بسام أبو شريف
الذين يعرفون ليبيا، يعلمون أن ملف معمر القذافي لم يغلق ولن يغلق حتى لو قتلوا سيف الإسلام، الذي أطلقت عليه قبائل ليبيا "حامل الدم " أي المكلف من القبائل للأخذ بالثأر العشائري . الموضوع أكبر من هذا وذاك . وهو موضوع يتخطى الصحراء الليبية والمياه الإقليمية الليبية، لا بل لا يتوقف عند شواطئ أوروبا المقابلة والمواجهة للشواطئ الليبية.
وكي نستوعب مدى تأثير عملية القتل "المقرفة" التي شاهدها مئات الملايين على شاشات التلفزيون لابد أن نبدأ بالقول بأن حق الشعب الليبي بالحرية والديمقراطية حق مقدس لا يمكن لأحد أن يسحقه أو يمنعه . كذلك نقول أن حق الشعب الليبي باختيار زعامته ونظامه أمر من حق الليبيين وحدهم ولا دخل لأحد بذلك حتى لو كان إيطاليا من الذين احتلوا ليبيا سابقا أو بريطانيا من الذين حاربوا رومل بقبائل ليبية، أو أمريكيا من الذين عاشوا في قاعدة هويلس وشاركوا بضرب طيران مصر عام 1967 أو الأمريكان الذين قصفوا بيت معمر القذافي أيام حكم الرئيس ريغان . معمر القذافي ثار على الاستعمار والملكية ، فحرر بلاده من القواعد العسكرية الأجنبية وأنشأ نظاما أراده أن يكون فريدا أي نظام حكم الشعب . لكنه وقع في أخطاء كبيرة داس خلالها على ما أعلنه هو . ولم يسمع لنصائح الأصدقاء الذين رأوا في تهيئة أولاده للحكم بعده نوعا من عودة حكم العائلة ويشبه ما درجت عليه بعض الأنظمة الجمهورية مؤخراً . لكنه كما ظهر ، لم يضع قرشاً ليبيا باسمه الشخصي أو باسم عائلته بل تبين أن الأموال الضخمة التي أودعت مصارف عالمية هى أموال باسم الحكومة الليبية . وهذا ما جعل الدول الناهبة تستعجل الاعتراف بحكومة وهمية أقيمت في بنغازي لتتصرف بأكثر من مئة وثمانين مليار دولار هي أموال الشعب الليبي . وفاجأ الدول الناهبة بأن ليبيا ومعمر القذافي (الذي كان محط سخرية الغرب) قد وظفت مبالغ طائلة بشراء حصص وأسهم في شركات أوروبية وأمريكية كاستثمارات بحيث لم تتمكن حكومات الغرب من مصادرتها .
فليبيا تملك أكبر مصفاة نفط في إيطاليا ومعظم محطات توزيع الوقود ( Tam Oil ) وتمتلك حصصاً كبيرة في شركات صناعة السيارات وغيره . حافظ معمر القذافي على ثروة الشعب الليبي ولم يهدرها . لكن طمع الطامعين والدول الناهبة أبى إلا أن يسيطر على نفط ليبيا، فدخل من مدخل الأخطاء، وتحت شعار دعم الديمقراطية والحرية، والحقيقة أن التدخل الأجنبي كان للنهب وليس لأي شيء آخر . حلف الناتو كذب ويكذب ومازال . قالوا إن القرار هو فرض حظر جوي على ليبيا، وفجأة امتلأ البحر بحاملات الطائرات . وإذا بمنطقة الخطر الجوي تتحول إلى منطقة اعتداءات جوية لا تتوقف على ليبيا . وليس سراً أن نقول أن قصف طائرات الناتو الحربية كان منهجيا لتكسير وتحطيم كل مصانع ليبيا ومؤسساتها ومبانيها ومدارسها ومنشآت نفطها . وبطبيعة الحال مواقع ليبيا ومخازنها العسكرية ومقرات السلطة وبيت معمر القذافي وبيوت المسؤولين .
فاتورة القصف التي قدمها الناتو والبنتاغون التهمت مئة وثمانين مليار . أما على الأرض فقد انكشف كذب الناتو ودوله ... فقد زعموا أن تدخلهم هو قصف جوي فقط . لكن الحقيقة التي ظهرت مؤخرا للجميع (وكانت قد ظهرت للبعض منذ البداية ) هى أن القوات الخاصة البريطانية والفرنسية تقاتل على الأرض . وهى التي شقت الطريق لطرابلس العاصمة وهى التي داهمت سرت وبني الوليد . واعترف بذلك وزير الدفاع البريطاني الذي أعلن عن سحب القوات الخاصة ليدارك بعد بث رسالة سيف الاسلام بعد اغتيال والده ، عن تكليف هذه القوات البريطانية بالبحث عن سيف الإسلام . دول ناهبة تطمع في نهب النفط الليبي كما نهبت أمريكا نفط العراق .
أما عن التبشيع والتشنيع في اغتيال معمر القذافي فهذا أمر إن أشار إلى شيء فهو يشير إلى أن من ارتكب ذلك ليس عربيا ولا يمكن أن تكون أخلاقه عربية او إسلامية أو مسيحية . فهذا أمر بعيد كل البعد عن الأخلاق العربية والأعراف العسكرية ونهى عنه الإسلام والمسيحية نهياً قاطعاً . فمن اغتال معمر القذافي ؟ ! إنها الدول الناهبة . ولماذا يخشى الذين دفنوا جثمانه وجثمان ابنه والرجل المتواضع المخلص لعروبته أبو بكر يونس ، من أن يُعرف أين دفنوا؟؟. إنهم يرتعدون من الذين دفنوا لأنهم أجرموا بحق الشعب والوطن ولا يعرفون الآن كيف يحمون البلد من الاستعمار الجديد . ويبقى السؤال لشعب ليبيا البطل: هل سوف تسمحون للناهبين بأن ينهبوا ثرواتكم وأن يعودوا بقواعدهم العسكرية ليحكموكم ؟ . ليعلم الجميع أن المستفيد الأول بعد الدول الناهبة هو بنيامين نتنياهو . هل يفكر أحد ، أو يلاحظ أحد كيف يتسارع قضم نتنياهو للقدس وأرض الضفة ، هذه هى إحدى النتائج . ستطالب الدول الناهبة ، بعد ما جرى ، بحصص النفط وتجبر من قبل الخضوع لها على توقيع العقود المجحفة بحق الشعب الليبي . ثم ستجبر الدول الناهبة ليبيا الخاضعة على توقيع عقود إعادة بناء ليبيا مع شركات دولها . وستصبح ليبيا (مديونة) لهذه الدول وستتراكم الفوائد ولن تتمكن ليبيا (بنفطها وغازها) من سداد هذه الديون والفوائد لنص قرن قادم.
هذه هى أهداف الدول الناهبة وحليفتها إسرائيل . فهل فهمتم ؟ . وعلى الجانب الأخر سنرى استمراراً للفوضى على صعيد الحكم الجديد، وسنرى صراعات قد تتحول إلى صراعات دموية ، وسنرى عمليات ثأر وقتال تندلع هنا وهناك بين الفترة والأخرى ، وسنرى عشائر وقبائل تتعامل مع بنغازي على أنها حصن للأعداء وسيستمر الكر والفر . لكن الذي سيستمر أيضا هو سعي الشعب الليبي للحرية والديمقراطية والاستقرار ولن يجد الشعب الليبي ذلك طالما أن الدول الناهبة تتحكم في الأمور . فقط عندما تطرد الدول الناهبة ويمزق الشعب عقود الذل سينتزع الشعب حريته وديمقراطيته واستقراره .
الجمعة 19 أغسطس 2016, 2:15 am من طرف راهب الفكر
» تصريح الناطق الرسمي لجيش رجال الطريقة النقشبندية بصدد التهجير القسري للعراقيين
الجمعة 19 أغسطس 2016, 2:14 am من طرف راهب الفكر
» زيف المفترين في إعلان خلافة المسلمين
الجمعة 19 أغسطس 2016, 2:14 am من طرف راهب الفكر
» مبارزة شعرية .......
الجمعة 19 أغسطس 2016, 2:11 am من طرف راهب الفكر
» مقاومينا بغزة البواسل للشاعر عطا سليمان رموني
الجمعة 19 أغسطس 2016, 2:08 am من طرف راهب الفكر
» أتثائب... عبلة درويش
الأحد 24 أغسطس 2014, 1:54 pm من طرف راهب الفكر
» تصريح ولكن.... وما بعد الجدار/تغريد العزة
الأحد 24 أغسطس 2014, 1:54 pm من طرف راهب الفكر
» " منديلٌ لبسمات امرأة " لؤي ابو عكر
الأحد 24 أغسطس 2014, 1:53 pm من طرف راهب الفكر
» نقد الحزب المشكلات التنظيمية للحزب الشيوعي " سلامة كيلة (للتحميل)
الأحد 24 أغسطس 2014, 1:53 pm من طرف راهب الفكر
» تلخيص كتاب: تاريـخ فلسطين في أواخر العهد العثماني 1700 – 1918
الأحد 24 أغسطس 2014, 1:37 pm من طرف راهب الفكر