لطالما وقفت الأمم المتحدة موقف المؤيد والمؤازر للدولة الصهيونية. فهي إمّا تؤيد قراراً يدعمها أو تسكت عن أعمال تمارسها.. واذا ما اجتمع مجلس الأمن سرعان ما يقوم حق النقض «الفيتو» بواجبه تجاهها. وأما الهيئة العامة فهي، وفي حال حاولت تأييد القضية تصبح لا حول لها ولا قوة..
لكن يبدو أنّ تقرير الأمم المتحدة الدي صدر مؤخراً خالف «تاريخها العريق»، فقد دعا «إسرائيل» إلى إنهاء برنامج هدم البيوت في القدس الشرقية ومعالجة أزمة سكن الفلسطينيين في المدينة.
هذا ما نقله روي ماكارثي في صحيفة الغارديان البريطانية (Guardian)، الصادرة في الأول من أيار (مايو) الماضي. فقد كتب عن هدم عشرات المنازل سنوياً في القدس الشرقية لافتقارهم تراخيص التخطيط، ونقل أيضاً ما قاله الناقدون أنّ أعمال الهدم هذه جزء من المساعي الإسرائيلية لمدّ سيطرتها فيما يستمر توسّع المستوطنات.
يتابع ماكارثي، أنّه بالرغم من أنّ عمدة القدس نير باركات قد دافع عن توازن سياسة التخطيط الا أنّ هيلاري كلينتون، وزيرة خارجية الولايات المتحدة، قد وصفت في آذار(مارس) الماضي الهدم بأنه «غير مساعد». ووصف تقرير داخلي لديبلوماسيي الاتحاد الأوروبي حصلت عليه الغارديان الهدم أنّه غير قانوني تبعاً للقانون الدولي وأنّه «وقود يشعل المرارة والتطرف». لقد احتلت «إسرائيل» القدس الشرقية في حرب 1967 وضمّتها لاحقاً إليها ومن طرفٍ واحد، ولم يعترف المجتمع الدولي بهذه الخطوة.
تقول الأمم المتحدة إنّ «إسرائيل» قد ألحقت 70.5 كم مربع من القدس الشرقية والضفة الغربية بها، وخصّصت 13% منها لبناء الفلسطينيين وهذا كان بمعظمه مبني أصلاً. في الوقت ذاته صادرت 35% لصالح المستوطنات بالرغم من اعتبار كلّ المستوطنات في الأراضي المحتلة غير قانونية تبعاً للقانون الدولي. وكنتيجة لذلك، وجد الفلسطينيون في القدس الشرقية تزايداً في صعوبة الحصول على رخص التخطيط... وقد بنى العديد منهم منازلهم بدونها مجازفين بإرغامهم دفع الغرامات والهدم الحتمي. لقد بُني 28% من البيوت الفلسطينية في القدس الشرقية مخالفةً لقوانين التخطيط الاسرائيلي.
«لقد منعت إسرائيل، وبشكلٍ ملموس وخلال احتلالها، النمو الفلسطيني في القدس الشرقية». إذ إنّها هدمت 673 منشأةً فلسطينية بين 2000 و2008، منها 90 في السنة الماضية، تاركةً 400 فلسطينياً مهجّراً، وهو أعلى رقم للبيوت المهدمة منذ أربع سنوات. ويجري هدم مماثل وبشكل عادي من قبل الجيش الإسرائيلي في الضفة الغربية. لكن القلق الأكبر يتعلق بالمساحات المهددة بالهدم الجماعي، بما فيها حي البستان في سلوان وذلك جنوب المدينة القديمة، حيث سيؤدي هدم 90 بيتاً إلى تهجير 1000 فلسطيني على الأقل.
ويتكلم التقرير عن العائلات التي تفقد بيوتها، كيف أنّها تواجه خيار الانتقال للعيش مع الأقارب في شقق مكتظّة أو استئجار بيوت جديدة. كما سيواجه هؤلاء الفلسطينيون «مشقةً كبيرةً» من خلال هدم ممتلكاتهم ومكافحتهم لتسديد الديون جرّاء الغرامات والتكاليف القانونية. ولقد أظهر إحصاء أجري في عام 2007 أن الوقت الذي استغرق أكثر من نصف العائلات المهجّرة لإيجاد بيت جديد دائم هو سنتان على الأقل تنقلوا خلالها عدة مرّات.. أمّا الأطفال فقد فاتتهم المدرسة وعانوا من مشاكل عاطفية وسلوكية لشهور عدّة، بالإضافة إلى أدائهم الأكاديمي الضعيف على المدى الأطول.
السلطات تتحدى
نقل ماكارثي تحدّي السلطات في القدس لتقرير الأمم المتحدة وإنكارها «للاتهامات والأرقام كلّها». ولكنها اعترفت بوجود «أزمة تخطيط».. رغم أنّ الأزمة لا تنحصر في القدس الشرقية بل في كل القدس، وبذلك سيتأثّر اليهود والنصارى والمسلمين على حد سواء.. وسيقدّم العمدة خطة جديدة للمدينة.
وقد رفض باركات، الذي فاز في الانتخابات منذ خمسة شهور، النقد الدولي للهدم وسياسة التخطيط واعتبرها «معلومات مغلوطة» و«تلفيق فلسطيني.. الأمر يخلو من السياسة، إنها محافظة فقط على القانون والنظام في المدينة»، وأضاف «إن العالم يبني براهينه على الحقائق المغلوطة.. على العالم أن يتعلم وانا أكيد أن الناس ستغيّر رأيها». كما قال إنه يريد تحسين حياة ساكني المدينة بأجمعهم، يهوداً وعرباً، لكنه ملتزم بالمحافظة على الأغلبية اليهودية.. ويشكّل اليهود ثلثي سكان المدينة.
لكن يتابع ماكارثي مع تقرير الأمم المتحدة الذي يقول أن ثلث القدس الشرقية بقي غير مخطط، وبالتالي لا يمكن البناء فيه. وحتى في المناطق المخططة، هناك مشاكل منها عدد الأراضي الخاصة الصغيرة والبنية التحتية الضعيفة والموارد القليلة. كما أنّ النقص في التنظيم المدني الجيد والاستثمار الناقص في البنى التحتية العامة والتوزيع غير المتساوي في موارد الموازنة، جعل القدس الشرقية مكتظة والخدمات العامة فيها لا تفي بحاجات السكان الفلسطينيين.
العمق المتأجج
وفي السياق نفسه كتب هاورد شنايدر مقالاً في جريدة الواشنطن بوست (Washington Post)، في عددها الصادر في 2 أيّار(مايو)، بعنوان «الأمم المتحدة تجد 60,000 فلسطينياً معرّضين لنزع حق الملكية في القدس الشرقية». تحدّث فيه عن تقرير الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية. وبالمقابل سلّط الضوء على الأهمية السياسية للهدم المركّز في القدس الشرقية. وهي منطقة يعتبرها دانيال سايدمان، المحامي والناشط اليهودي، العمق المتأجج للصراع الفلسطيني- الإسرائيلي. فبينما يأمل العديد من العرب بجعل القدس الشرقية عاصمة الدولة الفلسطينية في المستقبل، يصرّ العديد من اليهود الإسرائيليين على بقاء المدينة موحّدة وتحت سيطرة «إسرائيل».
يقول شنايدر «هي معركة تُخاض على قطعة أرض تلو أخرى، فيها مجموعات المستوطنين اليهود والمنظمات القانونية الفلسطينية يجرون مسحاً لأرشيف الفترة العثمانية في محاولةٍ لإثبات ملكية قطع أرض محددة. ويسعى المحسنون اليهود لجمع الأموال لشراء ملكيات إضافية ويبقى العديد من السكان الفلسطينيين قلقين، يوماً بيوم، من فرض نزع للملكية بالقوة».
ثم ينقل شنايدر عن ييغال بالمور، الناطق باسم الخارجية الاسرائيلية قوله إن الأمر محض «سياسة بلدية».. لقد قاطع سكان القدس الشرقية العرب، كما هي عادتهم، الانتخابات البلدية بحجة سُكناهم تحت وطأة الاحتلال، لذلك يتابع بالمور «هم لا يحاولون التأثير على سياسة البلدية من الداخل، وهذا الأمر بمقدورهم تحقيقه، لذا لا يمكنهم الشكوى والتذمّر».
لطالما كان البعد الديموغرافي باعث قلق لدى اليهود، وفي التقرير الذي تكلمنا عنه في هذا المقال، يتوقّع أن يصبح عدد اليهود في القدس الشرقية حوالى 195 ألف يهودي.. وأعلام نجمة داود المنتشرة خارج البيوت المطلّة على حي البستان هي أكبر دليل على التقدّم الديموغرافي.
لكن يبدو أنّ تقرير الأمم المتحدة الدي صدر مؤخراً خالف «تاريخها العريق»، فقد دعا «إسرائيل» إلى إنهاء برنامج هدم البيوت في القدس الشرقية ومعالجة أزمة سكن الفلسطينيين في المدينة.
هذا ما نقله روي ماكارثي في صحيفة الغارديان البريطانية (Guardian)، الصادرة في الأول من أيار (مايو) الماضي. فقد كتب عن هدم عشرات المنازل سنوياً في القدس الشرقية لافتقارهم تراخيص التخطيط، ونقل أيضاً ما قاله الناقدون أنّ أعمال الهدم هذه جزء من المساعي الإسرائيلية لمدّ سيطرتها فيما يستمر توسّع المستوطنات.
يتابع ماكارثي، أنّه بالرغم من أنّ عمدة القدس نير باركات قد دافع عن توازن سياسة التخطيط الا أنّ هيلاري كلينتون، وزيرة خارجية الولايات المتحدة، قد وصفت في آذار(مارس) الماضي الهدم بأنه «غير مساعد». ووصف تقرير داخلي لديبلوماسيي الاتحاد الأوروبي حصلت عليه الغارديان الهدم أنّه غير قانوني تبعاً للقانون الدولي وأنّه «وقود يشعل المرارة والتطرف». لقد احتلت «إسرائيل» القدس الشرقية في حرب 1967 وضمّتها لاحقاً إليها ومن طرفٍ واحد، ولم يعترف المجتمع الدولي بهذه الخطوة.
تقول الأمم المتحدة إنّ «إسرائيل» قد ألحقت 70.5 كم مربع من القدس الشرقية والضفة الغربية بها، وخصّصت 13% منها لبناء الفلسطينيين وهذا كان بمعظمه مبني أصلاً. في الوقت ذاته صادرت 35% لصالح المستوطنات بالرغم من اعتبار كلّ المستوطنات في الأراضي المحتلة غير قانونية تبعاً للقانون الدولي. وكنتيجة لذلك، وجد الفلسطينيون في القدس الشرقية تزايداً في صعوبة الحصول على رخص التخطيط... وقد بنى العديد منهم منازلهم بدونها مجازفين بإرغامهم دفع الغرامات والهدم الحتمي. لقد بُني 28% من البيوت الفلسطينية في القدس الشرقية مخالفةً لقوانين التخطيط الاسرائيلي.
«لقد منعت إسرائيل، وبشكلٍ ملموس وخلال احتلالها، النمو الفلسطيني في القدس الشرقية». إذ إنّها هدمت 673 منشأةً فلسطينية بين 2000 و2008، منها 90 في السنة الماضية، تاركةً 400 فلسطينياً مهجّراً، وهو أعلى رقم للبيوت المهدمة منذ أربع سنوات. ويجري هدم مماثل وبشكل عادي من قبل الجيش الإسرائيلي في الضفة الغربية. لكن القلق الأكبر يتعلق بالمساحات المهددة بالهدم الجماعي، بما فيها حي البستان في سلوان وذلك جنوب المدينة القديمة، حيث سيؤدي هدم 90 بيتاً إلى تهجير 1000 فلسطيني على الأقل.
ويتكلم التقرير عن العائلات التي تفقد بيوتها، كيف أنّها تواجه خيار الانتقال للعيش مع الأقارب في شقق مكتظّة أو استئجار بيوت جديدة. كما سيواجه هؤلاء الفلسطينيون «مشقةً كبيرةً» من خلال هدم ممتلكاتهم ومكافحتهم لتسديد الديون جرّاء الغرامات والتكاليف القانونية. ولقد أظهر إحصاء أجري في عام 2007 أن الوقت الذي استغرق أكثر من نصف العائلات المهجّرة لإيجاد بيت جديد دائم هو سنتان على الأقل تنقلوا خلالها عدة مرّات.. أمّا الأطفال فقد فاتتهم المدرسة وعانوا من مشاكل عاطفية وسلوكية لشهور عدّة، بالإضافة إلى أدائهم الأكاديمي الضعيف على المدى الأطول.
السلطات تتحدى
نقل ماكارثي تحدّي السلطات في القدس لتقرير الأمم المتحدة وإنكارها «للاتهامات والأرقام كلّها». ولكنها اعترفت بوجود «أزمة تخطيط».. رغم أنّ الأزمة لا تنحصر في القدس الشرقية بل في كل القدس، وبذلك سيتأثّر اليهود والنصارى والمسلمين على حد سواء.. وسيقدّم العمدة خطة جديدة للمدينة.
وقد رفض باركات، الذي فاز في الانتخابات منذ خمسة شهور، النقد الدولي للهدم وسياسة التخطيط واعتبرها «معلومات مغلوطة» و«تلفيق فلسطيني.. الأمر يخلو من السياسة، إنها محافظة فقط على القانون والنظام في المدينة»، وأضاف «إن العالم يبني براهينه على الحقائق المغلوطة.. على العالم أن يتعلم وانا أكيد أن الناس ستغيّر رأيها». كما قال إنه يريد تحسين حياة ساكني المدينة بأجمعهم، يهوداً وعرباً، لكنه ملتزم بالمحافظة على الأغلبية اليهودية.. ويشكّل اليهود ثلثي سكان المدينة.
لكن يتابع ماكارثي مع تقرير الأمم المتحدة الذي يقول أن ثلث القدس الشرقية بقي غير مخطط، وبالتالي لا يمكن البناء فيه. وحتى في المناطق المخططة، هناك مشاكل منها عدد الأراضي الخاصة الصغيرة والبنية التحتية الضعيفة والموارد القليلة. كما أنّ النقص في التنظيم المدني الجيد والاستثمار الناقص في البنى التحتية العامة والتوزيع غير المتساوي في موارد الموازنة، جعل القدس الشرقية مكتظة والخدمات العامة فيها لا تفي بحاجات السكان الفلسطينيين.
العمق المتأجج
وفي السياق نفسه كتب هاورد شنايدر مقالاً في جريدة الواشنطن بوست (Washington Post)، في عددها الصادر في 2 أيّار(مايو)، بعنوان «الأمم المتحدة تجد 60,000 فلسطينياً معرّضين لنزع حق الملكية في القدس الشرقية». تحدّث فيه عن تقرير الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية. وبالمقابل سلّط الضوء على الأهمية السياسية للهدم المركّز في القدس الشرقية. وهي منطقة يعتبرها دانيال سايدمان، المحامي والناشط اليهودي، العمق المتأجج للصراع الفلسطيني- الإسرائيلي. فبينما يأمل العديد من العرب بجعل القدس الشرقية عاصمة الدولة الفلسطينية في المستقبل، يصرّ العديد من اليهود الإسرائيليين على بقاء المدينة موحّدة وتحت سيطرة «إسرائيل».
يقول شنايدر «هي معركة تُخاض على قطعة أرض تلو أخرى، فيها مجموعات المستوطنين اليهود والمنظمات القانونية الفلسطينية يجرون مسحاً لأرشيف الفترة العثمانية في محاولةٍ لإثبات ملكية قطع أرض محددة. ويسعى المحسنون اليهود لجمع الأموال لشراء ملكيات إضافية ويبقى العديد من السكان الفلسطينيين قلقين، يوماً بيوم، من فرض نزع للملكية بالقوة».
ثم ينقل شنايدر عن ييغال بالمور، الناطق باسم الخارجية الاسرائيلية قوله إن الأمر محض «سياسة بلدية».. لقد قاطع سكان القدس الشرقية العرب، كما هي عادتهم، الانتخابات البلدية بحجة سُكناهم تحت وطأة الاحتلال، لذلك يتابع بالمور «هم لا يحاولون التأثير على سياسة البلدية من الداخل، وهذا الأمر بمقدورهم تحقيقه، لذا لا يمكنهم الشكوى والتذمّر».
لطالما كان البعد الديموغرافي باعث قلق لدى اليهود، وفي التقرير الذي تكلمنا عنه في هذا المقال، يتوقّع أن يصبح عدد اليهود في القدس الشرقية حوالى 195 ألف يهودي.. وأعلام نجمة داود المنتشرة خارج البيوت المطلّة على حي البستان هي أكبر دليل على التقدّم الديموغرافي.
الجمعة 19 أغسطس 2016, 2:15 am من طرف راهب الفكر
» تصريح الناطق الرسمي لجيش رجال الطريقة النقشبندية بصدد التهجير القسري للعراقيين
الجمعة 19 أغسطس 2016, 2:14 am من طرف راهب الفكر
» زيف المفترين في إعلان خلافة المسلمين
الجمعة 19 أغسطس 2016, 2:14 am من طرف راهب الفكر
» مبارزة شعرية .......
الجمعة 19 أغسطس 2016, 2:11 am من طرف راهب الفكر
» مقاومينا بغزة البواسل للشاعر عطا سليمان رموني
الجمعة 19 أغسطس 2016, 2:08 am من طرف راهب الفكر
» أتثائب... عبلة درويش
الأحد 24 أغسطس 2014, 1:54 pm من طرف راهب الفكر
» تصريح ولكن.... وما بعد الجدار/تغريد العزة
الأحد 24 أغسطس 2014, 1:54 pm من طرف راهب الفكر
» " منديلٌ لبسمات امرأة " لؤي ابو عكر
الأحد 24 أغسطس 2014, 1:53 pm من طرف راهب الفكر
» نقد الحزب المشكلات التنظيمية للحزب الشيوعي " سلامة كيلة (للتحميل)
الأحد 24 أغسطس 2014, 1:53 pm من طرف راهب الفكر
» تلخيص كتاب: تاريـخ فلسطين في أواخر العهد العثماني 1700 – 1918
الأحد 24 أغسطس 2014, 1:37 pm من طرف راهب الفكر