جاء خريف 1948 كئيباً على جماعات اللاجئين في قطاع غزة، والصورة التي ما زالت عالقة في الذاكرة، تتكون من الخيام المنتشرة على الكثبان الرملية جنوب حي الرمال في مدينة غزة، والتي أصبحت تحمل اسم «كامب حلزون». وكانت مدينة الخيام هذه تحوي نوعين من الخيام التي توزعها هيئات الإغاثة الدولية، في المرحلة التي سبقت تشكيل «وكالة الأمم المتحدة لإغاثة وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين»، والتي أصبحت تعرف باسمها المختصر الـ(أونروا) UNRWA, وكان النوع الثاني يسمى «الكوخ» وكانت تمنح للعائلات كثيرة العدد.
وكان كامب حلزون «أزيل فيما بعد» يفتقر إلى مياه الشرب الجارية، والى مجاري الصرف الصحي، ولنتصور عناء المرأة الفلسطينية شديدة الحياء.
عاش اللاجئون أيامهم الأولى في الخيام وكأنهم في معسكر كشفي، فلم يدر بخلدهم انهم غادروا مدنهم وقراهم لآخر مرة. فعلى الصعيد الشعبي لم يكن اللاجئون على دراية بالواقع العسكري والسياسي الذي اخذ يتشكل من حولهم، فعاشوا على الأوهام التي تبثها البلاغات العسكرية العربية الكاذبة، ومن الشائعات التي انطلقت بعد تشكيل «لجنة التوثيق الدولية» والتي بدأت اجتماعاتها في لوزان «سويسرا»، إن اليهود «حيث إن اسم إسرائيل لم يكن قد شاع» منهمكون في إزالة الأسلاك الشائكة من حول المناطق العربية المحتلة (فكوا التيل) لتسهيل عودة المهاجرين (ولم يكن اسم اللاجئين قد شاع هو الآخر) إلى ديارهم، واستمرت هذه اللعبة المخادعة ما بين آذار 1949، وأيلول من نفس السنة.
بعد مجيء الـ(أونروا)، بدأت تتحول مخيمات المهاجرين إلى معسكرات للاجئين الفلسطينيين، حيث نقل المهاجرون من كامب ديفيد في غزة، إلى ما أصبح يعرف بمعسكر الشاطئ، وأقيم معسكر آخر للاجئين في جباليا، بعد أن ضاق معسكر الشاطئ بساكنيه.
أصيب المهاجرون الفلسطينيون بخيبة أمل كبيرة عند نقلهم إلى معسكرات اللاجئين، فقد كانت الخيمة على ما في الحياة فيها من عناء، توحي للمهاجرين بأن إقامتهم مؤقتة، ولذلك انتقلوا على مضض إلى المنازل الصغيرة الثابتة في معسكرات اللاجئين، لأنها أوحت لهم بأن الإقامة أصبحت ثابتة، وان العودة سلما أو حربا، ليس بتلك السهولة.
يزيد عدد رعايا وكالة الغوث (الـ(أونروا)) اليوم عن أربعة ملايين لاجئ فلسطيني، وتصنف الـ(أونروا) ومعها «الأمم المتحدة» من قبل زعماء إسرائيل، في دائرة الأعداء، وتتعرض الحكومة الأميركية إلى هجوم متواصل من الدوائر الصهيونية والمحافظين الجدد، بسبب الدعم السنوي الذي تقدمه للـ(أونروا) لأن هذه الدوائر تعتبر أن الـ(أونروا) والحكومة الأميركية تشتركان في إدامة «قضية اللاجئين الفلسطينيين» حية أمام أنظار المجتمع الدولي، فقد كانت معسكرات اللاجئين إجابة قائمة وحية، عندما حاولت غولدا مئير إنكار وجود الشعب الفلسطيني.
والذي نخشاه في الوطن البديل ليس الإقامة المؤقتة فيه، بل الروح الوطنية الفلسطينية التي حملها الفلسطيني في عقله وقلبه أينما حلّ أو ارتحل، والمكابدة التي تعانيها هذه الروح، بيئات جديدة ومتغيرة، هذه المكابدة التي تبدو في صور مختلفة، بسبب العوامل التي تختلف تبعا للاختلاف بين البيئات في مجالات الثقافة والسياسة والاقتصاد.
لعل أقسى ألازمات التي واجهها الفلسطينيون كانت في الدول الشقيقة، بسبب الأنانية والتمييز ضدهم، المنبعثة من مخلفات العقلية القبلية، وقد استثمرت سياسة منع «توطين اللاجئين الفلسطينيين» في الأقطار العربية، استثمارا بغيضا، من قبل الأشقاء العرب، وسوف نعرض صورا من الواقع الحي.
فنبدأ بصدمة في القلب، ثم ننتقل إلى الأطراف، قد لا يعي الكثيرون من الفلسطينيين وغير الفلسطينيين، إن الأراضي الفلسطينية قد تحولت إلى «وطن بديل» فان مجموع التنظيمات الفلسطينية المسلحة، والمتحالفة مع قوى خارجية بلا استثناء، لا تتجاوز في مجموعها «1٪)، واحدا من مائة من مجموع الشعب الفلسطيني الذي تصادر إرادته، وتحتكر القرار السياسي دونه، لصالح أجندات خارجية لا تتفق مع مصالحه، إذن فلا حرية ولا ديمقراطية في الأراضي الفلسطينية، وإنما هو تمزق بين القوى التي تغوي بالمالي وتهدد بالبنادق.
قبل الالتفات إلى الآخرين، نريد أن ننظر إلى أنفسنا في المرآة، ونتابع النقد الذاتي لأنفسنا بموضوعية، في محاولة دؤوبة لتطوير أدائنا وتنمية قدراتنا، فالعقل السياسي الفلسطيني الشائع هذه الأيام، يخلط بين النظام الديمقراطي الذي دأبه الاستقرار، وبين التوازن الفئوي بين الجماعات السياسية المختلفة، التي تستبدل الولاء الوطني بالولاءات الفئوية، والتي ترجع في جذورها إلى عقلية قبلية لا تحترم السلطة الوطنية العامة والجامعة، وتتعايش على قاعدة التجاوزات المتبادلة، القائمة على توازن القوى في غياب القانون.
نريد أن نركز عيوننا على عيوننا، في المرآة كذلك، في مكاشفة مع الذات، لنرى أننا كمواطنين وكشعب، لا نلتزم بالقانون ولا نراعي آداب السلوك في الأراضي الفلسطينية، والمزري أن مثل هذه الأعمال الشائنة، تحولت إلى مفاخر، يتصور المنحرفون بين أبناء شعبنا أنها ترفع مراكزهم الاجتماعية، مع أن هؤلاء وأشباههم، عندما يقيمون ويعملون في الدول العربية، فان الحرص على مصادر رزقهم، يدفعهم في كثير من الأحيان إلى التنازل عن كثير من حقوقهم، وليس فقط الامتناع عن اغتصاب حقوق غيرهم.
وكان كامب حلزون «أزيل فيما بعد» يفتقر إلى مياه الشرب الجارية، والى مجاري الصرف الصحي، ولنتصور عناء المرأة الفلسطينية شديدة الحياء.
عاش اللاجئون أيامهم الأولى في الخيام وكأنهم في معسكر كشفي، فلم يدر بخلدهم انهم غادروا مدنهم وقراهم لآخر مرة. فعلى الصعيد الشعبي لم يكن اللاجئون على دراية بالواقع العسكري والسياسي الذي اخذ يتشكل من حولهم، فعاشوا على الأوهام التي تبثها البلاغات العسكرية العربية الكاذبة، ومن الشائعات التي انطلقت بعد تشكيل «لجنة التوثيق الدولية» والتي بدأت اجتماعاتها في لوزان «سويسرا»، إن اليهود «حيث إن اسم إسرائيل لم يكن قد شاع» منهمكون في إزالة الأسلاك الشائكة من حول المناطق العربية المحتلة (فكوا التيل) لتسهيل عودة المهاجرين (ولم يكن اسم اللاجئين قد شاع هو الآخر) إلى ديارهم، واستمرت هذه اللعبة المخادعة ما بين آذار 1949، وأيلول من نفس السنة.
بعد مجيء الـ(أونروا)، بدأت تتحول مخيمات المهاجرين إلى معسكرات للاجئين الفلسطينيين، حيث نقل المهاجرون من كامب ديفيد في غزة، إلى ما أصبح يعرف بمعسكر الشاطئ، وأقيم معسكر آخر للاجئين في جباليا، بعد أن ضاق معسكر الشاطئ بساكنيه.
أصيب المهاجرون الفلسطينيون بخيبة أمل كبيرة عند نقلهم إلى معسكرات اللاجئين، فقد كانت الخيمة على ما في الحياة فيها من عناء، توحي للمهاجرين بأن إقامتهم مؤقتة، ولذلك انتقلوا على مضض إلى المنازل الصغيرة الثابتة في معسكرات اللاجئين، لأنها أوحت لهم بأن الإقامة أصبحت ثابتة، وان العودة سلما أو حربا، ليس بتلك السهولة.
يزيد عدد رعايا وكالة الغوث (الـ(أونروا)) اليوم عن أربعة ملايين لاجئ فلسطيني، وتصنف الـ(أونروا) ومعها «الأمم المتحدة» من قبل زعماء إسرائيل، في دائرة الأعداء، وتتعرض الحكومة الأميركية إلى هجوم متواصل من الدوائر الصهيونية والمحافظين الجدد، بسبب الدعم السنوي الذي تقدمه للـ(أونروا) لأن هذه الدوائر تعتبر أن الـ(أونروا) والحكومة الأميركية تشتركان في إدامة «قضية اللاجئين الفلسطينيين» حية أمام أنظار المجتمع الدولي، فقد كانت معسكرات اللاجئين إجابة قائمة وحية، عندما حاولت غولدا مئير إنكار وجود الشعب الفلسطيني.
والذي نخشاه في الوطن البديل ليس الإقامة المؤقتة فيه، بل الروح الوطنية الفلسطينية التي حملها الفلسطيني في عقله وقلبه أينما حلّ أو ارتحل، والمكابدة التي تعانيها هذه الروح، بيئات جديدة ومتغيرة، هذه المكابدة التي تبدو في صور مختلفة، بسبب العوامل التي تختلف تبعا للاختلاف بين البيئات في مجالات الثقافة والسياسة والاقتصاد.
لعل أقسى ألازمات التي واجهها الفلسطينيون كانت في الدول الشقيقة، بسبب الأنانية والتمييز ضدهم، المنبعثة من مخلفات العقلية القبلية، وقد استثمرت سياسة منع «توطين اللاجئين الفلسطينيين» في الأقطار العربية، استثمارا بغيضا، من قبل الأشقاء العرب، وسوف نعرض صورا من الواقع الحي.
فنبدأ بصدمة في القلب، ثم ننتقل إلى الأطراف، قد لا يعي الكثيرون من الفلسطينيين وغير الفلسطينيين، إن الأراضي الفلسطينية قد تحولت إلى «وطن بديل» فان مجموع التنظيمات الفلسطينية المسلحة، والمتحالفة مع قوى خارجية بلا استثناء، لا تتجاوز في مجموعها «1٪)، واحدا من مائة من مجموع الشعب الفلسطيني الذي تصادر إرادته، وتحتكر القرار السياسي دونه، لصالح أجندات خارجية لا تتفق مع مصالحه، إذن فلا حرية ولا ديمقراطية في الأراضي الفلسطينية، وإنما هو تمزق بين القوى التي تغوي بالمالي وتهدد بالبنادق.
قبل الالتفات إلى الآخرين، نريد أن ننظر إلى أنفسنا في المرآة، ونتابع النقد الذاتي لأنفسنا بموضوعية، في محاولة دؤوبة لتطوير أدائنا وتنمية قدراتنا، فالعقل السياسي الفلسطيني الشائع هذه الأيام، يخلط بين النظام الديمقراطي الذي دأبه الاستقرار، وبين التوازن الفئوي بين الجماعات السياسية المختلفة، التي تستبدل الولاء الوطني بالولاءات الفئوية، والتي ترجع في جذورها إلى عقلية قبلية لا تحترم السلطة الوطنية العامة والجامعة، وتتعايش على قاعدة التجاوزات المتبادلة، القائمة على توازن القوى في غياب القانون.
نريد أن نركز عيوننا على عيوننا، في المرآة كذلك، في مكاشفة مع الذات، لنرى أننا كمواطنين وكشعب، لا نلتزم بالقانون ولا نراعي آداب السلوك في الأراضي الفلسطينية، والمزري أن مثل هذه الأعمال الشائنة، تحولت إلى مفاخر، يتصور المنحرفون بين أبناء شعبنا أنها ترفع مراكزهم الاجتماعية، مع أن هؤلاء وأشباههم، عندما يقيمون ويعملون في الدول العربية، فان الحرص على مصادر رزقهم، يدفعهم في كثير من الأحيان إلى التنازل عن كثير من حقوقهم، وليس فقط الامتناع عن اغتصاب حقوق غيرهم.
الجمعة 19 أغسطس 2016, 2:15 am من طرف راهب الفكر
» تصريح الناطق الرسمي لجيش رجال الطريقة النقشبندية بصدد التهجير القسري للعراقيين
الجمعة 19 أغسطس 2016, 2:14 am من طرف راهب الفكر
» زيف المفترين في إعلان خلافة المسلمين
الجمعة 19 أغسطس 2016, 2:14 am من طرف راهب الفكر
» مبارزة شعرية .......
الجمعة 19 أغسطس 2016, 2:11 am من طرف راهب الفكر
» مقاومينا بغزة البواسل للشاعر عطا سليمان رموني
الجمعة 19 أغسطس 2016, 2:08 am من طرف راهب الفكر
» أتثائب... عبلة درويش
الأحد 24 أغسطس 2014, 1:54 pm من طرف راهب الفكر
» تصريح ولكن.... وما بعد الجدار/تغريد العزة
الأحد 24 أغسطس 2014, 1:54 pm من طرف راهب الفكر
» " منديلٌ لبسمات امرأة " لؤي ابو عكر
الأحد 24 أغسطس 2014, 1:53 pm من طرف راهب الفكر
» نقد الحزب المشكلات التنظيمية للحزب الشيوعي " سلامة كيلة (للتحميل)
الأحد 24 أغسطس 2014, 1:53 pm من طرف راهب الفكر
» تلخيص كتاب: تاريـخ فلسطين في أواخر العهد العثماني 1700 – 1918
الأحد 24 أغسطس 2014, 1:37 pm من طرف راهب الفكر