بقلم إسماعيل شموط
تفصلنا عن مجموع تراثنا الفنيّ القديم – الآثار الفنية الكنعانية - سكان فلسطين الأوائل – أكثر من ثلاثة آلاف سنة ، كما تفصل بين حاضرنا وتراثنا الذي ينسب إلى الدين المسيحي- والمتمثل بالآيقونة- نحو ألفي سنة وعن التراث الإسلامي العربي مئات من السنين ، وذلك مرده غزو فلسطين واحتلالها وحكمها من قبل غرباء على مدى آلاف السنين .
انقطعت بسبب ذلك أواصر التواصل بين الطاقات الإبداعية المعاصرة على الأرض الفلسطينية وبين ذلك التراث على مدى عصور طويلة .
وحتى لا نغوص في التاريخ القديم كثيرا نُذكر بالغزو الفرنجي (الصليبيّ) الذي استمر قرابة قرنين من الزمن ثم الحكم العثماني الذي دام أربعة قرون ، تبعهما الاحتلال البريطاني ثم الصهيوني .
لم تكن فلسطين وحدها ضحية الغزوات واحتلال الأجنبي لها ، بل إن ذلك شمل معظم بلاد العرب . في أوائل القرن التاسع عشر بدأت البعثات الاستكشافية الغربية تأتي للمنطقة ، وتحديدا لما يعرف بالأراضي المقدسة ، يصحبها الفنانون والمهندسون والمنقبون ، بهدف دراسة الأوضاع العامة وتوثيق ملامح معالمها الفنية والطبيعية .
كان التواصل الثقافي بين بعض البلدان العربية والغرب أسبق من غيرها . وكانت مصر السباقة في التعرف على بعض مظاهر الثقافة الغربية ، فمع غزو نابليون لمصر أواخر القرن الثامن عشر صحب الغزو مستكشفون ورسامون أيقظوا في بعض المصريين مواهبهم .
وكان الخديوي إسماعيل ، حاكم مصر أواسط القرن التاسع عشر محبا لمظاهر الثقافة الغربية وعاشقا لها وتحديدا الفرنسية منها ، فأتى بالفنانين والرسامين والمبدعين الاوروبيين ، مما أتاح الفرص أمام مواهب جديدة .
ثم بدات حركة الفنانين المستشرقين تأتي المنطقة ليوثّقوا عن طريق الرسم والتصوير معالم منطقة سوريا ولبنان وفلسطين والأردن ومصر والمغرب العربي . تفتحت أعين مواهب عربية أخرى من الناشئة في العديد من بلداننا العربية على اللوحة والرسم والنمثال المنجزة بالأسلوب الغربي.
وجدير بالذكر أن فنّ الأيقونة الذي نشأ مع انتشار المسيحية ظل مستمراً على مدى العصور . وشهدت فلسطين العديد من الفنانين القساوسة والرهبان الذين هاجروا من بلادهم قاصدين مدينة القدس وجاءوا بدافع الإيمان والقداسة لتكملة طقوسهم الدينية في رسم الأيقونة المقدسة
ِشكـّل هؤلاء الفنانون من الرهبان والقساوسة في فلسطين وفي القدس تحديداً إضافة لفناني البعثات المستشرقين شبه مدرسة تعرفت بعض المواهب الفلسطينية من خلالهم على الأدوات الفنية الغربية وأشكال التصوير الذي يقومون به.
في الوقت الذي انطلقت فيه بدايات الحركات الفنية التشكيلية في كثير من البلدان العربية أواخر القرن التاسع عشر ومطلع القرن العشرين ، تأخر انطلاق الحركة الفنية التشكيلية المعاصرة في فلسطين بسبب انشغال المواطنين الفلسطينيين ، بمن فيهم المواهب الفنية الناشئة ، عن المسائل الثقافية والفنية وانخراط كثيرين منهم في الدفاع عن وطنهم الفلسطيني ، إذ كانت مخططات الحركة الصهيونية النشيطة والمتحالفة مع المستعمر البريطاني تستعد بشراسة لاقتناص فلسطين وطرد مواطنيها وإقامة دولة اليهود العنصرية .
ولفلسطين ، كغيرها من البلدان العربية ، تراث فنيّ عريق يتمثل بـ :
1 - ما خلفه الأجداد الكنعانيون والفلسطينيون (الفلسترز) السكان الأوائل لفلسطين من
آثار فنية .
2 – التراث الأيقوني المسيحي .
3 – التراث الإسلامي العربي .
4 – الفن الشعبي الفلسطيني .
الخوض في تفاصيل فنون الأجداد من سكان فلسطين الأوائل (الكنعانيون والفلسطينيون) يحتاج إلى مختصين للتحدث بشأنه وتحديد معالمه والتعريف به ليصبح أحد مصادر الالهام و الترابط بتاريخنا القديم .
التراث الأيقوني المسيحي ، فنّ قائم وحاضر انطلق من منذ نحو ألفيّ سنة ، وهو منتشر في شتى بقاع العالم ، إنه عطاء فنيّ مستمر بنهج ثابت وأسلوب واحد وأهداف محددة.
جاء في كتاب الفنان كمال بلاطه "استحضار المكان – دراسة في الفن التشكيلي المعاصر" أن منبع الفن التشكيلي الفلسطيني تعود أصوله إلى الفن الأيقونوغرافي أو ما درج على تسميته "الفن المسيحي" .
وهذا في رأيي مناف للحقيقة الموضوعية مع كل التقدير للفن الأيقوني وللمسيحية . نحن لا ننكر ما للفنانين الأيقونيين ، عربا أم أجانب ، من فضل على بعض الفنانين الفلسطينيين الذين تعرفوا عن طريقهم على أدوات ومواد الفنّ التشكيلي الحديث وتقنياته في التصوير والرسم . ولسنا في الوقت ذاته ، ولم نكن في يوم من الأيام ، ضد التعلم من فنانين أجانب ، فمعظمنا درس على أيدي فنانين أجانب .
الأصول التي انطلقت منها الحركة الفنية التشكيلية الفلسطينية المعاصرة أصول مختلفة شكلا ومضمونا عن الفنّ الأيقونوغرافي . إن أؤلئك الفنانين الفسطينيين الأوائل ، في بدايات القرن العشرين ، الذين أتيحت لهم فرصة تعلم الرسم والتصوير من الفنانين الأيقونوغرافيين ، عربا كانوا أم أجانب ، ولربما من كتب وصور فنية غربية وصلت لهم ، فرّقوا في إنتاجهم بين اللوحة الأيقونية واللوحة التي كانوا يرسمونها للمناظر الطبيعية أو الطبيعة الصامتة أو حتى للأشخاص من حيث الشكل والمضمون .
وتراثنا الفني الإسلامي العربي التشكيلي تراث ثريّ وعظيم ، بتكويناته الهندسية والنباتية الزخرفية ، وأشكال خطوطه ، ورسوم ولوحات المخطوطات ، لم يؤثر فقط في انتاجنا ، بل تعدانا ليؤثر في انتاج الكثيرين من فناني العالم . هو فنّ عظيم بحاجة لمزيد من الدراسات المعمقة من قبل أخصائيين وباحثين عرب كي يصبح هذا الفن مستوعبا من قبل المثقفين والفنانين والجماهير العربية ، ومصدر إلهام لهم .
الفنون الشعبية الفلسطينية ، وتحديدا عالم التطريز ، فنون على قدر كبير من القيمة الفنية ، باشكالها وألوانها وتناسق وحداتها وعفويتها ، والأهم من ذلك تمكنها من العطاء المستمر وتطورها على مدى آلاف السنين رغم الغزوات والاحتلالات . كان هذا الفنّ الشعبيّ مصدر إيحاء كبير للفنّ التشكيليّ الفلسطينيّ المعاصر.
يتسائل الناقد والشاعر الفلسطيني محمد الأسعد في محاضرة له قبل نحو عشرين عاما فيقول "لا أدري ما الذي يمنع من اعتبار الفنون الشعبية وخاصة البارز منها في الزخرفة ، فناً تشكيلياً ".
أن معظم الحركات الفنية التشكيلية في البلدان العربية بدأت خطواتها الأولى ، وصار لها وجود ملموس منذ أوائل القرن العشرين . وبرغم تأخر انطلاق الحركة الفنية التشكيلية الفلسطينية المعاصرة عن مثيلاتها العربية ، لآسباب مر ذكرها ، فإنّ الفن التشكيلي العربي المعاصر عموما انطلق من المفهوم والشكل الغربيّ للفنون التشكيلية الحديثة .
من الأسماء الفسطينية التي برزت في مجال الرسم والتصوير في النصف الأول من القرن الماضي نقولا الصايغ وتوفيق جوهرية ومبارك سعد وجمال بدران وشقيقاه خيري وعبد الرزاق ثم داوود زلاطيمو وزلفى السعدي وخليل وصوفي حلبي وجبرا ابراهيم جبرا وحنا مسمار وفضول عوده وآخرين ، أسماء نذكرها عند الحديث عن بدايات الفن التشكيلي الفلسطيني . هؤلاء مارسوا رسم اللوحة (لا نعرف أحدا مارس النحت إلاّ حجارين مغمورين وحنا مسمار الناصري الذي كان يمتهن صناعة الفخارً وشكل من فخاره بعض المواضيع الشعبية والوطنية)
لكن هؤلاء الفنانين الفلسطينيين الأوائل لم يتمكنوا من تأسيس حركة جماعية لها حضور على الساحة الثقافية في فلسطين ، وظل مجمل إنتاجهم في اعتقادي محصورا في إطار المهنة أو الهواية القريبة من الاحتراف .
وعلى سبيل المثال فإنّ فلسطين قبل عام 1948 لم تعرف معرضا تشكيلياً واحداً لأحد أؤلئك الفنانين الفلسطينيين ، معرض بالمعنى الذي نعرفه اليوم، ولم يكن في فلسطين أية قاعة لعرص الفنون التشكيلية. كانت هناك نشاطات فردية لبعض الفنانين ، كأن يشارك أحدهم بلوحة أو أكثر ، بمناسبة معينة ، لتعرض في مدرسة أو ناد ، إلى جانب معروضات متنوعة أخرى ، كالأشغال المدرسية .
نقولا الصايغ (توفي عام 1930) كان رساماً محترفاً رسم عددا كبيرا من اللوحات الزيتية ، لكنها لم تعرض مرة بمعرض خاص في قاعة واحدة . وكان جل إنتاجه ، إما لوحات أيقونية ، تعمل للكنائس او الأديرة ، أو لوحات لطبيعة صامتة أو لمناظر طبيعية تباع بالقطعة للسياح وحجاج بيت المقدس . لم يختلف حال توفيق جوهرية بانتاجه وأهدافة عن الصايغ .
مبارك سعد (1880 – 1964) رَسم وصَور أشخاص وصورتة الشخصية بالذات والمنظر الطبيعي بشكل متقن واحدة من تلك اللوحات للحرم الشريف بالقدس، كان متفوقا بانتاجه من الناحية الفنية والتقنية عن زملائه في تلك الفترة .
خليل حلبي (1889 – 1964) رسم الأيقونة ولوحات دينية مسيحية ومناظر طبيعية،أما صوفي حلبي (1912 – 1997) فرسمت لوحات بالألوان المائية للطبيعة الصامتة، والزهور بشكل خاص، وتتسم لوحاتهما برهافة حس و تأثيرية متقنة .
[color=navy]جمال بدران (1909 – 1997) وشقيقاه نزعا تخصصا في مجال الفنون التطبيقية ، وهي فنون جميلة لكنها تظل في إطار الفن التطبيقي الذي لا يعتبر حتى اليوم، وفقا لأنظمة اتحادات الفنانين التشكيليين في العالم العربي والدولي جزء من الفنون التشكيلية . [/color]
تفصلنا عن مجموع تراثنا الفنيّ القديم – الآثار الفنية الكنعانية - سكان فلسطين الأوائل – أكثر من ثلاثة آلاف سنة ، كما تفصل بين حاضرنا وتراثنا الذي ينسب إلى الدين المسيحي- والمتمثل بالآيقونة- نحو ألفي سنة وعن التراث الإسلامي العربي مئات من السنين ، وذلك مرده غزو فلسطين واحتلالها وحكمها من قبل غرباء على مدى آلاف السنين .
انقطعت بسبب ذلك أواصر التواصل بين الطاقات الإبداعية المعاصرة على الأرض الفلسطينية وبين ذلك التراث على مدى عصور طويلة .
وحتى لا نغوص في التاريخ القديم كثيرا نُذكر بالغزو الفرنجي (الصليبيّ) الذي استمر قرابة قرنين من الزمن ثم الحكم العثماني الذي دام أربعة قرون ، تبعهما الاحتلال البريطاني ثم الصهيوني .
لم تكن فلسطين وحدها ضحية الغزوات واحتلال الأجنبي لها ، بل إن ذلك شمل معظم بلاد العرب . في أوائل القرن التاسع عشر بدأت البعثات الاستكشافية الغربية تأتي للمنطقة ، وتحديدا لما يعرف بالأراضي المقدسة ، يصحبها الفنانون والمهندسون والمنقبون ، بهدف دراسة الأوضاع العامة وتوثيق ملامح معالمها الفنية والطبيعية .
كان التواصل الثقافي بين بعض البلدان العربية والغرب أسبق من غيرها . وكانت مصر السباقة في التعرف على بعض مظاهر الثقافة الغربية ، فمع غزو نابليون لمصر أواخر القرن الثامن عشر صحب الغزو مستكشفون ورسامون أيقظوا في بعض المصريين مواهبهم .
وكان الخديوي إسماعيل ، حاكم مصر أواسط القرن التاسع عشر محبا لمظاهر الثقافة الغربية وعاشقا لها وتحديدا الفرنسية منها ، فأتى بالفنانين والرسامين والمبدعين الاوروبيين ، مما أتاح الفرص أمام مواهب جديدة .
ثم بدات حركة الفنانين المستشرقين تأتي المنطقة ليوثّقوا عن طريق الرسم والتصوير معالم منطقة سوريا ولبنان وفلسطين والأردن ومصر والمغرب العربي . تفتحت أعين مواهب عربية أخرى من الناشئة في العديد من بلداننا العربية على اللوحة والرسم والنمثال المنجزة بالأسلوب الغربي.
وجدير بالذكر أن فنّ الأيقونة الذي نشأ مع انتشار المسيحية ظل مستمراً على مدى العصور . وشهدت فلسطين العديد من الفنانين القساوسة والرهبان الذين هاجروا من بلادهم قاصدين مدينة القدس وجاءوا بدافع الإيمان والقداسة لتكملة طقوسهم الدينية في رسم الأيقونة المقدسة
ِشكـّل هؤلاء الفنانون من الرهبان والقساوسة في فلسطين وفي القدس تحديداً إضافة لفناني البعثات المستشرقين شبه مدرسة تعرفت بعض المواهب الفلسطينية من خلالهم على الأدوات الفنية الغربية وأشكال التصوير الذي يقومون به.
في الوقت الذي انطلقت فيه بدايات الحركات الفنية التشكيلية في كثير من البلدان العربية أواخر القرن التاسع عشر ومطلع القرن العشرين ، تأخر انطلاق الحركة الفنية التشكيلية المعاصرة في فلسطين بسبب انشغال المواطنين الفلسطينيين ، بمن فيهم المواهب الفنية الناشئة ، عن المسائل الثقافية والفنية وانخراط كثيرين منهم في الدفاع عن وطنهم الفلسطيني ، إذ كانت مخططات الحركة الصهيونية النشيطة والمتحالفة مع المستعمر البريطاني تستعد بشراسة لاقتناص فلسطين وطرد مواطنيها وإقامة دولة اليهود العنصرية .
ولفلسطين ، كغيرها من البلدان العربية ، تراث فنيّ عريق يتمثل بـ :
1 - ما خلفه الأجداد الكنعانيون والفلسطينيون (الفلسترز) السكان الأوائل لفلسطين من
آثار فنية .
2 – التراث الأيقوني المسيحي .
3 – التراث الإسلامي العربي .
4 – الفن الشعبي الفلسطيني .
الخوض في تفاصيل فنون الأجداد من سكان فلسطين الأوائل (الكنعانيون والفلسطينيون) يحتاج إلى مختصين للتحدث بشأنه وتحديد معالمه والتعريف به ليصبح أحد مصادر الالهام و الترابط بتاريخنا القديم .
التراث الأيقوني المسيحي ، فنّ قائم وحاضر انطلق من منذ نحو ألفيّ سنة ، وهو منتشر في شتى بقاع العالم ، إنه عطاء فنيّ مستمر بنهج ثابت وأسلوب واحد وأهداف محددة.
جاء في كتاب الفنان كمال بلاطه "استحضار المكان – دراسة في الفن التشكيلي المعاصر" أن منبع الفن التشكيلي الفلسطيني تعود أصوله إلى الفن الأيقونوغرافي أو ما درج على تسميته "الفن المسيحي" .
وهذا في رأيي مناف للحقيقة الموضوعية مع كل التقدير للفن الأيقوني وللمسيحية . نحن لا ننكر ما للفنانين الأيقونيين ، عربا أم أجانب ، من فضل على بعض الفنانين الفلسطينيين الذين تعرفوا عن طريقهم على أدوات ومواد الفنّ التشكيلي الحديث وتقنياته في التصوير والرسم . ولسنا في الوقت ذاته ، ولم نكن في يوم من الأيام ، ضد التعلم من فنانين أجانب ، فمعظمنا درس على أيدي فنانين أجانب .
الأصول التي انطلقت منها الحركة الفنية التشكيلية الفلسطينية المعاصرة أصول مختلفة شكلا ومضمونا عن الفنّ الأيقونوغرافي . إن أؤلئك الفنانين الفسطينيين الأوائل ، في بدايات القرن العشرين ، الذين أتيحت لهم فرصة تعلم الرسم والتصوير من الفنانين الأيقونوغرافيين ، عربا كانوا أم أجانب ، ولربما من كتب وصور فنية غربية وصلت لهم ، فرّقوا في إنتاجهم بين اللوحة الأيقونية واللوحة التي كانوا يرسمونها للمناظر الطبيعية أو الطبيعة الصامتة أو حتى للأشخاص من حيث الشكل والمضمون .
وتراثنا الفني الإسلامي العربي التشكيلي تراث ثريّ وعظيم ، بتكويناته الهندسية والنباتية الزخرفية ، وأشكال خطوطه ، ورسوم ولوحات المخطوطات ، لم يؤثر فقط في انتاجنا ، بل تعدانا ليؤثر في انتاج الكثيرين من فناني العالم . هو فنّ عظيم بحاجة لمزيد من الدراسات المعمقة من قبل أخصائيين وباحثين عرب كي يصبح هذا الفن مستوعبا من قبل المثقفين والفنانين والجماهير العربية ، ومصدر إلهام لهم .
الفنون الشعبية الفلسطينية ، وتحديدا عالم التطريز ، فنون على قدر كبير من القيمة الفنية ، باشكالها وألوانها وتناسق وحداتها وعفويتها ، والأهم من ذلك تمكنها من العطاء المستمر وتطورها على مدى آلاف السنين رغم الغزوات والاحتلالات . كان هذا الفنّ الشعبيّ مصدر إيحاء كبير للفنّ التشكيليّ الفلسطينيّ المعاصر.
يتسائل الناقد والشاعر الفلسطيني محمد الأسعد في محاضرة له قبل نحو عشرين عاما فيقول "لا أدري ما الذي يمنع من اعتبار الفنون الشعبية وخاصة البارز منها في الزخرفة ، فناً تشكيلياً ".
أن معظم الحركات الفنية التشكيلية في البلدان العربية بدأت خطواتها الأولى ، وصار لها وجود ملموس منذ أوائل القرن العشرين . وبرغم تأخر انطلاق الحركة الفنية التشكيلية الفلسطينية المعاصرة عن مثيلاتها العربية ، لآسباب مر ذكرها ، فإنّ الفن التشكيلي العربي المعاصر عموما انطلق من المفهوم والشكل الغربيّ للفنون التشكيلية الحديثة .
من الأسماء الفسطينية التي برزت في مجال الرسم والتصوير في النصف الأول من القرن الماضي نقولا الصايغ وتوفيق جوهرية ومبارك سعد وجمال بدران وشقيقاه خيري وعبد الرزاق ثم داوود زلاطيمو وزلفى السعدي وخليل وصوفي حلبي وجبرا ابراهيم جبرا وحنا مسمار وفضول عوده وآخرين ، أسماء نذكرها عند الحديث عن بدايات الفن التشكيلي الفلسطيني . هؤلاء مارسوا رسم اللوحة (لا نعرف أحدا مارس النحت إلاّ حجارين مغمورين وحنا مسمار الناصري الذي كان يمتهن صناعة الفخارً وشكل من فخاره بعض المواضيع الشعبية والوطنية)
لكن هؤلاء الفنانين الفلسطينيين الأوائل لم يتمكنوا من تأسيس حركة جماعية لها حضور على الساحة الثقافية في فلسطين ، وظل مجمل إنتاجهم في اعتقادي محصورا في إطار المهنة أو الهواية القريبة من الاحتراف .
وعلى سبيل المثال فإنّ فلسطين قبل عام 1948 لم تعرف معرضا تشكيلياً واحداً لأحد أؤلئك الفنانين الفلسطينيين ، معرض بالمعنى الذي نعرفه اليوم، ولم يكن في فلسطين أية قاعة لعرص الفنون التشكيلية. كانت هناك نشاطات فردية لبعض الفنانين ، كأن يشارك أحدهم بلوحة أو أكثر ، بمناسبة معينة ، لتعرض في مدرسة أو ناد ، إلى جانب معروضات متنوعة أخرى ، كالأشغال المدرسية .
نقولا الصايغ (توفي عام 1930) كان رساماً محترفاً رسم عددا كبيرا من اللوحات الزيتية ، لكنها لم تعرض مرة بمعرض خاص في قاعة واحدة . وكان جل إنتاجه ، إما لوحات أيقونية ، تعمل للكنائس او الأديرة ، أو لوحات لطبيعة صامتة أو لمناظر طبيعية تباع بالقطعة للسياح وحجاج بيت المقدس . لم يختلف حال توفيق جوهرية بانتاجه وأهدافة عن الصايغ .
مبارك سعد (1880 – 1964) رَسم وصَور أشخاص وصورتة الشخصية بالذات والمنظر الطبيعي بشكل متقن واحدة من تلك اللوحات للحرم الشريف بالقدس، كان متفوقا بانتاجه من الناحية الفنية والتقنية عن زملائه في تلك الفترة .
خليل حلبي (1889 – 1964) رسم الأيقونة ولوحات دينية مسيحية ومناظر طبيعية،أما صوفي حلبي (1912 – 1997) فرسمت لوحات بالألوان المائية للطبيعة الصامتة، والزهور بشكل خاص، وتتسم لوحاتهما برهافة حس و تأثيرية متقنة .
[color=navy]جمال بدران (1909 – 1997) وشقيقاه نزعا تخصصا في مجال الفنون التطبيقية ، وهي فنون جميلة لكنها تظل في إطار الفن التطبيقي الذي لا يعتبر حتى اليوم، وفقا لأنظمة اتحادات الفنانين التشكيليين في العالم العربي والدولي جزء من الفنون التشكيلية . [/color]
الجمعة 19 أغسطس 2016, 2:15 am من طرف راهب الفكر
» تصريح الناطق الرسمي لجيش رجال الطريقة النقشبندية بصدد التهجير القسري للعراقيين
الجمعة 19 أغسطس 2016, 2:14 am من طرف راهب الفكر
» زيف المفترين في إعلان خلافة المسلمين
الجمعة 19 أغسطس 2016, 2:14 am من طرف راهب الفكر
» مبارزة شعرية .......
الجمعة 19 أغسطس 2016, 2:11 am من طرف راهب الفكر
» مقاومينا بغزة البواسل للشاعر عطا سليمان رموني
الجمعة 19 أغسطس 2016, 2:08 am من طرف راهب الفكر
» أتثائب... عبلة درويش
الأحد 24 أغسطس 2014, 1:54 pm من طرف راهب الفكر
» تصريح ولكن.... وما بعد الجدار/تغريد العزة
الأحد 24 أغسطس 2014, 1:54 pm من طرف راهب الفكر
» " منديلٌ لبسمات امرأة " لؤي ابو عكر
الأحد 24 أغسطس 2014, 1:53 pm من طرف راهب الفكر
» نقد الحزب المشكلات التنظيمية للحزب الشيوعي " سلامة كيلة (للتحميل)
الأحد 24 أغسطس 2014, 1:53 pm من طرف راهب الفكر
» تلخيص كتاب: تاريـخ فلسطين في أواخر العهد العثماني 1700 – 1918
الأحد 24 أغسطس 2014, 1:37 pm من طرف راهب الفكر