كيف حدثت النـــكبــة../ باسم حماد
لم تكن بريطانيا لتنهي انتدابها لفلسطين إلا بعد أن اطمأنت إلى نجاح مشروعها في فلسطين بإعداد اليهود عدداً وعدّة لإقامة دولتهم وحمايتها. وقد حدّد قرار التقسيم نفسه الصادر في نوفمبر 1947 مدّة ثمانية أشهر لدولة الإنتداب كي تنفذ انسحابها لكنّ بريطانيا حددت منتصف أيار مايو 1948 موعداً لإكمال انسحابها من فلسطين.
وكانت بريطانيا وهي التي تزوّد الجيوش العربية بالسلاح وبالخبرة العسكرية تعرف مدى قدرة هذه الجيوش كما كانت تعرف أن المنظمات العسكرية الصهيونية في فلسطين نفسها تبلغ من ناحية العدد والعدة أضعاف أضعاف قوة الثوار الفلسطينيين. لأن بريطانيا نفسها دولة الإنتداب كانت تمنع العرب في فلسطين من حيازة السلاح وتصادر أي سلاح بحوزة الفلسطينيين وتعتقل صاحبه ومنعت تهريب الأسلحة للفلسطينيين في الوقت الذي كانت هي تسلّح وتدرب المستوطنين اليهود. وكانت تتحكم بتصريف الأمور في المنطقة.
وبعد صدور قرار التقسيم رفضه العرب عاطفياً لكنهم لم يكونوا جاهزين تنظيمياً وعسكرياً واقتصادياً لمنع تنفيذه وأخذوا بشكل مستعجل يفعلون ما يمكن فعله من أجل إنقاذ فلسطين:
قوات الجهاد المقدّس:
ألفت الهيئة العربية بعد صدور قرار التقسيم قوات الجهاد المقدّس وعهدت بقيادتها إلى المجاهد عبد القادر الحسيني في 22/12/1947 لكن هذه القوات افتقرت إلى التدريب والإنضباط والنظام بسبب عدم قدرة قيادتها على تنظيمها وتطويرها لتصبح ذات فعالية قتالية. أمّا أسلحتها فكانت خفيفة وقديمة ومتنوعة وينقصها العتاد الكافي. وقد تألفت هذه القوات من المجندين الذين يشكلون القوة المتحركة، ومن "المجاهدين المرابطين" من المدن والقرى الفلسطينية وبلغ مجموع هذه القوات في أحسن الحالات ثمانية آلاف مقاتل.
الحاميات المحلية الفلسطينية:
انتظم المقاتلون المحليون الفلسطينيون في مجموعات قتالية صغيرة، وكانت كل مجموعة مرتبطة بقائد محلّي يعتمد على مساندة ودعم أبناء القرى المجاورة في أي عملية قتالية يقوم بها، وكانت هذه المجموعات تفتقر إلى التنظيم والتدريب العسكريين. ونشأت في المدن تنظيمات دفاعية محليّة مهمتها حماية الأحياء العربية وحراستها، كما تشكل في المدن الكبرى "حرس قومي" تشرف عليه اللجان القومية المحلية. وقد افتقرت هذه القوات كسابقاتها إلى التدريب والتنظيم العسكريين، وبالرغم من حالة هذه القوات الملحية السيئة وافتقارها إلى السلاح والذخيرة فقد تحمّلت العبء الأكبر في الحرب ضد المنظمات الصهيونية خلال تلك الفترة وبلغ مجموع هذه الحاميات في أحسن الحالات عدّة آلاف من المقاتلين.
جيش الإنقاذ:
بعد صدور قرار التقسيم اجتمع مجلس جامعة الدول العربية واللجنة السياسية لإسقاط واجب.وتأسّست لجنة عسكرية لجمع المتطوعين من الأقطار العربية وتدريبهم وتسليحهم ضمن تشكيلات شبه عسكرية أطلق عليها "جيش الإنقاذ"، وتولى قيادته العامّة اللواء الركن إسماعيل صفوت (العراق) يساعده العقيد محمود الهندي (سوريا) للإدارة، والمقدّم شوكت شقير (سوريا) والرئيس وصفي التل (الأردن) للعمليات، وتولى العقيد طه الهاشمي (العراق) منصب المفتش العام للجيش وأسندت إليه مهمّة التدريب والتنظيم.
بدأ التجنيد في صفوف جيش الإنقاذ في بداية عام 1948 وانخرط في صفوف هذا الجيش فئات مختلفة من الضباط والجنود السابقين والطلاب والموظفين والعمال والفلاحين الذين دفعهم إلى ذلك حماس قومي جارف. وتألفت سرايا من مدن ومناطق مختلفة مثل السرية الحلبية (حلب). والسرية اللبنانية وسرية الفُراتين (عراقية) وفوج جبل العرب والمفرزة الحموية والمفرزة الشركسية والمفرزة الإدلبية، والمفرزة الأردنية والمفرزة البدوية. كما كان هناك متطوعين من بلاد إسلامية أيضاً.
وقد درب هذا الخليط من المتطوعين في معسكرات بالقرب من دمشق تدريباً بسيطاً غير كافٍ لإشراكهم في أي قتال حربي. وكان سلاح هذا الجيش خليط من الأسلحة الخفيفة بعضها قديم غير صالح للإستعمال، وبعضها لا عتاد له. وبسبب هذا الخليط من القوات غير النظامية سادت الفوضى وسوء التنظيم وحدات جيش الإنقاذ. وكان الجندي الذي لا تعجبه الخدمة في فوج أو سرية من السرايا يلجأ إلى فوج آخر أو سرية أخرى. وقد بلغ تعداد جيش الإنقاذ في أحسن الحالات ثلاثة آلاف جندي. كانت هذه القوات مجتمعة سرايا الجهاد والحاميات المحلية وجيش الإنقاذ والتي لا يتعدى مجموعها (15) ألفاً غير مدربة تدريباً كافياً وغير مسلحة تسليحاً حسناً وينقصها الذخيرة والعتاد والآليات والأسلحة الثقيلة، مسؤولة عن مواجهة المنظمات والميليشيات الصهيونية والتي يبلغ تعدادها مجتمعة حوالي (120) ألف مقاتل بين رجل وامرأة، مسلحة تسليحاً جيداً ومدرّبة تدريباً جيداً وذلك طوال المدّة الممتدة بين صدور قرار التقسيم 29/11/1947 وموعد انتهاء الإنتداب البريطاني رسمياً في 15/5/1948. وذلك لأن بريطانيا لم تسمح بدخول جيوش الأقطار العربية المجاورة إلى فلسطين قبل خروج آخر جندي لها من فلسطين.
وخلال هذه المدّة الممتدة من شهر 12/1947 وحتى شهر 5/1948 تمكّنت القوات الصهيونية من الإستيلاء على العديد من المدن والقرى العربية وارتكبت العديد من المذابح والمجازر التي أدّت إلى هرب سكان هذه القرى والمدن العربية إلى خارج حدود فلسطين.
الإفتقار العربي إلى السلاح والذخيرة:
كان من أبرز المشاكل التي واجهت القوات العربية غير النظامية في فلسطين مشكلة التسليح، فقد حرمت حكومة الإنتداب البريطاني السكان العرب الفلسطينيين من حمل السلاح واستعماله واقتنائه، وسنّت قوانين صارمة ضد من يحمل السلاح ويمتلكه أقلّها مصادرة هذا السلاح وسجن حامله.
وقد سعت اللجنة العسكرية التابعة لجامعة الدول العربية إلى جمع التبرعات وشراء العتاد والسلاح من أوروبا فلم توفّق في ذلك. لذلك لجأت إلى جمع السلاح من الدول العربية وفرضت على كل دولة من الدول المحيطة بفلسطين قدراً معيّنا من البنادق. وجاء في التقرير الذي قدّمه اللواء إسماعيل صفوت قائد جيش الإنقاذ إلى الأمانة العامة لجامعة الدول العربية بتاريخ 23/2/1948 أنّ اللجنة العسكرية تسلمت تسعة آلاف بندقية وعددا من الرشاشات وأقل من أربعة ملايين طلقة نارية حتى ذلك الحين. وحاولت سوريا سراً شراء بنادق ورشاشات وطلقات نارية من تشيكيا لكنها فشلت في ذلك وانكشف الأمر.
التسلـّح وحجم القوات الصهيونية:
سعت الوكالة اليهودية إلى شراء معامل أسلحة من أمريكا وأوروبا وتهريبها إلى فلسطين بعد انتهاء الحرب العالمية الثانية. ففي مطلع عام 1946 توجهت بعثة من منظمة "الهاجاناه" إلى الولايات المتحدة لشراء معامل أسلحة أمريكية. كما أنشأت الوكالة اليهودية أربع شركات لشراء ما تحتاجه من المعامل والأجهزة الحربية، وتمكنت من شراء أجهزة تصنيع العيارات النارية نقلت إلى فلسطين في خريف 1947 وهرّبت إلى المستوطنات اليهودية. وأنشأت إدارة لمشروع الصناعات الحربية خصصت له ملايين الجنيهات لإنتاج المدافع الرشاشة والرشاشات والمسدسات والعيارات النارية، كما أنشئ مشروع موازٍ باسم "المشاريع الكيميائية" في مستوطنة "كفار فيتكين" من أجل إنتاج المواد المتفجرة. وأقام وكلاء "الهاجاناه" في أوروبا مخابئ سرية لتخزين الأسلحة المشتراة لتهريبها إلى فلسطين. ووصلت أول دفعة منها في شتاء 1947 واشتملت (3000) مدفع برن والفي بندقية و (400) رشاش و (500) مسدّس ومليون ونصف طلقة نارية. وكل ذلك على مرأى وتحت نظر قوات الإنتداب البريطانية.
وشرعت مؤسّسة "أيلون" للصناعات الحربية التي أنشئت قرب مستوطنة "رحوبوت" بإنتاج العيارات النارية منذ سنة 1946 وبلغ مجموع ما أنتجته حتى نهاية سبتمبر أيلول 1947 زهاء مليوني طلقة. وأنتجت المصانع الحربية الأخرى بين سنتي 1940 و 1946 ما يربو عن مائة مدفع هاون عيار (2 بوصة) و (44500) قذيفة من هذا العيار وأنتجت من رشاشات نوع ستِن بين 1946 وخريف 1947 ما يقارب 8800 رشاش. كما أنتج معمل القنابل اليدوية من نوع ميلز في مستعمرة تل موند خلال هذه الفترة (53) ألف قنبلة يدوية.
وأخذت المصانع الحربية الصهيونية تنتج الأسلحة والذخيرة بكميات كبيرة، وبلغ عدد العاملين في هذه المصانع في ربيع 1948 نحو (500) عامل وفنّي كما توسعت هذه المصانع في إنتاج الألغام بمختلف أنواعها.
من جهة أخرى تمكن وكلاء الهاجاناه من نقل (215) طناً من الأسحلة بحراً من إيطاليا إلى فلسطين خلال أول شهرين من عام 1948. ومن إرسال شحنة أسلحة زنتها (320) طناً في 4/5/1948 احتوت على (96) طناً من مادة (ت.ن.ت) شديدة الإنفجار و (233) مدفعاً رشاشاً و (1535) بندقية و (3,5) مليون طلقة نارية.
وتمكن هؤلاء أيضاً من شحن (50) مدفعاً عيار (65) ملم مع قذائفها و (24) مدفعاً عيار (120) ملم و (11) مدفعاً عيار (20) ملم و (250) مدفعاً رشاشاً آخر من ميناء مرسيليا في فرنسا إلى تل ابيب ووصلت هذه الشحنة بتاريخ 13/5/1948. كما اشترت الوكالة اليهودية عدة طائرات شحن من طراز تورسمين من مخلفات الجيش الأمريكي في المانيا الغربية وقادها طيارون إلى هولندا حيث جرى إصلاحها وترميمها ووصلت إلى تل أبيب في 2/5/1948 محمّلة بالسلاح والذخيرة. كما قامت المنظمات الصهيونية في فلسطين بشراء الأسحلة من القوات البريطانية المرابطة هناك ومن تجار السلاح المحليين بهدف منع هذه الأسلحة من الوصول إلى العرب.
أمّا حجم القوات الصهيونية بمجموعها فقد فاق (127) ألف مقاتل وزعت على الوجه التالي:
1. ثلاثون ألف جندي خدموا في جيوش بريطانيا والحلفاء وتدربوا على السلاح تدريباً جيداً.
2. ستون ألف مقاتل أعضاء منظمة الهاجاناه.
3. سبعة آلاف جندي أعضاء منظمتين "إيتسل" و "ليحي".
4. ثلاثون قوات احتياط من الميليشيات المدربة
لم تكن بريطانيا لتنهي انتدابها لفلسطين إلا بعد أن اطمأنت إلى نجاح مشروعها في فلسطين بإعداد اليهود عدداً وعدّة لإقامة دولتهم وحمايتها. وقد حدّد قرار التقسيم نفسه الصادر في نوفمبر 1947 مدّة ثمانية أشهر لدولة الإنتداب كي تنفذ انسحابها لكنّ بريطانيا حددت منتصف أيار مايو 1948 موعداً لإكمال انسحابها من فلسطين.
وكانت بريطانيا وهي التي تزوّد الجيوش العربية بالسلاح وبالخبرة العسكرية تعرف مدى قدرة هذه الجيوش كما كانت تعرف أن المنظمات العسكرية الصهيونية في فلسطين نفسها تبلغ من ناحية العدد والعدة أضعاف أضعاف قوة الثوار الفلسطينيين. لأن بريطانيا نفسها دولة الإنتداب كانت تمنع العرب في فلسطين من حيازة السلاح وتصادر أي سلاح بحوزة الفلسطينيين وتعتقل صاحبه ومنعت تهريب الأسلحة للفلسطينيين في الوقت الذي كانت هي تسلّح وتدرب المستوطنين اليهود. وكانت تتحكم بتصريف الأمور في المنطقة.
وبعد صدور قرار التقسيم رفضه العرب عاطفياً لكنهم لم يكونوا جاهزين تنظيمياً وعسكرياً واقتصادياً لمنع تنفيذه وأخذوا بشكل مستعجل يفعلون ما يمكن فعله من أجل إنقاذ فلسطين:
قوات الجهاد المقدّس:
ألفت الهيئة العربية بعد صدور قرار التقسيم قوات الجهاد المقدّس وعهدت بقيادتها إلى المجاهد عبد القادر الحسيني في 22/12/1947 لكن هذه القوات افتقرت إلى التدريب والإنضباط والنظام بسبب عدم قدرة قيادتها على تنظيمها وتطويرها لتصبح ذات فعالية قتالية. أمّا أسلحتها فكانت خفيفة وقديمة ومتنوعة وينقصها العتاد الكافي. وقد تألفت هذه القوات من المجندين الذين يشكلون القوة المتحركة، ومن "المجاهدين المرابطين" من المدن والقرى الفلسطينية وبلغ مجموع هذه القوات في أحسن الحالات ثمانية آلاف مقاتل.
الحاميات المحلية الفلسطينية:
انتظم المقاتلون المحليون الفلسطينيون في مجموعات قتالية صغيرة، وكانت كل مجموعة مرتبطة بقائد محلّي يعتمد على مساندة ودعم أبناء القرى المجاورة في أي عملية قتالية يقوم بها، وكانت هذه المجموعات تفتقر إلى التنظيم والتدريب العسكريين. ونشأت في المدن تنظيمات دفاعية محليّة مهمتها حماية الأحياء العربية وحراستها، كما تشكل في المدن الكبرى "حرس قومي" تشرف عليه اللجان القومية المحلية. وقد افتقرت هذه القوات كسابقاتها إلى التدريب والتنظيم العسكريين، وبالرغم من حالة هذه القوات الملحية السيئة وافتقارها إلى السلاح والذخيرة فقد تحمّلت العبء الأكبر في الحرب ضد المنظمات الصهيونية خلال تلك الفترة وبلغ مجموع هذه الحاميات في أحسن الحالات عدّة آلاف من المقاتلين.
جيش الإنقاذ:
بعد صدور قرار التقسيم اجتمع مجلس جامعة الدول العربية واللجنة السياسية لإسقاط واجب.وتأسّست لجنة عسكرية لجمع المتطوعين من الأقطار العربية وتدريبهم وتسليحهم ضمن تشكيلات شبه عسكرية أطلق عليها "جيش الإنقاذ"، وتولى قيادته العامّة اللواء الركن إسماعيل صفوت (العراق) يساعده العقيد محمود الهندي (سوريا) للإدارة، والمقدّم شوكت شقير (سوريا) والرئيس وصفي التل (الأردن) للعمليات، وتولى العقيد طه الهاشمي (العراق) منصب المفتش العام للجيش وأسندت إليه مهمّة التدريب والتنظيم.
بدأ التجنيد في صفوف جيش الإنقاذ في بداية عام 1948 وانخرط في صفوف هذا الجيش فئات مختلفة من الضباط والجنود السابقين والطلاب والموظفين والعمال والفلاحين الذين دفعهم إلى ذلك حماس قومي جارف. وتألفت سرايا من مدن ومناطق مختلفة مثل السرية الحلبية (حلب). والسرية اللبنانية وسرية الفُراتين (عراقية) وفوج جبل العرب والمفرزة الحموية والمفرزة الشركسية والمفرزة الإدلبية، والمفرزة الأردنية والمفرزة البدوية. كما كان هناك متطوعين من بلاد إسلامية أيضاً.
وقد درب هذا الخليط من المتطوعين في معسكرات بالقرب من دمشق تدريباً بسيطاً غير كافٍ لإشراكهم في أي قتال حربي. وكان سلاح هذا الجيش خليط من الأسلحة الخفيفة بعضها قديم غير صالح للإستعمال، وبعضها لا عتاد له. وبسبب هذا الخليط من القوات غير النظامية سادت الفوضى وسوء التنظيم وحدات جيش الإنقاذ. وكان الجندي الذي لا تعجبه الخدمة في فوج أو سرية من السرايا يلجأ إلى فوج آخر أو سرية أخرى. وقد بلغ تعداد جيش الإنقاذ في أحسن الحالات ثلاثة آلاف جندي. كانت هذه القوات مجتمعة سرايا الجهاد والحاميات المحلية وجيش الإنقاذ والتي لا يتعدى مجموعها (15) ألفاً غير مدربة تدريباً كافياً وغير مسلحة تسليحاً حسناً وينقصها الذخيرة والعتاد والآليات والأسلحة الثقيلة، مسؤولة عن مواجهة المنظمات والميليشيات الصهيونية والتي يبلغ تعدادها مجتمعة حوالي (120) ألف مقاتل بين رجل وامرأة، مسلحة تسليحاً جيداً ومدرّبة تدريباً جيداً وذلك طوال المدّة الممتدة بين صدور قرار التقسيم 29/11/1947 وموعد انتهاء الإنتداب البريطاني رسمياً في 15/5/1948. وذلك لأن بريطانيا لم تسمح بدخول جيوش الأقطار العربية المجاورة إلى فلسطين قبل خروج آخر جندي لها من فلسطين.
وخلال هذه المدّة الممتدة من شهر 12/1947 وحتى شهر 5/1948 تمكّنت القوات الصهيونية من الإستيلاء على العديد من المدن والقرى العربية وارتكبت العديد من المذابح والمجازر التي أدّت إلى هرب سكان هذه القرى والمدن العربية إلى خارج حدود فلسطين.
الإفتقار العربي إلى السلاح والذخيرة:
كان من أبرز المشاكل التي واجهت القوات العربية غير النظامية في فلسطين مشكلة التسليح، فقد حرمت حكومة الإنتداب البريطاني السكان العرب الفلسطينيين من حمل السلاح واستعماله واقتنائه، وسنّت قوانين صارمة ضد من يحمل السلاح ويمتلكه أقلّها مصادرة هذا السلاح وسجن حامله.
وقد سعت اللجنة العسكرية التابعة لجامعة الدول العربية إلى جمع التبرعات وشراء العتاد والسلاح من أوروبا فلم توفّق في ذلك. لذلك لجأت إلى جمع السلاح من الدول العربية وفرضت على كل دولة من الدول المحيطة بفلسطين قدراً معيّنا من البنادق. وجاء في التقرير الذي قدّمه اللواء إسماعيل صفوت قائد جيش الإنقاذ إلى الأمانة العامة لجامعة الدول العربية بتاريخ 23/2/1948 أنّ اللجنة العسكرية تسلمت تسعة آلاف بندقية وعددا من الرشاشات وأقل من أربعة ملايين طلقة نارية حتى ذلك الحين. وحاولت سوريا سراً شراء بنادق ورشاشات وطلقات نارية من تشيكيا لكنها فشلت في ذلك وانكشف الأمر.
التسلـّح وحجم القوات الصهيونية:
سعت الوكالة اليهودية إلى شراء معامل أسلحة من أمريكا وأوروبا وتهريبها إلى فلسطين بعد انتهاء الحرب العالمية الثانية. ففي مطلع عام 1946 توجهت بعثة من منظمة "الهاجاناه" إلى الولايات المتحدة لشراء معامل أسلحة أمريكية. كما أنشأت الوكالة اليهودية أربع شركات لشراء ما تحتاجه من المعامل والأجهزة الحربية، وتمكنت من شراء أجهزة تصنيع العيارات النارية نقلت إلى فلسطين في خريف 1947 وهرّبت إلى المستوطنات اليهودية. وأنشأت إدارة لمشروع الصناعات الحربية خصصت له ملايين الجنيهات لإنتاج المدافع الرشاشة والرشاشات والمسدسات والعيارات النارية، كما أنشئ مشروع موازٍ باسم "المشاريع الكيميائية" في مستوطنة "كفار فيتكين" من أجل إنتاج المواد المتفجرة. وأقام وكلاء "الهاجاناه" في أوروبا مخابئ سرية لتخزين الأسلحة المشتراة لتهريبها إلى فلسطين. ووصلت أول دفعة منها في شتاء 1947 واشتملت (3000) مدفع برن والفي بندقية و (400) رشاش و (500) مسدّس ومليون ونصف طلقة نارية. وكل ذلك على مرأى وتحت نظر قوات الإنتداب البريطانية.
وشرعت مؤسّسة "أيلون" للصناعات الحربية التي أنشئت قرب مستوطنة "رحوبوت" بإنتاج العيارات النارية منذ سنة 1946 وبلغ مجموع ما أنتجته حتى نهاية سبتمبر أيلول 1947 زهاء مليوني طلقة. وأنتجت المصانع الحربية الأخرى بين سنتي 1940 و 1946 ما يربو عن مائة مدفع هاون عيار (2 بوصة) و (44500) قذيفة من هذا العيار وأنتجت من رشاشات نوع ستِن بين 1946 وخريف 1947 ما يقارب 8800 رشاش. كما أنتج معمل القنابل اليدوية من نوع ميلز في مستعمرة تل موند خلال هذه الفترة (53) ألف قنبلة يدوية.
وأخذت المصانع الحربية الصهيونية تنتج الأسلحة والذخيرة بكميات كبيرة، وبلغ عدد العاملين في هذه المصانع في ربيع 1948 نحو (500) عامل وفنّي كما توسعت هذه المصانع في إنتاج الألغام بمختلف أنواعها.
من جهة أخرى تمكن وكلاء الهاجاناه من نقل (215) طناً من الأسحلة بحراً من إيطاليا إلى فلسطين خلال أول شهرين من عام 1948. ومن إرسال شحنة أسلحة زنتها (320) طناً في 4/5/1948 احتوت على (96) طناً من مادة (ت.ن.ت) شديدة الإنفجار و (233) مدفعاً رشاشاً و (1535) بندقية و (3,5) مليون طلقة نارية.
وتمكن هؤلاء أيضاً من شحن (50) مدفعاً عيار (65) ملم مع قذائفها و (24) مدفعاً عيار (120) ملم و (11) مدفعاً عيار (20) ملم و (250) مدفعاً رشاشاً آخر من ميناء مرسيليا في فرنسا إلى تل ابيب ووصلت هذه الشحنة بتاريخ 13/5/1948. كما اشترت الوكالة اليهودية عدة طائرات شحن من طراز تورسمين من مخلفات الجيش الأمريكي في المانيا الغربية وقادها طيارون إلى هولندا حيث جرى إصلاحها وترميمها ووصلت إلى تل أبيب في 2/5/1948 محمّلة بالسلاح والذخيرة. كما قامت المنظمات الصهيونية في فلسطين بشراء الأسحلة من القوات البريطانية المرابطة هناك ومن تجار السلاح المحليين بهدف منع هذه الأسلحة من الوصول إلى العرب.
أمّا حجم القوات الصهيونية بمجموعها فقد فاق (127) ألف مقاتل وزعت على الوجه التالي:
1. ثلاثون ألف جندي خدموا في جيوش بريطانيا والحلفاء وتدربوا على السلاح تدريباً جيداً.
2. ستون ألف مقاتل أعضاء منظمة الهاجاناه.
3. سبعة آلاف جندي أعضاء منظمتين "إيتسل" و "ليحي".
4. ثلاثون قوات احتياط من الميليشيات المدربة
عدل سابقا من قبل ابو وطن في الثلاثاء 26 مايو 2009, 10:58 am عدل 1 مرات
الجمعة 19 أغسطس 2016, 2:15 am من طرف راهب الفكر
» تصريح الناطق الرسمي لجيش رجال الطريقة النقشبندية بصدد التهجير القسري للعراقيين
الجمعة 19 أغسطس 2016, 2:14 am من طرف راهب الفكر
» زيف المفترين في إعلان خلافة المسلمين
الجمعة 19 أغسطس 2016, 2:14 am من طرف راهب الفكر
» مبارزة شعرية .......
الجمعة 19 أغسطس 2016, 2:11 am من طرف راهب الفكر
» مقاومينا بغزة البواسل للشاعر عطا سليمان رموني
الجمعة 19 أغسطس 2016, 2:08 am من طرف راهب الفكر
» أتثائب... عبلة درويش
الأحد 24 أغسطس 2014, 1:54 pm من طرف راهب الفكر
» تصريح ولكن.... وما بعد الجدار/تغريد العزة
الأحد 24 أغسطس 2014, 1:54 pm من طرف راهب الفكر
» " منديلٌ لبسمات امرأة " لؤي ابو عكر
الأحد 24 أغسطس 2014, 1:53 pm من طرف راهب الفكر
» نقد الحزب المشكلات التنظيمية للحزب الشيوعي " سلامة كيلة (للتحميل)
الأحد 24 أغسطس 2014, 1:53 pm من طرف راهب الفكر
» تلخيص كتاب: تاريـخ فلسطين في أواخر العهد العثماني 1700 – 1918
الأحد 24 أغسطس 2014, 1:37 pm من طرف راهب الفكر