بقلم: الون بنكاس
مائة عام من النزاع، 43 عاما بعد حرب الايام الستة وقرار مجلس الامن 242، 21 عاما منذ مؤتمر مدريد، 17 عاما على التغيير الذي احدثته "مسيرة اوسلو"، 10 اعوام بعد قمة كامب ديفيد، 7 اعوام على نشر "خريطة الطريق"، 5 اعوام على فك الارتباط، 4 اعوام على سيطرة حماس على غزة، عامان على محادثات اولمرت – ابو مازن وبضع ساعات من "محادثات التقارب". وفقط على شيء جوهري واحد يتفق الاسرائيليون والفلسطينيون: الامريكيون مذنبون.
استغرق هذا زمنا طويلا، مواجهات، حروب، ارهاب فلسطيني اجرامي، فرص ربما فوتت، ازمات وعدم تفاهم، احتفالات متفائلة واحتفالات مخلولة وعديمة المعنى، ولكن في النهاية جاء. الفلسطينيون والاسرائيليون توصلوا الى حكمة تاريخية رائعة. الرئيس الامريكي هو المشكلة. ما العمل في أنه في امريكا ينتخب منذ عشرات السنين رؤساء جهلة غير قادرين على ان يروا وان يفهموا الطبيعة الداخلية للنزاع الاسرائيلي – الفلسطيني وليس لديهم المؤهلات والكفاءات اللازمة لحل اللغز المعقد للنزاع.
لا يوجد موضوع يوحد اجيال من المفاوضين، السياسيين، الموظفين، الخبراء، الصحفيين ومتفرغي السلام اكثر من الهزء المتهكم ودحرجة العيون المستخفة عندما يشرحون بان الرئيس (كارتر/ريغن/ كلينتون/ بوش/ اوباما) حقا لا يفهم ، وان للولايات المتحدة "لا توجد سياسة مرتبة وجدية"، "فريق السلام مليء باناس لا يستوعبون الشرق الاوسط" وبالطبع "القول النهائي" الفتاك والمستنفد جدا: "ماذا، أولم يتعلموا من اخطاء الماضي؟ واضح ان هذا لن ينجح. خسارة، يا لها من مأساة".
ولما كان الرؤساء هجروا معالجة النزاع او تركوه لعامهم الاخير، او اعترفوا بفشلهم في كتب ذكرياتهم، فان حكماء القدس ورام الله مقتنعون بانهم محقون في تشخيصهم: جذر النزاع هو في البيت الابيض. ومسلحان بهذا الفهم، سيصل الاسبوع القادم الى واشنطن رئيس الوزراء نتنياهو ورئيس السلطة الفلسطينية عباس. هدفهما التكتيكي وكذا الاستراتيجي: المناورة وتثبيت النفس بحيث أن التهمة بفشل المفاوضات تلقى على الطرف الاخر. تاريخ "المسيرة السياسية" يثبت بان هذه مهمة سهلة التنفيذ وفرص نجاحها عالية. مفهوم "هو الذي بدأ" كمبدأ موجه للسياسة الخارجية.
للوهلة الاولى توجد بالذات شروط مريحة وناضجة لتطور مسيرة جدية. الرئيس الامريكي ملتزم ومفعم بالدافعية للنجاح، مستوى التوقعات منخفض، الطرفان تعبان، مستنزفان، واعيان ومليئان بخيبات الامل من احتفالات السلام واوراق "نهاية النزاع"، اقتصاد الضفة الغربية ينمو، ومنذ نحو سنة ونصف السنة لا يوجد ارهاب مصدره الضفة. ولما كانت كل المسائل الجوهرية قد بحثت في الجولات السابقة، ولما كان الطرفان يتفقان على ان الحل السياسي المرغوب فيه هو تقسيم البلاد الى دولتين، ولما كان هناك فهم مبطن بانه يمكن الوصول الى اتفاق اطار قابل للتطبيق دون حل دائم لمسألة القدس او لما يسميه الفلسطينيون "حق العودة"، فيوجد ما يمكن البحث فيه.
المشكلة هي أنه لا يوجد حقا ما يمكن البحث فيه لان كل شيء قد بحث من قبل وليس في أي بعد او موضوع جوهري (الارض، المياه، المستوطنات، الامن، اللاجئين، القدس) نهج الحد الاقصى الاسرائيلي لا يلتقي بمطالب الحد الادنى للفلسطينيين. نتنياهو لا يستطيع ولا يريد ان يقترح اكثر من "صيغة كلينتون" بعد قمة كامب ديفيد في ايلول 2000. وهذه في اساسها هي "اقتراح باراك". نتنياهو لا يريد حتى ان يشبه بظروفها، ودفاعا عنه يقال ان مذهبه الفكري والظروف في غزة لا تدفعه الى عمل ذلك. كما أن نتنياهو لا يستطيع ان يواصل المحادثات السياسية من النقطة التي توقفت عنها محادثات اولمرت – عباس. نتنياهو محق ايضا في تخوفه من ان اقامة الدولة الفلسطينية سابقة لاوانها – فقط كي يلبي رغبة العالم – مما من شأنه ان يخلق دولة فاشلة الثمن الذي تجبيه من اسرائيل اعلى من ثمن الوضع الراهن. الوضع الراهن، هذا ما يريده نتنياهو. وهذا ما يتحكم به. التحدي في نظره هو ايران وليس الفلسطينيين. للفلسطينيين حافز سلبي للدخول في مثل هذه الظروف الى المفاوضات. اقل من كامب ديفيد لا يستطيعون قبوله بينما مسيرة طويلة وعديمة الجدوى والغاية ستمس بجهودهم لنيل الشرعية الدولية وتدويل حل النزاع.
مسألة "التجميد" تغذي الساحة السياسية وتملأ وسائل الاعلام الاسبوع القادم، ولكن معناها السياسي صفر. القصة الحقيقية هي الخريطة. خريطة الحدود التي بين دولة اسرائيل والدولة الفلسطينية. خريطة راسموها يعرفون بانها تحسم مستقبل نحو 60 مستوطنة وثمانين الف مستوطن/متوطن. الفلسطينيون سيطلبون رؤية خريطة في مرحلة مبكرة. نتنياهو غير قادر على رسمها، وللحقيقة فانه لم ينتخب كي يرسم مثل هذه الخريطة.
هذا يبقي جانبا، وحيدا، متفائلا ولكنه واع، الرئيس اوباما. هو، خلافا للشيخين، الاسرائيلي والفلسطيني، على شرفة الهواة بالذات يعتقد ان من المهم له ان يجرب. ولعل هذه المفاوضات تثبت بان الجميع هنا محقون. من اعتقد ان اسرائيل والفلسطينيين قادرون على الوصول الى حل من خلال مفاوضات مباشرة اخطأ. عندما يقتنع اوباما بذلك، يحتمل أن يتوصل الى استنتاج معاكس لاستنتاج نشطاء المسيرة السياسية. توجد حلول، ولكن فقط ليس في المفاوضات المباشرة.
مائة عام من النزاع، 43 عاما بعد حرب الايام الستة وقرار مجلس الامن 242، 21 عاما منذ مؤتمر مدريد، 17 عاما على التغيير الذي احدثته "مسيرة اوسلو"، 10 اعوام بعد قمة كامب ديفيد، 7 اعوام على نشر "خريطة الطريق"، 5 اعوام على فك الارتباط، 4 اعوام على سيطرة حماس على غزة، عامان على محادثات اولمرت – ابو مازن وبضع ساعات من "محادثات التقارب". وفقط على شيء جوهري واحد يتفق الاسرائيليون والفلسطينيون: الامريكيون مذنبون.
استغرق هذا زمنا طويلا، مواجهات، حروب، ارهاب فلسطيني اجرامي، فرص ربما فوتت، ازمات وعدم تفاهم، احتفالات متفائلة واحتفالات مخلولة وعديمة المعنى، ولكن في النهاية جاء. الفلسطينيون والاسرائيليون توصلوا الى حكمة تاريخية رائعة. الرئيس الامريكي هو المشكلة. ما العمل في أنه في امريكا ينتخب منذ عشرات السنين رؤساء جهلة غير قادرين على ان يروا وان يفهموا الطبيعة الداخلية للنزاع الاسرائيلي – الفلسطيني وليس لديهم المؤهلات والكفاءات اللازمة لحل اللغز المعقد للنزاع.
لا يوجد موضوع يوحد اجيال من المفاوضين، السياسيين، الموظفين، الخبراء، الصحفيين ومتفرغي السلام اكثر من الهزء المتهكم ودحرجة العيون المستخفة عندما يشرحون بان الرئيس (كارتر/ريغن/ كلينتون/ بوش/ اوباما) حقا لا يفهم ، وان للولايات المتحدة "لا توجد سياسة مرتبة وجدية"، "فريق السلام مليء باناس لا يستوعبون الشرق الاوسط" وبالطبع "القول النهائي" الفتاك والمستنفد جدا: "ماذا، أولم يتعلموا من اخطاء الماضي؟ واضح ان هذا لن ينجح. خسارة، يا لها من مأساة".
ولما كان الرؤساء هجروا معالجة النزاع او تركوه لعامهم الاخير، او اعترفوا بفشلهم في كتب ذكرياتهم، فان حكماء القدس ورام الله مقتنعون بانهم محقون في تشخيصهم: جذر النزاع هو في البيت الابيض. ومسلحان بهذا الفهم، سيصل الاسبوع القادم الى واشنطن رئيس الوزراء نتنياهو ورئيس السلطة الفلسطينية عباس. هدفهما التكتيكي وكذا الاستراتيجي: المناورة وتثبيت النفس بحيث أن التهمة بفشل المفاوضات تلقى على الطرف الاخر. تاريخ "المسيرة السياسية" يثبت بان هذه مهمة سهلة التنفيذ وفرص نجاحها عالية. مفهوم "هو الذي بدأ" كمبدأ موجه للسياسة الخارجية.
للوهلة الاولى توجد بالذات شروط مريحة وناضجة لتطور مسيرة جدية. الرئيس الامريكي ملتزم ومفعم بالدافعية للنجاح، مستوى التوقعات منخفض، الطرفان تعبان، مستنزفان، واعيان ومليئان بخيبات الامل من احتفالات السلام واوراق "نهاية النزاع"، اقتصاد الضفة الغربية ينمو، ومنذ نحو سنة ونصف السنة لا يوجد ارهاب مصدره الضفة. ولما كانت كل المسائل الجوهرية قد بحثت في الجولات السابقة، ولما كان الطرفان يتفقان على ان الحل السياسي المرغوب فيه هو تقسيم البلاد الى دولتين، ولما كان هناك فهم مبطن بانه يمكن الوصول الى اتفاق اطار قابل للتطبيق دون حل دائم لمسألة القدس او لما يسميه الفلسطينيون "حق العودة"، فيوجد ما يمكن البحث فيه.
المشكلة هي أنه لا يوجد حقا ما يمكن البحث فيه لان كل شيء قد بحث من قبل وليس في أي بعد او موضوع جوهري (الارض، المياه، المستوطنات، الامن، اللاجئين، القدس) نهج الحد الاقصى الاسرائيلي لا يلتقي بمطالب الحد الادنى للفلسطينيين. نتنياهو لا يستطيع ولا يريد ان يقترح اكثر من "صيغة كلينتون" بعد قمة كامب ديفيد في ايلول 2000. وهذه في اساسها هي "اقتراح باراك". نتنياهو لا يريد حتى ان يشبه بظروفها، ودفاعا عنه يقال ان مذهبه الفكري والظروف في غزة لا تدفعه الى عمل ذلك. كما أن نتنياهو لا يستطيع ان يواصل المحادثات السياسية من النقطة التي توقفت عنها محادثات اولمرت – عباس. نتنياهو محق ايضا في تخوفه من ان اقامة الدولة الفلسطينية سابقة لاوانها – فقط كي يلبي رغبة العالم – مما من شأنه ان يخلق دولة فاشلة الثمن الذي تجبيه من اسرائيل اعلى من ثمن الوضع الراهن. الوضع الراهن، هذا ما يريده نتنياهو. وهذا ما يتحكم به. التحدي في نظره هو ايران وليس الفلسطينيين. للفلسطينيين حافز سلبي للدخول في مثل هذه الظروف الى المفاوضات. اقل من كامب ديفيد لا يستطيعون قبوله بينما مسيرة طويلة وعديمة الجدوى والغاية ستمس بجهودهم لنيل الشرعية الدولية وتدويل حل النزاع.
مسألة "التجميد" تغذي الساحة السياسية وتملأ وسائل الاعلام الاسبوع القادم، ولكن معناها السياسي صفر. القصة الحقيقية هي الخريطة. خريطة الحدود التي بين دولة اسرائيل والدولة الفلسطينية. خريطة راسموها يعرفون بانها تحسم مستقبل نحو 60 مستوطنة وثمانين الف مستوطن/متوطن. الفلسطينيون سيطلبون رؤية خريطة في مرحلة مبكرة. نتنياهو غير قادر على رسمها، وللحقيقة فانه لم ينتخب كي يرسم مثل هذه الخريطة.
هذا يبقي جانبا، وحيدا، متفائلا ولكنه واع، الرئيس اوباما. هو، خلافا للشيخين، الاسرائيلي والفلسطيني، على شرفة الهواة بالذات يعتقد ان من المهم له ان يجرب. ولعل هذه المفاوضات تثبت بان الجميع هنا محقون. من اعتقد ان اسرائيل والفلسطينيين قادرون على الوصول الى حل من خلال مفاوضات مباشرة اخطأ. عندما يقتنع اوباما بذلك، يحتمل أن يتوصل الى استنتاج معاكس لاستنتاج نشطاء المسيرة السياسية. توجد حلول، ولكن فقط ليس في المفاوضات المباشرة.
الجمعة 19 أغسطس 2016, 2:15 am من طرف راهب الفكر
» تصريح الناطق الرسمي لجيش رجال الطريقة النقشبندية بصدد التهجير القسري للعراقيين
الجمعة 19 أغسطس 2016, 2:14 am من طرف راهب الفكر
» زيف المفترين في إعلان خلافة المسلمين
الجمعة 19 أغسطس 2016, 2:14 am من طرف راهب الفكر
» مبارزة شعرية .......
الجمعة 19 أغسطس 2016, 2:11 am من طرف راهب الفكر
» مقاومينا بغزة البواسل للشاعر عطا سليمان رموني
الجمعة 19 أغسطس 2016, 2:08 am من طرف راهب الفكر
» أتثائب... عبلة درويش
الأحد 24 أغسطس 2014, 1:54 pm من طرف راهب الفكر
» تصريح ولكن.... وما بعد الجدار/تغريد العزة
الأحد 24 أغسطس 2014, 1:54 pm من طرف راهب الفكر
» " منديلٌ لبسمات امرأة " لؤي ابو عكر
الأحد 24 أغسطس 2014, 1:53 pm من طرف راهب الفكر
» نقد الحزب المشكلات التنظيمية للحزب الشيوعي " سلامة كيلة (للتحميل)
الأحد 24 أغسطس 2014, 1:53 pm من طرف راهب الفكر
» تلخيص كتاب: تاريـخ فلسطين في أواخر العهد العثماني 1700 – 1918
الأحد 24 أغسطس 2014, 1:37 pm من طرف راهب الفكر