'كما قال الشاعر' رحلة للمخرج نصري الحجاج في حياة الشاعر محمود درويش استغرقت 58 دقيقة تنقلت بالمُشاهد في عوالم هذا الإنسان الإستثنائي. دخلت أمكنته من البروة حيث الولادة إلى رام الله حيث كانت العودة بعد إبعاد ومن ثم الإستقرار الأبدي. وتوغلت الكاميرا في عواصم العالم وأسمعتنا شعره بصوت شعراء كبار في العالم كانوا رفاق أو متذوقين لشعردرويش، ومؤمنين به.
'كما قال الشاعر' عرض في بيروت في الأسبوع الماضي بتنظيم من 'سينما متروبوليس' بالتزامن مع عرضه في 'مسرح الميدان' في حيفا، ولاقى أقبالاً كبيراً بحيث إفترش المتفرجون أرض القاعة. تقديماً للعرض السينمائي تحدث المخرج نصري الحجاج ليقول برمزية محمود درويش في حياة الفلسطيني. مؤكداً إن الشعب غير المستقر يبني صموده على رموز في الأدب والسياسة والفكر والفلسفة. فقد رحل الكثير من الرموز لكن رحيل محمود درويش كان ذروة الإنهيار في الحياة الفلسطينية بحسب الحجاج الذي أضاف: نحن كما في الأساطيراليونانية.
وتبدأ الرحلة مع الفيلم المشغول بنبض إنساني عال في رهافته وشفافيته، وذلك على وقع قصائد درويش: لاعب النرد، على محطة قطار سقط من الخريطة ولماذا تركت الحصان وحيداً.
لغة فيلم 'كما قال الشاعر' تراوحت بين المباشرة والتجريد، وفيها كان محمود درويش يرفرف في أمكنته الأثيرة التي نقلتها لنا الكاميرا، وكان صوته يصلنا صلباً، قوياً، محرضاً على الحياة. فقد سمعنا قصائد درويش مترجمة إلى الكثير من لغات العالم، لكن الوقع الوطني والإنساني وصلنا بإيقاع ثابت وعنيد عندما سمعنا 'على هذه الأرض ما يستحق الحياة' بصوت درويش ومن ثم بصوت الشاعر البرتغالي خوسيه ساراماغو. وتالياً أدتها ثلة من الأطفال الفلسطينيين يقفون وكأنهم يقدمون نشيداً وطنياً في أحدى مدارس فلسطين أو الشتات. هؤلاء كانوا في حلة من الإجادة والتعبير إستحقوا التصفيق الذي لم تؤته الصالة.
في هذا الشريط قارب المخرج محمود درويش الشاعر والرمز من زاويته الإنسانية الخالصة وتنقل معه في أمكنة عدة من أنحاء العالم الذي كانت للشاعر فيه محطات إقامة، محطات شعر، أو محطات إستراحة. صحيح أن الشريط ركز على كبار الشعراء الذين قرأوا شعره المترجم إلى لغاتهم، لكن كانت إلتفاتة إلى نمر مرقص المعلم في العفولة يقرأ شعره فيما يردد بعده صوت نسائي جميل ومموسق على إيقاع نغمات العود 'هذا البحر لي وهذا الهواء لي'.
في محاولة إقامة توازن بين المشاهد التصويرية التي إتخذت منحى التجريد، وبين القراءة الشعرية بصوت درويش، كان المشاهد لشريط 'كما قال الشاعر' يتعايش مع ثقل ذلك الغياب وذلك الفراغ الذي تركه رحيل درويش. صوته المترافق مع مشاهد تشير إلى أمكنته الخالية منه، وتلك الموسيقى التصويرية الرقيقة والمعبرة تركت المشهد متكاملاً وكأنه عزف على أوردة الحزن المتلطي في زوايا كل من يرون في درويش ناطقاً بإسم فلسطين وأهلها في الوطن المحتل أو الشتات.
شاهدنا وسمعنا شعر درويش بأصوات شعراء لهم شهرتهم العالمية الواسعة. من إحدى الجزر الإسبانية قرأ الشاعر البرتغالي خوسيه ساراماغو، ومن تانزانيا قرأ الكاتب النيجيري وول سونيكا. ومن الدولة المحتلة سمعنا الشاعر العبري يتسحاق لاؤور، ومحمود درويش يردد 'سلم على بيتنا يا غريب'. كذلك كنا مع الشاعر الفرنسي دومحترم دوفيلبان، والكردي شيركو بيكس من كردستان، وجومانه حداد من لبنان، وأحمد دحبور وداليا طه من فلسطين.
صوت درويش جاءنا من مدرجات جرش في الأردن وهو يردد 'قل للغياب'. مروراً على المنزل الذي إستقر فيه أخيراً في عمّان. وفي قصر الثقافة في رام الله نقل فراغ المكان صوته من جهة إلى أخرى كبحر متلاطم له صدى. وكان تعريج على بيروت على مجلة 'شؤون فلسطينية' ومركز الأبحاث الفلسطني المدمران، وعلى مدرّج جامعة دمشق. وشعر تدفق من غرفته الأثيرة في فندق 'ماديسون' الباريسي. وعلى سريره الأخير في مستشفى هيوستن الأمريكي.
فيلم أثار الكثير من الأشجان والحنين لشاعر شغل الملايين بكلمته الحقيقية في حياته ـ حيث لم نلمس أنه أوغل في الإبتعاد عنا ـ ولا زال يشغل مكانه وسيبقى ونشتاق له وذاكرتنا تحفظ عن ظهر قلب صدى صوته وقوة سطوته على المتلقين. وكأن محمود درويش لم يرحل.
وفي الختام وضعنا المخرج أمام مشهد حصان يحاول النهوض من بحر من الرمال ويفشل، ثم يحاول ويحاول. وكان في نهوضه بعد نضال لحظة تحاول أن تفصل بين فعلي الموت والحياة. والحصيلة أن محمود درويش حصان رحل ولم يرحل، ولا زال فينا وفي وطنه فلسطين.
يذكر أن المخرج نصري الحجاج سبق وقدم في سنة 2007 فيلم 'في ظل الغياب' مركزاً على فكرة وضرورة أن يُدفن الفلسطيني في أرضه.
فيلم 'كما قال الشاعر' من إنتاج وزارة الثقافة الفلسطينية.
'كما قال الشاعر' عرض في بيروت في الأسبوع الماضي بتنظيم من 'سينما متروبوليس' بالتزامن مع عرضه في 'مسرح الميدان' في حيفا، ولاقى أقبالاً كبيراً بحيث إفترش المتفرجون أرض القاعة. تقديماً للعرض السينمائي تحدث المخرج نصري الحجاج ليقول برمزية محمود درويش في حياة الفلسطيني. مؤكداً إن الشعب غير المستقر يبني صموده على رموز في الأدب والسياسة والفكر والفلسفة. فقد رحل الكثير من الرموز لكن رحيل محمود درويش كان ذروة الإنهيار في الحياة الفلسطينية بحسب الحجاج الذي أضاف: نحن كما في الأساطيراليونانية.
وتبدأ الرحلة مع الفيلم المشغول بنبض إنساني عال في رهافته وشفافيته، وذلك على وقع قصائد درويش: لاعب النرد، على محطة قطار سقط من الخريطة ولماذا تركت الحصان وحيداً.
لغة فيلم 'كما قال الشاعر' تراوحت بين المباشرة والتجريد، وفيها كان محمود درويش يرفرف في أمكنته الأثيرة التي نقلتها لنا الكاميرا، وكان صوته يصلنا صلباً، قوياً، محرضاً على الحياة. فقد سمعنا قصائد درويش مترجمة إلى الكثير من لغات العالم، لكن الوقع الوطني والإنساني وصلنا بإيقاع ثابت وعنيد عندما سمعنا 'على هذه الأرض ما يستحق الحياة' بصوت درويش ومن ثم بصوت الشاعر البرتغالي خوسيه ساراماغو. وتالياً أدتها ثلة من الأطفال الفلسطينيين يقفون وكأنهم يقدمون نشيداً وطنياً في أحدى مدارس فلسطين أو الشتات. هؤلاء كانوا في حلة من الإجادة والتعبير إستحقوا التصفيق الذي لم تؤته الصالة.
في هذا الشريط قارب المخرج محمود درويش الشاعر والرمز من زاويته الإنسانية الخالصة وتنقل معه في أمكنة عدة من أنحاء العالم الذي كانت للشاعر فيه محطات إقامة، محطات شعر، أو محطات إستراحة. صحيح أن الشريط ركز على كبار الشعراء الذين قرأوا شعره المترجم إلى لغاتهم، لكن كانت إلتفاتة إلى نمر مرقص المعلم في العفولة يقرأ شعره فيما يردد بعده صوت نسائي جميل ومموسق على إيقاع نغمات العود 'هذا البحر لي وهذا الهواء لي'.
في محاولة إقامة توازن بين المشاهد التصويرية التي إتخذت منحى التجريد، وبين القراءة الشعرية بصوت درويش، كان المشاهد لشريط 'كما قال الشاعر' يتعايش مع ثقل ذلك الغياب وذلك الفراغ الذي تركه رحيل درويش. صوته المترافق مع مشاهد تشير إلى أمكنته الخالية منه، وتلك الموسيقى التصويرية الرقيقة والمعبرة تركت المشهد متكاملاً وكأنه عزف على أوردة الحزن المتلطي في زوايا كل من يرون في درويش ناطقاً بإسم فلسطين وأهلها في الوطن المحتل أو الشتات.
شاهدنا وسمعنا شعر درويش بأصوات شعراء لهم شهرتهم العالمية الواسعة. من إحدى الجزر الإسبانية قرأ الشاعر البرتغالي خوسيه ساراماغو، ومن تانزانيا قرأ الكاتب النيجيري وول سونيكا. ومن الدولة المحتلة سمعنا الشاعر العبري يتسحاق لاؤور، ومحمود درويش يردد 'سلم على بيتنا يا غريب'. كذلك كنا مع الشاعر الفرنسي دومحترم دوفيلبان، والكردي شيركو بيكس من كردستان، وجومانه حداد من لبنان، وأحمد دحبور وداليا طه من فلسطين.
صوت درويش جاءنا من مدرجات جرش في الأردن وهو يردد 'قل للغياب'. مروراً على المنزل الذي إستقر فيه أخيراً في عمّان. وفي قصر الثقافة في رام الله نقل فراغ المكان صوته من جهة إلى أخرى كبحر متلاطم له صدى. وكان تعريج على بيروت على مجلة 'شؤون فلسطينية' ومركز الأبحاث الفلسطني المدمران، وعلى مدرّج جامعة دمشق. وشعر تدفق من غرفته الأثيرة في فندق 'ماديسون' الباريسي. وعلى سريره الأخير في مستشفى هيوستن الأمريكي.
فيلم أثار الكثير من الأشجان والحنين لشاعر شغل الملايين بكلمته الحقيقية في حياته ـ حيث لم نلمس أنه أوغل في الإبتعاد عنا ـ ولا زال يشغل مكانه وسيبقى ونشتاق له وذاكرتنا تحفظ عن ظهر قلب صدى صوته وقوة سطوته على المتلقين. وكأن محمود درويش لم يرحل.
وفي الختام وضعنا المخرج أمام مشهد حصان يحاول النهوض من بحر من الرمال ويفشل، ثم يحاول ويحاول. وكان في نهوضه بعد نضال لحظة تحاول أن تفصل بين فعلي الموت والحياة. والحصيلة أن محمود درويش حصان رحل ولم يرحل، ولا زال فينا وفي وطنه فلسطين.
يذكر أن المخرج نصري الحجاج سبق وقدم في سنة 2007 فيلم 'في ظل الغياب' مركزاً على فكرة وضرورة أن يُدفن الفلسطيني في أرضه.
فيلم 'كما قال الشاعر' من إنتاج وزارة الثقافة الفلسطينية.
الجمعة 19 أغسطس 2016, 2:15 am من طرف راهب الفكر
» تصريح الناطق الرسمي لجيش رجال الطريقة النقشبندية بصدد التهجير القسري للعراقيين
الجمعة 19 أغسطس 2016, 2:14 am من طرف راهب الفكر
» زيف المفترين في إعلان خلافة المسلمين
الجمعة 19 أغسطس 2016, 2:14 am من طرف راهب الفكر
» مبارزة شعرية .......
الجمعة 19 أغسطس 2016, 2:11 am من طرف راهب الفكر
» مقاومينا بغزة البواسل للشاعر عطا سليمان رموني
الجمعة 19 أغسطس 2016, 2:08 am من طرف راهب الفكر
» أتثائب... عبلة درويش
الأحد 24 أغسطس 2014, 1:54 pm من طرف راهب الفكر
» تصريح ولكن.... وما بعد الجدار/تغريد العزة
الأحد 24 أغسطس 2014, 1:54 pm من طرف راهب الفكر
» " منديلٌ لبسمات امرأة " لؤي ابو عكر
الأحد 24 أغسطس 2014, 1:53 pm من طرف راهب الفكر
» نقد الحزب المشكلات التنظيمية للحزب الشيوعي " سلامة كيلة (للتحميل)
الأحد 24 أغسطس 2014, 1:53 pm من طرف راهب الفكر
» تلخيص كتاب: تاريـخ فلسطين في أواخر العهد العثماني 1700 – 1918
الأحد 24 أغسطس 2014, 1:37 pm من طرف راهب الفكر