ملتقى أجراس العودة

مرحباً بك عزيزي الزائر في ملتقى أجراس العودة ، اذا لم يكن لديك حساب بعد نتشرف بدعوتك لإنشائه

انضم إلى المنتدى ، فالأمر سريع وسهل

ملتقى أجراس العودة

مرحباً بك عزيزي الزائر في ملتقى أجراس العودة ، اذا لم يكن لديك حساب بعد نتشرف بدعوتك لإنشائه

ملتقى أجراس العودة

هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.
ملتقى أجراس العودة

سياسي، ثقافي ، اجتماعي، إخباري


    كاد المطبّع أن يكون عميلا \ مالك التريكي

    avatar
    يزن المصري
    مشرف مجلة اجراس العودة الثقافية مكتبة اجراس العودة الثقافية


    ذكر السمك جنسيتك : اردنية
    اعلام الدول : كاد المطبّع أن يكون عميلا  \ مالك التريكي Jordan_a-01
    نقاط : 4341
    السٌّمعَة : 0
    تاريخ التسجيل : 09/07/2009

    كاد المطبّع أن يكون عميلا  \ مالك التريكي Empty كاد المطبّع أن يكون عميلا مالك التريكي

    مُساهمة من طرف يزن المصري الأحد 08 أغسطس 2010, 10:55 am

    الاستنكار الذي أثارته فعلة المغني الذي هتف بحياة نتنياهو مفهوم، بل مطلوب. لكن مطالبة بعضهم بسومه سوء العذاب ورميه في السجن وحرمانه من الجنسية هي من ردود الأفعال التي تدل على مدى تغلغل ثقافة العقاب عندنا نحن العرب. وهل تستحق المسألة إخراج كل هذه الأسلحة الثقيلة؟ إن كان لا بد من عقاب أصلا، فيكفي الرجل عقابا أنه قد افتضح أمره وساء ذكره. يكفيه هذا العار الذي اسودّ له وجهه: عار التنكيل الإعلامي والاجتماعي. إلا أنه لا مناص، مع ذلك، من الاعتراف بأن أسباب مناشدتنا، هنا، الأمة العربية الرأفة به لا تقتصر على مناهضتنا المبدئية لثقافة العقاب (سيان أن يكون قصاصا عادلا أم انتقاما باطلا) بل إن لها أيضا علاقة بذكريات الصبا. ذلك أن هذا المغني قد ذكّرنا بخفيف الظل 'قرصان'.
    كان الفتى قرصان، ونحن صغار، أشهر كذاب في الحي. يحكي روايات ويختلق قصصا لا يصدقها عقل بشر. يقول لك إنه قد وصل للتو من إيطاليا... سباحة بعد أن اجتاز عشرات الأميال بين جزيرة صقلية وساحل بلدتنا في شمال تونس الخضراء. أو يقول إنه سينضم قريبا إلى صفوف الترجي الرياضي لأن مدرب الأشبال أتى إلى بلدتنا خصيصا ليشاهده يلعب فهام به إعجابا إذ رآه يسجل أحد عشر هدفا بعد أن تناول 'كسكروت' (سندويتش) 'مقوى' بالزبادي البلدي أعدته له الحاجة لطيفة التي لم ترزق البنات ولا البنين. كان قد بلغ في الكذب شأوا بعيدا. يكذب ويلفق، ويقص ويركّب في مونتاج لا ينتهي. كان كذابا قذافا بكرة الكذب إلى الأقاصي: كان 'يشوط' كما يقول التعبير العامي (أذكر أن صحيفة شعبية نشرت في السبعينيات ربورتاجا بعنوان 'عم الطيّب، الله يرحمه، كان يشوط..').
    ومن الأكاذيب التي كان يقصها قرصان، بكل ما يستدعيه القص من الصدق الفني، أن نجم البوب الأمريكي مايكل جاكسون أتى لزيارته، وقام معه بجولة في شوارع بلدتنا الصغيرة، فإذا بالناس تتهامس 'ترى من يكون ذلك الشخص الذي يمشي بصحبة قرصان؟' أي أن البشرية تعرف قرصان، بطبيعة الحال، أما مايكل جاكسون.. فمن يكون يا ترى؟
    الآن يطلع علينا قرصان آخر زمن يغني (لمن لا بأس عنده في أن يسمع) ثم يثنّي على الغناء بالدعاء لرئيس وزراء إسرائيل بطول العمر (إذ هذا هو معنى الهتاف بحياة 'بي بي نتانياهو'). يهتف ويحض الجمهور على الهتاف معه متهجيا لهم الحروف الصعبة 'بيييي بي! بييي بي!'.أما عندما يضبط متلبسا بالجرم المشهود والروائح الفوّاحة، فإنه يتشيع في الحال لمذهب قرصان في قول الحق والتزام الصدق، فيكتب على صفحته في موقع فايسبوك: 'لا أعرف من يكون نتنياهو'.لا يا شيخ؟ تصوروا رجلا يدعو لرجل آخر بطول العمر ثم يقول إنه لا يعرفه. صحيح أن من الممكن أن تدعو لشخص آخر بالخير دون أن تعرفه. لكن هذا يحدث عادة في الجنائز. يذهب المصلون للمسجد وعندما يفرغون ينادي الإمام أحيانا بصلاة الجنازة فيدعو القوم للمتوفى بالرحمة والمغفرة. أما نتنياهو؟ و'يحيا'؟ و'لا أعرف من يكون...'؟
    على أنه لا بد، وقد بلغنا مقام 'لا أعرف'، من التذكير بأن هذا المغني ليس أول عربي يطبّع حضوريا وأصالة عن نفسه (لا نيابة عن أحد) ثم يكتشف أن الوجوه قد اختلطت عليه، وأن معجزة التطبيع التي أتاها إنما كانت رمية بغير رام. فقد سبق لشيخ الأزهر الراحل أن قال قبل حوالي عامين بعد أن صافح شمعون بيريس في نيويورك بكلتا اليدين إنه لم يكن يعرف من هو!... أذكر أن محمود درويش سئل مرة عن التطبيع، فقال ما معناه إنه يفهم أن يكون التطبيع قد صار في زمن التشرذم هذا قضية مطروحة أو مفروضة على الفلسطينيين، أما بقية العرب فما لهم ولهذه القضية أصلا؟
    ما للعربي (غير الفلسطيني) وللتطبيع؟ ما له ولهذه القضية أصلا سوى أن يكون قد وهب 'التوفيق في الخذلان'، كما يقول الجاحظ، أو أن يكون والده قد دعا عليه في ساعة إجابة... أو أن يكون قد تمنى أن يقول فيه المادحون من الشعراء الذين لا يضحكون شعرا فلم يجد أجمل من أن يمدحوه بقولهم: خذ بالمطبّع وفّه التنكيلا، كاد المطبّع أن يكون عميلا...
    أما التنكيل المقصود فهو التنكيل الإعلامي والاجتماعي جزاء وفاقا على الفعلة الشائنة. وأما العمالة فهي العمالة غير الواعية: العمالة 'الموضوعية'... التي تبقى (أيا كانت النية والمقصد) تحصيل، بل عفوا: تطبيع، حاصل.

      الوقت/التاريخ الآن هو السبت 23 نوفمبر 2024, 6:57 am