يزداد بشكل متعاظم قلق المفكرين والمحللين في إسرائيل من التطورات المتسارعة سواء في المخاطر أو في الأحداث الدولية الهامة. ويخلط كثيرون بين التدهور الاقتصادي وتزايد المخاطر الأمنية وتعمق الخلاف بين الشمال والجنوب وبين الثقافات وينظرون بقلق إلى الأزمة في العلاقات بين إدارة أوباما وحكومة نتنياهو. ولا يخفي بعضهم خشيته من أن العجز عن إعادة ضبط الأمور لا يعرّض للخطر الحضور اليهودي في القدس وإنما أيضا في تل أبيب.
وتتناسب هذه المخاوف مع تزامن الخلاف الأميركي مع إسرائيل حول التسوية السياسية مع خلاف بات يظهر أيضاً حول السلاح النووي. ورغم الاستهانة التي أظهرها كثيرون بالتصريحات التي أطلقتها وزيرة الخارجية الأميركية هيلاري كلينتون حول تأييد إدارتها تجريد الشرق الأوسط من السلاح النووي فإن رد الفعل في إسرائيل كان مخالفاً. إذ زاد هذا التصريح من شدة القلق خصوصاً بعد أن تبين أن الوكالة الدولية للطاقة النووية أدرجت الأمر على جدول أعمالها خصوصاً بعد صدور موقف بهذا الشأن من الدول الخمس الدائمة العضوية في مجلس الأمن الدولي.
وتقرأ إسرائيل كل دعوة لتجريد الشرق الأوسط من السلاح النووي بأنها دعوة موجّهة تحديداً لها لأنها الدولة الوحيدة التي تمتلك هذا السلاح. ومعلوم أن إسرائيل في ظل تفاهم مسبق مع الإدارة الأميركية حول ما يعرف بسياسة الغموض النووي طورت «عقيدة بيغن»، والتي تقضي بمنع أية دولة أخرى في المنطقة من امتلاك سلاح نووي ولو بالقوة.
وقد أشار المراسل السياسي لـ«يديعوت أحرنوت» شمعون شيفر إلى أن «وزير الدفاع ايهود باراك الذي عاد منذ وقت غير بعيد من زيارة الى واشنطن، يطلق صافرات التهدئة. وحسب أقواله، فإن ادارة اوباما لن تنضم في المستقبل المنظور الى مبادرات تجبر اسرائيل على فتح منشآتها النووية امام الرقابة الدولية. ولكني ما كنت لاعتمد فقط على ما سمعه باراك في الولايات المتحدة. في ضوء التأخيرات والفشل في الإدارة الاميركية للوصول الى اتفاق دولي حول العقوبات التي تفرض على ايران، فانه يمكن الاستنتاج بان الولايات المتحدة ستسلم في نهاية المطاف بوجود سلاح نووي لدى ايران».
غير أن كتابا إسرائيليين شغلوا في الماضي مناصب رفيعة, مثل مستشار شارون, دوف فايسغلاس يشيرون مع ذلك إلى وجوب الامتناع عن استفزاز أميركا. وكتب في «يديعوت أحرنوت» أيضاً أن «الادارة الاميركية تكاد تخرج عن طورها في محاولاتها إرضاء العالم الاسلامي والعربي... وهي تعيد النظر في السياسة النووية العسكرية الاميركية، ... كما تعيد النظر ايضا في الترتيبات الامنية الاميركية حيال روسيا». ويرى أن «إدارة كهذه لا تجب «إثارة اعصابها» لغير حاجة حيوية. وما أن ظهر أن الإدارة قد تتصدّى في المستقبل القريب لمسائل أساس لأمن إسرائيل ـ مثل مسألة استمرار وجود الغموض النووي ـ فإنه لا ينبغي استفزازها حتى ولا من أجل مواضيع الاستيطان».
ويذهب فايسغلاس إلى حد القول بأن «الاهتمام الذي شرعت بإبدائه ادارة اوباما نحو شرق اوسط «نظيف» من النووي فرض على حكومة اسرائيل واجباً أعلى لضمان ادارة عاطفة ومراعية، قدر الإمكان. شرق أوسط «نظيف» يقلق قليلا الدول العربية، لأن وجودها لا يتعرض للخطر. ولا ينبغي له أن يقلق ايران التي تستخفّ بالادارة الحالية، ولكن ينبغي أن يقلق جداً إسرائيل التي «غموض» مكانتها النووية هو من أهم عناصر قدرتها على ردع الساعين للقضاء عليها وشرطاً أساساً لأمنها في منطقة مليئة بالإشكالات».
وما يثير القلق في إسرائيل على وجه الخصوص أيضاً أن من يدير الحملة اليوم ضد السلاح النووي الإسرائيلي ليست سوى مصر التي كان ينظر إليها وكأنها حجر الزاوية في المحور العربي المعتدل المناهض لإيران. ويبدو أن مصر بموقفها في المؤتمر النووي الدولي وفي الوكالة الدولية للطاقة النووية تشير بوضوح إلى أن رؤيتها للخطر الإيراني المحتمل لا يعميها عن رؤية الخطر الإسرائيلي القائم. وفي ذلك تحوّل هام على الصعيد الاستراتيجي في المنطقة لأنه يغيّر من طبيعة الاصطفافات القائمة ويحدد سقف التحالفات الراهنة.
يؤكد محللون سياسيون في إسرائيل أن حكومة نتنياهو مقتنعة بأن الادارة الاميركية الحالية ستتمسك بتفاهمات كل الإدارات السابقة منذ 1969 مع الحكومات الاسرائيلية, وبحسبها لن تضغط الولايات المتحدة على اسرائيل كي تنضم الى ميثاق منع نشر السلاح النووي. وبحسب ما كان معروفاً فإن الولايات المتحدة تغطي على المشروع النووي الإسرائيلي شرط بقائه خارج العلنية وإلى أن ينشأ سلام بين الدولة العبرية وآخر أعدائها العرب في المنطقة.
والواقع أن الآراء تتضارب في إسرائيل حول ما ينبغي فعله بهذا الشأن في ظل التصريحات الجديدة. صحيح أن هناك من يظن أنها مجرد تصريحات دورية عابرة ولا ينبغي استخلاص نتائج بعيدة المدى منها, ولكن هناك من يرى الصورة معاكسة. والأخيرون يعتقدون أن تغييرات جوهرية قد طرأت على العالم، ولذلك ينبغي لإسرائيل أن تصوغ سياسة نووية جديدة. وعلى سبيل المثال فإن «هآرتس» كرست الأسبوع الفائت افتتاحيتها لهذا الشأن وطالبت بأن «تتبنى إسرائيل سياسة جديدة، لا تصل حتى التجريد المطلق والفوري، ولكن توافق ايضاً على تجميد نشاطات جديدة».
كما أن الباحث في الشؤون الاستراتيجية روبين بدهتسور الذي رأى أنه «لأول مرة منذ 1969 من شأن اسرائيل أن تقف أمام ضغط اميركي موجّه نحو سياستها في الغموض النووي» طالب حكومة نتنياهو بقراءة الواقع من جديد. وأشار إلى أن أوباما خلافاً لسلفه كلينتون لم يطلب من مصر هذه المرة وضع مبادرتها النووية في الأدراج. بل أنه «خلافاً لكلينتون، اختار اوباما الحوار مع مصر، بل ان الادارة الاميركية وافقت على تعيين مبعوث خاص ينسق إعداداً لمؤتمر دولي يُعنى بتقدم فكرة شرق اوسط نظيف من السلاح النووي».
وأوضح بدهتسور أن الأمور تتجه إلى نهاية سياسة الغموض النووي الإسرائيلي مما يستدعي العمل على المقايضة والسعي لربط ذلك بتسوية مع الفلسطينيين وليس للربط بين النووي الإيراني والنووي الإسرائيلي.
الجمعة 19 أغسطس 2016, 2:15 am من طرف راهب الفكر
» تصريح الناطق الرسمي لجيش رجال الطريقة النقشبندية بصدد التهجير القسري للعراقيين
الجمعة 19 أغسطس 2016, 2:14 am من طرف راهب الفكر
» زيف المفترين في إعلان خلافة المسلمين
الجمعة 19 أغسطس 2016, 2:14 am من طرف راهب الفكر
» مبارزة شعرية .......
الجمعة 19 أغسطس 2016, 2:11 am من طرف راهب الفكر
» مقاومينا بغزة البواسل للشاعر عطا سليمان رموني
الجمعة 19 أغسطس 2016, 2:08 am من طرف راهب الفكر
» أتثائب... عبلة درويش
الأحد 24 أغسطس 2014, 1:54 pm من طرف راهب الفكر
» تصريح ولكن.... وما بعد الجدار/تغريد العزة
الأحد 24 أغسطس 2014, 1:54 pm من طرف راهب الفكر
» " منديلٌ لبسمات امرأة " لؤي ابو عكر
الأحد 24 أغسطس 2014, 1:53 pm من طرف راهب الفكر
» نقد الحزب المشكلات التنظيمية للحزب الشيوعي " سلامة كيلة (للتحميل)
الأحد 24 أغسطس 2014, 1:53 pm من طرف راهب الفكر
» تلخيص كتاب: تاريـخ فلسطين في أواخر العهد العثماني 1700 – 1918
الأحد 24 أغسطس 2014, 1:37 pm من طرف راهب الفكر