ملتقى أجراس العودة

مرحباً بك عزيزي الزائر في ملتقى أجراس العودة ، اذا لم يكن لديك حساب بعد نتشرف بدعوتك لإنشائه

انضم إلى المنتدى ، فالأمر سريع وسهل

ملتقى أجراس العودة

مرحباً بك عزيزي الزائر في ملتقى أجراس العودة ، اذا لم يكن لديك حساب بعد نتشرف بدعوتك لإنشائه

ملتقى أجراس العودة

هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.
ملتقى أجراس العودة

سياسي، ثقافي ، اجتماعي، إخباري


    من مذكّرات مثقّف عربي !

    ذكرى
    ذكرى
    مشرف مجلة اجراس العودة الثقافية مكتبة اجراس العودة الثقافية


    انثى الثور نقاط : 115
    السٌّمعَة : 3
    تاريخ التسجيل : 26/02/2009

    من مذكّرات مثقّف عربي ! Empty من مذكّرات مثقّف عربي !

    مُساهمة من طرف ذكرى الخميس 29 أبريل 2010, 11:22 pm

    من مذكّرات مثقّف عربي !




    (1)


    1.أيلولْ ، صباحاً

    خمسونَ عاماً مضتْ، واليوم أيقظتني زوجتي وقد أردفت للعبارةِ اليوميّة المعتادة "صباح الخير" عبارةً سنويّة أخرى لطالما انتابني شعورٌ بالأهميّة وعلوّ الشأن كلّما قالتها لي كل عام وفي مطلع أيلول . " كل عام أنتَ بخير" ، هكذا قالتها لي اليوم دون أن أشعرَ بشيءٍ محدّد، ودونْ أن أعبّر عن فرحي المجّاني بكلتا العبارتين ، ودون أن أردّ على أيٍّ منهما،حدّقتُ في وجههاوأنا أفكّرُ في صدى العبارة " كل عام أنت بخير" وما الذي يمكنُ أن تعنيه !
    كل عام أنت بخيرقد تعني أنّ هناكَ أعواماً أخرى مضت وكنتُ فيها بخير، وكل عام أنت بخير تعني أنني مازلتُ بخير! وتعني أيضاً أن هناك أعواماً أخرى ستمضي- بإذن الله -وسأكون فيها بخير، وعندما تنبهتُ إلى أنني لم أبادلها الردّ على العبارتين ، كانت قد ذهبت.
    ذكرى
    ذكرى
    مشرف مجلة اجراس العودة الثقافية مكتبة اجراس العودة الثقافية


    انثى الثور نقاط : 115
    السٌّمعَة : 3
    تاريخ التسجيل : 26/02/2009

    من مذكّرات مثقّف عربي ! Empty رد: من مذكّرات مثقّف عربي !

    مُساهمة من طرف ذكرى الخميس 29 أبريل 2010, 11:23 pm

    (2)


    1. أيلول ، مساءً


    لا أنكرُ يوماً بأنني لم أجرّب اقتناء دفتر مذكّراتٍ صغير، أكتبُ فيه ما حدث معي وما أردتُ أن يحدث ، أزوّرُ فيهِ الحقائق المرّة وأستعيدُ بناء أحلامي الورقيّة بين صفحاتهِ ، متفلسفاً ومنظّراً و معلّقاً على ما جرى ويجري دائماً رغماً عنّا دون أن نملكَ من الفعلِ شيئاً سوى التعليقِ والتعقيد ومن ثمّ التبسيط والتفكيكِ لوضع لمسات السخرية
    الأخيرة .
    أجل، لا أنكرُ يوماً أنني أحببتُ أن أقتني دفتراً كهذا لأطول فترةٍ ممكنة ، لكنني كثيراً ما تكاسلتُ عن تدوين ما حصل معي لأسبابٍ كثيرة ، أوّلها هو أنني أدركُ تماماً أن ما أكتبهُ لن يكون أكثر من مجرّد " خربشات" لا أحد سيرغبُ يوماً في أن يضيع وقته في قراءتها، كما أنني لم أكن متفرّغاً تماماً لأشياء كهذهِ ، فالعملُ و الزوجةُ والأولاد وأنا في مقتبل العمر ،وهذا يعني أنني أحبُّ أن أتفلسفَ مع الآخرين لا مع نفسي، وأحبُّ الجدلّ البيزنطيَّ مع زوجتي و أصدقائي لا مع أوراقي ، وأحبُّ أن أثرثرَ كثيراً في أقلّ وقتٍ ممكن وأسهل طريقةٍ ممكنة ، وكتابةُ المذكّرات تحتاجُ من الوقت الكثير ومن الجهد أكثر...وهي في النهاية تظلُّ "خربشات" وهلوسات لا أحد يهتمُّ بها سواي !
    اليوم، أشعرُ بمللٍ يكتسحني، فأنا جربّتُ كلَّ شيء ، ومللتُ من كلّ شيء ، وتأكدتُ تماماً أن زوجتي لم تعد تريدُ أن تسمع آرائي السياسية ولا تعليقاتي اللاذعة -قبل وخلال وبعد نشراتِ الأخبار- بعد اليوم، ولم تعد تريدني أن أقرأ بقدر ما تريدني أن أخرجَ معها للزيارات الاجتماعية أو إلى نزهةٍ ما ، ولم تعد تريدُ ان تجادلني في موقفي من حزب كذا ومن حركة كذا بقدر ما تريد أن تجادلني في موقفي من زوج فلانة وزوجة فلان ، ولم تعد تريد أن تضرمَ النار في نقاش سياسيّ حار بقدر ما تريد أن تشعلني غضباً من أجل نقاشٍ عائلي تافه بسبب المصروف والراتب والحاجيّات المنزلية ومن سيقوم بشرائها ...!
    هي زوجتي ذاتها التي تزوّجتها لأنها-في منظوري الشخصي- تنتمي بجدارةٍ لفئةِ المثقّفين ! فقد كانت تهتمُّ بالسياسة ، وكانت تبدي آرائها دون تخوّفٍ أوتردد، وتشاركني قراءة الصحف، وتذكّرني بمواعيدِ الندوات والمحاضرات والأمسيات الشعرية كي لا نفوّتها معاً، وتدّخرُ نصف راتبها لتبتاع الكتب بأنواعها ،ولا تقبل أن تعيرني إياها إلا بعد انتهائها أولاً من قراءتها ...!
    زوجتي اليوم أدركت شيئاً لا تريدُ أن تبوح به ، لكنني أستطيع قراءته من تصرّفاتها، فقد اعتزلت شقاء الحياة منذ مدّة ، وأكاد أجزم أنّها تناشدني الاعتزال !
    يا زوجتي القديمة الجديدة ، والتي تغطُّ الآن في نومٍ عميق ، ها أنا قرّرتُ أن أعتزل الكلام ، وأبدأ مهنةً جديدةً في تدوينِ مذكّراتٍ قد لا تعني شيئاً لأحدْ بقدر ما ستعنيه لي...

      الوقت/التاريخ الآن هو الأربعاء 27 نوفمبر 2024, 2:22 am