مس بالردع -هآرتس
بقلم: رؤوبين بدهتسور
(المضمون: توزيع الأقنعة الواقعة على مواطني اسرائيل مس بردع اسرائيل وكلفة مالية باهظة يتحملها دافع الضرائب الاسرائيلي - المصدر).
أضاعوا في جهاز الأمن فرصة التخلي من السياسة المخطوءة لحماية الجبهة الداخلية، التي كان بدؤها عشية حرب الخليج الاولى، وتبني توجه أشد اختلافا ومنطقا. في تشرين الاول 1999، عشية الهجوم الامريكي على العراق، قررت لجنة وزارية خاصة أن توزع على جميع سكان الدولة أقنعة واقية. كان القرار نتيجة حلقة مفرغة، أولها طائفة التخويف التي أنشأها مسؤولو جهاز الأمن الكبار بتشجيع وزير الخارجية الحثيث، دافيد ليفي. استعمل الجمهور المذعور ردا على ذلك ضغطا أفضى الى قرار التوزيع الذي كان يرمي الى طمأنته.
كان ذلك خطأ، لأن التلميح الذي أرسل الى صدام حسين كان أن اسرائيل تتخلى من أحد العناصر الرئيسة للتصور الأمني ألا وهو الردع.
برغم وجود سلاح كيماوي عند سورية ومصر منذ السبعينيات، استقر الرأي، وبحق كبير على عدم توزيع أقنعة على المواطنين وتأسيس السياسة في مواجهة هذا التهديد على صدق الردع الاسرائيلي. وقد نجح الردع. فحتى عندما دفع جيشا مصر وسورية الى أوضاع شديدة جدا في حرب يوم الغفران، امتنع زعيماهما من استعمال سلاح كيماوي خوف رد اسرائيل شديد. وكان من الخطأ أن يسلك صدام حسين سلوكا مختلفا قبل عقدين.
وزعت الأقنعة الواقية، وخاف صدام حسين كالمتوقع استعمال صواريخه الكيماوية، لكن الردع الاسرائيلي تضرر. عندما أبق ختن صدام حسين، الجنرال علي الى الأردن، سئل لماذا لم يستعمل العراقيون صواريخهم الكيماوية على اسرائيل. أجاب الضابط الذي كان مسؤولا عن السلاح الكيماوي في العراق: خفنا ردا ذريا اسرائيليا. لكن الدرس لم يتعلم، وفي 2003 عشية غزو امريكا للعراق، أمر الجيش الاسرائيلي سكان الدولة بفتح الأقنعة والاستعداد لهجوم كيماوي وكان ذلك عملا كلف دافع الضرائب مليار شيكل.
قبل نحو من ثلاث سنين استقر الرأي على جمع الأقنعة من بيوت السكان لتجديدها. كانت تلك فرصة لتبني سياسة مختلفة وللعودة الى تأسيس الاستعداد لمواجهة التهديد الكيماوي على الردع. لكن استقر الرأي بدل ذلك على توزيع أقنعة واقية مرة أخرى على المواطنين كافة. وذلك برغم أن عملية التوزيع لن تستمر ثلاث سنين فحسب وتكون كلفتها أكثر من مليار شيكل – بل إنه لا يوجد أي منطق في القرار، لأن التهديد الكيماوي ذا الصلة مصدره صواريخ سورية، وربما الصواريخ التي يملكها حزب الله في المستقبل أيضا. تدل التجربة على أن الردع الاسرائيلي لسورية يعطي جوابا مناسبا، ومن المشكوك فيه كثيرا ان يجرؤ السوريون على استعمال سلاح كيماوي عالمين بأن رد اسرائيل سيجبي منهم ثمنا باهظا.
سيعمل الردع كالمتوقع ايضا مع حزب الله، في حالة ملكت المنظمة سلاحا كيماويا. فالمنظمة تدرك أن رد اسرائيل على استعمال السلاح الكيماوي سيكون هدم البنى التحتية في لبنان كلها، واصابة أهداف استراتيجية في أنحاء الدولة لا تلك التي تتصل بالمنظمة نفسها. على خلفية أهداف حزب الله واندماجه في الجهاز السياسي اللبناني، لا يستطيع نصر الله ان يسمح لنفسه بأن يكون سببا الى هدم لبنان. قد تستعمل المنظمة صواريخ ذات رؤوس تقليدية لكن الأقنعة لا تستطيع ان تجدي أصلا في مواجهتها.
إن وجود الأقنعة أصلا في البيوت لن يجدي اذا هوجمت الجبهة الداخلية بغتة. لأن كل من يوجد خارج بيته لن يستطيع العودة اليه ليضع القناع. زمن طيران الصواريخ من لبنان الى شمالي الدولة قصير جدا، ولا يمكن أن نفترض أن كل اسرائيلي سيجول منذ الآن فصاعدا طول السنة وطول الوقت مع قناع واق في يده.
وعلى ذلك، كان من المناسب خزن الأقنعة في مستودع مركزي وتوزيعها على السكان اذا تغير الوضع فقط في المنطقة تغيرا حاسما وأصبح واضحا أن الردع لم يعد يقدم جوابا. ليس هذا هو الوضع الان ويبدو أنه لن يتغير في المستقبل القريب أيضا. وهذا صحيح أيضا في حالة ايران التي يشك في أن يخاطر قادتها برد اسرائيل ساحق. لكن عندما لا يكون الساسة مستعدين للكشف عن مسؤولية وشجاعة مدنية ويفضلون اتخاذ قرارات غوغائية، فماذا تكون بضعة مليارات والمس بصدق الردع؟ وفوق ذلك ماذا ستفعل قيادة الجبهة الداخلية اذا لم تستطع أن تراقب وتدير عملية توزيع الأقنعة الواقية.
بقلم: رؤوبين بدهتسور
(المضمون: توزيع الأقنعة الواقعة على مواطني اسرائيل مس بردع اسرائيل وكلفة مالية باهظة يتحملها دافع الضرائب الاسرائيلي - المصدر).
أضاعوا في جهاز الأمن فرصة التخلي من السياسة المخطوءة لحماية الجبهة الداخلية، التي كان بدؤها عشية حرب الخليج الاولى، وتبني توجه أشد اختلافا ومنطقا. في تشرين الاول 1999، عشية الهجوم الامريكي على العراق، قررت لجنة وزارية خاصة أن توزع على جميع سكان الدولة أقنعة واقية. كان القرار نتيجة حلقة مفرغة، أولها طائفة التخويف التي أنشأها مسؤولو جهاز الأمن الكبار بتشجيع وزير الخارجية الحثيث، دافيد ليفي. استعمل الجمهور المذعور ردا على ذلك ضغطا أفضى الى قرار التوزيع الذي كان يرمي الى طمأنته.
كان ذلك خطأ، لأن التلميح الذي أرسل الى صدام حسين كان أن اسرائيل تتخلى من أحد العناصر الرئيسة للتصور الأمني ألا وهو الردع.
برغم وجود سلاح كيماوي عند سورية ومصر منذ السبعينيات، استقر الرأي، وبحق كبير على عدم توزيع أقنعة على المواطنين وتأسيس السياسة في مواجهة هذا التهديد على صدق الردع الاسرائيلي. وقد نجح الردع. فحتى عندما دفع جيشا مصر وسورية الى أوضاع شديدة جدا في حرب يوم الغفران، امتنع زعيماهما من استعمال سلاح كيماوي خوف رد اسرائيل شديد. وكان من الخطأ أن يسلك صدام حسين سلوكا مختلفا قبل عقدين.
وزعت الأقنعة الواقية، وخاف صدام حسين كالمتوقع استعمال صواريخه الكيماوية، لكن الردع الاسرائيلي تضرر. عندما أبق ختن صدام حسين، الجنرال علي الى الأردن، سئل لماذا لم يستعمل العراقيون صواريخهم الكيماوية على اسرائيل. أجاب الضابط الذي كان مسؤولا عن السلاح الكيماوي في العراق: خفنا ردا ذريا اسرائيليا. لكن الدرس لم يتعلم، وفي 2003 عشية غزو امريكا للعراق، أمر الجيش الاسرائيلي سكان الدولة بفتح الأقنعة والاستعداد لهجوم كيماوي وكان ذلك عملا كلف دافع الضرائب مليار شيكل.
قبل نحو من ثلاث سنين استقر الرأي على جمع الأقنعة من بيوت السكان لتجديدها. كانت تلك فرصة لتبني سياسة مختلفة وللعودة الى تأسيس الاستعداد لمواجهة التهديد الكيماوي على الردع. لكن استقر الرأي بدل ذلك على توزيع أقنعة واقية مرة أخرى على المواطنين كافة. وذلك برغم أن عملية التوزيع لن تستمر ثلاث سنين فحسب وتكون كلفتها أكثر من مليار شيكل – بل إنه لا يوجد أي منطق في القرار، لأن التهديد الكيماوي ذا الصلة مصدره صواريخ سورية، وربما الصواريخ التي يملكها حزب الله في المستقبل أيضا. تدل التجربة على أن الردع الاسرائيلي لسورية يعطي جوابا مناسبا، ومن المشكوك فيه كثيرا ان يجرؤ السوريون على استعمال سلاح كيماوي عالمين بأن رد اسرائيل سيجبي منهم ثمنا باهظا.
سيعمل الردع كالمتوقع ايضا مع حزب الله، في حالة ملكت المنظمة سلاحا كيماويا. فالمنظمة تدرك أن رد اسرائيل على استعمال السلاح الكيماوي سيكون هدم البنى التحتية في لبنان كلها، واصابة أهداف استراتيجية في أنحاء الدولة لا تلك التي تتصل بالمنظمة نفسها. على خلفية أهداف حزب الله واندماجه في الجهاز السياسي اللبناني، لا يستطيع نصر الله ان يسمح لنفسه بأن يكون سببا الى هدم لبنان. قد تستعمل المنظمة صواريخ ذات رؤوس تقليدية لكن الأقنعة لا تستطيع ان تجدي أصلا في مواجهتها.
إن وجود الأقنعة أصلا في البيوت لن يجدي اذا هوجمت الجبهة الداخلية بغتة. لأن كل من يوجد خارج بيته لن يستطيع العودة اليه ليضع القناع. زمن طيران الصواريخ من لبنان الى شمالي الدولة قصير جدا، ولا يمكن أن نفترض أن كل اسرائيلي سيجول منذ الآن فصاعدا طول السنة وطول الوقت مع قناع واق في يده.
وعلى ذلك، كان من المناسب خزن الأقنعة في مستودع مركزي وتوزيعها على السكان اذا تغير الوضع فقط في المنطقة تغيرا حاسما وأصبح واضحا أن الردع لم يعد يقدم جوابا. ليس هذا هو الوضع الان ويبدو أنه لن يتغير في المستقبل القريب أيضا. وهذا صحيح أيضا في حالة ايران التي يشك في أن يخاطر قادتها برد اسرائيل ساحق. لكن عندما لا يكون الساسة مستعدين للكشف عن مسؤولية وشجاعة مدنية ويفضلون اتخاذ قرارات غوغائية، فماذا تكون بضعة مليارات والمس بصدق الردع؟ وفوق ذلك ماذا ستفعل قيادة الجبهة الداخلية اذا لم تستطع أن تراقب وتدير عملية توزيع الأقنعة الواقية.
الجمعة 19 أغسطس 2016, 2:15 am من طرف راهب الفكر
» تصريح الناطق الرسمي لجيش رجال الطريقة النقشبندية بصدد التهجير القسري للعراقيين
الجمعة 19 أغسطس 2016, 2:14 am من طرف راهب الفكر
» زيف المفترين في إعلان خلافة المسلمين
الجمعة 19 أغسطس 2016, 2:14 am من طرف راهب الفكر
» مبارزة شعرية .......
الجمعة 19 أغسطس 2016, 2:11 am من طرف راهب الفكر
» مقاومينا بغزة البواسل للشاعر عطا سليمان رموني
الجمعة 19 أغسطس 2016, 2:08 am من طرف راهب الفكر
» أتثائب... عبلة درويش
الأحد 24 أغسطس 2014, 1:54 pm من طرف راهب الفكر
» تصريح ولكن.... وما بعد الجدار/تغريد العزة
الأحد 24 أغسطس 2014, 1:54 pm من طرف راهب الفكر
» " منديلٌ لبسمات امرأة " لؤي ابو عكر
الأحد 24 أغسطس 2014, 1:53 pm من طرف راهب الفكر
» نقد الحزب المشكلات التنظيمية للحزب الشيوعي " سلامة كيلة (للتحميل)
الأحد 24 أغسطس 2014, 1:53 pm من طرف راهب الفكر
» تلخيص كتاب: تاريـخ فلسطين في أواخر العهد العثماني 1700 – 1918
الأحد 24 أغسطس 2014, 1:37 pm من طرف راهب الفكر