يحاول الاحتلال سباق الزمن واستغلال الظروف المحلية والدولية لتنفيذ مخططاته الإستراتيجية، وفرض أمرٍ واقعٍ وجديدٍ في مدينة القدس المحتلة، في ظل تغييرٍ هائلٍ وتزويرٍ ضخمٍ لمعالمها العربية الإسلامية، وإلصاق تاريخٍ مزور للعديد من معالمها التاريخية البارزة.
ويقف سور القدس التاريخي، بأبوابه العملاقة، الذي أعاد العثمانيون بناءه كصخرة تلفظ كل المفردات الغريبة، وخاصة الصهيونية التلمودية، ويقف شامخاً بهويته الإسلامية جنباً إلى جنب مع العديد من المعالم البارزة التي تشهد استهدافاً حقيقياً ومتسارعاً وفي مقدمتها المسجد الأقصى المبارك.
أهم بوابات القدس القديمة
ولعلّ من أهم البوابات في سور القدس التاريخي، الذي يحوي بداخله أهم المعالم التاريخية والأثرية والمقدسات الفلسطينية الإسلامية والمسيحية، باب العامود، أو باب دمشق.
يقع الباب بين بابي الجديد والساهرة، ويفصل بينه وبين باب الساهرة شارع السلطان سليمان القانوني، وقُبالته يقع سوق المُصرارة الذي يشتهر ببيع السلع لِتُجّار المدينة، والأقرب لمنطقة "التماس" مع غربي المدينة المقدسة، واكتسب شهرته، وخاصة في السنوات الأخيرة باعتباره البوابة الرئيسية التي يستخدما سكان المدينة والبلدة القديمة، والذي يُطل على أسواق القدس التاريخية وأشهرها والأقرب إليه سوق خان الزيت والذي يُطل هو الآخر على سائر أسواق القدس العتيقة مثل أسواق: العطارين، القطانين، اللحامين، الدبّاغة، وغيرها.
كما أن القوى والمؤسسات الوطنية والدينية المقدسية اعتادت مؤخراً تركيز فعالياتها الاحتجاجية في منطقة باب العامود التي تتميز بمدرجات وباحة واسعة يستغلها العديد من باعة البسطات، بالإضافة إلى قرب البوابة من محطة حافلات النقل العام، فضلاً عن أن البوابة تُفضي إلى حارات وأحياء البلدة القديمة وكنيسة القيامة والمسجد الأقصى.
حفريات صهيونية..ومخطّطات مشبوهة
تقع بين بوابتي العامود والساهرة مغارة كبيرة اشتهرت باسم "مغارة سليمان" وتُجري فيها سلطات الاحتلال، منذ فترات طويلة، حفريات سرية انكشف أمرها مؤخراً حينما امتدت الحفريات إلى أسفل سور القدس قرب بوابة العامود وهي قريبة منه، وتم تركيب أدراج حديدية من أسفل السور إلى الأعلى وتركيب ألواح من الصفيح على المنطقة التي تراكمت فيها الأتربة نتيجة الحفريات، التي كشف عنها لأول مرة موقع "موقع مدينة القدس" بالصور الموثقة مؤخراً، ووُضعت بوابة حديدية عملاقة أسفل السور، ويعتقد أنها لفتحة أحد الأنفاق التي تم الانتهاء منها وتمتد أسفل البلدة القديمة باتجاه حائط البراق وربما باتجاه المسجد الأقصى.
من هنا جاءت مخططات الاحتلال الصهيوني لاستهداف باب العامود، وبث العديد من الشائعات لجسّ نبض السكان المقدسيين وتُجّار المدينة، فأعلن أنه سيغلق البوابة لمدة عامين مُعللاً ذلك بأنه بهدف عمل بنية تحتية جديدة في المنطقة، ثم عاد ونفى هذه الشائعات، وأكد أنه سيزيل ما أسماها بالبسطات الشعبية داخل باب العامود لأنها تقع في ساحة عامة، وأن صاحبة التصرف فيها هي بلدية الاحتلال في القدس فقط.
السوق الشعبي.. واستهدافه بالإزالة
داخل بوابة العامود بأمتارٍ قليلة، يقع السوق الشعبي الصغير، أو عرائش التجار التي استأجروها من مالكها محمد حافظ أبو الضبعات، منذ عدة سنوات، ويقع قُبالته مسجد الشيخ لولو.
المستأجرون بين الملاّك والاحتلال
يقول المستأجرون وهم: نجاتي عبد القادر ابراهيم الجعبري، وسامر نعمان شفيق السلايمة وشريكه، وجودي عبد الجواد السيوري، وعامر نعمان السلايمة، ومعتصم مصطفى أبو رميلة أن مفتشي بلدية الاحتلال يُهدّدون بإخلائهم من محالهم التجارية وهدمها، وأكدوا أنهم باتوا في قلقٍ دائم وخشية أن يخسروا مكان رزقهم، فضلاً عما سيؤثر ذلك على طبيعة المنطقة.
المواطن نجاتي الجعبري، أحد أصحاب هذه المحال، قال لـ "موقع مدينة القدس" إنه وزملائه في المحال المجاورة داخل باب العامود استأجروا هذه المحال من "أبو الضبعات" قبل عدة سنوات، ولم يعلمهم بوجود أي مشكلة أو مخالفة، وأكد لهم بأن الأمور قانونية، وبالتالي اهتم المستأجرون بجلب أصناف متنوعة من البضائع التي تتناسب وأصحاب الدخل المحدود، وعمدوا على بيع الأصناف الشعبية؛ ومن هنا اكتسب السوق تسميته بالسوق الشعبي، لافتاً إلى أنه كان قبل ذلك يملك محلاً في سوق الفلاحين الذي كانت بلدية الاحتلال أنشأته بين بوابتي الجديد والعامود، إلا أنها بعد سنوات قليلة عادت وأزالته.
وأضاف بأن المحال أقامها أبو الضبعات فوق محددته وِفق اتفاق مع البلدية التي أخذت محل أبو الضبعات "المحددة" مقابل أن تسمح له بعمل كافتيريا وساحة للبيع للسياح على سطح المحددة، ومع مرور الوقت أنشأ أبو الضبعات محالاً إضافية وعرّشها لتشكل بمجموعها سوقاً شعبياً قرب بوابة العامود تتعيش منه العديد من الأسر المقدسية.
وأوضح الجعبري أن هذه المحال تعرضت لحريقٍ كبير قبل أربع سنوات تكبد خلالها أصحاب المحال خسائر فادحة لم يُعوّضهم عنها أي طرف، وما زالوا حتى اللحظة يسددون في الديون التي ترتبت على خسارتهم.
أما سامر السلايمة، أحد المستأجرين، فقال لـ "مدينة القدس" إن طبيعة المشكلة بدأت من خلال عدم علمنا بأن صاحب هذه المحال "أبو الضبعات" تلقى أوامر بهدم هذه المحال، وعلمنا بوقت متأخر وذلك بعد دهم أطقم تابعة لبلدية الاحتلال برفقة حراسات عسكري وشرطية للمحال والطلب منا إخلاء هذه المحال بعد صدور أوامر هدم وإزالة لها.
وقال "اضطررنا للتحرك وأقدمنا عن طريق المحامي مهند جبارة بطلب وقف إجراءات البلدية وهدم المحال بسبب أننا لا نعلم طبيعة هذه الإخطارات، وعدم المعرفة بقرارات الهدم، لكن محكمة البلدية رفضت الطلب فتقدموا إلى المحكمة المركزية والتي ستبت في القضية خلال الشهر الحالي.
وقال إنه يعيش هو وشريكه من المحل وأسرتيهما، ويدفع، بالإضافة إلى أجرة المحل، مختلف أصناف الضرائب التي تفرضها سلطات الاحتلال.
وقال إن السوق أصبح معروفا لدى المواطنين، لكن الاحتلال يستهدف المنطقة كسائر أنحاء المدينة، خاصة أن السوق يقع بمنطقة حساسة جداً وعلى مقربة من سوق خان الزيت، ويطل على شارع الواد الموصل إلى المسجد الأقصى المبارك، فضلاً عن قربه وملاصقته لسور القدس.
وأكد أن البلدية اليمينية ومن خلفها الحكومة الصهيونية الأكثر تطرفا تسعى إلى تهويد هذه المنطقة الحساسة والحيوية للمقدسيين، وتحاول إزالة أي أثر مقدسي على طريقة الخطوة خطوة، وأضاف بأن البلدية تدّعي بأن هذه المنطقة هي ساحة عامة وهي فقط صاحبة المنفعة فيها.
وناشد السلايمة أصحاب الضمائر الحية، والمسؤولين بتحمل المسؤوليات وتقديم كل أوجه المساعدة لوقف هذا المخطط، وعدم الاكتفاء ببيانات الشجب والاستنكار.
المواطن معتصم أبو رميلة قال "أنه قبل سبعة أشهر أخطرتنا البلدية الصهيونية بأن المحال غير مرخصة وغير قانونية ومقامة على أرض وساحة تابعة لها والأصل أن لا يكون في المنطقة محال لأنها تشوّه معالم المدينة".
وأوضح أن الأمر كان مفاجئا للمستأجرين على اعتبار أن صاحب الملك لم يخبرهم بوجود إخطارات هدم أو أن المحال غير قانونية، وقال "إن الأمر أصابنا بصدمة وإرباك وبتنا منذ ذلك الوقت في قلق كبير، وتنتابنا هواجس كبيرة وخشية ملاحقتنا بأرزاقنا وقطعها".
وأوضح أن الأمر كان مفاجئا للمستأجرين على اعتبار أن صاحب الملك لم يخبرهم بوجود إخطارات هدم أو أن المحال غير قانونية، وقال "إن الأمر أصابنا بصدمة وإرباك وبتنا منذ ذلك الوقت في قلق كبير، وتنتابنا هواجس كبيرة وخشية ملاحقتنا بأرزاقنا وقطعها".
صاحب المحال: الهدف تهويد المنطقة واستهداف المقدسيين
من جانبه، قال نجل صاحب المحال وائل أبو الضبعات لـ "موقع مدينة القدس" أن ملكية المكان ترجع لوالده الحاج محمد حافظ سالم ابو الضبعات قبل 60 عاما، الذي كان يعمل في مهنة الحدادة في باب العمود منذ عام 1963، ومنذ ذلك الحين وهو موجود في المكان.
وبعد ذلك قامت ما تسمى بـ "شركة تطوير شرقي القدس" بالسيطرة على المنطقة عام 1982، وحينها عرضت الشركة عدة حلول على أبو الضبعات منها إما إخلاء المحددة بالقوة أو البيع أو الحصول على بديل وهو محل مشروبات للسائحين وسطح، وفي تلك الفترة وافق أبو الضبعات على الحصول على محل وسطح.
وأضاف: "المحلات التجارية موجودة منذ التسعينات في المكان، وهي خمس محلات: الأول لبيع ملابس الأطفال مستأجر من قبل سامر السلايمة وشريكه، ومحل للملابس الشرعية لمستأجره معتصم أبو إرميله، ومحل لبيع الأحذية لمستأجره نجاتي الجعبري، بالإضافة إلى محل مغلق للصراف علي الكرد كان مخصصا لبيع الملابس، وتبلغ المساحة الإجمالية للمحلات التجارية نحو مائتي مربع، ووقع حريق في عام 2004 لهذه المحلات التجارية رغم وجود كاميرات "إسرائيلية" في كل مكان، وفي حينها انتهى التحقيق في الحادث من قبل شرطة الاحتلال وقُيّد ضد مجهول".
وأوضح أنه خسر القضية أمام محاكم الاحتلال ليصبح الأمر مُتاحاً للبلدية لهدم هذه المحال، لكن، وفي محاولة لإنقاذ المحال، تقدم مرة أخرى باسم المستأجرين عبر المحامي مهند جبارة بطلب استئنافٍ لتجميد أو تأخير أمر الهدم.
ولفت إلى أن محكمة الاحتلال حدّدت يوم الأحد الموافق الثاني عشر من الشهر الجاري موعداً لجلستها للبت في طلب محامي دفاع المستأجرين، مُشيراً إلى أنه يستفيد من هذه المحلات المالك وعائلته والمستأجرون وعائلاتهم الذين يبلغ عددهم نحو 150 فرداً .
ولا يستبعد أبو الضبعات أن يكون دافع البلدية بعيداً عن المسائل القانونية، مؤكداً أن سلطات الاحتلال تعلن صراحة مخططات استهدافها للمنطقة، وخاصة بوابات القدس القديمة، لا سيما باب العامود الذي يعتبر أشهر بوابات البلدة وأهمها للمقدسيين، مشيرا إلى الحفريات التي تم كشفها مؤخراً أسفل السور بالقرب من بوابة العامود وإمكانية أن يكون هناك نفق أو سلسلة أنفاق تخترق البلدة القديمة.
وأكد أن قرار الاحتلال بهدم السوق الشعبي ينسجم بالكامل مع استراتيجية ومخططات وسياسات التطهير العرقي التي تمارسها هذه السلطات بحق المواطنين الفلسطينيين في القدس.
وطالب المؤسسات المقدسية المحلية والشعبية بممارسة ضغوطٍ لوقف مخططات بلدية الاحتلال.
محامي المستأجرين يُفنّد مزاعم بلدية الاحتلال
بدوره، قال محامي التجار مهند جبارة أنه كان تقدم بالالتماس لمحكمة بلدية الاحتلال في القدس ضد القرارات الصادرة نيابة عن التجار، حينها استخدمت المحكمة قانون صدر في عام 1978، يُمكنها من استصدار قرار إخلاء لأي" شوائب أو عوائق" ممكن أن تكون بطريق عام ومفتوحة ، معتبرة، ضمن هذا القرار، أن بضائع التجار الموجودة في المكان هي العوائق، وأكد جبارة أن ذلك غير صحيح، لأن البضائع لا تعتبر عائقا للجمهور، ومكان المحلات التجارية هو عبارة عن مكان خاص يعود للمواطن محمد حافظ أبو الضبعات وليس مكان عام كما يدعون.
وأوضح أنه لم يصله أي رد من محكمة البلدية، فتوجه بالالتماسٍ إداري لمحكمة الاحتلال المركزية، وقد أرفق بالالتماس الإداري طلبا لأمر احترازي لوقف تنفيذ عملية الإخلاء والهدم حتى البت بالالتماس الإداري، وقد طلبت المحكمة رد البلدية على الطلب الاحترازي .
وأوضح أنه لم يصله أي رد من محكمة البلدية، فتوجه بالالتماسٍ إداري لمحكمة الاحتلال المركزية، وقد أرفق بالالتماس الإداري طلبا لأمر احترازي لوقف تنفيذ عملية الإخلاء والهدم حتى البت بالالتماس الإداري، وقد طلبت المحكمة رد البلدية على الطلب الاحترازي .
الجمعة 19 أغسطس 2016, 2:15 am من طرف راهب الفكر
» تصريح الناطق الرسمي لجيش رجال الطريقة النقشبندية بصدد التهجير القسري للعراقيين
الجمعة 19 أغسطس 2016, 2:14 am من طرف راهب الفكر
» زيف المفترين في إعلان خلافة المسلمين
الجمعة 19 أغسطس 2016, 2:14 am من طرف راهب الفكر
» مبارزة شعرية .......
الجمعة 19 أغسطس 2016, 2:11 am من طرف راهب الفكر
» مقاومينا بغزة البواسل للشاعر عطا سليمان رموني
الجمعة 19 أغسطس 2016, 2:08 am من طرف راهب الفكر
» أتثائب... عبلة درويش
الأحد 24 أغسطس 2014, 1:54 pm من طرف راهب الفكر
» تصريح ولكن.... وما بعد الجدار/تغريد العزة
الأحد 24 أغسطس 2014, 1:54 pm من طرف راهب الفكر
» " منديلٌ لبسمات امرأة " لؤي ابو عكر
الأحد 24 أغسطس 2014, 1:53 pm من طرف راهب الفكر
» نقد الحزب المشكلات التنظيمية للحزب الشيوعي " سلامة كيلة (للتحميل)
الأحد 24 أغسطس 2014, 1:53 pm من طرف راهب الفكر
» تلخيص كتاب: تاريـخ فلسطين في أواخر العهد العثماني 1700 – 1918
الأحد 24 أغسطس 2014, 1:37 pm من طرف راهب الفكر