حققت الدبلوماسية الرسمية الإسرائيلية في الآونة الأخيرة بعض الإنجازات المهمة على الصعيد الدولي، من أبرزها دعوتها للانضمام إلى منظمة التعاون والتنمية الاقتصادية 'او أي سي دي'، من قبل السفراء الممثلين لدولهم في المنظمة، التي تضم 31 دولة هي: الولايات المتحدة الأمريكية، وبريطانيا، وفرنسا، وألمانيا، وإيطاليا، وبلجيكا، والدنمرك، واليونان، وأيسلندا، وبولندا، والنمسا، والتشيك، وفنلندا، وهنغاريا، وايرلندا، ولوكسمبورغ، وهولندا، والنرويج، والبرتغال، وإسبانيا، وسويسرا، وسلوفاكيا، والسويد، وتشيلي، وأستراليا، ونيوزلندا، وكوريا الجنوبية، والمكسيك، وكندا، واليابان، وتركيا. ويأتي هذا الإنجاز بعد محاولات إسرائيلية محمومة دامت 15 عاماً للدخول في المنظمة.
وستستفيد إسرائيل من عضويتها في المنظمة اقتصاديا، عبر مشاركتها في بناء هيكل جديد لإدارة الشؤون الاقتصادية الدولية، حيث تعد المنظمة منتدى للبلدان الأعضاء فيها لتعزيز أدائها السياساتي من خلال، تبادل التجارب والخبرات بين البلدان الأعضاء، والبحث عن حلول للتحديات المشتركة، ومراقبة السياسات الاقتصادية الكلية والهيكلية من خلال المسوحات الاقتصادية. كما ستستفيد إسرائيل من قواعد البيانات الإحصائية ومنشورات منظمة التعاون والتنمية، ما سيسمح لصناع القرار والباحثين والشركات على تقييم أداء بلادهم، وستحصل على خبرة المنظمة في مجال البحوث والتحليلات بشأن طائفة واسعة من القضايا. من ناحية أخرى ستستفيد إسرائيل ماليا من عضويتها في المنظمة، حيث سيسمح ذلك باستثمار مليارات الدولارات في سوق الأوراق المالية في تل أبيب، ما سيرفع أسعارها.
وقد جاء قبول إسرائيل للانضمام إلى المنظمة بالرغم من محاولات الدبلوماسية الرسمية الفلسطينية، وبعض مؤسسات المجتمع المدني في فرنسا، وعدد من الشخصيات الاعتبارية في العالم، (منهم لويسا مورغانتيني، نائب رئيس البرلمان الأوروبي السابق، وجون دوغارد المقرر الخاص السابق للأمم المتحدة في فلسطين، ومايريد ماغوري، من شمال إيرلندا، الحاصل على جائزة نوبل للسلام في العام 1676)، إقناع الدول الأعضاء في المنظمة تأجيل الموافقة على انضمامها بسبب عدم إيفائها لشروط الانضمام للمنظمة ومن أبرزها احترام حقوق الإنسان، فهي ما زالت مستمرة في احتلالها للأرض الفلسطينية، وتمارس السياسات والإجراءات العنصرية ضد الفلسطينيين، وترتكب مخالفات جسيمة بحقهم وحق ممتلكاتهم، وأبرزها الحصار المفروض على قطاع غزة، واستمرارها في بناء جدار الضم والتوسع، والمستوطنات والاستفادة منها اقتصاديا عبر المصانع والمنتجات التي تصنع فيها.
اعتقدت في البداية أن دولا مثل تركيا والنرويج وايرلندا ستتحفظ على قبول إسرائيل في المنظمة، بسبب مواقفها المؤيدة للقضية الفلسطينية معارضتها لسياسات إسرائيل في الأرض الفلسطينية المحتلة. لكن حتى هذه الدول أثبتت أن الدولة تهمها مصالحا أولا وأخيراً، وان مصالح وقضايا باقي الأمم، وحقوق الإنسان، هي ثانوية بالنسبة لها، وليس لها وزن أمام مصالحها.
لكن في المقابل هناك تراجع واضح لقوة الدبلوماسية العامة الإسرائيلية وتأثيرها على الرأي العام العالمي. يقول المفكر الأمريكي ميرشايمر، في مقابلة بثت حديثاً على قناة الجزيرة، أن موقف الرأي العام العالمي اليوم، تجاه إسرائيل، يختلف عن ما كان عليه قبل عشر أو عشرين سنة. ويضيف أن الكثير من المواطنين الأمريكيين بمن فيهم المفكرون أصبح لديهم وعي جيد تجاه القضية الفلسطينية والسياسات الإسرائيلية، خلال السنوات السابقة، وأصبح الخطاب السائد في معظم دو العالم بما فيها الولايات المتحدة، كذلك عند بعض الإسرائيليين، أن إسرائيل تتحول، أو قد تحولت بالفعل، إلى دولة فصل عنصري، في حين كان يهمش من يقول ذلك في السابق، وكان يعتبر معاد للسامية.
ولا شك أن هذا الكلام صحيح فأصوات أغلب شعوب العالم، خصوصا تلك القادمة من المجتمع المدني، المطالبة بتوقف إسرائيل عن احتلالها للأرض الفلسطينية وممارساتها تجاه الشعب الفلسطيني المحتل، تزداد يوما بعد يوم. كذلك فإن حركة التضامن الدولية المناصرة للقضية الفلسطينية، أصبحت تنمو وتكبر. لكن السؤال الجوهري هنا، هل تستطيع هذه الأصوات تغيير سياسات دولها تجاه إسرائيل؟
في الحقيقة لا أعتقد أن الأصوات المناهضة للسياسات الإسرائيلية في العالم ستتمكن من إحداث تغيير جوهري في سياسات دولها تجاه إسرائيل في الوقت القريب، لكن ما لا شك فيه أن تنامي هذه الأصوات، وحركات التضامن الدولية سيكون لها تأثير كبير على المستوى البعيد.
لذلك علينا كفلسطينيين العمل على الارتقاء بدبلوماسيتنا الشعبية، جنبا إلى جنب مع الدبلوماسية الرسمية، خلال الفترة المقبلة، وأن تكون من ضمن أولويات السلطة الوطنية الفلسطينية، لكسب المزيد من التأييد والتضامن الدوليين. فقد أثبتت التجارب أن الرأي العام يلعب دور مهم في بلورة سياسة الدول، إذا ارتقى هذا الدور للمستوى المطلوب. وعليه، يجب العمل بالتعاون مع الجاليات الفلسطينية والعربية في الخارج، على كسب تأييد الشخصيات الاعتبارية في العالم، والمفكرين، ومنظمات المجتمع المدني، والأحزاب في الدول، ودعوتهم المستمرة إلى زيارة الأرض الفلسطينية المحتلة، للتعرف عن قرب على سياسات الاحتلال الإسرائيلي وانتهاكاته لقواعد القانون الدولي لحقوق الإنسان، والقانون الدولي الإنساني. وبالإضافة إلى ذلك يجب الاستمرار في تطوير الحملات الإعلامية باللغات الأجنبية لخدمة هدف إنهاء الاحتلال وإقامة الدولة الفلسطينية المستقلة، والتركيز على وسائل الإعلام المجتمعي، التي تصل إلى أكبر عدد من الناس وبكلف رمزية، كما أقترح إنشاء مؤسسة فلسطينية وطنية للترجمة، تكون جهز مؤازر للإعلام والسلك الدبلوماسي، تقوم بترجمة التقارير والأبحاث والدراسات المهمة، ذات العلاقة بالوضع الفلسطيني، والعمل على نشرها في الصحف، والمجلات العالمية، وعبر البريد الإلكتروني لأكبر عدد ممكن من الناس في العالم بالتعاون مع البعثات الفلسطينية والعربية والجاريات الفلسطينية والعربية في الخارج.
الجمعة 19 أغسطس 2016, 2:15 am من طرف راهب الفكر
» تصريح الناطق الرسمي لجيش رجال الطريقة النقشبندية بصدد التهجير القسري للعراقيين
الجمعة 19 أغسطس 2016, 2:14 am من طرف راهب الفكر
» زيف المفترين في إعلان خلافة المسلمين
الجمعة 19 أغسطس 2016, 2:14 am من طرف راهب الفكر
» مبارزة شعرية .......
الجمعة 19 أغسطس 2016, 2:11 am من طرف راهب الفكر
» مقاومينا بغزة البواسل للشاعر عطا سليمان رموني
الجمعة 19 أغسطس 2016, 2:08 am من طرف راهب الفكر
» أتثائب... عبلة درويش
الأحد 24 أغسطس 2014, 1:54 pm من طرف راهب الفكر
» تصريح ولكن.... وما بعد الجدار/تغريد العزة
الأحد 24 أغسطس 2014, 1:54 pm من طرف راهب الفكر
» " منديلٌ لبسمات امرأة " لؤي ابو عكر
الأحد 24 أغسطس 2014, 1:53 pm من طرف راهب الفكر
» نقد الحزب المشكلات التنظيمية للحزب الشيوعي " سلامة كيلة (للتحميل)
الأحد 24 أغسطس 2014, 1:53 pm من طرف راهب الفكر
» تلخيص كتاب: تاريـخ فلسطين في أواخر العهد العثماني 1700 – 1918
الأحد 24 أغسطس 2014, 1:37 pm من طرف راهب الفكر