ملتقى أجراس العودة

مرحباً بك عزيزي الزائر في ملتقى أجراس العودة ، اذا لم يكن لديك حساب بعد نتشرف بدعوتك لإنشائه

انضم إلى المنتدى ، فالأمر سريع وسهل

ملتقى أجراس العودة

مرحباً بك عزيزي الزائر في ملتقى أجراس العودة ، اذا لم يكن لديك حساب بعد نتشرف بدعوتك لإنشائه

ملتقى أجراس العودة

هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.
ملتقى أجراس العودة

سياسي، ثقافي ، اجتماعي، إخباري


3 مشترك

    الثقافة الفلسطينية في سياق العولمة وحوار الحضارات

    لمى جبريل
    لمى جبريل
    المدير العام
    المدير العام


    انثى القوس جنسيتك : اردنية
    اعلام الدول : الثقافة الفلسطينية في سياق العولمة وحوار الحضارات Jordan_a-01
    رقم العضوية : 2
    نقاط : 27505
    السٌّمعَة : 43
    تاريخ التسجيل : 25/01/2009

    الثقافة الفلسطينية في سياق العولمة وحوار الحضارات Empty الثقافة الفلسطينية في سياق العولمة وحوار الحضارات

    مُساهمة من طرف لمى جبريل الثلاثاء 24 نوفمبر 2009, 11:27 am

    د مصلح كناعنة
    إذا استثنينا من اعتباراتنا الجدَل الدائر حول تاريخ العَولمة ومتى بدأت، فإن هناك حقيقتان تاريخيتان يجب أن نأخذهما كنقطة انطلاق في حديثنا عن العولمة وموقف الثقافة الفلسطينية منها حاضراً ومستقبلاً:
    الحقيقة الأولى هي أنَّ العولمة الحالية كما نعرفها الآن بدأت في الغرب نتيجة لتطوراتٍ تكنولوجية واقتصادية داخلية في المجتمعات الغربية، وفي الولايات المتحدة الأمريكية بشكل خاص، فالتسارع الهائل في الإنتاج والحاجة المتصاعدة إلى التسويق أدتا إلى الاقتناع بأن جمهور المستهلِكين في الغرب قد استُهلك، وأنه لا بُد للغرب من أن يُوَسع حلقة الاستهلاك تدريجياً خارج حدوده ويجعل في النهاية من العالم كله قرية من المستهلِكين.
    الحقيقة الثانية هي أن العولمة الحالية اقتصادية وتجارية في مُنطلقها ومضمونها وأهدافها، والقسم الأعظم منها لا يزال ينحصر في نشاطات وفعالياتٍ الغاية منها التسويق والتمويل والتجارة، وربط العالم كله في شبكة من القنوات التجارية والمالية تَصُب عائداتها الحقيقية في خزائن الشركات الأمريكية والأوروبية العملاقة:
    "سقوط جدار برلين وانهيار الاتحاد السوفييتي وضعا حداً للحرب الباردة بين الرأسمالية والاشتراكية، وذلك بانتصار ساحق للرأسمالية. ثم جاء تطور شبكة المعلومات الإلكترونية "الإنترنت" فأعطى الإمكانية لتنظيم التجارة والأعمال على مستوى العالم، وذلك بسهولة لم يشهدها التاريخ من قبل." (GlobalizationGuide)
    وكما قال توماس فريدمان مشيراً إلى النجاح المؤكد للعولمة: "قريباً سيحصل كل واحد على مقعد في بورصة نيويورك" (The Anti Thomas Friedman Page). ولذلك فإنه ليس من الغريب أن يكون القسم الأعظم مما كُتِب حول العولمة حتى الآن هو في مجال الاقتصاد، وهو منشور في دوريات اقتصادية.
    وعليه فإن العولمة الحالية هي في الواقع عبارة عن انتشار الغرب الاقتصادي بحيث يصبح العالم كله سوقاً للمنتوجات الغربية وقرية عالمية يقطنها مستهلِكون، وهي في الأساس نابعة من ميكانيزمات الاقتصاد الرأسمالي الذي استفرَدَ بالعالم بعد سقوط النظام الاشتراكي:
    "العولمة هي عملية رأسمالية بلا شك، وقد انطلقت كمفهوم في أعقاب انهيار الاتحاد السوفييتي والاشتراكية كنظام اقتصادي بديل... والعولمة هي التزايد السريع في التبادل الاقتصادي والاجتماعي والتكنولوجي عبر الحدود، وذلك في ظل ظروف رأسمالية." (GlobalizationGuide)
    أما العولمة الثقافية فهي تابع هامشي للعولمة الاقتصادية ونِتاج ثانوي لها. فالعولمة الثقافية كان لا بُد منها كوسيلة حَمْل ونَشْر وتدعيم للعولمة الاقتصادية، وفي نفس الوقت كان لا بُد من حدوثها كنتيجة غير مباشرة لانتشار التقنيات الغربية الحديثة، خصوصاً في مجال المعلومات والاتصالات، وما تنقله هذه التقنيات الغربية إلى ثقافات العالم الأخرى من فنون وعلوم وأذواق وقيم غربية:
    "الثقافات والهويات القومية مهدَّدَة كذلك، بفضل الفضائيات وشبكات الاتصال الدولية وتزايد السفر وتنَقُل الناس في العالم." (E-Syclopedia)
    العولمة الثقافية كوسيلة تدعيم تنحصر في صياغة ذوق الناس ورغباتهم وقيمهم على أساس غربي، ويتم ذلك من خلال إدخال العناصر الغربية الأساسية التالية:
    1) حرية الفرد في الاختيار والحصول على ما يرغب فيه ويشتهيه.
    2) الحرية التجارية للمزَودين والبائعين، من أفرادٍ وشركات، باستيراد ما يريده المستهلكون المحليون.
    3) الحرية المعلوماتية والإعلامية (التي يتم بواسطتها توحيد الأذواق والرغبات).
    النتيجة الفعلية لهذا التزاوج الرأسمالي المنظم بين حرية الفرد في الاختيار وحرية الرأسمالية الغربية في الولوج إلى المجتمع وتغيير ذوق أفراده ورغباتهم، هي وضعٌ من "الحرية" الرأسمالية التي تتلخص في أن للكل الحق في اشتهاء واقتناء نفس المنتجات الغربية، أو بكلمات أقرب إلى الواقع المُعاش: "للكل الحق في اشتهاء الكوكاكولا والهامبورجر وموسيقى الروك، والحصول عليها دون عائق أو تقييد."
    وعليه فإن العولمة الثقافية في شكلها الحالي هي ليست دمج لثقافات العالم في ثقافة عالمية واحدة، وليست حتى حوار وتأثير متبادَل بين ثقافات العالم، بل أمْرَكَنة ثقافات العالم وجعلها كلها غربية (أمريكية) في الذوق والقيم والأفضليات. وما يعجز عنه الإعلام والإعلان والحرية التجارية بطُرُق الإغراء والترغيب والتأثير غير المباشر، تحاول فَرْضَه السياسة بالضغط والتهديد والقوة العسكرية:
    "اليد الخفيّة للسوق الحرة لن تفعل مفعولها أبداً بدون القبضة الخفية... والقبضة الخفية التي تحافظ على العالم كمصدر مضمون لازدهار تكنولوجيات Silicon Valley ، هي الجيش الأمريكي وسلاح الطيران والأسطول والبحرية الأمريكية." (Friedman: The Lexus and the Olive Tree )
    والحملة الأمريكية المنقطعة النظير لنشر "الديمقراطية" الغربية في العالم وما تتضمنه هذه الديمقراطية من حريات فردية في الاقتناء والاستهلاك، هي في الواقع من هذا القبيل.
    وفي نفس الوقت فإنّ العالم لا يقترب من الغرب ولا يصبح جزءاً منه بل يبتعد عنه. فالعولمة الاقتصادية والحرية الرأسمالية تؤديان في الواقع إلى تزايد الفئات الفقيرة وتجميع الغِنَى في أيدٍ يتضاءل عددها باستمرار، فيزداد التباعُد بين الغني والفقير:
    "التجربة الفعلية لعولمة نهاية الألفية الثانية أعطتنا من الفقراء عدداً لم يعهده العالم من قبل، وزادت من التهديد للظروف البيئية التي تعتمد عليها الحياة ذاتها." ( Jememy Brecher, Tim Costello, and Brendan Smith : Globalization from Below)
    وحيث إن الأغنياء والفقراء على حد سواء يرغبون في اقتناء واستهلاك نفس المنتجات الغربية، فإن الأغنياء تزداد تبعيتهم للغرب واشتهاؤهم لكل ما هو غربي، والفقراء تزداد نقمتهم على الغرب واشمئزازهم مما هو غربي. وهكذا فالعولمة بشكلها الحالي تؤدي في الواقع إلى توحيد الأذواق والميول من جهة، وتزايد الرغبة في الرجوع إلى الأصول والتأكيد على الهوية الثقافية المحلية واختلافها عن الثقافة الغربية من جهة أخرى، وكلاهما يحدثان معاً وفي الوقت ذاته. هذه الوضعية الازدواجية هي ردة فعل طبيعية للمجتمعات اللاغربية على العولمة الحالية التي ينحصر قوامها وماهيتها في "تغريب" وأمركنة العالم.
    إذا كانت العولمة تعني الانفتاح على الغرب والتأثر فيه والاستقاء من ثقافته وحضارته، فنحن العرب "معولمون" بهذا المعنى، وقد بدأنا بهذه العولمة منذ زمن طويل ولم ننتظر الغرب ليفرض علينا ثقافته بالترغيب والتهديد. فنحن العرب معَوْلمون في الأدب من إلياذة هوميروس إلى بوليسيات أغاتا كريستي، ومن جحيم دانتي إلى فردوس هامنغواي، ومن مُجُون بلزاك إلى جنون شتاينبيك. ونحن مُعَولمون في الفلسفة من مثاليات أفلاطون إلى براغماتيات جيمس وديوي، ومن حتمية أرسطو إلى عبثية سارتر، ومن إيجابية كومْت التي تؤمن بالعلم والعقل بلا حدود إلى سلبية بيركلي التي لا تؤمن حتى بمقدرتنا على الإيمان بشيء. ونحن معولمون في الفنون من أيقونات الكنيسة إلى شطحات بيكاسو، ومن رسومات ما قبل التاريخ في كهوف فرنسا إلى لوحات الرسم الإلكتروني في فن ما بعد الحداثة في نيويورك. أما عولمتنا في فروع العلم المختلفة فتكاد تكون كل ما لدينا من العلم، وأما عولمتنا في الثقافة فلا نحتاج لأكثر من النظر فيما حولنا لنرى عمق تأثيرها وتغلغلها في زيِّنا ولبسنا ومنظرنا ومأكولاتنا وهندسة بيوتنا وأنواع تسليتنا، وفي ذوقنا العام وسلوكياتنا وأساليب تعاملنا.
    فماذا يريد الغرب إذاً أن نكتسب منه أكثر من ذلك في هذه الحملة المحمومة من العولمة؟ يريدنا أن نكتسب القيم والميول الاستهلاكية وقنوات الإعلام والاتصال التي تُرَوِّج لها وتُرَغبنا فيها، ويريدنا أن نكتسب الحريات الفردية المطلقة على الطراز الأمريكي، المبنية على المنافسة الأنانية والانتهازية، والتي هي أشبه ما تكون بحرب الكل ضد الكل. ومع كل أمر إيجابي نكتسبه من ذلك، نبتلع عشرات الأمور السلبية الضارة. فال CNN تطلعنا على ما يجري في العالم في لحظة حدوثه، إلا أنها تؤثر على نظرتنا للأحداث وتوجه فكرنا التحليلي وتشبعنا بالمنطق الأمريكي المتعالي. ومقابل ال National Geographic و Discovery Channel هناك عشرات قنوات الدعارة والشذوذ. ومقابل كل فيلم وثائقي محترم هناك مئات الأفلام ألهوليودية التي تُعَود نفوسنا على العنف ولغة القوة وتَغرُس فينا الميل للاستهانة بقدسية الروح والجسد. ومقابل كل غرفة دردشة إليكترونية للحوار العقلاني المثقَف، هناك مئات الغرف التي يشمئز منها كل ذوق سليم. ومقابل كل نصيحة موضوعية للحفاظ على الصحة وتحسين جودة الحياة، هناك مئات الدعايات والنصائح التجارية التي تُدمر الصحة وتؤدي على المدى البعيد إلى العُقَد والمشاكل.
    ولذلك فإن المجتمع العربي يمر الآن في وضعٍ هو أشبَه ما يكون بالسكيزوفرينيا العامة من حيث القيم والمعايير الأخلاقية وأنماط السلوك. فالحرية المتزايدة في الاستهلاك تتزامن مع القمع المتزايد للحريات المدنية، والبذْخ المبالغ فيه في الكماليات يتزامن مع التنازُل عن الأساسيات، والمساواة المتزايدة بين الرجل والمرأة تتزامن مع ازدياد اعتداءات الرجل على المرأة، وازدياد أنواع الشذوذ في المجتمع يتزامن مع التشدد المتزايد في عقاب الشذوذ في المجتمع، والاختلاط الحر بين الجنسين يتزامن مع التشدد في الفصل بين الجنسين، والانفلات المتزايد يتزامن مع التزمُّت المتزايد، والتَعَري يتزامن مع التحجُّب، والكفر بالقيم يتزامن مع التقيد الأعمى بالأعراف، والانفتاح على الغير يتزامن مع الانغلاق على الذات، والتسلق إلى أينع أغصان الحداثة الغربية يتزامن مع البحث عن أقدم جذور الأصولية الشرقية، والعبودية للغرب وكل ما يمثله تتزامن مع كراهية الغرب وكل ما يأتي منه.
    هذا الاستقطاب الأخلاقي والثقافي الذي يشهده مجتمعنا الفلسطيني بشكل خاص والشارع العربي عامة في العقدين الأخيرين هو مُحصلة لدخول الغرب إلينا من الباب الخلفي واجتياحه لمجتمعنا دون أن نعي حقيقة ما يجري. وفي الوقت الذي نأخذ فيه من الغرب غِناه ورُخْصَه، معرفته وجهله، أخلاقياته ولاأخلاقياته، فإن الغرب لا يكاد يأخذ منا سوى مصادرنا وخاماتنا ولا يكاد يهتم بنا سوى كمستورِدين ومستهلكين لمنتوجاته وقيمه. وفي نفس الوقت فإن معرفة الغرب بحضارتنا وثقافتنا وقيمنا تكاد تستند بالكامل على ما يعرفه هو عنا وليس على الاكتساب مما نعرفه نحن عن أنفسنا، وهي لذلك معرفة انتهازية تفتقر إلى الموضوعية والاستبصار والمحاولة الجدية للفهم والتفهم.
    هذه العولمة أحادية الاتجاه هي في واقع الأمر نوع جديد من الاستعمار الغربي الرأسمالي للعالم، وأكبر دليل على ذلك هو وصف النقاد الغربيين لها على أنها عولمة "من الأعلى إلى الأسفل"، ولذلك فإنه من المحتم أن تكون مضاعفاتها سلبية وهدامة:
    "من الممكن أن يترتب عليها (أي العولمة الحالية) حرب الكل ضد الكل، أو استفراد دولة عظمى وحيدة بالعالم، أو تحالف استبدادي للطبقة الأرستقراطية في العالم، أو كارثة بيئية عالمية، أو عدد من هذه الأمور معاً." ( Jememy Brecher, Tim Costello, and Brendan Smith : Globalization from Below)
    فعلينا إذاً أن نعمل كل ما في وسعنا لاستبدال هذه العولمة الاستعمارية بعولمة حقيقية تُغنينا بدل أن تُفقرنا، وتُقوينا بدل أن تضعفنا، وترضينا بدل أن تحرّضنا، وتقربنا من بقية العالم بدل أن تبعدنا عنه. ولهذه العولمة البديلة التي يجب أن نعمل في سبيلها، مواصفات ثلاث أساسية:
    1) أن تكون الثقافة مُنطلَق العولمة ومادتها والمعيار الأساسي لتقييمها، وليس مجرد تابع هامشي غير مباشر لعولمة اقتصادية تتمَحوَر حول القيم المادية والاستهلاك التجاري.
    2) أن تكون لا "من الأعلى إلى الأسفل" ولا "من الأسفل إلى الأعلى" بل بين أطراف متساوين في المستوى رغم خصوصيتهم، وفي الأهمية رغم اختلافهم، وفي التأثير رغم تباين مصادرهم. بمعنى أن تكون عولمة مبنية على الحرية والمساواة والديمقراطية بمعناها الإنساني الحقيقي.
    3) أن لا تكون انتشارية كما هو الأمر الآن، ولا دمْجية بحيث تُلغي الخصوصية الثقافية للشعوب وتمحو الحدود بينها وتعطل هويتها ومعاييرها الأخلاقية النابعة من تاريخها، بل حوارية مبنية على العمل المشترك والتأثير المتبادل واكتساب الجميع من الجميع والإغناء لكل الأطراف حيث هُم وعلى ما هم عليه من الخصوصية الثقافية.
    ماذا علينا أن نعمل من أجل الوصول إلى هذه العولمة البديلة؟
    1) علينا أن نتوخى الحذر الشديد في تعاملنا مع العولمة الحالية ونحاول إبطاء استيلائها على ثقافتنا وتقليص أضرارها على مجتمعنا.
    2) من أجل ذلك، علينا أن ننشر الوعي بين المثقفين والناس عامة لحقيقة ما يجري تحت غطاء العولمة، ونوضح لهم المضمون والمدلول الحقيقيين لهذا الانتشار الغربي الرأسمالي.
    3) من أجل ذلك، علينا أن نأخذ موضوع العولمة الحالية بجدية، وعلى مفكرينا ومثقفينا أن يشجعوا النقاش الموضوعي والنظرة النقدية البناءة للتغيرات الثقافية والأخلاقية التي يولدها انتشار القيم الغربية الاستهلاكية في مجتمعنا.
    4) في أثناء ذلك، ومن أجل المساهمة الفعالة للثقافة الفلسطينية في العولمة البديلة، علينا أن نُنَمي ونعزز وحدة الثقافة الفلسطينية. ففي الوضع الراهن هناك ثقافات فلسطينية وليس ثقافة فلسطينية واحدة، فهناك ثقافة فلسطينيي المناطق المحتلة، وثقافة فلسطينيي ال48، وثقافة فلسطينيي المهجر والشتات، وما إلى ذلك. والفروق بين هذه الثقافات الفلسطينية تزداد باستمرار نتيجةً لازدياد التباعد السياسي بينها، على الرغم من أن البعض منا يدعي عكس ذلك مدفوعاً بالكبرياء أو بفهم خاص للمصلحة الوطنية. ولذلك فعلى مؤسساتنا الثقافية والتعليمية أن تكثف جهودها وبرامجها لخلق ثقافة فلسطينية موحدة ومتناسقة من حيث الثوابت والقيم الأساسية.
    5) شرط أساسي من أجل الشروع في عولمة حقيقية مبنية على الحرية والاستقلالية والمساواة، هو أن ندعم ثقافتنا العربية الفلسطينية كثقافة، ونُثَبت أركانها ونُجَذرها في المجتمع بحيث تكون قادرة على العطاء بوفرة والأخذ بغزارة دون أن تهتز أركانها أو تتخلخل قواعدها. وهذا يتم من خلال تدعيم وتعميق الانتماء الثقافي للإنسان الفلسطيني .
    6) عنصر آخر من عناصر تدعيم ثقافتنا وتقويتها وتحضيرها للعولمة البديلة، هو أن نستثمر ما لدينا وما يأتينا من مصادر مادية وفكرية في الخلق والإبداع والإنتاج أدباً وفناً وعلماً واقتصاداً، وليس فقط في الاستهلاك وتشييد صروح بذخ براقة. تلبية احتياجات الناس الأساسية هي الغاية بالطبع، ولكن علينا أن نلبي هذه الاحتياجات من خلال الاستثمار في الخلق والإنتاج وليس من خلال الاستثمار في استيراد ما ينتجه الغير وإيصاله إلى الناس.
    7) علينا أن نتحالف مع شعوب وثقافات قريبة منا في المستوى والقوة والتطلعات، في العالم العربي وإفريقيا وآسيا وأمريكا اللاتينية والعالم الثالث بشكل عام، ونَدخُل معها في حوارات جدية من أجل تبادل الخبرات وتطوير مشاريع ثقافية مشتركة تًدخل في إطار العولمة البديلة.
    Cool وفي نفس الوقت علينا أن نجد في العالم الغربي مَن نتحالف معه في مشاريع عولمة ثقافية أساسها الحرية والاستقلالية والمساواة، وكثير من المؤسسات الثقافية المستقلة في الغرب تحمل هذه الفلسفة وترغب في هذه العولمة وتبحث عن شركاء جديين لها في منطقتنا.
    9) ولكي نكون قادرين على الدخول في تحالفات مع ثقافات العالم الثالث ومؤسسات الثقافة المستقلة في الغرب والاشتراك الفعال معها في مشاريع عولمة ثقافية على مستوى رفيع، علينا أن نعمل بشكل منظم وبمنتهى الجدية على بناء مجتمع مدني سليم في فلسطين يمنح أفراده كل الحريات المدنية الأساسية، ويوفر لفئاته المختلفة فرصاً متكافئة في العمل والتعلم والعيش الكريم، ويحافظ على حقوق الإنسان لكل إنسان مهما كان مركزه وموقعه ومستواه، وذلك بما يتلاءم ومقولات ثقافتنا وينسجم مع تراثنا الفكري.
    10) ولكي نبني مجتمعاً مدنياً فلسطينياً سليماً يعتز بثقافته ويعتد بتراثه، قادراً على إغناء الغير والاستغناء من الغير، ومفتوحاً للعولمة دون أن يفقد توازنه أو يتخلى عن هويته، فعلينا ألا نترك العولمة وما يَسبقها ويلحقها من إجراءات للعفوية والارتجال الفردي، بل أن نُشَكل هيئةً عُليا من المفكرين والعلماء والفقهاء والباحثين، متخصصة في الحفاظ على ثقافتنا والدمج السليم لما تكتسبه من الثقافات الأخرى... هيئة ثقافية عليا للبرمجة والتخطيط، والدراسة والتقييم، والمحو والتدعيم. ويجب أن تكون لهذه الهيئة القدرة على اتخاذ القرارات دون أن تكون جزءاً من جهاز الدولة التشريعي، والقدرة على الإلزام دون أن تكون جزءاً من جهاز الدولة التنفيذي، والقدرة على التحكم دون أن تكون خاضعة للقيادة السياسية. ولنا في الجمعيات الأهلية المستقلة كجمعيات حقوق الإنسان وحقوق المواطن وجمعيات المحافظة على البيئة، مثال نحتذ ي به، فهذه الجمعيات هي حامل للعولمة وجزء لا يتجزأ منها، وهي في نفس الوقت مُقَيَّم للعولمة ومُوَجه نقدي لمسارها.
    الثقافة العربية الفلسطينية غنية على الرغم من فقر حال أصحابها وحامليها، وهي أهلٌ بعولمة ثقافية تستطيع من خلالها أن تعطي بقدر ما تأخذ، وأن تُكسِب بقدر ما تََكسَب. ولكن مشاركتنا الفعالة في هذه العولمة الثقافية تتطلب منا أولاً وقبل كل شيء أن نُغني الإنسان الفلسطيني بثقافته قبل أن نغني غيره بها أو أن نغنيه هو بغيرها، وهذا هو التحدي الأكبر.
    عـائـــدون
    عـائـــدون
    Admin
    Admin


    ذكر الحمل جنسيتك : فلسطينية
    اعلام الدول : الثقافة الفلسطينية في سياق العولمة وحوار الحضارات Palestine_a-01
    رقم العضوية : 1
    نقاط : 10504
    السٌّمعَة : 11
    تاريخ التسجيل : 23/01/2009

    الثقافة الفلسطينية في سياق العولمة وحوار الحضارات Empty رد: الثقافة الفلسطينية في سياق العولمة وحوار الحضارات

    مُساهمة من طرف عـائـــدون الثلاثاء 24 نوفمبر 2009, 3:24 pm

    مصطلحات غريبة غزت ثقافتنا العربية وهي ايضا من العولمة ...

    العولمة اصبحت تحصيل حاصل ان كانت اقتصادية او ثقافية او ..الخ

    المطلوب هو هل نحن نستطيع ان نواجه هذه العولمة ان كان اقتصاديا او ثقافيا ..اجابتي الان هي لا فنحن شعب مستهلك لكل شيء ولا ننتج ...فالعولمة الحالية هي غزو اقوى من الطائرات ...مجابهة العولمة او العمل على تطويعها لمصلتنا بحاجة الى وقفات حكومية وخطط استراتيجية لكي نجعل العالم سوق لنا .

    مشكورة الحرة اجراس فالموضوع رائع
    راهب الفكر
    راهب الفكر
    مشرف أجراس ثقافية
    مشرف أجراس ثقافية


    ذكر الجوزاء جنسيتك : فلسطينية
    اعلام الدول : الثقافة الفلسطينية في سياق العولمة وحوار الحضارات Somalia_a-01
    نقاط : 796
    السٌّمعَة : 1
    تاريخ التسجيل : 30/04/2009

    الثقافة الفلسطينية في سياق العولمة وحوار الحضارات Empty رد: الثقافة الفلسطينية في سياق العولمة وحوار الحضارات

    مُساهمة من طرف راهب الفكر الجمعة 27 نوفمبر 2009, 6:00 am

    صحيح رفيقتي اجراس ماتقولين
    ولكن نحن لانحمل اقل مقومات تحدي العوملة الثقافية
    لكي نحمي ثقافتنا الفلسطينية وماهى بااختصار ثقافتنا
    القتل والتدمير والأسئ كمثل الذي حدث فى غزة
    ودمتم

      الوقت/التاريخ الآن هو الخميس 02 مايو 2024, 9:59 am