لقد بدأ تفسخ النظام الإقطاعي في أوروبا منذ القرن السادس عشر مع تطور الإنتاج السلعي ونمو السوق الداخلي والخارجي .. الخ ، وكان من أوائل أيدلوجيي البرجوازية ميكافيلي (1469 – 1527 ) الذي ذهب إلى أن المجتمع لا يتطور تبعاً لإرادة خارجية وميتافيزيقية ، وإنما وفقاً لأسباب طبيعية ، تضرب جذورها في التاريخ وفي النفسية البشرية والوقائع الملموسة .
وفي مرحلة تشكل العلاقات الرأسمالية تأثر الفكر الاجتماعي بحركة الإصلاح المناوئة للكنيسة الإقطاعية الكاثوليكية ، التي قادها مارثن لوثر ( 1483 – 1546 ) وتوماس مونزو (1453 – 1525 ) اللذان أكدا على فكرة الاتصال المباشر بالله دون واسطة الكنيسة .. أيضاً ظهرت في هذه المرحلة بعض الأفكار الاشتراكية الطوباوية ، ومن مفكريها توماس مور (1478 – 1535 ) الذي أكد في كتابه ( الأوتوبيا – أو الكتاب الذهبي ) إلى أن أصل ويلات الشعب هو الملكية الخاصة التي لابد من القضاء عليها في رأيه ، وجاء بعده المفكر الإيطالي ( تومازوكمبانيلا 1568-1639 ) ليؤكد ويطور نفس الأفكار الطوباوية في كتابه " مدينة الشمس " ولكن هذه الأفكار لم يقدر لها أن تنتشر بسبب الظروف الموضوعية السائدة في القرن السادس عشر .
ومع تطور الرأسمالية شرعت البرجوازية في التصدي لسلطة الإقطاعيين ، وطالبت بإلغاء الامتيازات والتقسيمات المراتبية ، وبرز في هذا السياق عدد من المفكرين من أبرزهم سبينوزا الذي طالب بتأسيس الدولة كتنظيم يخدم مصالح كل الناس ، وجون لوك ، الذي قال بأن الحالة الطبيعية للبشر تتأكد عند سيطرة الحرية والمساواة كمفاهيم أساسية تحكم المجتمع .
وفي القرن 18 تطور الفكر الاجتماعي في أوروبا تحت راية التنوير في فرنسا ، وكان فولتير (1694 – 1778 ) من أبرز مفكري التنوير ، أكد على الحق الطبيعي في نقده للنظام الإقطاعي ، وعنده أن القوانين الطبيعية هي قوانين العقل ، فالإنسان يولد حراً ولا يجب أن يخضع إلا لقوانين الطبيعة .
ومن بين المفكرين أصحاب النزعة الديمقراطية الثورية كان جان جاك روسو (1712-1778) صاحب المؤلفين ( في أسباب التفاوت ) و ( العقد الاجتماعي ) ، إنه يرى أن أصل الشرور والتفاوت بين البشر يعود إلى الملكية الخاصة كسبب أولي وحيد فهو القائل " إن العداء والكراهية والأنانية بين البشر، بدأت حينما وضع أول إنسان سياجاً حول قطعة من الأرض معلناً أنها ملكيته الخاصة " .
أما الفيلسوف المادي الفرنسي هولباخ (1723- 1789 ) فنادى بتأسيس دولة أو عقد اجتماعي قائم على الحرية والملكية والأمن ، واعتبر أن العالم الروحي للإنسان هو نتاج للوسط الاجتماعي ، وجاء رائد الفلسفة الكلاسيكية الألمانية ( كانط 1724- 1804) الذي اعتبر التاريخ تطوراً للحرية البشرية وبلوغاً لحالة قائمة على العقل ، واعترف بمساواة المواطنين أمام القانون ، لكنه قسم الناس إلى نوعين: المالكين لوسائل الانتاج وهم الذين اعترف لهم بحق المواطنة والحرية، أما الذين لا يملكون فقد سماهم " حاملي جنسية " وهؤلاء ليسوا أحراراً أو مواطنين ، إنهم جموع الكادحين والجماهير المستغلة.
وبعد "كانط" جاء فيلسوف الجدل هيجل (1770 –1831) الذي أسهم بقسط كبير في معالجة المشكلات الفلسفية لتاريخ المجتمع ، وهو يذهب إلى أنه في صلب الكون تقوم " الفكرة المطلقة " الدائمة التطور ، والتي تولد أو تخلق العالم كله – الطبيعة والإنسان ، والمجتمع ، لقد صَوَّر هيجل التاريخ العالمي على شكل مسيرة للروح ( الفكرة ) على الأرض وهذا الروح الكوني ، يسكن الشعب السائد في التاريخ العالمي بالعصر المعني ، ولم يكن غريباً – بعد حوالي مائة عام – أن يستلهم هتلر والنازية جوهر أفكار هيجل (إلى جانب أفكار شوبنهور ونيتشه وتريتشكه) وتطبيقها على الشعب الألماني باعتباره سوبرمان العالم أو " الشعب السائد " .
ولكن، رغم أهمية الفلسفة السابقة ودورها ، إلا أنها لم تتمكن من وضع الحلول الاجتماعية الملائمة للأغلبية الساحقة من البشر ، ومع تطور وتفاقم أوضاع الطبقة العاملة في النصف الأول من القرن 19 ، وباستخدام التحليل الفلسفي لأحدث منجزات العلم ، ومن خلال معالجة وتطوير الانجازات الإيجابية لمفكري الماضي ، أمكن لماركس وانجلز وضع المادية التاريخية و القوانين العامة للتطور التاريخي وأشكال تحققها في نشاط الناس في ضوء معطيات النظام الرأسمالي وعلاقاته الاقتصادية والاجتماعية القائمة على الاستغلال.
ارتبط نشوء العلاقات الرأسمالية مع بداية تكون الملامح الأولى للطبقة البرجوازية ، كطبقة مالكه لوسائل وأدوات الإنتاج ، وقد كان مستوى التطور النسبي للإنتاج البضاعي ( السلعي ) في أواخر التشكيلة الإقطاعية ، السبب الرئيسي ( عبر الإنتاج والتجارة والمرابين والتراكم النقدي ) في نشوء الطبقة البورجوازية ومن ثم العلاقات الرأسمالية .
ومع تطور الرأسمالية ، تتطور قوى الإنتاج باستمرار ، وما ينتج عن ذلك من تعارض حاد أحياناً بينها وبين علاقات الإنتاج القديمة ، وهذا لا يعني أن الرأسمالية تستطيع دائماً أن تحل أزماتها الداخلية بما يضمن استمرار صعودها ، فبالرغم من كل ما نلاحظه اليوم من تطور هائل وانتشار " واسع " ، إلا أن ذلك لا يلغي إطلاقاً طبيعة الأزمة والتناقضات الداخلية للنظام الرأسمالي منذ وصوله إلى مرحلة الامبريالية [1] ، في نهاية القرن التاسع عشر ، وامتداده إلى عصرنا الراهن حيث أصبحت العولمة الرأسمالية هي السمة الأساسية للإمبريالية في طورها الجديد ، إن العولمة " صيغة تهدف إلى إعادة صياغة النظم السياسية والاقتصادية السائدة في العالم ، بهدف إخضاع العالم لإرادة كونية واحدة ، إنها انفتاح عالمي بلا حدود ، وهيمنة بلا حدود ، تقوم على حرية حركة رؤوس الأموال والمنتجات والتسليم بسيادة السوق ، وفي العولمة، باتت دول العالم الثالث والوطن العربي تحديداً –بحكم عوامل/ مصالح طبقية خارجية وداخلية-، مجرد مشروعات يتم بواسطتها تدمير السوق الوطني أو القومي ومن ثم تكريس تبعيتها وتخلفها وارتهانها.
[1] المميزات الاساسية للإمبريالية فى سياق تطورها التاريخى:
*تمركز الانتاج الرأسمالى ، تمركزا أدى إلى نشوء الاحتكارات التى قامت بالدور الحاسم فى الحياة الاقتصادية.
*اندماج الرأسمال المصرفى بالرأسمال الصناعى ، ونشوء "الرأسمال المالى".
*تصدير الرساميل وتشكل اتحادات احتكارية عالمية ، وتقاسم العالم بين الدول الرأسمالية الكبرى.
* العولمة ، في اطار النمط الرأسمالي، هي الشكل الأعلى من تطور النظام الرأسمالي او ما بعد الامبريالية ، وانحسار دور الدولة الرأسمالية لحساب الدولة المركزية الأقوى ، وبروز الدور الملموس للشركات المتعددة الجنسية فى التحكم بقيادة الاقتصاد العالمى ، إلى جانب ذلك نلاحظ بدايات انهيار الدولة المركزية في بلدان العالم الثالث – التي تتعرض الى مزيدمن التراجع والافقار .
وفي مرحلة تشكل العلاقات الرأسمالية تأثر الفكر الاجتماعي بحركة الإصلاح المناوئة للكنيسة الإقطاعية الكاثوليكية ، التي قادها مارثن لوثر ( 1483 – 1546 ) وتوماس مونزو (1453 – 1525 ) اللذان أكدا على فكرة الاتصال المباشر بالله دون واسطة الكنيسة .. أيضاً ظهرت في هذه المرحلة بعض الأفكار الاشتراكية الطوباوية ، ومن مفكريها توماس مور (1478 – 1535 ) الذي أكد في كتابه ( الأوتوبيا – أو الكتاب الذهبي ) إلى أن أصل ويلات الشعب هو الملكية الخاصة التي لابد من القضاء عليها في رأيه ، وجاء بعده المفكر الإيطالي ( تومازوكمبانيلا 1568-1639 ) ليؤكد ويطور نفس الأفكار الطوباوية في كتابه " مدينة الشمس " ولكن هذه الأفكار لم يقدر لها أن تنتشر بسبب الظروف الموضوعية السائدة في القرن السادس عشر .
ومع تطور الرأسمالية شرعت البرجوازية في التصدي لسلطة الإقطاعيين ، وطالبت بإلغاء الامتيازات والتقسيمات المراتبية ، وبرز في هذا السياق عدد من المفكرين من أبرزهم سبينوزا الذي طالب بتأسيس الدولة كتنظيم يخدم مصالح كل الناس ، وجون لوك ، الذي قال بأن الحالة الطبيعية للبشر تتأكد عند سيطرة الحرية والمساواة كمفاهيم أساسية تحكم المجتمع .
وفي القرن 18 تطور الفكر الاجتماعي في أوروبا تحت راية التنوير في فرنسا ، وكان فولتير (1694 – 1778 ) من أبرز مفكري التنوير ، أكد على الحق الطبيعي في نقده للنظام الإقطاعي ، وعنده أن القوانين الطبيعية هي قوانين العقل ، فالإنسان يولد حراً ولا يجب أن يخضع إلا لقوانين الطبيعة .
ومن بين المفكرين أصحاب النزعة الديمقراطية الثورية كان جان جاك روسو (1712-1778) صاحب المؤلفين ( في أسباب التفاوت ) و ( العقد الاجتماعي ) ، إنه يرى أن أصل الشرور والتفاوت بين البشر يعود إلى الملكية الخاصة كسبب أولي وحيد فهو القائل " إن العداء والكراهية والأنانية بين البشر، بدأت حينما وضع أول إنسان سياجاً حول قطعة من الأرض معلناً أنها ملكيته الخاصة " .
أما الفيلسوف المادي الفرنسي هولباخ (1723- 1789 ) فنادى بتأسيس دولة أو عقد اجتماعي قائم على الحرية والملكية والأمن ، واعتبر أن العالم الروحي للإنسان هو نتاج للوسط الاجتماعي ، وجاء رائد الفلسفة الكلاسيكية الألمانية ( كانط 1724- 1804) الذي اعتبر التاريخ تطوراً للحرية البشرية وبلوغاً لحالة قائمة على العقل ، واعترف بمساواة المواطنين أمام القانون ، لكنه قسم الناس إلى نوعين: المالكين لوسائل الانتاج وهم الذين اعترف لهم بحق المواطنة والحرية، أما الذين لا يملكون فقد سماهم " حاملي جنسية " وهؤلاء ليسوا أحراراً أو مواطنين ، إنهم جموع الكادحين والجماهير المستغلة.
وبعد "كانط" جاء فيلسوف الجدل هيجل (1770 –1831) الذي أسهم بقسط كبير في معالجة المشكلات الفلسفية لتاريخ المجتمع ، وهو يذهب إلى أنه في صلب الكون تقوم " الفكرة المطلقة " الدائمة التطور ، والتي تولد أو تخلق العالم كله – الطبيعة والإنسان ، والمجتمع ، لقد صَوَّر هيجل التاريخ العالمي على شكل مسيرة للروح ( الفكرة ) على الأرض وهذا الروح الكوني ، يسكن الشعب السائد في التاريخ العالمي بالعصر المعني ، ولم يكن غريباً – بعد حوالي مائة عام – أن يستلهم هتلر والنازية جوهر أفكار هيجل (إلى جانب أفكار شوبنهور ونيتشه وتريتشكه) وتطبيقها على الشعب الألماني باعتباره سوبرمان العالم أو " الشعب السائد " .
ولكن، رغم أهمية الفلسفة السابقة ودورها ، إلا أنها لم تتمكن من وضع الحلول الاجتماعية الملائمة للأغلبية الساحقة من البشر ، ومع تطور وتفاقم أوضاع الطبقة العاملة في النصف الأول من القرن 19 ، وباستخدام التحليل الفلسفي لأحدث منجزات العلم ، ومن خلال معالجة وتطوير الانجازات الإيجابية لمفكري الماضي ، أمكن لماركس وانجلز وضع المادية التاريخية و القوانين العامة للتطور التاريخي وأشكال تحققها في نشاط الناس في ضوء معطيات النظام الرأسمالي وعلاقاته الاقتصادية والاجتماعية القائمة على الاستغلال.
ارتبط نشوء العلاقات الرأسمالية مع بداية تكون الملامح الأولى للطبقة البرجوازية ، كطبقة مالكه لوسائل وأدوات الإنتاج ، وقد كان مستوى التطور النسبي للإنتاج البضاعي ( السلعي ) في أواخر التشكيلة الإقطاعية ، السبب الرئيسي ( عبر الإنتاج والتجارة والمرابين والتراكم النقدي ) في نشوء الطبقة البورجوازية ومن ثم العلاقات الرأسمالية .
ومع تطور الرأسمالية ، تتطور قوى الإنتاج باستمرار ، وما ينتج عن ذلك من تعارض حاد أحياناً بينها وبين علاقات الإنتاج القديمة ، وهذا لا يعني أن الرأسمالية تستطيع دائماً أن تحل أزماتها الداخلية بما يضمن استمرار صعودها ، فبالرغم من كل ما نلاحظه اليوم من تطور هائل وانتشار " واسع " ، إلا أن ذلك لا يلغي إطلاقاً طبيعة الأزمة والتناقضات الداخلية للنظام الرأسمالي منذ وصوله إلى مرحلة الامبريالية [1] ، في نهاية القرن التاسع عشر ، وامتداده إلى عصرنا الراهن حيث أصبحت العولمة الرأسمالية هي السمة الأساسية للإمبريالية في طورها الجديد ، إن العولمة " صيغة تهدف إلى إعادة صياغة النظم السياسية والاقتصادية السائدة في العالم ، بهدف إخضاع العالم لإرادة كونية واحدة ، إنها انفتاح عالمي بلا حدود ، وهيمنة بلا حدود ، تقوم على حرية حركة رؤوس الأموال والمنتجات والتسليم بسيادة السوق ، وفي العولمة، باتت دول العالم الثالث والوطن العربي تحديداً –بحكم عوامل/ مصالح طبقية خارجية وداخلية-، مجرد مشروعات يتم بواسطتها تدمير السوق الوطني أو القومي ومن ثم تكريس تبعيتها وتخلفها وارتهانها.
[1] المميزات الاساسية للإمبريالية فى سياق تطورها التاريخى:
*تمركز الانتاج الرأسمالى ، تمركزا أدى إلى نشوء الاحتكارات التى قامت بالدور الحاسم فى الحياة الاقتصادية.
*اندماج الرأسمال المصرفى بالرأسمال الصناعى ، ونشوء "الرأسمال المالى".
*تصدير الرساميل وتشكل اتحادات احتكارية عالمية ، وتقاسم العالم بين الدول الرأسمالية الكبرى.
* العولمة ، في اطار النمط الرأسمالي، هي الشكل الأعلى من تطور النظام الرأسمالي او ما بعد الامبريالية ، وانحسار دور الدولة الرأسمالية لحساب الدولة المركزية الأقوى ، وبروز الدور الملموس للشركات المتعددة الجنسية فى التحكم بقيادة الاقتصاد العالمى ، إلى جانب ذلك نلاحظ بدايات انهيار الدولة المركزية في بلدان العالم الثالث – التي تتعرض الى مزيدمن التراجع والافقار .
الجمعة 19 أغسطس 2016, 2:15 am من طرف راهب الفكر
» تصريح الناطق الرسمي لجيش رجال الطريقة النقشبندية بصدد التهجير القسري للعراقيين
الجمعة 19 أغسطس 2016, 2:14 am من طرف راهب الفكر
» زيف المفترين في إعلان خلافة المسلمين
الجمعة 19 أغسطس 2016, 2:14 am من طرف راهب الفكر
» مبارزة شعرية .......
الجمعة 19 أغسطس 2016, 2:11 am من طرف راهب الفكر
» مقاومينا بغزة البواسل للشاعر عطا سليمان رموني
الجمعة 19 أغسطس 2016, 2:08 am من طرف راهب الفكر
» أتثائب... عبلة درويش
الأحد 24 أغسطس 2014, 1:54 pm من طرف راهب الفكر
» تصريح ولكن.... وما بعد الجدار/تغريد العزة
الأحد 24 أغسطس 2014, 1:54 pm من طرف راهب الفكر
» " منديلٌ لبسمات امرأة " لؤي ابو عكر
الأحد 24 أغسطس 2014, 1:53 pm من طرف راهب الفكر
» نقد الحزب المشكلات التنظيمية للحزب الشيوعي " سلامة كيلة (للتحميل)
الأحد 24 أغسطس 2014, 1:53 pm من طرف راهب الفكر
» تلخيص كتاب: تاريـخ فلسطين في أواخر العهد العثماني 1700 – 1918
الأحد 24 أغسطس 2014, 1:37 pm من طرف راهب الفكر