أعيدوا إليّ خيمتي
أحن إلى خيمتي في المخيم.. الآن وفي هذا الزمن الرديء.. أحن إليها.. كما أحن إلى ساحة المخيم الطينية.. أحن إلى ملابسي الرثة.. التي كانت تحمل في ثناياها كل أوساخ هذا العالم الرث..
أحن إلى خبز أمي - كما قال محمود درويش -.. فحتى خبز أمي في المخيم كان له طعم آخر غير الطعم الآن.. أحن إلى كل بساطة أهل المخيم.. إلى حزنهم.. شقائهم.. عذابهم.. وأحن أكثر إلى رجولتهم وثوريتهم وفدائيتهم!.
يا خيمة اللجوء.. يا من احتوت في زواياها كل أسرار اللجوء وكل أسرار العذاب.. وكل أسرار القهر.. وكل أسرار التشرد.. كم من الحكايات احتويتِ.. وكم من الثوار احتضنتِ.. وكم.. وكم.. مليون كم يا خيمة اللجوء..!
يا أعظم مَدرسة ومُدرسة لأصول الكرامة والشجاعة والتضحية.. يا منبع الثوار والأبطال والأحرار.. أين أنتِ الآن؟
هل تذكرين يا خيمتي حين تمحترم المطر كم كنت تحاولين تجنيبي البلل بوقوفك الشامخ في وجهه.. لكنه كان رغم صمودك يتسلل إليّ من شقوق القهر فيكِ.. ومن اهتراءات الزمن.. ومن خيانات العروبة والأحبة ومن تكالب المحن.. هل تذكرين كيف كانت حكايا الخيم المجاورة تطير إلينا لتقص علينا أوجاع ساكنيها.. هل تذكرين كم من دموع ذرفنا سوياً ونحن ننظر للمستقبل الغامض البعيد.. هل تذكرين أسرار الثوار.. وكم من خطط للفداء والتضحية والموت رسمت في أحضانك.. آه يا خيمة اللجوء كم كنت تكتمين أسرارنا وتتحملين شكوانا وضجرنا منك؟..
الآن يا خيمتي وبعد كل هذه السنين من السكنى في بيوت الطوب والحجر.. وتمتعي بكل ما قدمه لنا العلم من رفاهية وتطور وراحة.. الآن فقط أحن إليك.
أحن لسماع أغاني الثورة تحت ظلالك.. وحكايا الثكالى في زواياك.. وصوت الجوع الصادح بالبكاء.. أحن أكثر لسماع قصص البطولة والثوار الفدائيين.. وآخر أخبار القضية..
آه.. القضية.. هل تذكرين القضية يا خيمتي.. أجزم أنك تذكرين.. فأنت لست مثلنا.. نحن نسينا وأنت لم تنس لأنك عنوانها.. بل أنت ذاتك القضية..
حين هجرناك.. فرحت لنا على مضض وكأنك كنت تعرفين ما ستجلبه لنا بيوت الطوب.. لذلك رغم فرحك كانت تومض دمعة حزن في مقلتيك.. وكأنها تقول لنا لا تذهبوا.. ستبيعونني.. ستبيعون تاريخ الحزن والقهر.. ستبيعون القضية.. وتنسونني!!
كل هذا وذاك حصل الآن.. نسيناكِ يا خيمتي ونسينا القضية.. بعناك وبعناها.. الراحة والرفاهية والزمن الرث فعلوا فعلهم السحري بنا.. تغيرنا وتغيرت كل مفاهمينا عن الثورة والثوار.. عن الأرض والحرية.. عن النضال والتضحية.. كل شيء تغير أصبحنا الآن إرهابيين وحين كنا نسكن في أحضانك كنا نوسم بأننا فدائيون وثوار.. آه يا خيمتي!.
أحن إليك الآن.. أحن الى فانوس الكاز المعلق فوق عامود الخشب المهترىء الذي يسندك لتبقين شامخة.. أحن الى فراشي الذي أكله الطين.. أحن الى أواني الطبخ الصدئة وما تحويه من طعام يسمى طعاماً يحمل طعم المرارة والذل.. ولكنه بنفس الوقت كان يحمل أيضاً طعم الرجولة والفداء والإصرار..
أحن إليك الآن.. وفي هذه اللحظة بالذات وأنا أعيش في قمة الرفاهية والتحضر ولكني خال من كل مبادئك الثورية.. بل خالٍ من كل شيء.. لا مبادىء.. لا شهامة.. لا كرامة.. لا مسؤولية.. لا تضحية.. لا فداء.. ولا رجولة.. هل تعرفين الآن لماذا أحن إليك.. هل تعرفين كم أشتاق إليك.. هل تعرفين.. هل تعرفين..؟!
أحتاجك الآن أكثر من أي وقت مضى.. أحتاجك لأنك من سيعيد جريان الدم الثوري في عروقي.. أحتاجك لتعود أغانينا الثورية وأغاني فرقة العاشقين التي كانت تدب الحماس ونار الغضب في كل شعرة في أجسادنا وأبداننا..
يا خيمة المخيم الآن فقط ورغم مرور الزمن سريعاً.. ورغم كثرة لهونا وفرحنا واستهتارنا.. بل وغبائنا.. عرفتك حقاً.. وعرفت أن رائحة قماشك العفن والمهترىء أكبر وأغلى ثمناً منا.. فأنت العزة والكرامة.. أنت الحزن والسعادة.. أنت المنفى والوطن.. أنت الثورة والثوار.. أنت قضيتنا وقصتنا وعنواننا.. بل أنت فلسطين!.
أرجوكم أعيدوا إليّ خيمتي!!.
بقلم: خليل الحشاش
أحن إلى خيمتي في المخيم.. الآن وفي هذا الزمن الرديء.. أحن إليها.. كما أحن إلى ساحة المخيم الطينية.. أحن إلى ملابسي الرثة.. التي كانت تحمل في ثناياها كل أوساخ هذا العالم الرث..
أحن إلى خبز أمي - كما قال محمود درويش -.. فحتى خبز أمي في المخيم كان له طعم آخر غير الطعم الآن.. أحن إلى كل بساطة أهل المخيم.. إلى حزنهم.. شقائهم.. عذابهم.. وأحن أكثر إلى رجولتهم وثوريتهم وفدائيتهم!.
يا خيمة اللجوء.. يا من احتوت في زواياها كل أسرار اللجوء وكل أسرار العذاب.. وكل أسرار القهر.. وكل أسرار التشرد.. كم من الحكايات احتويتِ.. وكم من الثوار احتضنتِ.. وكم.. وكم.. مليون كم يا خيمة اللجوء..!
يا أعظم مَدرسة ومُدرسة لأصول الكرامة والشجاعة والتضحية.. يا منبع الثوار والأبطال والأحرار.. أين أنتِ الآن؟
هل تذكرين يا خيمتي حين تمحترم المطر كم كنت تحاولين تجنيبي البلل بوقوفك الشامخ في وجهه.. لكنه كان رغم صمودك يتسلل إليّ من شقوق القهر فيكِ.. ومن اهتراءات الزمن.. ومن خيانات العروبة والأحبة ومن تكالب المحن.. هل تذكرين كيف كانت حكايا الخيم المجاورة تطير إلينا لتقص علينا أوجاع ساكنيها.. هل تذكرين كم من دموع ذرفنا سوياً ونحن ننظر للمستقبل الغامض البعيد.. هل تذكرين أسرار الثوار.. وكم من خطط للفداء والتضحية والموت رسمت في أحضانك.. آه يا خيمة اللجوء كم كنت تكتمين أسرارنا وتتحملين شكوانا وضجرنا منك؟..
الآن يا خيمتي وبعد كل هذه السنين من السكنى في بيوت الطوب والحجر.. وتمتعي بكل ما قدمه لنا العلم من رفاهية وتطور وراحة.. الآن فقط أحن إليك.
أحن لسماع أغاني الثورة تحت ظلالك.. وحكايا الثكالى في زواياك.. وصوت الجوع الصادح بالبكاء.. أحن أكثر لسماع قصص البطولة والثوار الفدائيين.. وآخر أخبار القضية..
آه.. القضية.. هل تذكرين القضية يا خيمتي.. أجزم أنك تذكرين.. فأنت لست مثلنا.. نحن نسينا وأنت لم تنس لأنك عنوانها.. بل أنت ذاتك القضية..
حين هجرناك.. فرحت لنا على مضض وكأنك كنت تعرفين ما ستجلبه لنا بيوت الطوب.. لذلك رغم فرحك كانت تومض دمعة حزن في مقلتيك.. وكأنها تقول لنا لا تذهبوا.. ستبيعونني.. ستبيعون تاريخ الحزن والقهر.. ستبيعون القضية.. وتنسونني!!
كل هذا وذاك حصل الآن.. نسيناكِ يا خيمتي ونسينا القضية.. بعناك وبعناها.. الراحة والرفاهية والزمن الرث فعلوا فعلهم السحري بنا.. تغيرنا وتغيرت كل مفاهمينا عن الثورة والثوار.. عن الأرض والحرية.. عن النضال والتضحية.. كل شيء تغير أصبحنا الآن إرهابيين وحين كنا نسكن في أحضانك كنا نوسم بأننا فدائيون وثوار.. آه يا خيمتي!.
أحن إليك الآن.. أحن الى فانوس الكاز المعلق فوق عامود الخشب المهترىء الذي يسندك لتبقين شامخة.. أحن الى فراشي الذي أكله الطين.. أحن الى أواني الطبخ الصدئة وما تحويه من طعام يسمى طعاماً يحمل طعم المرارة والذل.. ولكنه بنفس الوقت كان يحمل أيضاً طعم الرجولة والفداء والإصرار..
أحن إليك الآن.. وفي هذه اللحظة بالذات وأنا أعيش في قمة الرفاهية والتحضر ولكني خال من كل مبادئك الثورية.. بل خالٍ من كل شيء.. لا مبادىء.. لا شهامة.. لا كرامة.. لا مسؤولية.. لا تضحية.. لا فداء.. ولا رجولة.. هل تعرفين الآن لماذا أحن إليك.. هل تعرفين كم أشتاق إليك.. هل تعرفين.. هل تعرفين..؟!
أحتاجك الآن أكثر من أي وقت مضى.. أحتاجك لأنك من سيعيد جريان الدم الثوري في عروقي.. أحتاجك لتعود أغانينا الثورية وأغاني فرقة العاشقين التي كانت تدب الحماس ونار الغضب في كل شعرة في أجسادنا وأبداننا..
يا خيمة المخيم الآن فقط ورغم مرور الزمن سريعاً.. ورغم كثرة لهونا وفرحنا واستهتارنا.. بل وغبائنا.. عرفتك حقاً.. وعرفت أن رائحة قماشك العفن والمهترىء أكبر وأغلى ثمناً منا.. فأنت العزة والكرامة.. أنت الحزن والسعادة.. أنت المنفى والوطن.. أنت الثورة والثوار.. أنت قضيتنا وقصتنا وعنواننا.. بل أنت فلسطين!.
أرجوكم أعيدوا إليّ خيمتي!!.
بقلم: خليل الحشاش
الجمعة 19 أغسطس 2016, 2:15 am من طرف راهب الفكر
» تصريح الناطق الرسمي لجيش رجال الطريقة النقشبندية بصدد التهجير القسري للعراقيين
الجمعة 19 أغسطس 2016, 2:14 am من طرف راهب الفكر
» زيف المفترين في إعلان خلافة المسلمين
الجمعة 19 أغسطس 2016, 2:14 am من طرف راهب الفكر
» مبارزة شعرية .......
الجمعة 19 أغسطس 2016, 2:11 am من طرف راهب الفكر
» مقاومينا بغزة البواسل للشاعر عطا سليمان رموني
الجمعة 19 أغسطس 2016, 2:08 am من طرف راهب الفكر
» أتثائب... عبلة درويش
الأحد 24 أغسطس 2014, 1:54 pm من طرف راهب الفكر
» تصريح ولكن.... وما بعد الجدار/تغريد العزة
الأحد 24 أغسطس 2014, 1:54 pm من طرف راهب الفكر
» " منديلٌ لبسمات امرأة " لؤي ابو عكر
الأحد 24 أغسطس 2014, 1:53 pm من طرف راهب الفكر
» نقد الحزب المشكلات التنظيمية للحزب الشيوعي " سلامة كيلة (للتحميل)
الأحد 24 أغسطس 2014, 1:53 pm من طرف راهب الفكر
» تلخيص كتاب: تاريـخ فلسطين في أواخر العهد العثماني 1700 – 1918
الأحد 24 أغسطس 2014, 1:37 pm من طرف راهب الفكر