كل المؤشرات السكانية الصادرة من الكيان الصهيوني،
تعطي أرقاماً تبعث على التفاؤل في ما يخصّ الصراع الديموغرافي مع
الاحتلال. ولكن لهذه الأرقام المعلنة وجهاً آخر، يسعى إلى إبراز الخطر
الوجودي على الكيان، بحيث تبرر حكوماته وجيشه أي عمل ضد هذه الحقائق مهما
بلغ تطرفه.
أولاً. ألم نسأل أنفسنا: ما دام فلسطينيو 48 يشكّلون أكثر من 20%، لماذا لا يزيد
عدد
مقاعدهم في الكنيست عن 10%؟ بالطبع هناك عوامل سياسية مثل المقاطعة وتصويت
بعضهم للأحزاب الصهيونية بناء على المصالح المحلية الضيقة! لكن الحقيقة
الديموغرافية المؤثرة تقول إن عدداً كبيراً منهم، بسبب خصوصية مجتمع
فلسطينيي 48 الفتيّ، هم دون سن الاقتراع. بدليل أن نسبة الطلاب العرب في
فلسطين المحتلة، رغم سياسة التجهيل الصهيونية، زادت عن 24% من مجمل
الطلاب، ما يدلّ على أن الخطر القادم أعظم.
لكن الحقيقة الديموغرافية
المؤثرة تقول إن عدداً كبيراً منهم، بسبب خصوصية مجتمع فلسطينيي 48
الفتيّ، هم دون سن الاقتراع. بدليل أن نسبة الطلاب العرب في فلسطين
المحتلة، رغم سياسة التجهيل الصهيونية، زادت عن 24% من مجمل الطلاب، ما
يدلّ على أن الخطر القادم أعظم.
كذلك فإن هذا الرقم وهمي، حيث إنه
يضم فلسطينيي القدس، المقاطعين للانتخابات دائماً، وسوريي الجولان.
وبدونهم تنخفض نتيجة 20% إلى 17.1% فقط.
ثانياً:
تسعى السياسة الصهيونية إلى تثبيت نسبة اليهود فوق 80%، لذلك كانت الهجرة
الروسية في التسعينيات من القرن الماضي، هذه الهجرة واجهت عدة تحديات،
أهمها أن هذا المَعين بدأ ينضب في القرن الحادي والعشرين، فضلاً عن التحدي
الذي واجهته اندفاعتها بالهجرة المعاكسة التي ضمت أيضاً يهوداً روسيين لم
يأتوا بسبب «الحلم الصهيوني» ليستقرّوا في فلسطين المحتلة، بل جعلوها
ممراً إلى الولايات المتحدة والغرب. لذلك كان تأثير الهجرة الروسية
ضئيلاً، فنسبة الفلسطينيين التي كانت 16.5% في عام 2005، وهي السنة التي
تساوى فيها عدد الداخلين بعدد الخارجين، بلغت 17.1% في عام 2008.
بيد
أن التأثير الديموغرافي الأكبر للهجرة الروسية كان في السياسة الداخلية،
بحيث شكلوا اللوبي الأكثر قوة داخل الكيان، فشكلوا بأصوات ربع السكان ممن
يجهلون اللغة العبرية، قوة ضاغطة على سياسة هذا الكيان (هناك نسبة ملحوظة
منهم ليسوا يهوداً، ويجري العمل بقوة اللوبي على استخراج فتوى تجيز تحولهم
إلى اليهودية).
الأمر نفسه انسحب على قوة اليهود
الشرقيين (السفارديم)، فباتوا قوة لا يُستهان بها في الحزاب الرئيسية
الثلاثة، فضلاً عن أحزابهم الدينية القوية.
وأصبح
مؤسسو المشروع الصهيوني من اليهود الغربيين (الأشكيناز) أمام خطر خسارة
الكيان الذي يزعمون أنهم أسسوه في الوقت الذي كان يرزح السفارديم والروس
تحت أنظمة مضطهِدة، وأن وجود هذا الكيان انقذهم. ولم يستطيع الأشكيناز حتى
الآن الخروج من عنصريتهم الواضحة تجاههم، رغم أنهم على وشك خسارة حكم
الكيان لمصلحة «المضطَهدين».
ثالثاً: برز خطر
يؤثر على أسس ثقافة مجتمع الحرب وحكومات الجنرالات، فكما هو معروف عن
«إسرائيل» أنها جيشٌ له دولة، وليس دولة لها جيش.. فكان سكان الدولة كلهم
يؤدون الخدمة العسكرية. أما اليوم، فقد اختلف الأمر.
الإحصاءات
الأخيرة التي صدرت في نهاية شهر آب (أغسطس) المنصرم، بمناسبة افتتاح السنة
الدراسية أظهرت أن نسبة طلاب المدارس من جمهور اليهود الحريديم ازدادت في
السنوات التسع الأخيرة بنسبة 50%، من أقل من 15% في عام 2000، إلى أكثر من
21%.
إذا جمعنا نسبة الحريديم ونسبة فلسطينيي
48، سيتضح لنا أن أكثر من 45% من طلبة المدارس لن يخدموا في جيش الاحتلال،
وسيصل هذا الرقم في أقل من عشر سنوات إلى 50%، ما يعني أن الدولة التي
صنعت للجيش ستفقد أهم أسباب وجودها، وهم المجندون.
هذا
الخطر دقت ناقوسه قيادة جيش الاحتلال، في إحصائية أخرى أصدرتها في هذا
الصيف، جاء فيها أن الشبان الحريديم في سنّ التجنيد (18 سنة) ستصل بعد 10
سنوات إلى 25% من مجمل الشبان اليهود، ومن المعروف أن شبان الحريديم لا
يتجندون في الجيش لأسباب دينية.
وهنا السؤال
البُنيَوي المطروح في محاضن الفكر السياسي الصهيوني: إذا كان نصف
الإسرائيليين خارج مؤسسة الجيش (وهو نواة الدائرة الصهيونية)، فما هو
مستقبل هذا الكيان كفكرة ودولة وجيش؟
أما السؤال
المطروح في أوساط المجتمع العلماني الصهيوني فهو: نحن نخدم بالجيش، ونحمل
أثقال حماية الكيان، وندفع الضرائب، وتقصر الأم العلمانية ولاداتها على
اثنتين، وهم يستفيدون من التقديمات الاجتماعية والهبات التعليمية من أجل
أن تنجب الأم الحريدية بين 7 و8 ولادات؟ ومن هنا ظهر بقوة مصطلح جديد في
الأوساط الإسرائيلية هو «الحمار العلماني».
يمكننا،
ختاماً، أن نستعيد تصريحات تسيبي ليفني وغابي أشكينازي، منذ أقل من شهر،
حول ضرورة إيجاد سبيل للخدمة الإلزامية ولو بمؤسسات المجتمع المدني على
المستثنين –حتى الان- من الخدمة العسكرية.
تعطي أرقاماً تبعث على التفاؤل في ما يخصّ الصراع الديموغرافي مع
الاحتلال. ولكن لهذه الأرقام المعلنة وجهاً آخر، يسعى إلى إبراز الخطر
الوجودي على الكيان، بحيث تبرر حكوماته وجيشه أي عمل ضد هذه الحقائق مهما
بلغ تطرفه.
أولاً. ألم نسأل أنفسنا: ما دام فلسطينيو 48 يشكّلون أكثر من 20%، لماذا لا يزيد
عدد
مقاعدهم في الكنيست عن 10%؟ بالطبع هناك عوامل سياسية مثل المقاطعة وتصويت
بعضهم للأحزاب الصهيونية بناء على المصالح المحلية الضيقة! لكن الحقيقة
الديموغرافية المؤثرة تقول إن عدداً كبيراً منهم، بسبب خصوصية مجتمع
فلسطينيي 48 الفتيّ، هم دون سن الاقتراع. بدليل أن نسبة الطلاب العرب في
فلسطين المحتلة، رغم سياسة التجهيل الصهيونية، زادت عن 24% من مجمل
الطلاب، ما يدلّ على أن الخطر القادم أعظم.
لكن الحقيقة الديموغرافية
المؤثرة تقول إن عدداً كبيراً منهم، بسبب خصوصية مجتمع فلسطينيي 48
الفتيّ، هم دون سن الاقتراع. بدليل أن نسبة الطلاب العرب في فلسطين
المحتلة، رغم سياسة التجهيل الصهيونية، زادت عن 24% من مجمل الطلاب، ما
يدلّ على أن الخطر القادم أعظم.
كذلك فإن هذا الرقم وهمي، حيث إنه
يضم فلسطينيي القدس، المقاطعين للانتخابات دائماً، وسوريي الجولان.
وبدونهم تنخفض نتيجة 20% إلى 17.1% فقط.
ثانياً:
تسعى السياسة الصهيونية إلى تثبيت نسبة اليهود فوق 80%، لذلك كانت الهجرة
الروسية في التسعينيات من القرن الماضي، هذه الهجرة واجهت عدة تحديات،
أهمها أن هذا المَعين بدأ ينضب في القرن الحادي والعشرين، فضلاً عن التحدي
الذي واجهته اندفاعتها بالهجرة المعاكسة التي ضمت أيضاً يهوداً روسيين لم
يأتوا بسبب «الحلم الصهيوني» ليستقرّوا في فلسطين المحتلة، بل جعلوها
ممراً إلى الولايات المتحدة والغرب. لذلك كان تأثير الهجرة الروسية
ضئيلاً، فنسبة الفلسطينيين التي كانت 16.5% في عام 2005، وهي السنة التي
تساوى فيها عدد الداخلين بعدد الخارجين، بلغت 17.1% في عام 2008.
بيد
أن التأثير الديموغرافي الأكبر للهجرة الروسية كان في السياسة الداخلية،
بحيث شكلوا اللوبي الأكثر قوة داخل الكيان، فشكلوا بأصوات ربع السكان ممن
يجهلون اللغة العبرية، قوة ضاغطة على سياسة هذا الكيان (هناك نسبة ملحوظة
منهم ليسوا يهوداً، ويجري العمل بقوة اللوبي على استخراج فتوى تجيز تحولهم
إلى اليهودية).
الأمر نفسه انسحب على قوة اليهود
الشرقيين (السفارديم)، فباتوا قوة لا يُستهان بها في الحزاب الرئيسية
الثلاثة، فضلاً عن أحزابهم الدينية القوية.
وأصبح
مؤسسو المشروع الصهيوني من اليهود الغربيين (الأشكيناز) أمام خطر خسارة
الكيان الذي يزعمون أنهم أسسوه في الوقت الذي كان يرزح السفارديم والروس
تحت أنظمة مضطهِدة، وأن وجود هذا الكيان انقذهم. ولم يستطيع الأشكيناز حتى
الآن الخروج من عنصريتهم الواضحة تجاههم، رغم أنهم على وشك خسارة حكم
الكيان لمصلحة «المضطَهدين».
ثالثاً: برز خطر
يؤثر على أسس ثقافة مجتمع الحرب وحكومات الجنرالات، فكما هو معروف عن
«إسرائيل» أنها جيشٌ له دولة، وليس دولة لها جيش.. فكان سكان الدولة كلهم
يؤدون الخدمة العسكرية. أما اليوم، فقد اختلف الأمر.
الإحصاءات
الأخيرة التي صدرت في نهاية شهر آب (أغسطس) المنصرم، بمناسبة افتتاح السنة
الدراسية أظهرت أن نسبة طلاب المدارس من جمهور اليهود الحريديم ازدادت في
السنوات التسع الأخيرة بنسبة 50%، من أقل من 15% في عام 2000، إلى أكثر من
21%.
إذا جمعنا نسبة الحريديم ونسبة فلسطينيي
48، سيتضح لنا أن أكثر من 45% من طلبة المدارس لن يخدموا في جيش الاحتلال،
وسيصل هذا الرقم في أقل من عشر سنوات إلى 50%، ما يعني أن الدولة التي
صنعت للجيش ستفقد أهم أسباب وجودها، وهم المجندون.
هذا
الخطر دقت ناقوسه قيادة جيش الاحتلال، في إحصائية أخرى أصدرتها في هذا
الصيف، جاء فيها أن الشبان الحريديم في سنّ التجنيد (18 سنة) ستصل بعد 10
سنوات إلى 25% من مجمل الشبان اليهود، ومن المعروف أن شبان الحريديم لا
يتجندون في الجيش لأسباب دينية.
وهنا السؤال
البُنيَوي المطروح في محاضن الفكر السياسي الصهيوني: إذا كان نصف
الإسرائيليين خارج مؤسسة الجيش (وهو نواة الدائرة الصهيونية)، فما هو
مستقبل هذا الكيان كفكرة ودولة وجيش؟
أما السؤال
المطروح في أوساط المجتمع العلماني الصهيوني فهو: نحن نخدم بالجيش، ونحمل
أثقال حماية الكيان، وندفع الضرائب، وتقصر الأم العلمانية ولاداتها على
اثنتين، وهم يستفيدون من التقديمات الاجتماعية والهبات التعليمية من أجل
أن تنجب الأم الحريدية بين 7 و8 ولادات؟ ومن هنا ظهر بقوة مصطلح جديد في
الأوساط الإسرائيلية هو «الحمار العلماني».
يمكننا،
ختاماً، أن نستعيد تصريحات تسيبي ليفني وغابي أشكينازي، منذ أقل من شهر،
حول ضرورة إيجاد سبيل للخدمة الإلزامية ولو بمؤسسات المجتمع المدني على
المستثنين –حتى الان- من الخدمة العسكرية.
الجمعة 19 أغسطس 2016, 2:15 am من طرف راهب الفكر
» تصريح الناطق الرسمي لجيش رجال الطريقة النقشبندية بصدد التهجير القسري للعراقيين
الجمعة 19 أغسطس 2016, 2:14 am من طرف راهب الفكر
» زيف المفترين في إعلان خلافة المسلمين
الجمعة 19 أغسطس 2016, 2:14 am من طرف راهب الفكر
» مبارزة شعرية .......
الجمعة 19 أغسطس 2016, 2:11 am من طرف راهب الفكر
» مقاومينا بغزة البواسل للشاعر عطا سليمان رموني
الجمعة 19 أغسطس 2016, 2:08 am من طرف راهب الفكر
» أتثائب... عبلة درويش
الأحد 24 أغسطس 2014, 1:54 pm من طرف راهب الفكر
» تصريح ولكن.... وما بعد الجدار/تغريد العزة
الأحد 24 أغسطس 2014, 1:54 pm من طرف راهب الفكر
» " منديلٌ لبسمات امرأة " لؤي ابو عكر
الأحد 24 أغسطس 2014, 1:53 pm من طرف راهب الفكر
» نقد الحزب المشكلات التنظيمية للحزب الشيوعي " سلامة كيلة (للتحميل)
الأحد 24 أغسطس 2014, 1:53 pm من طرف راهب الفكر
» تلخيص كتاب: تاريـخ فلسطين في أواخر العهد العثماني 1700 – 1918
الأحد 24 أغسطس 2014, 1:37 pm من طرف راهب الفكر