ما يتداوله الناس ووسائل الاعلام حول خلافات حادة بين الولايات المتحدة
واسرائيل يعيد للأذهان موقف الولايات المتحدة أثناء العدوان الثلاثي على
مصر إثر تأميم قناة السويس عام 1956، حيث تلاقت المصالح الاستعمارية
الغربية (انجلترا وفرنسا) مع المصلحة الاسرائيلية، وفهم الدور الأمريكي
على غير حقيقته ، وعلى أنه مناوىء للحرب ولم ينظر في حينها بعمق للتهديد
السوفياتي، وأن الولايات المتحدة لا ترغب في المواجهة معها، ولم يخطر ببال
الساسة العرب بأن الموقف الامريكي له أبعاده، ولديه الكثير من الخطط
للهيمنة على العالم من خلال الحرب الباردة وسياسة الأحلاف، فاستبعد العرب
على أثرها مساندة الولايات المتحدة لاسرائيل في أي عدوان مرتقب، مما أدى
الى هزيمة 1967.
يمكن ان يكون الخلاف الحالي بين اسرائيل
والولايات المتحدة صحيحا، ولكن التفسير لهذا الخلاف بحاجة الى تدقيق وخاصة
إذا ما تعلق الأمر بالقضية الفلسطينية، ولهذا الاعتقاد مبرراته، فمنذ
البداية لم تخف الادارة الامريكية أولويات عملها ومشاغلها، وفي مقدمتها حل
الأزمة الإقتصادية وتحسين صورة الولايات في العالم وازالة الآثار السلبية
التي خلفها حكم بوش الابن ثم معالجة التهديد النووي الايراني ومعالجة
القضايا الداخلية وأخيرا النظر في مشكلة الشرق الأوسط،، وهذا ما ثبت على
أرض الواقع رغم المتغير في الخطاب الاعلامي الأمريكي.
لا شك أن
العلاقات الاسرائيلية الأمريكية قد تأثرت وتغيرت عن ماكانت عليه في
الماضي، وخاصة إذا ما أخذنا مرحلتين مفصليتين من هذه العلاقات كمثال هما
اتفاقية "الكنز السعيد" التي أنتجت قصف مفاعل العراق في تموز 1981 وحرب
اجتياح لبنان ضد قوات م. ت . ف، واحتلال أول عاصمة عربية وهي بيروت في
حزيران عام 1982والتي أدت الى خروج المقاتلين الفلسطينيين منها، ثم
اغتيالها القادة الفلسطينيين وقصفها لمكاتب م . ت. ف في تونس.
والمرحلة الثانية من العلاقات الوثيقة التي جاءت بعد أحداث الحادي عشر من
ايلول / سبتمبر 2001 واستغلها رئيس الوزراء الأسبق شارون وحكومته بتعزيز
العلاقة تحت عنوان ما يسمى " مكافحة الإرهاب" ، وفي ظل هذا الإستغلال
البشع للعلاقة نفذت القيادات الاسرائيلية جرائمها بحق الشعبين الفلسطيني
واللبناني، وقام جيشها بتنفيذ أكبر عملية عدوانية سميت "السور الواقي"
واجتاحت قواتها في المرحلة الاولى من العملية مدن وقرى ومخيمات الضفة
الغربية عام 2002 واستباحت كل المحرمات، وداست جنازير دباباتها كل
الاتفاقيات وقتلت وجرحت واعتقلت الآلاف من الشعب الفلسطيني وعلى رأسهم
الشهيد ياسر عرفات،. وما زالت المراحل الأخرى من السور الواقي مستمرة حتى
يومنا هذا، وهو ما أعلنه شارون للصحفيين آنذاك خلال زيارة قام بها لسوبر
ماركت في القدس من أجل تشجيع المنتجات الاسرائيلية حيث قال: "المرحلة
الحالية من العملية انتهت لكن مكافحة الارهاب ستستمر" واوضح "ان المكافحة
ستستمر بوسائل أخرى".
ثم جاءت حربها على جنوب لبنان في صيف 2006 ،
وعدوانها على قطاع غزة 2008 / 2009، ونتيجة لذلك وما ارتكبوه من جرائم حرب
بالأسلحة الأمريكية أدى الى ملاحقتهم كمجرمي حرب وأصبحوا مطلوبين للعدالة
القضائية أمام محكمة الجنايات الدولية، لكن القيادة الاسرائيلية لم تتوقف
عند هذا الحد وتمادت أكثر وأكثر، وهوما تقوم به حاليا من تصعيد لعدوانها
ومزيد من جرائمها من تهويد للقدس وهدم لأحيائها وبناء كنيس الخراب على
أنقاضها وضم الأماكن الدينية في بيت لحم والخليل وتشجيع قطعان المستوطنين
وتصعيد الإجراءات العقابية، وكل هذا يأتي في ظل العلاقة الحميمية مع
الإدارة الأمريكية ، وفي ظل تأكيد الإدارة الأمريكية الدائم بضمانها
وتكفلها بأمن اسرائيل، اسرائيل هذه المعتدية والمتمردة على قرارات الشرعية
الدولية فيما يتعلق بالقضية الفلسطينية.
إذن لا خلاف بينهما فيما
يتعلق بالقضية الفلسطينية، فالخلاف على، و فيما سعت القيادة الاسرائيلية
في الوصول اليه مع الإدارة الأمريكية وأقنعت المجتمع الأمريكي بخطر
مفاعلات ايران النووية وهولتها وحولتها الى أنها التهديد الحقيقي والخطر
المحتمل، ويجب ان تكون له الأولوية في الاهتمام والعلاج، ومن هنا بدأ
الاستغلال الفعلي لضعف الموقف الأمريكي في هذا المجال بالتحديد، لذلك نسمع
كل يوم تهديد ووعيد اسرائيلي بالعدوان ونشاهد المناورات وسيناريوهات الحرب
عبر وسائل الاعلام وفي مقدمتها ضد ايران، وهذا ما يقلق القيادة الأمريكية
ويضاعف مخاوفها على حياة جنودها ويهدد وجودها في العراق وأفغانستان
والباكستان، مما استوجب الزيارات وتحمل الاهانات للقادة الامريكان، وهو ما
يفسر صمت الولايات على هذه الإهانات وآخرها إهانة نائب الرئيس الامريكي
بايدن، وهنا تكمن الخلافات.
وتحاول الإدارة الأمريكية ولأسباب
معروفة الإيحاء بأن الخلافات مع اسرائيل حول الشرق الأوسط والقضية
الفلسطينية ، ولو أن ذلك صحيح لتولت الإدارة الأمريكية بنفسها (وهي الداعم
الإستراتيجي لاسرائيل) قيادة العملية السلمية وباجراءات بسيطة (التهديد
بوقف الدعم العسكري والمالي) تستطيع الزام اسرائيل بالحل وفقا لقرارات
الشرعية الدولية بدلا من إسناد هذه المهمة للرباعية الدولية التي تدعو،
وتشجب، وتشعر، وأخيرا تطلب من الفلسطينيين قبل ان تطلب من اسرائيل.
نقول
هذا حتى لا تكون قرائتنا خاطئة للموقف الأمريكي، وهذه لغة المصالح التي
يكثر الحديث عنها، فللولايات المتحدة مصالح وأولويات مع غيرنا، علما بأن
مصالحها مع العرب كثيرة ويمكن توظيفها، وفي مقدمة ذلك ان تدرك الولايات
المتحدة أن من حق العرب والفلسطينيين البحث عن مصالحهم أيضا كما تفعل هي
في بحثها عن علاقات مع آسيا دون الاعتبار لتأثير ذلك على علاقتها مع
أوروبا، وكما تفعل في بحثها عن مصالحها، وخير مثال على ذلك انسحاب اير باص
من سباق صفقة الطائرات حيث اتهمت واشنطن بعدم احترامها لبنود المناقصة ،
وبعدم مطابقتها للقانون الدولي مما ادى لانسحاب المجموعة الأوروبية
للصناعات الجوية والدفاعية العملاقة إيدس من المنافسة ، مما وتر العلاقات
بين باريس وواشنطن دون اكتراث الأخيرة.
ويبقى السؤال هل ما أعددناه في مجال لغة المصالح هذه كافيا؟؟ وماذا يجب أن نعد إذا ما تكشفت هذه الحقيقة..؟؟
واسرائيل يعيد للأذهان موقف الولايات المتحدة أثناء العدوان الثلاثي على
مصر إثر تأميم قناة السويس عام 1956، حيث تلاقت المصالح الاستعمارية
الغربية (انجلترا وفرنسا) مع المصلحة الاسرائيلية، وفهم الدور الأمريكي
على غير حقيقته ، وعلى أنه مناوىء للحرب ولم ينظر في حينها بعمق للتهديد
السوفياتي، وأن الولايات المتحدة لا ترغب في المواجهة معها، ولم يخطر ببال
الساسة العرب بأن الموقف الامريكي له أبعاده، ولديه الكثير من الخطط
للهيمنة على العالم من خلال الحرب الباردة وسياسة الأحلاف، فاستبعد العرب
على أثرها مساندة الولايات المتحدة لاسرائيل في أي عدوان مرتقب، مما أدى
الى هزيمة 1967.
يمكن ان يكون الخلاف الحالي بين اسرائيل
والولايات المتحدة صحيحا، ولكن التفسير لهذا الخلاف بحاجة الى تدقيق وخاصة
إذا ما تعلق الأمر بالقضية الفلسطينية، ولهذا الاعتقاد مبرراته، فمنذ
البداية لم تخف الادارة الامريكية أولويات عملها ومشاغلها، وفي مقدمتها حل
الأزمة الإقتصادية وتحسين صورة الولايات في العالم وازالة الآثار السلبية
التي خلفها حكم بوش الابن ثم معالجة التهديد النووي الايراني ومعالجة
القضايا الداخلية وأخيرا النظر في مشكلة الشرق الأوسط،، وهذا ما ثبت على
أرض الواقع رغم المتغير في الخطاب الاعلامي الأمريكي.
لا شك أن
العلاقات الاسرائيلية الأمريكية قد تأثرت وتغيرت عن ماكانت عليه في
الماضي، وخاصة إذا ما أخذنا مرحلتين مفصليتين من هذه العلاقات كمثال هما
اتفاقية "الكنز السعيد" التي أنتجت قصف مفاعل العراق في تموز 1981 وحرب
اجتياح لبنان ضد قوات م. ت . ف، واحتلال أول عاصمة عربية وهي بيروت في
حزيران عام 1982والتي أدت الى خروج المقاتلين الفلسطينيين منها، ثم
اغتيالها القادة الفلسطينيين وقصفها لمكاتب م . ت. ف في تونس.
والمرحلة الثانية من العلاقات الوثيقة التي جاءت بعد أحداث الحادي عشر من
ايلول / سبتمبر 2001 واستغلها رئيس الوزراء الأسبق شارون وحكومته بتعزيز
العلاقة تحت عنوان ما يسمى " مكافحة الإرهاب" ، وفي ظل هذا الإستغلال
البشع للعلاقة نفذت القيادات الاسرائيلية جرائمها بحق الشعبين الفلسطيني
واللبناني، وقام جيشها بتنفيذ أكبر عملية عدوانية سميت "السور الواقي"
واجتاحت قواتها في المرحلة الاولى من العملية مدن وقرى ومخيمات الضفة
الغربية عام 2002 واستباحت كل المحرمات، وداست جنازير دباباتها كل
الاتفاقيات وقتلت وجرحت واعتقلت الآلاف من الشعب الفلسطيني وعلى رأسهم
الشهيد ياسر عرفات،. وما زالت المراحل الأخرى من السور الواقي مستمرة حتى
يومنا هذا، وهو ما أعلنه شارون للصحفيين آنذاك خلال زيارة قام بها لسوبر
ماركت في القدس من أجل تشجيع المنتجات الاسرائيلية حيث قال: "المرحلة
الحالية من العملية انتهت لكن مكافحة الارهاب ستستمر" واوضح "ان المكافحة
ستستمر بوسائل أخرى".
ثم جاءت حربها على جنوب لبنان في صيف 2006 ،
وعدوانها على قطاع غزة 2008 / 2009، ونتيجة لذلك وما ارتكبوه من جرائم حرب
بالأسلحة الأمريكية أدى الى ملاحقتهم كمجرمي حرب وأصبحوا مطلوبين للعدالة
القضائية أمام محكمة الجنايات الدولية، لكن القيادة الاسرائيلية لم تتوقف
عند هذا الحد وتمادت أكثر وأكثر، وهوما تقوم به حاليا من تصعيد لعدوانها
ومزيد من جرائمها من تهويد للقدس وهدم لأحيائها وبناء كنيس الخراب على
أنقاضها وضم الأماكن الدينية في بيت لحم والخليل وتشجيع قطعان المستوطنين
وتصعيد الإجراءات العقابية، وكل هذا يأتي في ظل العلاقة الحميمية مع
الإدارة الأمريكية ، وفي ظل تأكيد الإدارة الأمريكية الدائم بضمانها
وتكفلها بأمن اسرائيل، اسرائيل هذه المعتدية والمتمردة على قرارات الشرعية
الدولية فيما يتعلق بالقضية الفلسطينية.
إذن لا خلاف بينهما فيما
يتعلق بالقضية الفلسطينية، فالخلاف على، و فيما سعت القيادة الاسرائيلية
في الوصول اليه مع الإدارة الأمريكية وأقنعت المجتمع الأمريكي بخطر
مفاعلات ايران النووية وهولتها وحولتها الى أنها التهديد الحقيقي والخطر
المحتمل، ويجب ان تكون له الأولوية في الاهتمام والعلاج، ومن هنا بدأ
الاستغلال الفعلي لضعف الموقف الأمريكي في هذا المجال بالتحديد، لذلك نسمع
كل يوم تهديد ووعيد اسرائيلي بالعدوان ونشاهد المناورات وسيناريوهات الحرب
عبر وسائل الاعلام وفي مقدمتها ضد ايران، وهذا ما يقلق القيادة الأمريكية
ويضاعف مخاوفها على حياة جنودها ويهدد وجودها في العراق وأفغانستان
والباكستان، مما استوجب الزيارات وتحمل الاهانات للقادة الامريكان، وهو ما
يفسر صمت الولايات على هذه الإهانات وآخرها إهانة نائب الرئيس الامريكي
بايدن، وهنا تكمن الخلافات.
وتحاول الإدارة الأمريكية ولأسباب
معروفة الإيحاء بأن الخلافات مع اسرائيل حول الشرق الأوسط والقضية
الفلسطينية ، ولو أن ذلك صحيح لتولت الإدارة الأمريكية بنفسها (وهي الداعم
الإستراتيجي لاسرائيل) قيادة العملية السلمية وباجراءات بسيطة (التهديد
بوقف الدعم العسكري والمالي) تستطيع الزام اسرائيل بالحل وفقا لقرارات
الشرعية الدولية بدلا من إسناد هذه المهمة للرباعية الدولية التي تدعو،
وتشجب، وتشعر، وأخيرا تطلب من الفلسطينيين قبل ان تطلب من اسرائيل.
نقول
هذا حتى لا تكون قرائتنا خاطئة للموقف الأمريكي، وهذه لغة المصالح التي
يكثر الحديث عنها، فللولايات المتحدة مصالح وأولويات مع غيرنا، علما بأن
مصالحها مع العرب كثيرة ويمكن توظيفها، وفي مقدمة ذلك ان تدرك الولايات
المتحدة أن من حق العرب والفلسطينيين البحث عن مصالحهم أيضا كما تفعل هي
في بحثها عن علاقات مع آسيا دون الاعتبار لتأثير ذلك على علاقتها مع
أوروبا، وكما تفعل في بحثها عن مصالحها، وخير مثال على ذلك انسحاب اير باص
من سباق صفقة الطائرات حيث اتهمت واشنطن بعدم احترامها لبنود المناقصة ،
وبعدم مطابقتها للقانون الدولي مما ادى لانسحاب المجموعة الأوروبية
للصناعات الجوية والدفاعية العملاقة إيدس من المنافسة ، مما وتر العلاقات
بين باريس وواشنطن دون اكتراث الأخيرة.
ويبقى السؤال هل ما أعددناه في مجال لغة المصالح هذه كافيا؟؟ وماذا يجب أن نعد إذا ما تكشفت هذه الحقيقة..؟؟
الجمعة 19 أغسطس 2016, 2:15 am من طرف راهب الفكر
» تصريح الناطق الرسمي لجيش رجال الطريقة النقشبندية بصدد التهجير القسري للعراقيين
الجمعة 19 أغسطس 2016, 2:14 am من طرف راهب الفكر
» زيف المفترين في إعلان خلافة المسلمين
الجمعة 19 أغسطس 2016, 2:14 am من طرف راهب الفكر
» مبارزة شعرية .......
الجمعة 19 أغسطس 2016, 2:11 am من طرف راهب الفكر
» مقاومينا بغزة البواسل للشاعر عطا سليمان رموني
الجمعة 19 أغسطس 2016, 2:08 am من طرف راهب الفكر
» أتثائب... عبلة درويش
الأحد 24 أغسطس 2014, 1:54 pm من طرف راهب الفكر
» تصريح ولكن.... وما بعد الجدار/تغريد العزة
الأحد 24 أغسطس 2014, 1:54 pm من طرف راهب الفكر
» " منديلٌ لبسمات امرأة " لؤي ابو عكر
الأحد 24 أغسطس 2014, 1:53 pm من طرف راهب الفكر
» نقد الحزب المشكلات التنظيمية للحزب الشيوعي " سلامة كيلة (للتحميل)
الأحد 24 أغسطس 2014, 1:53 pm من طرف راهب الفكر
» تلخيص كتاب: تاريـخ فلسطين في أواخر العهد العثماني 1700 – 1918
الأحد 24 أغسطس 2014, 1:37 pm من طرف راهب الفكر