدان
    واستدار الليل -خوصاً-، ووجوهاً
    تتلوى: دان.. دان
    كان شيخاً.. خلفه سبعون عاماً وصحارى
    وعلى الخصر نطاق..
    وعلى الساح تلوب القدمان
    تخفق الراحة كالنسر على الأخرى..
    وتعدو الساق خلف الساق..
    يلتفّ.. ويستعطي أكف المنشدين
    يلتفّ راقصاً من عمره السبعين.. ينفضُّ
    جبينٌ بارقٌ..
    تبكي - إذا أوجعه اللحن – شفاهٌ.. ويدان
    ويغني طائفاً بالساحة الكبرى..
    فتتنهدّ أكفٌّ: دان.. دان
    شاعرنا الذي رحل عاتباً على رغيف الخبز الراكض أمامه, لم يمهله العمر ليقول ما أراد أن يقول, هكذا أنا أرى, وهو الذي زرع فينا أجمل صورة لفلسطين, وتحدث عن الشعر كمن يتحدث عن عروس البحار, وتحدث عن مواهب أصبحت كما اشتهى.
    يا فارس القصيدة: أنت الشعر في اكتمال القصيدة, والشجر في سر الأرض المتجذر فيها,ووجهك لم يغب وضحكتك العالية ترن في المكان, فهل يسمعون ويلتفتون قليلاً, يلتفتون دون ذكرى قادمة أوفائتة ليستلوا من جيوب ريش النعام أوراقاً مكتوبة على عجل يرثون فيها ماكان.
    يستحق منا الكثير الكثير: فإلى متى يصبح المبدع حاضراً في موته وحياته؟, ومنهم من يغيب في حياته و بعد رحيله, إلى متى؟..وأعذرني أيها الأستاذ الكبير إن كتبت عنك وأنت من يكره مديح الكلام. لك البقاء وإن غبت, لأنهم ببساطة نسوك!.

      الوقت/التاريخ الآن هو الأحد 02 يونيو 2024, 11:04 pm