ملتقى أجراس العودة

مرحباً بك عزيزي الزائر في ملتقى أجراس العودة ، اذا لم يكن لديك حساب بعد نتشرف بدعوتك لإنشائه

انضم إلى المنتدى ، فالأمر سريع وسهل

ملتقى أجراس العودة

مرحباً بك عزيزي الزائر في ملتقى أجراس العودة ، اذا لم يكن لديك حساب بعد نتشرف بدعوتك لإنشائه

ملتقى أجراس العودة

هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.
ملتقى أجراس العودة

سياسي، ثقافي ، اجتماعي، إخباري


    نظام طائفي عدمي... سيغرق العراق في هاوية أعمق \د. بشير موسى نافع

    avatar
    يزن المصري
    مشرف مجلة اجراس العودة الثقافية مكتبة اجراس العودة الثقافية


    ذكر السمك جنسيتك : اردنية
    اعلام الدول : نظام طائفي عدمي... سيغرق العراق في هاوية أعمق \د. بشير موسى نافع Jordan_a-01
    نقاط : 4341
    السٌّمعَة : 0
    تاريخ التسجيل : 09/07/2009

    نظام طائفي عدمي... سيغرق العراق في هاوية أعمق \د. بشير موسى نافع Empty نظام طائفي عدمي... سيغرق العراق في هاوية أعمق د. بشير موسى نافع

    مُساهمة من طرف يزن المصري الخميس 18 فبراير 2010, 3:28 pm

    ما كادت السياسة العراقية تخرج من أزمة القانون الانتخابي، حتى زج بها في أزمة أعمق وأكبر، بعد أن تفتق ذهن الحاكمين العراقيين عن حملة اجتثاث واسعة النطاق لكل من يمكن اتهامه من خصومهم، سيما بين الشخصيات السنية العربية. في لحظة ذروة الأزمة، وقد أصبح واضحاً أن هيئة التمييز التي شكلها البرلمان العراقي ستصدر قراراً بمنع ترشح المئات للانتخابات، وعلى رأسهم د. صالح المطلك ود. ظافر العاني، ألقى رئيس الوزراء العراقي نوري المالكي كلمة أمام دائرة الرعاية الاجتماعية. قال المالكي، وبالحرف، 'أن العراق لن يسمح بعودة من يريد على ظهر دبابة أو عبر الارتباط بالأجنبي'.
    ولكن المالكي لم يقل لمستمعيه كيف عاد هو، والطبقة العراقية الحاكمة، أو كيف أصبحوا حكاماً للعراق. بمثل هذا التزييف الصريح والفج لتاريخ العراق ومناخه السياسي، فجرت أزمة الاجتثاث، وشهد العراقيون حلقة أخرى من حلقات العدمية الطائفية التي يجر إليها وطنهم على أيدي قادة الدعوة والمجلس والحزب الإسلامي.
    أصل أزمة الاجتثاث ليس القانون ولا الدستور. هيئة الاجتثاث، أو هيئة المساءلة والعدالة، ليست مؤسسة قانونية بأي حال من الأحول. فالذين يديرونها لم يصدق على تعيينهم برلمان، وهم سياسيون نشطون، ومرشحون للانتخابات القادمة، ولا يصح لهم بالتالي أن يصبحوا حكماً يقرر مصير مرشحين آخرين. والمئات الذين وضعت الهيئة أسماءهم على قائمة المنع لم يتهموا جميعاً بأنهم بعثيون. المطلق والعاني، مثلاً، اتهما بالترويج للبعث وليس الانتماء له؛ ومثل هذه التهمة لا تعتبر من اختصاص هيئة المساءلة. الأزمة، باختصار، لا صلة لها بالقانون والدستور، ولكن ببروز التحالف الوطني وقائمته العراقية، التي يقودها طارق الهاشمي، إياد علاوي، صالح المطلك، رافع عيساوي، وأسامه النجيفي. التشكيل غير المتوقع لهذه القائمة، التي تحمل أملاً كبيراً للعراقيين بالخروج من مناخ الانقسام وأجواء السياسة الطائفية السوداء، هو المتغير الرئيسي في عراق الشهور القليلة الأخيرة. هؤلاء سياسيون عراقيون رئيسيون من طبقة ما بعد الاحتلال، وقد وجدوا أن الارتفاع فوق خلافاتهم السابقة وشق طريق جديد للعمل السياسي هو الطريق الوحيد لانقاذ البلاد من الهوة التي دفعت إليها. مثل الآخرين في الطبقة العراقية السياسية الجديدة، تعاون هؤلاء مع إدارة الاحتلال، وارتكبوا أخطاء كبيرة في السنوات القليلة الماضية. ولكنهم كانوا أسرع إدراكاً من غيرهم لطبيعة العراق وبنيته الوطنية، ولثوابت العراق العربية والإسلامية. وليس هناك ثمة شك في أن تشكيل هذا التحالف أثار مخاوف واسعة في أوساط القوى الطائفية والعرقية العراقية، كما في طهران.
    لم يكن التحالف الوطني قد ولد بعد عندما وصلت المفاوضات بين المالكي ومنافسيه في المجلس الأعلى إلى طريق مسدود. مسألة الافتراق الرئيسية بين القوتين الشيعيتين الطائفيتين كانت بالتأكيد رغبة المالكي في تأمين عودته إلى رئاسة الحكومة. وما أن أعلنت ولادة التحالف الوطني الجديد، حتى بات واضحاً أن لا الإئتلاف الشيعي ولا قائمة دولة القانون (الشيعية هي الأخرى)، بالرغم من كل الإجراءات التجميلية التي أجريت لهما، يمكن أن تقفا أمام القائمة العراقية الوطنية، لا في أوساط السنة ولا الشيعة، ولا بين ملايين المهجرين. بعد سنوات من الانقسام الداخلي، والتخندق الطائفي والمناطقي، عاد العراقيون يلملمون شتات وطنهم وجماعتهم الوطنية، وإلى تلمس السبل للحفاظ على وحدة بلادهم. ولأن الجميع يدرك حقيقة هذا التطور في المزاج الجمعي العراقي، فقد دق التحالف الوطني الجديد أجراس الخطر لدى الذين بنوا وجودهم وسلطتهم على الغرائز الطائفية وإثارة مخاوف العراقيين من بعضهم البعض. لا يكاد المالكي يتصور خسران مقعد رئاسة الحكومة لشخصية عراقية أخرى؛ وهو الأمر المؤكد في حال أصبح التحالف الوطني الجديد الكتلة الأكبر في البرلمان القادم. ويجمع المالكي وقادة الإئتلاف الشيعي الخوف من أن يؤدي بروز التحالف الوطني إلى إقامة أسس جديدة للسياسة العراقية، وإلى وضع نهاية لصعودهم المثير في حقبة الاحتلال وتفكيك عرى الدولة وانقسام الشعب على نفسه وتحول العراق إلى ساحة مفتوحة للنفوذ الخارجي. كان المالكي، بالرغم من محاولته الظهور بمظهر المسؤول التنفيذي المحايد، هو المحرك الرئيسي لحملة الاجتثاث الجديدة؛ ولكن المحرض جاء من طهران.
    باقتراب موعد الانسحاب الأمريكي من العراق، تعمل طهران على تعزيز نفوذها في العراق، مرتكزة إلى قوى طائفية، شخصيات سياسية من كافة الفئات، اتفاقات اقتصادية وأمنية، واختراق واسع النطاق لمؤسسات الدولة العراقية. وقد حاولت طهران دفع القوتين الشيعيتين الرئيسيتين إلى التحالف في قائمة واحدة، ولكن المحاولة لم تنجح، حتى الآن على الأقل، سواء للصراع بين القيادات الشيعية على الحكم، أو لاعتقاد المالكي المبكر أن باستطاعته حسم الانتخابات لصالحه بدون الإئتلاف الشيعي والمجلس الاعلى. ولكن بروز التحالف الوطني وقائمته العراقية دفع طهران إلى المحاولة من جديد. قرأ الإيرانيون التحالف الوطني مرة باعتباره تجلياً للنفوذ السعودي، ومرة باعتباره موالياً لتركيا. وكانوا بلا شك مخطئين في الحالتين. الترحيب الذي صادفه التحالف الوطني كان واسعاً ومتعدداً، من القاهرة إلى دمشق إلى أنقره؛ ليس لارتباطه بأي من هذه العواصم، بل لأن أغلب دول الجوار رأى فيه أملاً لبداية تعافي العراق وإعادة بناء استقراره. ولكن طهران، على أية حال، لا تسطيع المغامرة؛ ومن هنا ولدت فكرة اللجوء إلى نهج الاجتثاث، الموجه في صورة خاصة للتحالف الوطني ومرشحي قائمته.
    عندما يقول الجنرال باتريوس، القائد السابق للقوات الأمريكية في العراق، أن هيئة المساءلة ليست أكثر من أداة في يد قيادة قوات القدس، فهو لا يروج لشائعات؛ وعندما يعلن الرئيس أحمدي نجاد في خطابه بمناسبة ذكرى الثورة الإسلامية دعمه لإجراءات الاجتثاث ( في توكيد لا مبرر له على أن البعث لن يعود إلى حكم العراق)، ففي إعلانه إشارة مستبطنة إلى أن الإرادة الإيرانية عازمة على قيادة الشأن العراقي، مهما كانت التكاليف.
    أحد الأطراف التي سارعت إلى الالتحاق بجبهة الاجتثاث، بدون أن يؤخذ من أطرافها الأصلية مأخذ الجد، كان الحزب الإسلامي، المعبر عن الهوية الطائفية السنية في العملية السياسية. الحزب الإسلامي، الشريك الأصغر في النظام، رأى هو الآخر في قائمة العراقية مصدر تهديد.
    الحقيقة، أن انهيار الدعم العربي السني للحزب بدأ منذ أكثر من عامين؛ ليس فقط لعجز الحزب عن تمثيل مصالح من انتخبوه، ولكن أيضاً لأن سنة العراق لا يرون أنفسهم ولا موقعهم من منظار طائفي، وقد جرى تصويتهم للحزب وقائمة التوافق التي قادها في الانتخابات السابقة في ظل التدافع والتناحر الطائفيين في البلاد. وما أن أعلن التحالف الوطني (بل وقبل ذلك، في الانتخابات المحلية)، حتى أصبح واضحاً أن الحزب سيخسر خسارة فادحة أمام مرشحي العراقية. وسرعان ما وجد الحزب في مشروع الاجتثاث فرصة سانحة للتخلص من منافسيه الوطنيين، سيما الشخصيات الرئيسية بينهم. لعب نواب الحزب في اللجنة القانونية، ورئيس البرلمان الحالي، الذي يعتبر أحد قيادات الحزب، دوراً ملموساً في تسهيل مهمة المالكي وهيئة المساءلة؛ بل وقدمت أدوات الحزب الإعلامية العون لتغطية إجراءات الاجتثاث غير القانونية وغير المسوغة، وذات السمة الطائفية الصارخة. في لحظة الخطر، لم يجد الطائفيون الشيعة والسنة من العمل معاً لحماية السلطة والثروة والامتيازات التي وفرها لهم نظام الحكم الطائفي.
    الامريكيون، الطرف الحاضر الغائب الآن في المعادلة العراقية، قصة مختلفة تماماً. الصورة التي انعكس من خلالها الاهتمام الأمريكي بمسألة الاجتثاث بولغ فيها إلى حد كبير. مركز الاهتمام الأمريكي بقرارات الاجتثاث لم يكن عدالتها ولا قانونيتها، ولكن مدى تأثيرها على استقرار البلاد، ومن ثم جدول انسحاب القوات الأمريكية. ولكن الامريكيين، الذين مثلهم نائب الرئيس بايدن، أدركوا على أية حال أن الإرادة الإيرانية في العراق باتت تعلو إرادتهم، وأن الولاء المزدوج لدى القوى السياسية العراقية التي فتحت لها أبواب الحكم وسلمت مقاليد الدولة، قد أصبح أقل ازدواجاً. ثمة قراءتان للموقف الأمريكي من تطورات الشأن العراقي ـ الإيراني، والتدهور السريع في التأثير الذي باتت واشنطن تستطيع ممارسته في بغداد.
    تقول الأولى أن الامريكيين غير مكترثين الآن بحقيقة ولاء هذا أو ذاك من حلفائهم العراقيين، ويرون أن مستقبل العراق يرتبط ارتباطاً وثيقاً بالمسألة الإيرانية، حرباً انتهت أو سلماً. حل المسألة الإيرانية سيترك تأثيره المباشر على الطبقة السياسية العراقية، ويجعل الأمور في العراق أكثر وضوحاً.
    أما القراءة الثانية فتقول أن الامريكيين سعداء باستقرار الحكم الطائفي في العراق، حتى بوجود نفوذ إيراني؛ لأن مثل هذا العراق سيخرج نهائياً من المعادلة العربية، بل وسيصبح مصدر تهديد لجواره العربي، ويساهم في المحافظة على تجزئة المنطقة وتشظيها. الأرجح، أن إدارة أوباما تدرك أن مغامرة العراق كانت خاسرة من البداية، ولأن هم واشنطن أوباما هو إقفال الملف العراقي ونسيانه، فان احداً في واشنطن لا يعرف على وجه اليقين ما هي السياسة الأفضل والأصوب تجاه العراق ودولته الطائفية في السنوات القليلة القادمة.
    المتيقن أن العراق لا يمكن أن يستقر بمثل الحكم الذي يدير شؤونه الآن. سياسات العزل والاجتثاث ومحاولة فرض رواية واحدة للتاريخ ليست جديدة؛ ونمط الحكم هذا هو ما جعل العراق يعيش على حافة الهاوية منذ ولادة دولته الحديثة في مطلع العشرينات. ما جد على العراقيين بعد مشروع التحرير والديمقراطية هو إضافة النهب والارتهان للخارج إلى سياسات العزل والاضطهاد والاستئثار بالسلطة. وليس هكذا تقوم الدول، أو يكتب لها البقاء.

      الوقت/التاريخ الآن هو السبت 23 نوفمبر 2024, 6:50 am