سطور من مذكرات ابن يحكي عن طفولته السعيدة:
كان أبي دائم البشر لا تفارقه الابتسامة ولو كان في أصعب المواقف، وقد كانت هذه الابتسامة تعني لنا الكثير، كانت تخبرنا عن رصيد كبير من الحب والتقدير لنا في قلب أبينا، وكانت تلزمنا بالسلوك الصحيح وتفادي الأخطاء حتى لا يغضب أبانا ونفقد ابتسامته أو تغيب عنا ولو للحظات
لقد كانت ابتسامة أبي مصدر التوازن النفسي لنا.. منحتنا الدفء، والثقة، وعلمتنا المصارحة، والاستهانة بالصعاب...فجزاه الله عنا خير الجزاء.
أصحاب مبدأ العبوس :
هناك طائفة من الآباء والمربين رضوا بالعبوس وتقطيب الجبين منهجًا وطريقًا يسلكونه في التعامل مع أبنائهم، فلا انبساط معهم، ولا ابتسام، وحجتهم في ذلك:
(لابد أن يكون هناك حدودًا صارمة حتى يتسنى لنا أن نربيهم)
لقد ظنُّوا أنَّ دوام التبسم والانبساط مع الأبناء يفسد عليهم تربيتهم واستقامة الأبناء على طاعتهم، وأنّ العبوس وتقطيب الجبين يمثلان الانضباط والحزم اللازم لنجاح التربية !
ولكن ..أعزائي يؤسفنا أن نقول لهؤلاء:
إنّ هذا بعينه هو منطق الضعفاء، الذين لا يتقنون فن التسلل إلى القلوب..بل وقلوب أقرب الناس إليهم..فلذات أكبادهم !
فأصحاب النفوس الكبيرة فقط هم الذين يتقنون الجمع بين الانبساط مع الأبناء ودوام البشر، وبين السيطرة على خيوط العملية التربوية، بحيث تظل المسافة بينهم وبين أبنائهم كافية لأن يأخذوا عنهم ويطيعوا أمرهم، في مناخ أسري حميم العاطفة.. دافيء الهواء.
والمربي الحكيم يستطيع أن يوجّه أبناءه من خلال البسمة والنظرة والهمسة..ويضم ولده إلى صدره ويقبله ويلاعبه ويصبر على معالجة أخطائه. [محمد بدري، اللمسة الإنسانية، ص:551]
إنّ هذه الابتسامة الصغيرة قد يكون لها أثرًا كبيرًا في نفس الابن، خاصةً أنه يتلقاها ممن يمثلون له الحماية والأمان والمثل الأعلى..
ودوام الابتسام من هَدُي سيد الأنام:
[size=21]وهدي النبي e في انبساط الوجه رائع وعجيب في الوقت ذاته، فقد كان دائم البشر والابتسام في وجه أصحابه، فعن جرير بن عبد الله البجلي رضي الله عنه أنه قال:[/size]
(ما رآني رسول الله صلى الله عليه وسلم منذ أسلمت إلا تبسم في وجهي)[رواه البخاري]
وليست هذه الإبتسامة مع جرير فقط، بل ورد عن عبد الله بن الحارث رضي الله عنه قال: (ما رأيت أحدًا أكثر تبسمًا من رسول الله صلى الله عليه وسلم) [صححه الألباني].
وعن أم الدرداء رضي الله عنها قالت:كان أبو الدرداء إذا حدَّث حديثًا تبسَّم، فقلت:
لا، يقول الناس عنك أحمق!! -أي بسبب تبسمك في كلامك- فقال أبو الدرداء t:
(ما رأيت أو سمعت رسول الله e يحدّث حديثًا إلا تبسّم) فكان أبو الدرداء إذا حدّث حديثًا تبسم اتباعًا لرسول الله e وتمثلًا لهديه ذلك.
وكان e شديد العناية بالصغار، وبمراعاة مشاعرهم ونفسيَّاتهم، فلم يذكر عنه e في سيرته العطرة أنه عبس أو تجهم في وجه أحدهم، بل كان ما إن يراهم إلا ويبش لهم حتى لو كان في مجمع من الصحابة رضوان الله عليهم، فعن جابر t قال:كنّا مع رسول الله e فدعينا إلى طعام فإذا الحسين يلعب في الطريق مع صبيان فأسرع النبي e أمام القوم ثمَّ بسط يده فجعل يفرُّ هاهنا وهناك فيضاحكه رسول الله e حتى أخذه، فجعل إحدى يديه في ذقنه والأخرى بين رأسه وأذنيه ثُمَّ اعتنقه وقبَّله، ثُمَّ قال:"حسين منِّي وأنا منه، أحبَّ اللهُ من أحبَّه، الحسن والحسين سبطان من الأسباط) (حسنه الألباني)
ويعلمنا e أنّ الابتسامة تمكننا من احتواء الآخرين، خاصة من هم تحت رعايتنا، قال e كما في صحيح مسلم: (إنكم لن تسعوا الناس بأموالكم فليسعهم منكم بسط الوجه وحسن الخلق) [رواه مسلم]
ومن منا لا يحتاج اليوم أن يسع أبنائه بوجهه المبتسم وخلقه الحسن؟ خاصة في هذه الأوقات التي صيّرت مهمة المربي من أصعب المهمات،وأصبحت وقايتهم من الفتن مسألة تحتاج إلى دعاء عريض، واتزان كبير في شخصية المربي حتى يستطيع أن يحتوي أبناءه، وتكون علاقته الناجحة الحميمة بهم بمثابة الجاذبية الأرضية التي تشدهم دائمًا إلى أصولهم الطيبة ويثبتون بفضلها أمام رياح الفتن الهوجاء التي تجتاحهم من كل جانب.
كان أبي دائم البشر لا تفارقه الابتسامة ولو كان في أصعب المواقف، وقد كانت هذه الابتسامة تعني لنا الكثير، كانت تخبرنا عن رصيد كبير من الحب والتقدير لنا في قلب أبينا، وكانت تلزمنا بالسلوك الصحيح وتفادي الأخطاء حتى لا يغضب أبانا ونفقد ابتسامته أو تغيب عنا ولو للحظات
لقد كانت ابتسامة أبي مصدر التوازن النفسي لنا.. منحتنا الدفء، والثقة، وعلمتنا المصارحة، والاستهانة بالصعاب...فجزاه الله عنا خير الجزاء.
أصحاب مبدأ العبوس :
هناك طائفة من الآباء والمربين رضوا بالعبوس وتقطيب الجبين منهجًا وطريقًا يسلكونه في التعامل مع أبنائهم، فلا انبساط معهم، ولا ابتسام، وحجتهم في ذلك:
(لابد أن يكون هناك حدودًا صارمة حتى يتسنى لنا أن نربيهم)
لقد ظنُّوا أنَّ دوام التبسم والانبساط مع الأبناء يفسد عليهم تربيتهم واستقامة الأبناء على طاعتهم، وأنّ العبوس وتقطيب الجبين يمثلان الانضباط والحزم اللازم لنجاح التربية !
ولكن ..أعزائي يؤسفنا أن نقول لهؤلاء:
إنّ هذا بعينه هو منطق الضعفاء، الذين لا يتقنون فن التسلل إلى القلوب..بل وقلوب أقرب الناس إليهم..فلذات أكبادهم !
فأصحاب النفوس الكبيرة فقط هم الذين يتقنون الجمع بين الانبساط مع الأبناء ودوام البشر، وبين السيطرة على خيوط العملية التربوية، بحيث تظل المسافة بينهم وبين أبنائهم كافية لأن يأخذوا عنهم ويطيعوا أمرهم، في مناخ أسري حميم العاطفة.. دافيء الهواء.
والمربي الحكيم يستطيع أن يوجّه أبناءه من خلال البسمة والنظرة والهمسة..ويضم ولده إلى صدره ويقبله ويلاعبه ويصبر على معالجة أخطائه. [محمد بدري، اللمسة الإنسانية، ص:551]
إنّ هذه الابتسامة الصغيرة قد يكون لها أثرًا كبيرًا في نفس الابن، خاصةً أنه يتلقاها ممن يمثلون له الحماية والأمان والمثل الأعلى..
ودوام الابتسام من هَدُي سيد الأنام:
[size=21]وهدي النبي e في انبساط الوجه رائع وعجيب في الوقت ذاته، فقد كان دائم البشر والابتسام في وجه أصحابه، فعن جرير بن عبد الله البجلي رضي الله عنه أنه قال:[/size]
(ما رآني رسول الله صلى الله عليه وسلم منذ أسلمت إلا تبسم في وجهي)[رواه البخاري]
وليست هذه الإبتسامة مع جرير فقط، بل ورد عن عبد الله بن الحارث رضي الله عنه قال: (ما رأيت أحدًا أكثر تبسمًا من رسول الله صلى الله عليه وسلم) [صححه الألباني].
وعن أم الدرداء رضي الله عنها قالت:كان أبو الدرداء إذا حدَّث حديثًا تبسَّم، فقلت:
لا، يقول الناس عنك أحمق!! -أي بسبب تبسمك في كلامك- فقال أبو الدرداء t:
(ما رأيت أو سمعت رسول الله e يحدّث حديثًا إلا تبسّم) فكان أبو الدرداء إذا حدّث حديثًا تبسم اتباعًا لرسول الله e وتمثلًا لهديه ذلك.
وكان e شديد العناية بالصغار، وبمراعاة مشاعرهم ونفسيَّاتهم، فلم يذكر عنه e في سيرته العطرة أنه عبس أو تجهم في وجه أحدهم، بل كان ما إن يراهم إلا ويبش لهم حتى لو كان في مجمع من الصحابة رضوان الله عليهم، فعن جابر t قال:كنّا مع رسول الله e فدعينا إلى طعام فإذا الحسين يلعب في الطريق مع صبيان فأسرع النبي e أمام القوم ثمَّ بسط يده فجعل يفرُّ هاهنا وهناك فيضاحكه رسول الله e حتى أخذه، فجعل إحدى يديه في ذقنه والأخرى بين رأسه وأذنيه ثُمَّ اعتنقه وقبَّله، ثُمَّ قال:"حسين منِّي وأنا منه، أحبَّ اللهُ من أحبَّه، الحسن والحسين سبطان من الأسباط) (حسنه الألباني)
ويعلمنا e أنّ الابتسامة تمكننا من احتواء الآخرين، خاصة من هم تحت رعايتنا، قال e كما في صحيح مسلم: (إنكم لن تسعوا الناس بأموالكم فليسعهم منكم بسط الوجه وحسن الخلق) [رواه مسلم]
ومن منا لا يحتاج اليوم أن يسع أبنائه بوجهه المبتسم وخلقه الحسن؟ خاصة في هذه الأوقات التي صيّرت مهمة المربي من أصعب المهمات،وأصبحت وقايتهم من الفتن مسألة تحتاج إلى دعاء عريض، واتزان كبير في شخصية المربي حتى يستطيع أن يحتوي أبناءه، وتكون علاقته الناجحة الحميمة بهم بمثابة الجاذبية الأرضية التي تشدهم دائمًا إلى أصولهم الطيبة ويثبتون بفضلها أمام رياح الفتن الهوجاء التي تجتاحهم من كل جانب.
الجمعة 19 أغسطس 2016, 2:15 am من طرف راهب الفكر
» تصريح الناطق الرسمي لجيش رجال الطريقة النقشبندية بصدد التهجير القسري للعراقيين
الجمعة 19 أغسطس 2016, 2:14 am من طرف راهب الفكر
» زيف المفترين في إعلان خلافة المسلمين
الجمعة 19 أغسطس 2016, 2:14 am من طرف راهب الفكر
» مبارزة شعرية .......
الجمعة 19 أغسطس 2016, 2:11 am من طرف راهب الفكر
» مقاومينا بغزة البواسل للشاعر عطا سليمان رموني
الجمعة 19 أغسطس 2016, 2:08 am من طرف راهب الفكر
» أتثائب... عبلة درويش
الأحد 24 أغسطس 2014, 1:54 pm من طرف راهب الفكر
» تصريح ولكن.... وما بعد الجدار/تغريد العزة
الأحد 24 أغسطس 2014, 1:54 pm من طرف راهب الفكر
» " منديلٌ لبسمات امرأة " لؤي ابو عكر
الأحد 24 أغسطس 2014, 1:53 pm من طرف راهب الفكر
» نقد الحزب المشكلات التنظيمية للحزب الشيوعي " سلامة كيلة (للتحميل)
الأحد 24 أغسطس 2014, 1:53 pm من طرف راهب الفكر
» تلخيص كتاب: تاريـخ فلسطين في أواخر العهد العثماني 1700 – 1918
الأحد 24 أغسطس 2014, 1:37 pm من طرف راهب الفكر