تاريخ اليهود القديم غامض ، ولعلهم أرادوه كذلك . ولا يستطيع أحد أن يتحدث عنه بيقين . وصلتهم ببني إسرائيل ،وإبراهيم ، وموسى ، وداود وسليمان اشد غموضاً ، وأبعد عن الوضوح .
وقد كتب في التوراة ، كما كتب مؤرخون ، أنه قد قامت لهم – لمن ؟ - دولة ، عاشت ، ثم انقسمت إلى دولتين ، ولكنهم اختلفوا في مكان قيامها وفي حجمها . عن المكان قال بعضهم إن ذلك كان في فلسطين ، وقال آخرون إنه كان في جنوب جزيرة العرب – عسير و السراة -،وعن الحجم زعم بعضهم إنها كانت إمبراطورية ، وأكد آخرون إنها لم تزد عن حجم مشيخة ..
ويقولون – التوراة والمؤرخون : ان إحدى الدولتين قد انتهت عام 732 ق.م ، وان الأخرى انتهت عام 586 ق.م .و تحدثوا عن " السبي " الآشوري و البابلي .. وأن نبوخذنصر – أخيرا –سباهم من حيث انتهت ثانيتهما ،إلى بابل عام 586 ق. م .. وإنهم مكثوا هناك حتى سقطت بابل وصعد الفرس الاخمينيون ، وأن كبيرهم " كورش " شجعهم على الخروج ، و العودة . ولم يعد بعضهم ، وتشتت آخرون .. وعاد بعضهم إلى فلسطين .. وأن هؤلاء لم يستقبلهم سكانها بارتياح ..
ويذكر المؤرخون ،، أن هؤلاء العائدين (؟!) استطاعوا بمساعدة الدولة الفارسية بناء هيكل لهم أو اعادة بناء هيكل قديم ، أقيم أيام الدولتين،لو كانتا قد أقيمتا في فلسطين ، أو قبلهما لقبائل أخرى . المهم أنه قام في أواخر القرن الخامس ق. م. على الأرجح . هذا الهيكل هو الذي يهمنا .. وهذا الهيكل هو المقصود بالحديث .
ونظراً لغموض تاريخ هذه الجماعة قبل " السبي " ، فلا أرى أي داع لزيادة الخوض فيه .. ولكن هذا التاريخ بدأ يتضح منذ أيام تواجدهم في فلسطين و الرضا الفارسي عنه . في تلك الأيام تبلورت "" الأسس " المميزة لمذهب " اليهودية " ، إذ بدأها كهنة تشددوا في تطبيق الشريعة الموسوية، وأكملها عزرا [ الضبط القرآني : عزير ٍ] بين المسبيين في بابل في أوائل القرن السادس وأواسط القرن الخامس . و كتبت في بابل بالا رمية ، وليس بالعبرية – إذ كانت قد اندثرت ، (و جاءت تخالطها رائحة بابلية !! ) . وهذا هو الأساس الحقيقي للمذهب اليهودي المميز وطقوسه و كتبه.
والسؤال الكبير الآن هو : أين هذا الهيكل الآن ؟
لا وجود لأي أثر منه في أي مكان ، ولا أثر ولا حجر يعطي احتمالاً أنه كان هنا . التنقيبات الطويلة العريضة لم تصل إلى أي شئ .،ودعاوى يهود اليوم أنه كان يقوم في موضع "الحرم الشريف"هراء لا يستند إلى أي أساس حقيقي .ولذا فإن علينا أن نبحث مع الباحثين عن موقعه ، و نستهدي بكتابات ذلك الزمان وأولها التوراة ، ثم المؤرخين المعاصرين ، وبعض الرواة ، و شهود العيان و طبوغرافية الأرض ، و والمنطق السليم.
وقبل هذا : ماذا نعرف عنه تاريخياً :
أولا : شجع الفرس الاخمينيون اقامة الهيكل في فلسطين لأسباب سياسية وأمنية ، و ساهموا في إقامته نحو منتصف القرن الخامس ق .م. وكان صغيراً صغيراً، ونعم اليهود في فلسطين بحمايتهم وصداقتهم ،واتخذوا لغتهم الآرمية لغة لهم. استمر هذا العهد 207 سنوات .
ثانياً : سيطر اليونان على فلسطين و الشرق الأوسط وأزاحوا الفرس عام 332 ق. م واستمر عهدهم 270 سنة .. كبيرهم الأسكندر آمن بوحدة الشعوب و الأديان – "الهلينة ".وحاول طمس الشعائر اليهودية و الكتابات ، وحرمة الهيكل. و عند انقسام الإمبراطورية بعد وفاته اغتنم اليهود فرصة ضعف خلفائه وثاروا ، وأقاموا دويلة – العهد المكابي 166-37 ق.م [ مدة 130 سنة ] واحتلــوا فلسطين كلها، و كانت قسوتهم على الناس رهيبة، وساد العصر عدم استقرار و معارك مستمرة .
ثالثا: وخلفهم العهد الروماني اعتباراً من عام 63 ق.م،واستمر هذا العهد و خليفته العهد البيزنطي (700)سنة. وكانت العلاقة مع اليهود غير مستقرة ،مضت بين ثورة وهدوء ،وحرية وسيطرة،وشدة ولين، واسترخاء وعنف ..ورضا وغضب.. ومرت خلاله أمور جسام :-
1- ظهر السيد المسيح و دعوته السمحة للطهارة و المحبة ، و لكن اليهود لم يستجيبوا ،و امتهنوا الهيكل ، فأنبهم، ولذا نقموا عليه وحاكموه وقدموه للإعدام عام 29 م .
2- قامت بينهم وبين الرومان حرب (66- 70 م) بقيادة طيطس، انتهت بهزيمة ساحقة لهم ، وكان القتلى بالآلاف و كذلك الفارون ، وهذا بداية نهايتكم في فلسطين .
3- أما الهيكل فقد دمر تدميراً تاماً ولم يبق فيه حجر على حجر. وكان سبب ذلك البحث عن الذهب . وسك الرومان نقوداً خاصة احتفالاً بهذا النصر ، وفرضوا على من بقى من اليهود مقيماً في القـدس ( دراخمتين ) ضريبة تجمع لبناء معبد لعبادة جوبيتر.
4-وبَعد نحو (60) ستين سنة ثارت بقيتهم مرة أخرى في عهد الإمبراطور هادريان عـــام 135 و أخمدت بعنف ، وتبعتها تدمير وطرد كانت هذه آخرتهم دينياً و دنيوياً ، ولم تقم لهم بعدها قائمة ، بل لم يبق منهم في القدس إلا من تنصر أو تنكر . بل إن القدس ذاتها هجرت وأصبحت قرية صغيرة مهملة تابعة لقيسارية العاصمة الجديدة . وكان سكانها خليطاً من السوريين و اليونان والرومان .. وصارت أنقاضها مقلعاً للحجارة يأخذ منه كل من أراد ، وسجل يوسيفوس فجيعته لذلك.
الجمعة 19 أغسطس 2016, 2:15 am من طرف راهب الفكر
» تصريح الناطق الرسمي لجيش رجال الطريقة النقشبندية بصدد التهجير القسري للعراقيين
الجمعة 19 أغسطس 2016, 2:14 am من طرف راهب الفكر
» زيف المفترين في إعلان خلافة المسلمين
الجمعة 19 أغسطس 2016, 2:14 am من طرف راهب الفكر
» مبارزة شعرية .......
الجمعة 19 أغسطس 2016, 2:11 am من طرف راهب الفكر
» مقاومينا بغزة البواسل للشاعر عطا سليمان رموني
الجمعة 19 أغسطس 2016, 2:08 am من طرف راهب الفكر
» أتثائب... عبلة درويش
الأحد 24 أغسطس 2014, 1:54 pm من طرف راهب الفكر
» تصريح ولكن.... وما بعد الجدار/تغريد العزة
الأحد 24 أغسطس 2014, 1:54 pm من طرف راهب الفكر
» " منديلٌ لبسمات امرأة " لؤي ابو عكر
الأحد 24 أغسطس 2014, 1:53 pm من طرف راهب الفكر
» نقد الحزب المشكلات التنظيمية للحزب الشيوعي " سلامة كيلة (للتحميل)
الأحد 24 أغسطس 2014, 1:53 pm من طرف راهب الفكر
» تلخيص كتاب: تاريـخ فلسطين في أواخر العهد العثماني 1700 – 1918
الأحد 24 أغسطس 2014, 1:37 pm من طرف راهب الفكر