ملتقى أجراس العودة

مرحباً بك عزيزي الزائر في ملتقى أجراس العودة ، اذا لم يكن لديك حساب بعد نتشرف بدعوتك لإنشائه

انضم إلى المنتدى ، فالأمر سريع وسهل

ملتقى أجراس العودة

مرحباً بك عزيزي الزائر في ملتقى أجراس العودة ، اذا لم يكن لديك حساب بعد نتشرف بدعوتك لإنشائه

ملتقى أجراس العودة

هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.
ملتقى أجراس العودة

سياسي، ثقافي ، اجتماعي، إخباري


2 مشترك

    'اليهودي الحالي' لعلي المقري: رهان الرواية بين التاريخ والروائية

    نسمة بلادي
    نسمة بلادي
    مشرف مجلة اجراس العودة الثقافية مكتبة اجراس العودة الثقافية


    انثى الدلو جنسيتك : اردنية
    اعلام الدول : 'اليهودي الحالي' لعلي المقري: رهان الرواية بين التاريخ والروائية Jordan_a-01
    نقاط : 2026
    السٌّمعَة : 0
    تاريخ التسجيل : 10/05/2009

    'اليهودي الحالي' لعلي المقري: رهان الرواية بين التاريخ والروائية Empty 'اليهودي الحالي' لعلي المقري: رهان الرواية بين التاريخ والروائية

    مُساهمة من طرف نسمة بلادي الأربعاء 27 يناير 2010, 11:23 am

    أحمد المديني


    'اليهودي الحالي' لعلي المقري: رهان الرواية بين التاريخ والروائية 26qpt87

    1.في كتابهما المخصص لـ'عالم الرواية' ينبهنا رولان بورنوف وريال أوويلي (1981) إلى أن لكل رواية تركيبها الخاص، وهي تطرح على مؤلفها مشكلة خصوصية وفريدة من نوعها. وهما يزكيان هذا الرأي بما سبق لفلوبير أن سجله في إحدى مراسلاته، بأن لكل عمل(أدبي) بويطيقاه في حد ذاته، التي يتوجب العثور عليها.'( ص 55). ولنا أن نضيف إلى هذا التقويم قولنا بأن هذه الخصوصية تحديدا ما يجعل عملا ما مطلوبا، يحظى بصفة الضرورة، وبدونها يغدو فضلة من كلام لا أدبي، حين نعلم أن هناك جملة أسباب تتضافر لتوفير مقتضى النص الفني، ولتعيينه إجناسيا. لا أستطيع تحديد متى يتوفر الكاتب على هذا الوعي، ويبني عمله وفق ناموسه، لكن بوسعي التكهن بأن رغبة تحقيقه تظل لصيقة به إلى أن تتم،ويرى أنه أضحى يكتب بطرز له، وهو يرسم الخريطة التي ستصبح خريطته، بمعالمها الجغرافية، وشخصياتها المفروزة، وحوداثها الفارقة، مبأرة في رؤية أو إشكالية محددتين. من المؤكد أن هناك تفاوتا بين الكتاب، لنقل الروائيين، لبلوغ هذا المدرك، وقبل ذلك كيفية السير في نهجه، أحيانا يأتي متدرجا ومتسلسلا، كما هو الشأن عند فلوبير، وألبير كامو، مثلا، ونجيب محفوظ، وتارة أخرى، نبعا دفاقا دفعة واحدة، لننظر إلى كافكا الذي منذ روايته الأساسية 'المسخ'(1915) بدا كأن عالمه تشيّد ورؤيته مكتملة.

    2.على هذا النحو تقريبا يمضي علي المقري، الأديب العربي اليماني، بخطوات محسوبة، وواثقة أبهرت حقا، وتتواصل، منذ البداية. فنحن لا نعلم له في حقل الكتابة السردية إلا نصا واحدا: 'طعم أسود..رائحة سوداء'(دارالساقي،2008)، وهو ُمصفّى ومنخول، ظهر صاحبه متميزا، مسيطرا على أدواته، عارفا بمهارة السرد التي يريد، وكيف يريد، ما لا يتأتى عادة إلا بعد دأب وطول مران. ويأتي اليوم عمله الجديد عن الدار نفسها بعنوان: 'اليهودي الحالي' لتأكيد ما يبدو كأنه استثناء، في حين أن الموهبة والاقتدار الفنيين قاعدة وأساس لكل كتابة، وهما وعد الكاتب، ورهانه لا بد منهما، وعدا ذلك نشاز، وتطفُّلٌ لا موجب له على الأدب، وكم طفح الكيل، منذ القدم، بالمتطفلين. فما الذي يحمله لنا المقري في وصله الأخير بنا، صلة بما مضى، وبما لعله ينوي المضي فيه، ما أحسبه إلا فاعل بحكم مشروع آخذ في التبلور، اليوم وغدا؟

    3.لنذكّر قبل ذلك بأن سرود هذا الكاتب تشتغل كحفور في بنيات تاريخية وثقافية حضارية موغلة في القدم، فزمنها الروائي ينتسب إلى الماضي، انطلاقا من تصور يخدم القص، ويستند إلى رؤية فكرية، أكاد أقول إيديولوجية محددة، مصطمحترم حكائيا وحدثيا بمسحة أنتروبولوجية ـ إناسية واضحة تنسجم مع الرؤية، ويجهر فيها الحكي ويرتسم بصورة الثقافة.
    في عمله الأول انصرف المقري إلى عالم مهمّشين منبوذين، خارج أي اعتبار في المجتمع الذي يعيشون فيه، وهم في حياتهم الحقيقية رغم كل إذلالهم شكلوا نواة اجتماعية، وبؤرة إنسانية، جعلها الكاتب تتسيّد على المجتمع التوافقي السائد، المتحكم من كل النواحي، صانعا بذلك ما يسمى بالعالم الروائي الخصوصي، ومنتقلا من مستوى الحفور إلى صوغ البنية السردية ناقلة وواصفة هذا العالم أداة التخييل، من منظور مناهضة الاضطهاد والتهميش. وفي العمل المحدث الأخير نرى المبدع اليماني يتوافق مع خطه، يطرق مرة ثانية، لا نشك أنها ستليها الثالثة والرابعة، فيعمد إلى التاريخ يخوض فيه بالحفور والنبش، كمسطرة عمل روائي أولية، يأتي بعدها استخراج المادة المرصودة ليعاد تنضيدها روائيا، وهي مُنضدة تاريخيا، بإعلاء رؤية النبذ والاضطهاد والتهميش، مع إحداث نقلة حاسمة هذه المرة طالما يتعلق الأمر بالدين والأديان، ذوي الدلالة القدسية، سلفا، وبالصراع العقيدي كدلالة شكلية تخفي في طياتها اضطهاد شعب لشعب ونبذ ومحاصرة ثقافة لثقافة، وهي هنا قيم مرتبطة بحدثية معينة، المعتمدة من لدن المؤلف مرويات وقضية، وتستمر قائمة دائما في مجرى التاريخ، في الآن. يضاف إليهما المكوّن العاطفي، بوصفه عنصر حبكة تشويقية، من غير شك، وأكثر، باعتباره يصنع الشحنة الإنسانية الوجدانية تعلو وفق علائق الصراع الديني والمادي والقيمي، وها هي من حيث تؤنسنها، تضمن الضروري لكل رواية، وصمام أمانها، هالتها التخييلية، الاستعارية، مطرزة على جسد الشخصيات والأحداث، للوصول أخيرا إلى الأهم، إنتاج المعنى، وهو لعمري دقيق وخطير في هذه الرواية، ولذلك، أيضا، هي مهمة.

    4.ترجع 'اليهودي الحالي'( حالي تعني مليح، 'أنا في عينيها [فاطمة] مليح.'(10) إلى حقبة من تاريخ اليمن في القرن السابع عشر الميلادي، يتصدى سارد، بالأحرى راو ليروي لنا قصته، في مبنى الحكاية: ' قررت أن أدون هذه الأخبار عن أيام فاطمة، وزمنها، حتى هذه السنة [أربع وخمسين وألف]التي تزوجت فيها حلما لننجب توأمين: أملا وفجيعة'. (ص7). الراوي والبطل في آن هو سالم النقاش، اليهودي بصفته تلك، الذي سيلتقي فاطمة تصغره بسنين في قرية ريدة، هي ابنة المفتي، التي سيتعلم على يدها العربية وقواعدها، وبالمقابل يعلمها لاحقا العبرية وتوابع منها، ومن طول العشرة سيعلق قلبها به، وهي التي تنعته وتجده الحالي، تعلم أي خطر تركب حين تتجرأ على تلقينه بعض آي القرآن على سبيل تعليم لغتها وحسب، لكن: ' ما فعلته فاطمة كان كمن أشعل حريقا في الحي اليهودي، مع أنها لم تعمل شيئا. علمتني القراءة والكتابة فحسب.'(13)، بل وتجرؤ أكثر حين يمنعه أهله من الاتصال بها لتقدم على مستحيل زمانها: ' زيارة مسلمة إلى الحي اليهودي كانت نوعا من المستحيل.'(14). تمضي العلاقة حدا بعيدا لتصبح غرامية عبر حلقات متداخلة من المعاناة الشخصية للفاعلين، وتشكيل من صراع طائفتين: المسلمين واليهود، وخصوصا مشاهد معاناة اليهود وما يلاقونه من اضطهاد على يد المسلمين، في نواحي حياتهم وعبادتهم. ويأتي الشرخ الكبير بفرار فاطمة والحالي وقد زوجته نفسها، بعيدا حيث ربما ينعمان بحبهما، ولن ينعما، فستموت وهي في الوضع، ويلتحق بها سالم الذي أسلم ولن يجديه ذلك، لتؤول القصة إلى ابنه، فحفيده بعده ـ ضرورة مواصلة وظيفة السرد ـ الذي سينقلب، في سلسلة متشابكة من العلاقات والصدف، أهم ما يطبعها تقاطع الأنساب، وثنائيتها بين مسلمة ويهودية،لأبطال فرض عليهم المجتمع والدين فوقه ضروبا من السلوك ورد الفعل، وعرّض المستضعفين اليهود فيهم، حسب المؤلف،إلى العَنَت على يد حكام اليمن، ثم التشريد والتيه.

    5.شأن روايته السابقة تقدم ' اليهودي الحالي' نصا سرديا مبنيا على محور التمفصل بين ذات وموضوع،عاطفة أو عقدة غرامية ونسج تاريخي حوادثي. تارة يتقاطعان، وأخرى يتوازيان، وطورا يتباعدان، إنما عموما ترى هذا يأخذ من ذاك، وهما معا لحمة الحكي وسداه. من المعلوم أن العقدة إياها أداة معتبرة في المحكي التاريخي، وأمثلتها أكثر من أن تعد. غير أن هناك فرقا أساسيا في التسويغ وطريقة الاستخدام بين ما يُقصد لذاته، وما ُيتخذ ذريعة. والحبكة عموما في أي قصة هي الذريعة بأبسط تعريف. ولذلك فنحن لا نقرأ هذه ' الرواية' ونستمتع بها، بوقائعها وبيانها،لأنها تروي لنا عشق فاطمة للحالي، وتفاني هذا في حبها بعد هلاكها، كما ينبغي لكل قصة من هذا الطراز، ولكن نتوسل بها ـ الكاتب، طبعا ـ لمعاينة هذا اللقاء المحرم بين مسلمة ويهودي، كأرضية وجدانية للصراع، وفوقها للقطيعة القائمة بين المسلمين واليهود بقوة النبذ والبطش واحتقار الآخر. تحفل ' الرواية' بمقاطع عديدة تمثل للبراديغمات المذكورة: ' نحن اليهود، أيضا،لا يسمح لنا بركوب الخيل، والحمار نركبه بشرط ألا نمرأثناء ذلك من أمام مسلم يكون جالسا'(82)؛'فروج بنات المسلمين لهم فقط' (93)؛' نحن [اليهود] لا نستطيع بناء بيوت على أساس متين، لأنهم لا يسمحون لنا بأن نبني أكثر من طابق أو طابقين..'(58). غير أن الفصل المعنون: ' حوليات اليهود اليمانية' والـ ' ملحق الخاص بكتاب الحوليات' يحشدان كمّاً من الصور والحوادث للتدليل على أشكال ودرجة معاناة يهود اليمن في الحقبة المذكورة بطريقة فجائعية مثيرة للشفقة والتقزز. هنا تتباعد العقدة الغرامية، نيقن من ذرائعيتها، ونعود إلى فحص النص الذي اصطادنا في أكثر من مكان إلى فخ خطاب الصبابة واللوعة، طبعا بخلفية العلاقة المحرمة بين دينين ووضعين غير متكافئين. ننتبه إلى سطوة التاريخ، دون أن نكف عن الوقوع في سحر العاطفي، المشدودين إلى بعضهما بتوتر القوس والسهم. هذا الشد يدعونا لقراءة مغايرة على مستويين: نفيُ أننا بصدد رواية تاريخية، مصداقا لما أشار إليه شارل غريفل في كتابه: ' إنتاج المنفعة الروائية'(موتون،لاهاي،1973) أن التاريخ أو الزمن المؤقت حين يدخل إلى النص التخييلي يصبح زمنا آخر. ثانيا، توجيهنا إلى إعادة تجنيسها بما يتلاءم مع بنيتها الكتابية الحقيقية، ومصادر ونوعية خطابها، قل خطاباتها، بحكم أنها متعددة ومتضاربة، وحيث تتواجه رؤيتان اثنتان للعالم.

    6.إنها قراءة مطلوبة، وهي التي نعتبرها أكثر انسجاما مع مشروع علي المقري الذي ينقض بنفسه النوع الموضوع على الغلاف، سواء منه، أو من الناشر( الرواية سلعة لها اسم) يحدده من البداية: ' قررت أن أدوّن هذه الأخبار..'(7). لنلاحظ أننا إزاء عمليتين: الأخبار( جنس شفوي)، والتدوين ( أداء كتابة). ثم الإعلان بوضوح عن سجل كتابي مختلف، تراثي، الحوليات (les annales) وهي بالتعريف شكل من كتابة التاريخ تجمع أو تفصل أحداثا موصوفة بالأهمية في السنة الواحدة، وبتعاقب زمني. يحيلنا كلا الوضعين إلى نوع آخر غير الرواية، إلى الحكاية، وهي أصل السرد في الأدب، والمقري في الحقيقة كاتب حكاية، وإن في إهاب عصري. يحدد أرسطو في بويطيقاه 'الفابولا' باعتبارها بين العناصر الأربعة الكبرى المكونة للتراجيديا ( + الطباع،التلفظ والتفكير) ويخصها بكونها ' المبدأ والروح' للتراجيديا. باستخدامه النواة الحكائية يضمن المؤلف وعاء موسعا لمروياته، لمادته، ومنسجما مع زمنيتها. قبل السرد المكتوب راكمت الشعوب ما لا يحصى من الحكايات، حتى أن ' بروب' صاغ لها مورفولوجيتها، ولم يعد ممكنا الحديث عن النوع دون الرجوع إليه، هو و' كلود بريمون'. إنه إلى جانب الحوافز فيها ثمة الشكل الذي تنبني به، والأدوار التي تتوزع إليها وأدواتها بالطبع، ومن المهم بعد توكيد إرساليتها الشفوية الوعي، كما يقول بورنوف وأوويلي، بآصرتها مع الدين، بل اختلاطها بنشأته، إضافة إلى حملها للأساطير التي تعد في المجتمعات العتيقة ' قصصا حقيقية' بما تنقله من حوادث وقعت ومغامرات بطولية ومشاهد خلق العالم. تظهر هذه المرجعية أقوى ما يكون عند يوسف زيدان في تحفته ' عزازيل' المبنية وفق الشكل والموروث الحكائيين، وتظهر مكثفة، ومستوحاة بتمثل واقتضاب ذكيين عند المقري، الذي يتزلج بمهارة فوق مضمار الشكل القديم والمحدث، السردي العصري.

    7.وبالفعل فإن هذا الطرز( = الرواية) مؤهل للانفتاح على أكثر من نوع وامتصاص ودمج لوينات سردية متنوعة،كما يسمح بتوظيف مدونات عدة، بما يوحي بانعدام الحدود، أو تذويبها لا تبصرها إلا الحاسة المدربة. هكذا نلمس في ' اليهودي الحالي' اقتدارا تحسبه تلقائيا من هذا النوع، فيما هو نشاط الكاتب المستوعب لمجتمعه، لبنياته العميقة بمخزونها التاريخي الإشكالي يوجد لنقلها الأشكال الملائمة تحمل تنوع خطابات وتعدد أصوات (بوليفونيا)، وبذا يذكرنا بخاصية مهمة للجنس الروائي، كونه يتسم بمرونة شديدة، تكلف كثيرا حين نسعى لإيجاد ناظم مشترك بين نصوص لا جامع بينها حقا، فيما هي كلاسيكيات، روائيتها لا جدال فيها. ومن نحو آخر يحفز إلى تنشيط التلقي الذي هو إعادة إنتاج للنص من ذائقة المتلقي وثقافته.
    مرة أخرى،لا تعوزنا الأمثلة في 'اليهودي..': السجل التاريخي؛ السجل الفولكلوري الشفوي، السجل العقيدي بمتونه المقدسة؛ السجل الأسطوري؛ السجل التراثي؛ السجل الواقعي المتضمن للخبرة بالمجتمع التاريخي ( الذخيرة البلزاكية) وما يتطلبه عمل الكاتب الذي يفهم الرواية بمثابة معاينة حقيقية للواقعي، وبأدواته، كما نلاحظ من مهنة سالم النقاش الدقيقة ومهارته فيها، تكمل ملاحته الفيزيقية. إن لغة هذه السجلات،التي تتضمن في كل مرة خطابا مخصوصا ترتسم ببيان مقتضى الحال: مثلا، رسائل فاطمة الغرامية ( السجع والمحسنات البديعية، سجل لغوي بياني كلاسيكي)؛ التضمينات التناصية ( ' نهاية الأرب' للنويري، ' ديوان الصبا' لابن أبي حجلة، ' الشموس والأنوار' بالعبرية) ، ومرة بلغة الغناء والفطرة،( أشعار حاييم، وقاسم، أيضا)، وطورا بالخطاب الحجاجي، ( جدل ومحاولة إقناع، وسفسطة، وتأويل مغرض للنص المقدس، الخ.. ينقل توتر الصراع وعنف امتهان اليهود ومعاناتهم، اللغة العرض والتقرير يختلط فيها يراع المؤرخ بصوت السارد، ولذلك تتراوح بين السجل الشفوي ارتباطا بالفابولا شطرا، والتدوين التأريخي شطرا آخر، يريدان أن يصبا معا في مجرى التخييل (الرواية).

    8.إنما، لم هذا الجهد كله؟ ولم هذا العمل أصلا؟ فمن المؤكد أنه يطرح أكثر من علامة استفهام، وقد يغري بالتسرع في وصف وتقويم كل 'إيديولوجيا' كامنة ومحركة لأي نص يشغّل التاريخ، كيف إذا ارتبط بالمسألة اليهودية،التي هي الوجه الآخر للمسألة الفلسطينية؟'
    قبل عشر سنوات أصدر روائي مغربي صاعد، حسن رياض، رواية بعنوان' أوراق عبرية' حصلت على جائزة وطنية، وعالجت وضع اليهود المغاربة في القرن 17، أيضا، منحازة إليهم بتصوير إنساني بديع. أخيرا، هذه رواية ربعي المدهون ' السيدة من تل أبيب' تثير أكثر من إشكال ولبس، وتنهض، في رأينا، على أرضية البحث عن مصالحة عسفية ووهمية، إن لم نقل تلفيقية، بين الغاصب الإسرائيلي والفلسطيني المغتَصب، وتشف برغم كل بداهات رسم معاناة هذا الأخير عن إيديولوجيا تسامح ساذجة، معوّمة في تضعيف مواقع السارد وهويته، وعبر عقدة غرامية متهافتة. فهل تنهض رواية المقري على مذهب فاطمة في الاتجاه إلى الحب والمسامحة والسلام، مُزكّاة بدعوة ابن عربي إلى الأمان(102)،أم أن الماضي إنما هو مرآة لصورة الحاضر معكوسا، بالتالي نقرأ في صور اضطهاد اليهودي أمس اغتصاب ضياع الحق الفلسطيني اليوم وتبعاته، وهو الأرجح عندنا،أم الأجدر أن نحصر قراءتنا في اعتبار أن قوة رواية ما ونجاحها حين يظهر بأن ' عمل الكاتب هو خلق العالم' هو ذاك الذي في الخارج وآخر؟؟. نحسب المنزع الأخير أليق بمنهجنا، وهو ما تحقق للكاتب اليماني، بمران معلم قديم فيما هو حديث عمر وتجربة، فإن زدت إلى كل ما سبق الالتذاذ بمتعة النص الحاصلة، لن تجد بدا من استخلاص أن علي المقري يكسب رهانه في روايته الثانية المجددة، والمثيرة حقا، ولذلك فهي عمل ضروري يؤكد ضرورة الأدب.

    راهب الفكر
    راهب الفكر
    مشرف أجراس ثقافية
    مشرف أجراس ثقافية


    ذكر الجوزاء جنسيتك : فلسطينية
    اعلام الدول : 'اليهودي الحالي' لعلي المقري: رهان الرواية بين التاريخ والروائية Somalia_a-01
    نقاط : 796
    السٌّمعَة : 1
    تاريخ التسجيل : 30/04/2009

    'اليهودي الحالي' لعلي المقري: رهان الرواية بين التاريخ والروائية Empty رد: 'اليهودي الحالي' لعلي المقري: رهان الرواية بين التاريخ والروائية

    مُساهمة من طرف راهب الفكر الجمعة 05 فبراير 2010, 2:56 pm

    كلامك جميل وموضوعك اجمل وحساس نوعا ما
    فالشخصية اليهودية تاريخيا فى الرواية والقصص دائما
    كانت شخصية قذرة متناقضة مخربة مدمرة
    وأذكر هنا رواية واحدة فقط من تلك الروايات العالمية ألا وهي
    رواية تاجر البندقية للروائي الكبير شكسبير

      الوقت/التاريخ الآن هو الأحد 19 مايو 2024, 2:56 pm