ملتقى أجراس العودة

مرحباً بك عزيزي الزائر في ملتقى أجراس العودة ، اذا لم يكن لديك حساب بعد نتشرف بدعوتك لإنشائه

انضم إلى المنتدى ، فالأمر سريع وسهل

ملتقى أجراس العودة

مرحباً بك عزيزي الزائر في ملتقى أجراس العودة ، اذا لم يكن لديك حساب بعد نتشرف بدعوتك لإنشائه

ملتقى أجراس العودة

هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.
ملتقى أجراس العودة

سياسي، ثقافي ، اجتماعي، إخباري


    دراسة في الآليات الإسرائيلية لفرض السيادة على الحرم القدسي الشريف

    دلال المغربي
    دلال المغربي
    مشرف مجلة اجراس العودة الثقافية مكتبة اجراس العودة الثقافية


    انثى الجدي جنسيتك : اردنية
    اعلام الدول : دراسة في الآليات الإسرائيلية لفرض السيادة على الحرم القدسي الشريف Jordan_a-01
    نقاط : 446
    السٌّمعَة : 0
    تاريخ التسجيل : 11/05/2009

    دراسة في الآليات الإسرائيلية لفرض السيادة على الحرم القدسي الشريف Empty دراسة في الآليات الإسرائيلية لفرض السيادة على الحرم القدسي الشريف

    مُساهمة من طرف دلال المغربي الثلاثاء 26 مايو 2009, 3:14 pm

    مقدمة

    لـم تستطع إسرائيل فرض سيادتها الكاملة على القدس العربية التي احتلتها عام 1967، فقد بقيت الكثير من القطاعات (مثل الأوقاف الإسلامية، والكنائس الـمسيحية، والتربية والتعليم والصحة والرفاه الاجتماعي والشباب، والكهرباء، وجزء من تزويد الـمياه...الخ) تحت سيطرة فلسطينية، تنامت هذه السيطرة مع مرور الوقت، او قلت في الأوقات الصعبة. لقد حاولت إسرائيل التسلل تدريجيا الى القطاعات الـمختلفة لعلها تستأثر بسيادة أوسع، كما فرضت سيادتها بالأمر الواقع قدر الامكان. وأكثر الـمناطق حساسية بالنسبة لـموضوع السيادة كان الحرم القدسي الشريف، ولا يزال، والذي بقي معضلة سيادية يؤرق مضاجع الحكومات الإسرائيلية الـمتعاقبة، التي حاولت بكل السبل كسر الارادة الفلسطينية فيه.
    في هذه الـمقالة محاولة لفهم آليات السيطرة الإسرائيلية على القدس العربية بعد حرب حزيران 1967، ولا يمكن النظر الى هذه الحالة (باب الـمغاربة) بوصفها تنطبق على كل الـممارسات الإسرائيلية في القدس، كما لا يمكن اعتبارها ممثلة لكل الآليات التي استخدمت حتى الآن للسيطرة على الـمدينة، بل بوصفها حالة دراسية قد تفيد الباحث في استقراء تاريخ القدس الـمحتلة منذ عام 1967، وتاريخ الصراع على السيادة بين الفلسطينيين والإسرائيليين في القدس بشكل عام وفي الحرم الشريف بشكل خاص.

    موقع باب الـمغاربة وتاريخه

    يقع باب الـمغاربة في الجزء الجنوبي من الجدار الغربي للحرم القدسي الشريف (1)، وكان يستخدم بالأساس من قبل سكان حارة الـمغاربة، التي دمرتها الجرافات الإسرائيلية في حزيران 1967ــ(2)، كما كان يربط الحرم الشريف بأحياء القدس الجنوبية (خاصة محلة سلوان).
    من الـمعتقد بأن الباب الحالي بني خلال الفترة الأيوبية، وهي نفس الفترة التي شهدت وقف حارة الـمغاربة من قبل الأيوبيين على الـمغاربة (من أصول شمال افريقية أو أندلسية) الـمالكيين الـمجاورين في القدس، وقد استمر تراثهم بالتراكم في هذا الحي حتى عام 1967، حيث شردوا منها بتدمير حارتهم (3).

    تاريخ النزاع على حائط الحرم الغربي

    في الحقيقة لا نملك معلومات تاريخية حول كيفية بدء تقديس الجدار الغربي للحرم الشريف من قبل اليهود قبل القرن السادس عشر الـميلادي، وأغلب الروايات تتحدث عن ممارسة اليهود لطقوسهم من على جبل الزيتون باتجاه الـمدينة. ويبدو أن ممثلي اليهود قد تطلعوا للصلاة باتجاه الحائط الغربي في الفترة العثمانية (القرن السادس عشر الـميلادي). وبسبب التسامح العثماني، ولكونهم من رعايا الدولة، سمح لهم بممارسة طقوسهم الدينية في ساحة ضيقة، لا تتجاوز خمسة أمتار عرضا، وبطول حوالي 28 مترا. اصطلح على تسمية هذا الجدار بالاصطلاح العربي >حائط البراق< نسبة الى ربط هذا الحائط بحادثة الإسراء والـمعراج، حيث يعتقد الـمسلـمون بأن الرسول (ص) قد ربط براقه، بهذا الجدار قبل دخوله ساحات الحرم الشريف للصلاة بالأنبياء ليلة معراجه الى السماء. اما الاصطلاح الغربي الـمستخدم فهو حائط الـمبكى The Wailing Wall، في حين يستخدم اليهود، والإسرائيليون الآن، اصطلاح الحائط الغربي The Western Wall (4).
    استخدم اليهود هذا الجزء من الحائط، دون ملكية، ودون إمكانية وضع أشياء ثابتة فيه حتى عام 1925م وبدون ظهور أية مشكلة، حيث أن ملكية الحائط كانت محسومة للأوقاف الاسلامية، وأن ممارسة الطقوس اليهودية فيه كانت بإذن من الـمسلـمين الذين اعتبروا الحائط جزءا لا يتجزأ من الحرم الشريف، عدا أهميته بالنسبة لذكرى الإسراء والـمعراج.
    ومستغلين تزايد أعدادهم في الـمدينة ووجود سلطة الانتداب البريطاني وبوحي من وعد بلفور، حاول اليهود في ايلول عام 1925 ادعاء حقهم في تحويل الساحة، التي سمح لهم بالصلاة فيها، الى كنيس عبر إحضار بعض الطاولات والكتب والكراسي، في محاولة لتثبيت >حقهم< في الـموقع على اعتبار ان هذا الجدار هو جزء من الهيكل الثاني الذي دمره القائد الروماني طيطس عام 70 ميلادية. وقد كاد الخلاف مع الـمسلـمين يتحول الى معركة، تخفي وراءها قصصا أخرى تتعلق بنمو أعداد اليهود في القدس بشكل كبير، عدا اتضاح الـمشروع الصهيوني، لولا تدخل قوات الانتداب البريطاني التي فضت النزاع بين الطرفين، متمسكة بقوانين >الوضع القائم< status quo التي وضعها العثمانيون في منتصف القرن التاسع عشر، وبقيت نظريا الى اليوم الحاكم في الخلافات التي تنشأ بين الأطراف الـمختلفة في الأماكن الـمقدسة (خاصة الـمسيحية).
    بعد ثلاث سنوات (سنة 1928) تجدد الخلاف بمطالبة اليهود بإلغاء القرار البريطاني القاضي بالحفاظ على الوضع القائم، وذلك عبر إحضار وتثبيت ستارة في الـموقع يوم الغفران 9 آب 1928 (عيد دمار الهيكل الثاني، بالتقويم العبري)، مما دفع حارس الـموقع البريطاني الى إزالتها على اعتبار أنها تشكل تحديا للقرار البريطاني السابق، وأنها قد تقود الى خلق مشكلة.
    يذكر، أن الـمؤتمر الإسلامي الأول قد عقد بالقدس في تشرين الثاني من نفس العام، حيث أكد، بالإضافة الى القضايا الأخرى الـمطروحة على جدول أعماله، رفض الـمسلـمين في كل بقاع الأرض إحداث أي تغيير على الوضع الراهن السائد في حائط البراق.
    على أي حال، فقد توالت الأحداث التي ارتبطت جزئيا بالصراع على هذا الجدار، وفي صورتها الشاملة أخذت شكل مناهضة الصهيونية والهجرة اليهودية وسياسة نقل ملكيات الأرض، لتندلع في نهاية الـمطاف في شهر آب 1929 على شكل ثورة، عرفت في التراث الفلسطيني بـ>ثورة البراق<، والتي شكلت على أثرها لجنة شو Sir Walter Shaw، التي قامت بدراسة أسباب الثورة (5).
    لـم تتغير في نهاية الـمطاف العلاقة الـمحكومة بـ>الوضع القائم< بين الـمسلـمين واليهود في هذه الـمنطقة، حيث أكد الانتداب البريطاني أكثر من مرة الـملكية الإسلامية للحائط الغربي للحرم الشريف بكل مكوناته، لكنه اعترف أيضا بحق اليهود بإقامة شعائرهم الدينية هناك، كما جرت عليه العادة والتقليد، دون إدخال أي تعديلات عليه. وطوت حرب 1948 الـمشكلة، بالرغم من ظهورها في محادثات الهدنة الإسرائيلية الأردنية، حيث أقر الأردن بحق اليهود الوصول الى حائط البراق، الأمر الذي لـم يتسن تحقيقه بسبب حالة الحرب التي سادت بين الطرفين، وعدم قدرة، وقد يكون عدم رغبة الأردن تنفيذ مثل هذا الشرط، حيث منع الفلسطينيون من ممارسة أي شيء من هذا القبيل، بما فيها حقهم بالعودة الى ديارهم التي اقتلعوا منها.

    دلال المغربي
    دلال المغربي
    مشرف مجلة اجراس العودة الثقافية مكتبة اجراس العودة الثقافية


    انثى الجدي جنسيتك : اردنية
    اعلام الدول : دراسة في الآليات الإسرائيلية لفرض السيادة على الحرم القدسي الشريف Jordan_a-01
    نقاط : 446
    السٌّمعَة : 0
    تاريخ التسجيل : 11/05/2009

    دراسة في الآليات الإسرائيلية لفرض السيادة على الحرم القدسي الشريف Empty رد: دراسة في الآليات الإسرائيلية لفرض السيادة على الحرم القدسي الشريف

    مُساهمة من طرف دلال المغربي الثلاثاء 26 مايو 2009, 3:15 pm

    حرب حزيران 1967

    لـم تتوان إسرائيل بعد انتصارها الساحق في الحرب عن تغيير كل اتفاقيات >الوضع الراهن<، حيث أصبحت، بموجب القوانين الإسرائيلية، وفي ظل رفض دولي، >الدولة صاحبة السيادة<، حيث قامت بتطبيق القانون الإسرائيلي على القدس العربية التي احتلتها نتيجة للحرب.
    بتاريخ 27/6/1967 أقر الكنيست الإسرائيلي ثلاثة قوانين أثرت على مكانة القدس والأماكن الـمقدسة، والتي اعتبرت تعديا صارخا على القوانين والأعراف الدولية، كما تعتبر في الآن نفسه إلغاء للوضع الراهن من طرف واحد، وفي الوقت ذاته أطلقت اسرائيل يدها في القدس العربية، لتخلق واقعا، بالرغم من عدم شرعيته، إلا أنه شكل قاعدة لـمفاوضات السلام الجارية وأثر بكل نتائجها، وهذه القوانين هي:
    1- تطبيق القانون الإسرائيلي على القدس >بكاملها<.
    2- دمج منطقة القدس الـموحدة من شمال قلندية وحتى صور باهر جنوبا ضمن بلدية القدس، وحل الـمجلس العربي للبلدية وإخضاع القدس الـموحدة الـموسعة للبلدية الإسرائيلية.
    3- إصدار قانون حماية الأماكن الـمقدسة، الذي يقر بحرية العبادة وحرية الوصول الى الأماكن الـمقدسة لكل أصحاب الديانات، حيث أوكل الى وزير الأديان الإسرائيلي تنفيذ هذا القانون.
    هذه القوانين جعلت من إسرائيل، في الأمر الواقع (de facto) صاحبة السيادة على الـمدينة، بالرغم من عدم إشارة هذه القوانين لـمسألة السيادة (6).
    وجاءت التعبيرات الإسرائيلية الأولى لتغير الوضع الراهن عبر تدمير حارة الـمغاربة، وتسوية ساحة ضخمة أمام حائط البراق لاستخدامها لأغراض دينية ومدنية (احتفالات عسكرية تهدف الى تعزيز العلاقة >القومية< بين الإسرائيليين والحائط، حيث يُقسم الجنود الإسرائيليون يمين الولاء لدولتهم، وذلك بعد انتهائهم من التدريب العسكري) يهودية إسرائيلية، عدا عن وضع اليد على حائط البراق بعد توسيعه وتسجيله سنة 1984 في دائرة الأملاك الإسرائيلية كملك للدولة (7).

    باب الـمغاربة أولا

    في آب 1967، وقبل مرور شهر على الاحتلال الإسرائيلي للقدس العربية، وقبل الانتهاء كليا من تدمير وتسوية حارة الـمغاربة، أمر وزير الدفاع الإسرائيلي آنذاك موشيه ديان، مدير أوقاف القدس، الـمرحوم حسن طهبوب، بتسليم مفتاح باب الـمغاربة (باب الحرم الشريف) للقوات الإسرائيلية. لكن الـمرحوم حسن طهبوب، وبالتشاور مع أعضاء الهيئة الإسلامية (الـمشكلة حديثا) رفض هذا الطلب، على اعتبار أن أبواب الحرم القدسي الشريف جزء لا يتجزأ من الحرم، الذي هو ملكية إسلامية خالصة، وأن السيادة الإسلامية عليه غير قابلة للنقاش وتضمنها كل القوانين الدولية، ومنها التاريخ الإسلامي الطويل للـموقع.
    وفي 31 آب من نفس العام، حضرت قوة من الجيش الإسرائيلي الى مقر دائرة الأوقاف الإسلامية وانتزعت مفتاح باب الـمغاربة بقوة السلاح. وهكذا أصبح مفتاح الباب والباب ذاته تحت سيطرة القوات الإسرائيلية التي وضعت عليه قوة من الشرطة العسكرية الإسرائيلية. لقد اعتبر بعض الإسرائيليين (Cool أن السيطرة العسكرية الإسرائيلية على باب الـمغاربة قد وضعت حدا لحلـم الـمتطرفين اليهود بالسيطرة على كافة أنحاء الحرم القدسي الشريف، في حين رأت الأوقاف الإسلامية أن الأمر يتمثل في كسر السيطرة الإسلامية الـمطلقة على الـموقع، وبداية للتدخل الإسرائيلي التدريجي، ليس فقط في إدارة الـموقع، بل في حرية العبادة ومن ضمنها حرية الوصول الى الأماكن الـمقدسة.
    بدأت معركة شد الحبال بين دائرة الأوقاف الإسلامية والحكومة الإسرائيلية، بخصوص باب الـمغاربة، تأخذ أشكالا متعددة، تصاعدت بحريق الـمسجد الأقصى (21 آب 1969)، حيث ربطت الأوقاف الإسلامية الحريق بالسيطرة الإسرائيلية على باب الـمغاربة على اعتبار أن مسبب الحريق قد استخدم ذلك الباب (تحت نظر وسمع القوات الإسرائيلية) لتهريب الـمواد الحارقة التي استعملها في إشعال السقف الخشبي لسطح الـمسجد وقبته، وبذلك طالبت الأوقاف استرداد سيطرتها على الباب. سارعت إسرائيل الى إغلاق باب الـمغاربة خشية دخول إسرائيليين الى الحرم والدخان يتصاعد من الـمسجد، كما سارعت الأوقاف الى إغلاق كافة بوابات الحرم أمام غير الـمصلين الـمسلـمين، وربطت بين إعادة فتح الحرم أمام الزوار غير الـمسلـمين بإعادة سيطرتها على باب الـمغاربة.
    خشيت إسرائيل ان تكون الأوقاف الإسلامية قد تمكنت، بحكم الأمر الواقع، من استعادة سيطرتها على الحرم متذرعة بحريق الـمسجد الذي ألهب مشاعر الـمسلـمين في كافة أنحاء الـمعمورة. لقد وصلت أهمية الأمر حدا دعا الحكومة الإسرائيلية الى عقد جلسة لـمجلس وزرائها بتاريخ 19 تشرين أول 1969 لنقاش الأمر بشكل مطول، واتخذت قرارا بفرض فتح الحرم أمام الزوار >لإعادة الحياة الطبيعية لهذه الـمنطقة<. وبالفعل وفي اليوم التالي قامت القوات الإسرائيلية بفتح باب الـمغاربة أمام الزوار غير الـمسلـمين متحدية بذلك قرار الأوقاف الإسلامية، ومؤكدة بأن السيطرة على الحرم الشريف ليست إسلامية خالصة، او على الأقل غير معترفة بسيطرة الأوقاف الـمطلقة. وحتى لا يظهر الأمر وكأنه قرار إسرائيل بحت، سارعت الأوقاف الى فتح باقي بوابات الحرم بعد شهر من القرار الإسرائيلي، لكنها أبقت على إغلاق الـمساجد أمام الزوار، أي أصبح بإمكان الزائر الدخول الى باحات الحرم القدسي الشريف فقط، الأمر الذي استمر حتى 24 تشرين الأول 1972، حين قررت الأوقاف الإسلامية إعادة فتح الـمساجد (قبة الصخرة والـمسجد الأقصى) أمام الزوار.
    لـم تتوقف دائرة الأوقاف الإسلامية عن إعلاء صوتها، محليا ودوليا، معلنة رفضها وخشيتها من السيطرة الإسرائيلية على باب الـمغاربة، حيث لـمست التغييرات التي يمكن أن تحدث نتيجة هذه السيطرة. فعلى سبيل الـمثال، أصدرت الهيئة الإسلامية بتاريخ 18 شباط 1976 بيانا ذكرت فيه بالواقع الذي وصل اليه الحرم >...يكفي أن نقول ان دائرة الأوقاف الإسلامية، وهي صاحبة الدائرة الـمختصة بحماية الـمسجد الأقصى، لا تملك الإشراف الفعلي على مداخله وأبوابه، فما زالت السلطات (الإسرائيلية) تحتفظ حتى هذه اللحظة بمفتاح أحد الأبواب الرئيسة وهو باب الـمغاربة< (9).
    ولـم تتوان الأوقاف الإسلامية عن متابعة الـموضوع بجدية، حيث أرسلت بتاريخ 9/8/1977 رسالة بهذا الخصوص الى وزير الخارجية الأميركية تحتج فيها على مصادرة مفتاح باب الـمغاربة وعلى الـممارسات الإسرائيلية الأخرى التي تحاول الهيمنة على الـموقع (10).
    رأت الأوقاف الإسلامية أن أية محاولة لتغيير >الأمر الواقع< مساس بسيطرتها على الحرم، فقد أصدرت بيانا بتاريخ 29/12/1978 تحتج فيه على قيام إسرائيل بدهان وترميم الباب الخشبي لباب الـمغاربة حيث أنه ملك للأوقاف الإسلامية وهي الـمسؤولة عنه حصرا (11). واعتبرت ان هذا الأمر محاولة إسرائيلية للانتقاص من سيادة الأوقاف الإسلامية على الحرم الشريف.
    وإثر مهاجمة جندي إسرائيلي برشاشه قبة الصخرة الـمشرفة واطلاقه النار داخل وخارج القبة بتاريخ 28 نيسان 1982، قامت الأوقاف الإسلامية بإغلاق الحرم أمام الزوار من غير الـمسلـمين، على اعتبار أن هذا الجندي قد دخل بسلاحه الى الحرم من باب الـمغاربة، وأصدرت بيانا جاء فيه >ان عملية فتح وإغلاق أبواب الحرم الشريف هي حق مطلق للـمسلـمين< (12).
    استخدمت هذه الحادثة لإحكام السيطرة الإسرائيلية على باقي الأبواب وذلك بتثبيت حرس الحدود على كل بوابات الحرم الشريف، الذين أصبحوا يتحكمون بالدخول والخروج من والى الحرم. كما أصبح الجيش يتحكم بأي من بوابات الحرم يمكن فتحها وأي منها يتم إغلاقها بحجة الترتيبات الأمنية لحماية الحرم من الـمتطرفين، الأمر الذي عكس نفسه وبشدة على حرية الوصول الى الأماكن الـمقدسة، ووقف الـمسلـمون في مواعيد الصلاة، وبشكل خاص أيام الجمع، طوابير أمام بوابات الحرم بانتظار تفتيشهم من قبل الشرطة الإسرائيلية الـمتحكمة بها. لقد انتقلت تدريجيا فكرة حماية بوابات الحرم الى إطلاق يد حرس الحدود والشرطة الإسرائيلية داخل ساحات الحرم حيث بدأوا يتجولون في ساحات الحرم وهم مدججون بالسلاح.
    وبالرغم من نجاح الهيئة الإسلامية بالحد من تجول قوات حرس الحدود وهم مدججون بالسلاح داخل باحات الحرم الشريف، وذلك بتاريخ 28/5/1984، الا أن ذلك لـم يدم طويلا، حيث عاد هؤلاء مرة أخرى للظهور، معلنين بالـممارسة العملية أن السيادة في الـموقع هي إسرائيلية.

    تحولات درامية

    بقيت مسائل الصراع على السيادة على الحرم الشريف محورا أساسيا في تاريخ القدس منذ عام 1967، تخبو وتشتعل، تبعا لتطورات الأحداث والأوضاع العامة في الـمنطقة، ومدى قدرة الحكومة الإسرائيلية على مراكمة الـمزيد من الـمكاسب السيادية التي بدأتها في باب الـمغاربة. وكما نعلـم جميعا فان الـمحاولات الإسرائيلية لتوسيع سيطرتها على كل مدينة القدس قد ازدادت عقب اتفاقيات أوسلو عام 1993، محاولة بذلك فرض أمر واقع واستباق نتائج الـمفاوضات النهائية (ومنها التفاوض على مستقبل القدس)، عبر زيادة رصيدها بالسيطرة على الأراضي وفرض الـمزيد من رموز السيادة (13) الإسرائيلية. ومن الـممكن الاعتقاد، بالرغم من موافقة إسرائيل في كل من مفاوضات كامب ديفيد الثانية وما تبعها من مفاوضات في شرم الشيخ ومعايير الرئيس الأميركي السابق كلينتون (14)، على التفاوض على مستقبل القدس عبر تقسيم الـمدينة الى منطقتي سيادة إحداها إسرائيلية والأخرى فلسطينية، لـم تصل الى مرحلة الجدية، بل جاءت الـموافقة على مبدأ تقسيم الـمدينة إلى مدينتين على سبيل الـمماطلة للانتهاء من مخططها التهويدي، لتصل بالـمدينة الى حالة يصعب تقسيمها.
    وفي عام 1997 بدأت دائرة الأوقاف الإسلامية، بدعم من مبادرات شعبية، بمبادرة جريئة لترميم إسطبلات سليمان (15) (أصبحت تعرف الآن بالـمصلى الـمرواني)، والتي تقع بالزاوية الجنوبية الشرقية لـمنطقة الحرم الشريف، والتي تبلغ مساحتها حوالي 4500 متر مربع، كلها دون مستوى الـمسجد الأقصى، وبالتالي الحصول بذلك على مسجد ثالث تفوق مساحته الـمسجد الأقصى وقبة الصخرة مجتمعين، موفرا مكانا ضخما إضافيا للـمصلين (حوالي 000ر01مصل)، وقاطعا على الإسرائيليين خططهم بالدخول الى الحرم الشريف وتحويل جزء منه الى كنيس يهودي، خاصة وأن الـمصلى الـمرواني يرتبط مع خارج القدس مباشرة بعدة بوابات مغلقة، من السهل فتحها، وربطها بساحة البراق.

    دلال المغربي
    دلال المغربي
    مشرف مجلة اجراس العودة الثقافية مكتبة اجراس العودة الثقافية


    انثى الجدي جنسيتك : اردنية
    اعلام الدول : دراسة في الآليات الإسرائيلية لفرض السيادة على الحرم القدسي الشريف Jordan_a-01
    نقاط : 446
    السٌّمعَة : 0
    تاريخ التسجيل : 11/05/2009

    دراسة في الآليات الإسرائيلية لفرض السيادة على الحرم القدسي الشريف Empty رد: دراسة في الآليات الإسرائيلية لفرض السيادة على الحرم القدسي الشريف

    مُساهمة من طرف دلال المغربي الثلاثاء 26 مايو 2009, 3:16 pm

    تجدد بهذا العمل الصراع السيادي على الحرم الشريف، وكان الـمدخل الإسرائيلي هو سلطة الآثار الإسرائيلية، التي لـم توافق دائرة الأوقاف الإسلامية على تدخلها في أعمال الترميم وفتح البوابات للـمصلى الـمرواني منذ بدء العمل. وتمسكت الأوقاف بحقها الـمطلق بالقيام بكافة أعمال الترميم والإعمار للحرم الشريف على اعتبار أنها صاحبة السيادة الـمطلقة، وعلى اعتبار أن قوانين الآثار الانتدابية والأردنية السائدة (16)، لا تبيح لسلطة الآثار الأردنية التدخل بشؤون الأماكن الـمقدسة، التي هي حق مطلق للجهة الدينية الـمالكة لها، وفي حالتنا هذه دائرة الأوقاف. أثارت إسرائيل زوبعة كبيرة، شملت الحكومة وأعضاء الكنيست و>خبراء الآثار< ورجال الدنيا والدين، حول الـموضوع (17)، وذهبت في ذلك مذاهب شتى منها ان الأوقاف الإسلامية تقوم بتدمير بقايا الهيكل الثاني، عند قيامها في أيلول عام 1999 بفتح ثلاث بوابات تقود من باحات الحرم (العالية) الى داخل الـمصلى الـمرواني (التسوية الشرقية)، بالرغم من أن كل البقايا التي تمت إزالتها من الـموقع عبارة عن طمم وتربة تم إلقاؤها بالـموقع خلال القرون السابقة، ولا تحمل أية قيمة أثرية او معمارية جدية.
    وفي تشرين الاول 2000، بعد الزيارة الاستفزازية لأرئيل شارون (زعيم الـمعارضة الليكودية في حينه) الى الحرم الشريف، حيث استخدم باب الـمغاربة لدخول الحرم الشريف، وما تبعها من قتل للعديد من الـمصلين في باحة الحرم يوم الجمعة التالي للزيارة، وما تبعها من اندلاع انتفاضة الأقصى، قامت الأوقاف الإسلامية بإغلاق الحرم القدسي أمام الزوار من غير الـمسلـمين، مثبتة حقها بالسيطرة على الـمكان والسماح لـمن تريد من الزوار الدخول الى الـموقع. وفي الحقيقة فإن إسرائيل لـم تسلـم بهذا الأمر فزادت من ضغطها على دائرة الأوقاف عبر إحكام سيطرة جنودها على بوابات الحرم وزيادة أعمال تفتيش الـمصلين، وعدم السماح للـمصلين الذين تقل أعمارهم عن 45 عاما من دخول الحرم الشريف، خاصة أيام الجمع. ولكن أخطر القرارات الإسرائيلية ذات العلاقة كانت، ولا زالت حتى ساعة كتابة هذه الـمقالة، منع إدخال أية مواد بناء الى منطقة الحرم، الضرورية لأعمال الترميم، الأمر الذي أوقف كل أعمال الصيانة حتى الآن.
    كما يمكن النظر الى قصة الجدار الجنوبي، التي أثيرت خلال السنة الـماضية، الذي هو نفسه في ذات الوقت جزء من سور القدس (18)، من نفس الـمدخل الذي تحدثنا عنه في باب الـمغاربة، حيث ظهرت تشققات في هذا الجدار. وقد حاولت دائرة الأوقاف الإسلامية ترميمه، إلا أن السلطات الإسرائيلية رفضت ذلك قطعيا، وحاولت هي القيام بذلك بحجة أن الجدار يتهدد أمن الجمهور والأماكن الأثرية، لكن الأوقاف الإسلامية قد رفضت ذلك من طرفها بشدة، في ظل تقارير مبالغ فيها بثها الإسرائيليون حول خطورة الوضع وقرب انهيار السور. وفي نهاية الـمطاف >اتفق< الجانبان، بعد تدخل العديد من الأطراف، على أن تقوم الحكومة الأردنية بترميم السور والإشراف على ترميمه (19)، مع العلـم بأن الطواقم التي نفذت عملية الترميم كانت مقدسية، وهي نفس الطواقم التي تقوم بترميم الحرم الشريف منذ عام 1969.

    تلة باب الـمغاربة

    أثيرت أخيرا مسألة قيام إسرائيل بإزالة التلة الـمؤدية إلى باب الـمغاربة والتخطيط لبناء جسر زجاجي بدلا منها، ما أشعل القدس وفلسطين وأجزاء أخرى من العالـمين العربي والإسلامي، فما هي حقيقة الأمر وما هي الآثار الـمتوقعة من هذا العمل؟
    التلة الـمذكورة هي الطريق الـمتبقية من تدمير حارة الـمغاربة، والتي أصبحت تربط ساحة البراق بالحرم الشريف، وهي في جزئها الأول عبارة عن ركام، وفي جزئها الثاني العلوي ما تبقى من الطريق القديمة، والتي يعود تاريخها على أقل تقدير إلى الفترة الأيوبية، ان لـم يكن قبل ذلك. تعرضت فعلا هذه التلة إلى عوامل الحت والتعرية الطبيعيين، مما أدى في نهاية الـمطاف إلى تآكل جزء منها خاصة أثناء شتاء 2005. وبدلا من القيام بصيانتها وترميمها، وهذا سهل وممكن بالقليل من الامكانات والتكاليف، استغلت إسرائيل الفرصة واستندت على >الحفاظ على أمن الجمهور<، فبنت جسرا خشبيا موازيا للطريق ليستعمله الزوار(20). والآن بدأت أعمال إزالة التلة الـمذكورة، بما فيها الغرفتان الواقعتان أسفلها واللتان تعودان إلى الفترة الأيوبية، لاستبدالها بالجسر الزجاجي. وتهدف إسرائيل من ذلك الى تحقيق عدة أمور في آن واحد، والتي يمكن تلخيصها بما يلي:
    1- إعلان شراكتها، على أقل تقدير، في السيادة على الحرم الشريف، كما اتضح الأمر في مفاوضات كامب ديفيد سنة 2000.
    2- توسيع حائط البراق باتجاه الجنوب، حيث جرى توسيعه باتجاه الشمال عبر مشروع النفق، وبذلك سيصل الـمكشوف من حائط البراق إلى الزاوية الجنوبية الغربية للحرم الشريف.
    3- الكشف عن بوابة باركلي، الـمخبأة تحت التلة الـمذكورة، وهي تقود إلى مسجد البراق، الكائن داخل الحرم الشريف على بعد عدة أمتار إلى الشمال من باب الـمغاربة. وهذه البوابة كما يدعى في التراث التوراتي اليهودي هي إحدى بوابات الهيكل والتي تعود حسب اعتقادهم إلى فترة هيرودس، جرى اكتشافها في النصف الثاني من القرن التاسع عشر، وسميت باسم القنصل الأميركي في القدس. وستكون هذه البوابة تحت الرحمة الإسرائيلية، مما يثير الـمزيد من التخوف من استغلالها كما هو الحال بالنسبة لباقي الأنفاق الـموجودة تحت السورين الغربي والجنوبي للحرم الشريف وذلك للولوج إلى الحرم.
    4- تعزيز العلاقة اليهودية بالـموقع، وتأكيد السيطرة الإسرائيلية على كل الجدار الغربي للحرم الشريف.
    5- تغيير الطابع التاريخي للـمنطقة، بما فيه إنهاء العلاقة الفلسطينية بالبوابة، والقضاء على الشكل القانوني للوضع القائم.

    الخاتمة

    يحتاج الحرم الشريف الى دراسة متكاملة لتتبع الـمحاولات الإسرائيلية للهيمنة على هذا الـموقع الحساس، الذي تعاظمت أهميته أثناء الصراع، حيث تجاوزت مكانته البعد الديني الى أبعاد وطنية سياسية في غاية من الأهمية. ان تتبع حالة باب الـمغاربة، كحالة دراسية، يلقي الضوء على الآليات الـمختلفة التي استخدمها الاحتلال الإسرائيلي في السيطرة على الأماكن الدينية. ويمكن في هذا الصدد، باستخدام الـمعايير نفسها، دراسة حالة الحرم الإبراهيمي الشريف في الخليل، وحالة مقام النبي صموئيل في القدس، وقبة راحيل في بيت لحم، وقبر النبي يوسف في نابلس، ونماذج أخرى.
    تحول مفتاح باب الـمغاربة الى >مسمار جحا< بكل ما للقصة من أبعاد، وبالـمفتاح فرض الإسرائيليون >شراكة< على الحرم الشريف، لينتهوا في مفاوضات كامب ديفيد بالـمطالبة بشراكة في السيادة على الحرم الشريف، والـمطالبة باعتراف فلسطيني بالعلاقة الدينية والتاريخية التي تربط يهود العالـم بالـموقع، الأمر الذي سيؤدي، ان تم، الى الـمطالبة باستحقاقات ما بعد الاعتراف من تجسيدات مادية له.
    عن "الأيام" الفلسطينية

      الوقت/التاريخ الآن هو السبت 21 سبتمبر 2024, 12:33 pm