أمام لجة الأحداث المتسارعة وتداعياتها الخطرة داخل الأراضي المحتلة, وخاصة بعد الأحداث المأساوية والمؤسفة التي تجري في قطاع غزة, يتم تناسي وتجاهل أخطر الملفات وأكثرها نبلاً وإنسانية ألا وهو ملف الأسرى الفلسطينيين في سجون ومعتقلات العدو الصهيوني
حيث يقبع الآن خلف قضبان السجون وأسوار المعتقلات أكثر من أحد عشر ألف أسير وأسيرة, ناهيك عن الأسرى الأطفال وعددهم بالمئات. ]وهناك أعداد كبيرة من بين الأسرى يعانون من أمراض خطرة ومزمنة وخاصة من الإخوة ذوي الأحكام العالية والذي مضى عليهم داخل الأسر سنوات طويلة, وهناك عدد من هؤلاء الأسرى تجاوز وجودهم في الأسر أكثر من ثلاثين عاماً, ومن بين هؤلاء الأسرى نذكر أحدهم لاستثنائية حالته وفرادتها وهو الأخ المناضل علاء البازيان وهذا الأسير كفيف البصر, وقد اعتقل لثلاث مرات, وكان آخر اعتقال له في عام 1986 وهذا يؤشر على مدى حقد العدو وفاشيته, بالإضافة إلى عدم التزامه بالقوانين والمواثيق الدولية.
لقد لعبت ساحة الأسر في سياق الصراع مع العدو ومنذ أواخر ستينيات القرن الماضي, دوراً فاعلاً ومميزاً فقد حول الأسرى السجون والمعتقلات التي أعدها العدو لتحطيم الروح المعنوية لهؤلاء المناضلين حولوها إلى مدارس نضالية وكانت بمثابة دفيئات ترعى المناضلين وتؤطرهم وتسيسهم وتصلب عودهم وترفع منسوب وعيهم وثقافتهم الوطنية والقومية والإنسانية وتشجع الرياضة بمختلف أنواعها للمحافظة على اللياقة البدنية.
وبالإمكان القول إن ساحات الأسر المختلفة خرجت آلاف الكوادر والمناضلين الذين كان لهم المشاركة وقيادة مجاميع المناضلين خارج أسوار المعتقلات, وعلى مختلف الصعد السياسية والعسكرية والنقابية والطلابية وغيرها.
لقد اجترح الأسرى الكثيرمن المآثر وتحملوا الآلام والمعاناة, وحافظوا على روحهم الوطنية والمعنوية وأفشلوا مخططات العدو وخاضوا المواجهات والإضرابات وقدموا قوافل الشهداء طيلة سني الاعتقال, وفي هذا السياق نذكر تصريحاً لأحد الوزراء الصهاينة عام (1987) قال فيه إن أكبر خطر اقترفته إسرائيل في حياتها هو القبول بتبادل الأسرى مع الجبهة الشعبية, القيادة العامة عام ,1985بحيث خرج مئات من هؤلاء الأسرى وهم محرضون من طراز رفيع كان لهم الدور الأكبر في قيادة الانتفاضة).
وهو يقصد الانتفاضة الأولى عام ,1987 وفي نفس السياق فقد أجرت صحيفة يديعوت أحرونوت الصهيونية مقابلة مع مدير سجن عسقلان العقيد (دسترفيلد) في أواسط السبعينات من القرن الماضي حيث اعترف خلال هذه المقابلة قائلا: (لدينا أوامر مشددة بمنع أي شرطي بإجراء أي نقاش سياسي مع المعتقلين, لأنه لسوء الحظ فإن المعتقلين هم أكثر وعياً من سجانيهم, ونخشى إن حصل ذلك أن يتأثر السجانون وتكون النتيجة عكسية). ]نذكر هذه الشهادات ومن الأعداء أنفسهم, لكي نعرف دور المعتقلين في سياق الصراع الوطني بشكل عام.
لقد ذكرت احصائيات الصليب الأحمر الدولي وقبل عدة سنوات بأن أكثر من 800 ألف معتقل دخلوا المعتقلات منذ عام ,1967 وهذا يؤشر إلى مدى الدور الذي لعبه الأسرى في سياق العملية الصراعية.
لقد اختزن الأسرى والمعتقلون الفلسطينيون والعرب بين جنباتهم كل الموروث الكفاحي لجماهير شعبنا وأمتنا, واستلهموا بصدق كل التقاليد والسجايا والقيم العربية في مواجهة جلاديهم, وبالتالي حملوا الأمانة بشرف وكبرياء, وكان أقوى سلاح في أيديهم دائماً هو سلاح الإرادة مستندين إلى جماهير شعبنا وأمتنا لهم وخاصة أهالي الأسرى والمعتقلين. ]كم كان يحز في نفوس الأسرى, عندما كان الإعلام الصهيوني والغربي بشكل عام يقيم الدنيا ولايقعدها دفاعاً عن أحد المنشقين الصهاينة عندما كان يعتقل في الاتحاد السوفييتي سابقاً.
وكان هؤلاء المنشقون خونة يخربون في بلادهم ويرتبطون بالحركة الصهيونية والقوى الأجنبية, وبالرغم من ذلك كان يتم تصويرهم في الإعلام الصهيوني والغربي وكأنهم شهداء وفي المقابل لم يكن الإعلام العربي يقوم بواجبه تجاه الأسرى والمعتقلين العرب والفلسطينيين إلا ماندر. ]لقد أدرك العدو أهمية الأسرى وخطورة الدور الذي يلعبونه, لذلك فإنه يمارس كل أنواع الاضطهاد والتنكيل بحقهم, ويعتبرهم ورقة من أهم الأوراق التي في يديه, وها نحن نسمع يومياً باعتقالات جديدة يقوم بها العدو وبشكل مستمر, محاولاً تفريغ الأرض الفلسطينية من كل الشباب والطاقات والكفاءات الفلسطينية وزجهم وراء القضبان, ومازال الإعلام العربي مقصراً بمتابعة هذا الملف, ومازالت ردود الأفعال العربية الرسمية أقل من المتوقع بكثير.
لقد تدخلت دول عدة وشخصيات رسمية غربية كثيرة في محاولة لإطلاق سراح الجندي الصهيوني (جلعاد شاليط) الموجود لدى الفصائل الفلسطينية ودون مقابل.
]ويتضح هنا مدى النقاق والانحطاط الأخلاقي لهؤلاء الوسطاء فهل يعقل أن يكون مصير جندي أسر في معركة مهماً أكثر من أحد عشر ألف أسير بينهم النساء والأطفال وكبار السن والمرضى وقدماء الأسرى الذين تجاوز مكوثهم في المعتقل أكثر من ثلاثين عاماً كما أسلفنا.
ويعتقد الأسرى وهم على حق, بأن الطريق الوحيدة لنيل الحرية هو فقط بإرغام العدو على القبول بعملية تبادل أسرى بعدما تنجح الفصائل الوطنية ا لفلسطينية بأسر أعداد إضافية من جنود العدو وبالرغم من صعوبة الظروف وتعقيدات الوضع ولكننا لانعتقد بأن أسر جنود العدو, مهمة مستحيلة , إن قضية الأسرى هي قضية وطنية وقومية وإنسانية وأخلاقية من الدرجة الأولى, ومن حق الأسرى على فصائلهم وشعبهم وأمتهم, أن يكون الاهتمام بهم بمستوى معاناتهم وتضحياتهم وبمستوى شرف الرسالة التي حملوها وما زالوا.
ونعتقد أن هناك دوراً للجميع في مؤازرة الأسرى فهناك دور للإعلام وللمحامين والمنظمات الحقوقية العربية المختلفة حتى يتم فضح وتعرية ممارسات الاحتلال وكشف ممارساته التعسفية والفاشية التي يمارسها بحق الأسرى وهذا أقل ما يمكن أن نقدمه لأسرانا ومعتقلينا.
</FONT>
الجمعة 19 أغسطس 2016, 2:15 am من طرف راهب الفكر
» تصريح الناطق الرسمي لجيش رجال الطريقة النقشبندية بصدد التهجير القسري للعراقيين
الجمعة 19 أغسطس 2016, 2:14 am من طرف راهب الفكر
» زيف المفترين في إعلان خلافة المسلمين
الجمعة 19 أغسطس 2016, 2:14 am من طرف راهب الفكر
» مبارزة شعرية .......
الجمعة 19 أغسطس 2016, 2:11 am من طرف راهب الفكر
» مقاومينا بغزة البواسل للشاعر عطا سليمان رموني
الجمعة 19 أغسطس 2016, 2:08 am من طرف راهب الفكر
» أتثائب... عبلة درويش
الأحد 24 أغسطس 2014, 1:54 pm من طرف راهب الفكر
» تصريح ولكن.... وما بعد الجدار/تغريد العزة
الأحد 24 أغسطس 2014, 1:54 pm من طرف راهب الفكر
» " منديلٌ لبسمات امرأة " لؤي ابو عكر
الأحد 24 أغسطس 2014, 1:53 pm من طرف راهب الفكر
» نقد الحزب المشكلات التنظيمية للحزب الشيوعي " سلامة كيلة (للتحميل)
الأحد 24 أغسطس 2014, 1:53 pm من طرف راهب الفكر
» تلخيص كتاب: تاريـخ فلسطين في أواخر العهد العثماني 1700 – 1918
الأحد 24 أغسطس 2014, 1:37 pm من طرف راهب الفكر