يكن قرار إبعاد نواب القدس يقل خطورة عن أي قرار صهيوني سابق بإبعاد الفلسطينيين إلى الخارج أو إلى غزة، ولا عن الإجراء الذي سبق وأن اعتقلت بموجبه قوات الاحتلال معظم نواب المجلس التشريعي عن حركة حماس بعيد الانتخابات التشريعية وعلى خلفية عملية الوهم المتبدد.
في الفترة الأخيرة وعقب الإفراج عن معظم نواب المجلس التشريعي من سجون الاحتلال شعر الكيان الصهيوني بأن هناك فسحة للتحرك بدأت بالتبلور في الضفة والقدس، وأن وجود كل هذا العدد من القيادات الحمساوية خارج السجن هو أمر غير صحي بالضرورة وينبئ بمخاطر على مشروع الاحتلال وحالة استتباب أمنه، وعلى عملية تزييف الوعي التي بدأت تستشري في الواقع الفلسطيني.
صحيح أن أجهزة فتح الأمنية ظلت على مر السنوات الماضية تقف بالمرصاد أمام كل محاولات حماس لاسترداد عافيتها، لكن يدها ليست مطلقة في استهداف نواب المجلس التشريعي بشكل مباشر رغم أنها تنال من كل المحيطين بهم من عاملين ومرافقين وحتى أقارب، ورغم أنها تعرقل الكثير من نشاطاتهم الإعلامية والميدانية وتحاول عزلهم عن محيطهم الجماهيري قدر المستطاع.
لكن الحال مع النواب والقادة المقدسيين مختلف، فهؤلاء بعيدون عن بطش أجهزة السلطة، وأهل القدس وضواحيها متحررون نسبياً من الولاء للسلطة سواء أكان هذا الولاء قسرياً أم طوعيا، وهناك حالة التفاف شبه كاملة حول القيادات المقدسية الإسلامية التي تنافح عن قضية القدس وتسهم في تحشيد الجماهير وتعبئتها معنوياً لتظل قضية المسرى حاضرة في وجدانها وتظل بالتالي في حالة استنفار دائمة والأقرب للميدان في حال جرى أي مساس بالأقصى.
ولذلك تدرك حكومة ومخابرات الاحتلال ومن خلال تجربتها الطويلة في التعاطي مع المشهد الميداني الفلسطيني أن للقيادات الجماهيرية وخصوصاً الإسلامية دوراً مركزياً في استقطاب الناس حول فكرة المقاومة وإبقاء مشاعرهم في حالة تأهب دائم يجعل مسألة القدس والتصدي لإجراءات الاحتلال على رأس أولوياتهم، وليس من قبيل المبالغة القول إن الحركة الإسلامية قد غدت هي حجر العثرة الوحيد أمام الاستفراد الصهيوني بالقدس، وخطورتها بالنسبة للكيان لا تأتي فقط من حجم جهود أبنائها وتفانيهم في حمل مشعل الدفاع عن الأقصى، بل كذلك في كون قيادات الحركة على تماس وتواصل دائم مع جمهورها وعموم الشارع على الأرض، وفي كون خطابها التعبوي يلامس عقولهم وقلوبهم ويحفزهم على التحرك الدائم.
فإن كانت حكومة الاحتلال تواجه تحديات كبرى في إطار مواجهتها لأنشطة الحركة الإسلامية في الداخل الفلسطيني المتعلقة بالقدس، فما بالها حين يضاف لذلك تعاظم المد التأثري للقيادات الحمساوية في شرقي القدس، حيث المسجد الأقصى، وحيث تتواجد الجماهير التي يقع على عاتقها وحدها اليوم عبء الذود عن حياض المسرى ومواجهة قوات الاحتلال هناك، بعد أن تم تحييد الشارع الضفاوي بالكامل وإخراجه من معادلة المواجهة؟
لذلك نجد أن حكومة الاحتلال تصر بشدة على إنفاذ قرارها بإبعاد قيادات حماس عن القدس تحت ذرائع (قانونية) واهية تحاول أن تخفي خلفها دافعها الحقيقي لإفراغ القدس من قياداتها الفاعلة، فبقاء رجل مثل المجاهد محمد أبو طير في القدس بما يمثله من رمزية وإجماع سيعني أن على الاحتلال توقع آثار ليست في حسبانه على الصعيد الميداني هناك، خصوصاً وأن للرجل نفساً أبياً وقدرات استيعابية وتأثيرية تدرك (إسرائيل) وحدها معناها وأبعادها وفي هذا الظرف بالذات. وبالتالي فلا بد من تحييد هذا التأثير عبر النفي إلى الضفة حيث تصبح هذه القيادات محاصرة بمشروع دايتون وإفرازاته الميدانية من جهة، وحيث تكون بعيدة عن المشهد الجماهيري المقدسي من جهة أخرى.
وقد لا يجد الاحتلال مناصاً من إعادة اعتقال كل المجموعة عقب اعتقال الشيخ محمد أبو طير بعد أن رأى منهم هذا الإصرار على رفض الخضوع للقرار، فليس مسموحاً الآن تثوير الشارع واستقطابه حول مثل هذه القضايا، لأن تفاعلات مشروع الحكم الأمني الجديد في الضفة لم تعد تستوعب الحد الأدنى من المجابهة حتى لو كانت موجهة للاحتلال وإجراءاته وبأكثر الطرق سلمية، فهذا المشروع يستهدف (إلى جانب تأمين جبهة الاحتلال) وعي المواطن الفلسطيني واهتماماته ويرمي إلى مسخها بحيث لا تتجاوز رؤية ما دون المصلحة الخاصة والجري وراء التزاماتها وحسب!
إن معركة الاحتلال ضد نواب القدس وقادتها هي فصل آخر من فصول جريمتها بحق الشرعية الفلسطينية الحقيقية، والتي بدأت منذ أربع سنوات وحين أتت رياح الانتخابات بما لا تشتهي سفن مشروع التسوية الممسوخ، وبالتالي فكل من استفاد من الإجراءات الاحتلالية السابقة بحق ممثلي الشرعية وامتنع عامداً عن مساندتهم ميدانياً ودستورياً هو اليوم مستفيد بالضرورة من إبعاد القيادات المقدسية وإعادة اعتقالها وتغييبها، ولهذا لن يبدو غريباً أو مستهجناً ترك هذه القيادات وحدها تخوض معركة التحدي لقرار الاحتلال، ومحاولة تحجيم تفاعلات قضيتها قدر الإمكان وإقصائها عن واجهة الاهتمام الشعبي والرسمي.
لكن ما يغفل عنه الاحتلال وأعوانه أن الجماهير ليست غافلة عن كل ما يجري، وهي حتى لو بقيت مقيدة وعاجزة عن الفعل في الوقت الراهن إلا أنها تعي جيداً الفرق بين قيادة وأخرى، ومعنى أن تظل قيادات بعينها عرضة للاستهداف والاستنزاف اعتقالاً وإبعاداً وملاحقة، بينما ترتفع أسهم غيرها لدى المحتل وتظل بعيدة عن دائرة اختبار المواقف وخارج حسابات الاستهداف.
القيادات المقدسية تؤسس لفجر جديد هناك في ربوع القدس وضواحيها، وهي تعلّم جمهورها دروساً عملية بمواقفها الراسخة وتحديها لإرهاب المحتل، بل وتأهبها لتحمل أثمان غالية تنال من أعمارها وحريتها لقاء صمودها وإصرارها، وشتان شتان بين قائد يتقدم الصفوف ويدفع ضريبة مبادئه من جيبه قبل الآخرين، وبين من يجبن عن الفعل ولا يملك سوى التنظير الزائف والتغني بالماضي!
بمثل هذه المواقف تتقدم قيادات ويعلو شأنها، وتندثر أخرى ويمحى ذكرها حتى لو كان صوت أبواقها عالياً، فاللحن النشاز لا يطرب أحد.
في الفترة الأخيرة وعقب الإفراج عن معظم نواب المجلس التشريعي من سجون الاحتلال شعر الكيان الصهيوني بأن هناك فسحة للتحرك بدأت بالتبلور في الضفة والقدس، وأن وجود كل هذا العدد من القيادات الحمساوية خارج السجن هو أمر غير صحي بالضرورة وينبئ بمخاطر على مشروع الاحتلال وحالة استتباب أمنه، وعلى عملية تزييف الوعي التي بدأت تستشري في الواقع الفلسطيني.
صحيح أن أجهزة فتح الأمنية ظلت على مر السنوات الماضية تقف بالمرصاد أمام كل محاولات حماس لاسترداد عافيتها، لكن يدها ليست مطلقة في استهداف نواب المجلس التشريعي بشكل مباشر رغم أنها تنال من كل المحيطين بهم من عاملين ومرافقين وحتى أقارب، ورغم أنها تعرقل الكثير من نشاطاتهم الإعلامية والميدانية وتحاول عزلهم عن محيطهم الجماهيري قدر المستطاع.
لكن الحال مع النواب والقادة المقدسيين مختلف، فهؤلاء بعيدون عن بطش أجهزة السلطة، وأهل القدس وضواحيها متحررون نسبياً من الولاء للسلطة سواء أكان هذا الولاء قسرياً أم طوعيا، وهناك حالة التفاف شبه كاملة حول القيادات المقدسية الإسلامية التي تنافح عن قضية القدس وتسهم في تحشيد الجماهير وتعبئتها معنوياً لتظل قضية المسرى حاضرة في وجدانها وتظل بالتالي في حالة استنفار دائمة والأقرب للميدان في حال جرى أي مساس بالأقصى.
ولذلك تدرك حكومة ومخابرات الاحتلال ومن خلال تجربتها الطويلة في التعاطي مع المشهد الميداني الفلسطيني أن للقيادات الجماهيرية وخصوصاً الإسلامية دوراً مركزياً في استقطاب الناس حول فكرة المقاومة وإبقاء مشاعرهم في حالة تأهب دائم يجعل مسألة القدس والتصدي لإجراءات الاحتلال على رأس أولوياتهم، وليس من قبيل المبالغة القول إن الحركة الإسلامية قد غدت هي حجر العثرة الوحيد أمام الاستفراد الصهيوني بالقدس، وخطورتها بالنسبة للكيان لا تأتي فقط من حجم جهود أبنائها وتفانيهم في حمل مشعل الدفاع عن الأقصى، بل كذلك في كون قيادات الحركة على تماس وتواصل دائم مع جمهورها وعموم الشارع على الأرض، وفي كون خطابها التعبوي يلامس عقولهم وقلوبهم ويحفزهم على التحرك الدائم.
فإن كانت حكومة الاحتلال تواجه تحديات كبرى في إطار مواجهتها لأنشطة الحركة الإسلامية في الداخل الفلسطيني المتعلقة بالقدس، فما بالها حين يضاف لذلك تعاظم المد التأثري للقيادات الحمساوية في شرقي القدس، حيث المسجد الأقصى، وحيث تتواجد الجماهير التي يقع على عاتقها وحدها اليوم عبء الذود عن حياض المسرى ومواجهة قوات الاحتلال هناك، بعد أن تم تحييد الشارع الضفاوي بالكامل وإخراجه من معادلة المواجهة؟
لذلك نجد أن حكومة الاحتلال تصر بشدة على إنفاذ قرارها بإبعاد قيادات حماس عن القدس تحت ذرائع (قانونية) واهية تحاول أن تخفي خلفها دافعها الحقيقي لإفراغ القدس من قياداتها الفاعلة، فبقاء رجل مثل المجاهد محمد أبو طير في القدس بما يمثله من رمزية وإجماع سيعني أن على الاحتلال توقع آثار ليست في حسبانه على الصعيد الميداني هناك، خصوصاً وأن للرجل نفساً أبياً وقدرات استيعابية وتأثيرية تدرك (إسرائيل) وحدها معناها وأبعادها وفي هذا الظرف بالذات. وبالتالي فلا بد من تحييد هذا التأثير عبر النفي إلى الضفة حيث تصبح هذه القيادات محاصرة بمشروع دايتون وإفرازاته الميدانية من جهة، وحيث تكون بعيدة عن المشهد الجماهيري المقدسي من جهة أخرى.
وقد لا يجد الاحتلال مناصاً من إعادة اعتقال كل المجموعة عقب اعتقال الشيخ محمد أبو طير بعد أن رأى منهم هذا الإصرار على رفض الخضوع للقرار، فليس مسموحاً الآن تثوير الشارع واستقطابه حول مثل هذه القضايا، لأن تفاعلات مشروع الحكم الأمني الجديد في الضفة لم تعد تستوعب الحد الأدنى من المجابهة حتى لو كانت موجهة للاحتلال وإجراءاته وبأكثر الطرق سلمية، فهذا المشروع يستهدف (إلى جانب تأمين جبهة الاحتلال) وعي المواطن الفلسطيني واهتماماته ويرمي إلى مسخها بحيث لا تتجاوز رؤية ما دون المصلحة الخاصة والجري وراء التزاماتها وحسب!
إن معركة الاحتلال ضد نواب القدس وقادتها هي فصل آخر من فصول جريمتها بحق الشرعية الفلسطينية الحقيقية، والتي بدأت منذ أربع سنوات وحين أتت رياح الانتخابات بما لا تشتهي سفن مشروع التسوية الممسوخ، وبالتالي فكل من استفاد من الإجراءات الاحتلالية السابقة بحق ممثلي الشرعية وامتنع عامداً عن مساندتهم ميدانياً ودستورياً هو اليوم مستفيد بالضرورة من إبعاد القيادات المقدسية وإعادة اعتقالها وتغييبها، ولهذا لن يبدو غريباً أو مستهجناً ترك هذه القيادات وحدها تخوض معركة التحدي لقرار الاحتلال، ومحاولة تحجيم تفاعلات قضيتها قدر الإمكان وإقصائها عن واجهة الاهتمام الشعبي والرسمي.
لكن ما يغفل عنه الاحتلال وأعوانه أن الجماهير ليست غافلة عن كل ما يجري، وهي حتى لو بقيت مقيدة وعاجزة عن الفعل في الوقت الراهن إلا أنها تعي جيداً الفرق بين قيادة وأخرى، ومعنى أن تظل قيادات بعينها عرضة للاستهداف والاستنزاف اعتقالاً وإبعاداً وملاحقة، بينما ترتفع أسهم غيرها لدى المحتل وتظل بعيدة عن دائرة اختبار المواقف وخارج حسابات الاستهداف.
القيادات المقدسية تؤسس لفجر جديد هناك في ربوع القدس وضواحيها، وهي تعلّم جمهورها دروساً عملية بمواقفها الراسخة وتحديها لإرهاب المحتل، بل وتأهبها لتحمل أثمان غالية تنال من أعمارها وحريتها لقاء صمودها وإصرارها، وشتان شتان بين قائد يتقدم الصفوف ويدفع ضريبة مبادئه من جيبه قبل الآخرين، وبين من يجبن عن الفعل ولا يملك سوى التنظير الزائف والتغني بالماضي!
بمثل هذه المواقف تتقدم قيادات ويعلو شأنها، وتندثر أخرى ويمحى ذكرها حتى لو كان صوت أبواقها عالياً، فاللحن النشاز لا يطرب أحد.
الجمعة 19 أغسطس 2016, 2:15 am من طرف راهب الفكر
» تصريح الناطق الرسمي لجيش رجال الطريقة النقشبندية بصدد التهجير القسري للعراقيين
الجمعة 19 أغسطس 2016, 2:14 am من طرف راهب الفكر
» زيف المفترين في إعلان خلافة المسلمين
الجمعة 19 أغسطس 2016, 2:14 am من طرف راهب الفكر
» مبارزة شعرية .......
الجمعة 19 أغسطس 2016, 2:11 am من طرف راهب الفكر
» مقاومينا بغزة البواسل للشاعر عطا سليمان رموني
الجمعة 19 أغسطس 2016, 2:08 am من طرف راهب الفكر
» أتثائب... عبلة درويش
الأحد 24 أغسطس 2014, 1:54 pm من طرف راهب الفكر
» تصريح ولكن.... وما بعد الجدار/تغريد العزة
الأحد 24 أغسطس 2014, 1:54 pm من طرف راهب الفكر
» " منديلٌ لبسمات امرأة " لؤي ابو عكر
الأحد 24 أغسطس 2014, 1:53 pm من طرف راهب الفكر
» نقد الحزب المشكلات التنظيمية للحزب الشيوعي " سلامة كيلة (للتحميل)
الأحد 24 أغسطس 2014, 1:53 pm من طرف راهب الفكر
» تلخيص كتاب: تاريـخ فلسطين في أواخر العهد العثماني 1700 – 1918
الأحد 24 أغسطس 2014, 1:37 pm من طرف راهب الفكر