الاحتلال ينبش قبور الاموات ويقوض منازل الاحياء

مقبرة "مأمن الله" المستهدفة.... تقع بقايا المقبرة الإسلامية العريقة بين أشجار حرجية غرب باب الخليل، وقد حطمت شواهدها وجرفت أجزاء واسعة من قبورها منذ سنوات بعيدة لتستخدم كحديقة عامة تدعى "حديقة الاستقلال" فيما تم تغطية أجزاء أخرى بالإسفلت لتستخدم مواقف للسيارات، واختفت أجزاء أخرى تحت أساسات المباني المشيدة على أراضيها، وصمد بضع عشرات من القبور في مواجهة أنياب الجرافات لتظل شاهداً على أكبر وأقدم مقابر القدس الإسلامية، حيث تتوسط المقبرة البركة الرومانية الضخمة القائمة حتى الآن بطول 89م وعرض 59م بمتوسط عمق 6 م وسعة أكثر من 30,000 متر مكعب من المياه لتزويد الأجزاء الغربية العليا من القدس، وكانت تتصل مباشرة مع بركة البطرك عبر قنوات تحت الأرض، واليوم يتوارى جزء هام من تاريخ القدس تحت "حديقة الاستقلال" فيما تجري عمليات تجريف لأجزاء من المقبرة بذريعة بناء متحف "للتسامح" فوق أنقاض القبور.
أًما مقبرة (باب الرحمة) ... مقبرة إسلامية منذ 1400 عام، تقع في الجهة الشرقية الجنوبية من المسجد الأقصى. دُفن فيها الصحابي عبادة ابن الصامت والصحابي شداد ابن قوس منذ 1400 عام، وفيها عدد من الشهداء والعلماء وأيضا رفات بعض الشهداء الأتراك والعراقيين... والهدف من استهدافها اليوم ضم المدينة وتهويدها وتحويل هويتها الإسلامية العربية إلى يهودية خالصة...


وعن ذلك، قال المهندس مصطفى أبو زهرة رئيس لجنة رعاية المقابر الإسلامية في القدس: "إن مؤسسة الاحتلال حولت 70% من مقبرة مأمن الله إلى حديقة ما يسمي بـ" الاستقلال"، حيث قامت بهدم وطمر القبور بالتراب وتغطيتها بالكامل حيث زرعت بعض الأزهار على هذه المقبرة، ومن ثم أطلق عليها من قبل الاحتلال ( حديقة الاستقلال)".


واستذكر أبو زهرة تاريخ مقبرة "مأمن الله" بالقول: "إن إسرائيل احتلت غربي القدس عام 1948 كان وقتها جيش الاحتلال في عهد الانتداب البريطاني، ومن ثم تم تسليم الجيش في ذاك العهد، منطقة "مأمن الله"، التي كان يعسكر فيها الجيش البريطاني، وفي عام 1964 م، تم تحويل 70% من المقبرة إلى حديقة، وفي عام 1938 قامت إسرائيل باقتطاع جزء من مقبرة " مأمن الله" أي حوالي 14 دونم وحولتها إلى موقف للسيارات، حيث شقت طريقين في هذه المقبرة على مساحة ما يقارب 15 إلى 19دونم".

وتابع أبو زهرة: "إن المؤسسة الإسرائيلية قامت بفتح خطوط مياه الصرف الصحي في المقبرة وانتهكت وبعثرت ونبشت القبور والعظام، ومددت خطوط الصرف الصحي الضخمة في المقبرة، وبعض أجزاء منها شاهده إلى يومنا هذا....! حيث مددت خطوط الكهرباء وتم تكسير 90% من شواهد المقبرة أو ما تبقى من المقبرة، والتي تسمى الآن مقبرة "مأمن الله" ومساحتها 19 دونم، إضافة لبركة المياه الموجودة بجوارها، وهي بالأصل كانت مصدر المياه التي تزود المدينة منها في المياه من خلال قنوات أرضيه بناها "اليبوسيين" في سابق العهد قبل 6آلاف سنة، ولازالت الأنفاق التي تبحث عنها دولة الاحتلال هي أنفاق "يبوسية" بعض منها وصل من مقبرة مأمن الله إلى المدينة المقدسة، وأن مصدر المياه كان يهيأ للجيوش الغازية لمدينة القدس سواءً كانت الفارسية ومن ثم الرومانية وبعدها الجيوش العربية التي فتحت المدينة كلها عسكرت في الأجزاء الغربية من هذه المقبرة وكانت تزود جيوشها بالمياه من هذه البركة."

وقال: "في عام 614 ميلادي، جاءت جيوش الفرس وعسكرت حولها ومن ثم حصلت خيانة من قبل اليهود المتواجدين في المدينة، حيث تعاونوا مع جيش الفرس وأبلغوهم عن مداخل المدينة ومنافذها وسراديب التي تؤدي إلى المدينة، واستطاعت جيوش الفرس أن تحتل المدينة من الروم النصارى بخيانة اليهود لهم."
حيثُ تم احتلال المدينة من قبل الفرس وتم نقل حوالي 35 ألف نصراني من المدينة بالتعاون مع اليهود ثم دُفِنَ 35 ألف رأس في مقبرة الجماجم أي "مغارة الجماجم" في مقبرة مأمن الله، عام 621م، ثم عاد الروم واحتلوا مدينة القدس مرة ثانية وتم تحريرها من أيدي الفرس، نزول السورة الكريمة بالتنبؤ بحدث غيبي قبل وقوعه بعدة سنوات ألا وهو انتصار الروم على الفرس بسم الله الرحمن الرحيم :"غُلِبَتِ الرُّومُ فِي أَدْنَى الْأَرْضِ وَهُمْ مِنْ بَعْدِ غَلَبِهِمْ سَيَغْلِبُونَ، فِي بِضْعِ سِنِينَ لِلَّهِ الْأَمْرُ مِنْ قَبْلُ وَمِنْ بَعْدُ وَيَوْمَئِذٍ يَفْرَحُ الْمُؤْمِنُونَ" صدق الله العظيم."


وفيما بعد عند الفتح الإسلامي للمدينة المقدسة أصبحت هذه المقبرة للمسلمين ودفن فيها عدد من الصحابة والشهداء ومن ثم العلماء وأهل المدينة من الآباء والأجداد على مر العصور طيلة 14 قرناً إلى أن تم احتلال مدينة القدس من قبل "عصابات اليهود" في عام 1948، وفي ذاك الوقت أصبحت المقبرة في أيدي مؤسسة الاحتلال.


وقال: "إن الاحتلال يدعي دائماً أنه دولة تحترم الأخر وتحترم المواطنين وتحترم الأديان وعلى أرض الواقع والممارسة تقوم "إسرائيل" بانتهاك مقدسات المسلمين ومقابرهم وجثث ورفات الأجداد والآباء، حقيقة كان للاحتلال مقابر أخرى في الجهة الشرقية للمدينة وكانت تحترم هذه المقابر ولازالت هذه المقابر موجودة، حيث تم تحويل مدخل المدينة بسبب (قبرين) وجدا في الطريق وكذلك في مصر والدول العربية يوجد مقابر لليهود، مؤكداً أن أية مقبرة في العالم تحترم... ولكن الاحتلال لا يحترم هذه المقابر ولا يحترم الإنسان، عندنا في مقبرة "مأمن الله" تم نبش حوالي 350 قبراً ومن القبور ما قام الاحتلال بتجميع رفات الموتى والهياكل العظمية والجماجم في صناديق ونقلتهم إلى (مكان مجهول وغير معروف)..".

وأشار إلى أن الاحتلال وعن طريق بلديته حاول بالاتصال مع لجنة رعاية المقابر الإسلامية في القدس دفن هذه الرفات، حيث أننا رفضنا لغاية اليوم لأن قرار محكمة الاحتلال العليا والتي سمحت له بنبش القبور ولكن بشرط أن تدفن هذه الرفات بالتنسيق مع جهات إسلامية، ولن نقبل بفرض الأمر الواقع ولن نرضى بنبش القبور ولن نقبل بتدنيس وانتهاكات المقابر من قبل العابثين ( حسب اعترافهم بأن هناك 350 جثة لازالت غير مدفونة).!
وأكد المهندس أبو زهرة: أنه في حال الموافقة على استلامهم ودفنهم نكون وكأننا وافقنا على نبش هذا الجزء من المقابر وقمنا بالتنسيق الكامل مع الاحتلال ووافقنا على هذا النبش وعلى هذا الانتهاك والتدنيس، والموضوع مازال قيد دراسة ونحن كمسلمين مقدسيين لن نقبل بأن تبقى العظام خارج القبور بدون دفن، ولن نوافق وننسق مع الجهات المعتدية في دفن أو الموافقة على هذه الانتهاكات التي تمس بالمقبرة الإسلامية التاريخية..!"


أما عن مقبرة باب الرحمة والانتهاكات التي تتعرض لها كتحويل جزء كبير إلى حديقة توراتية أوضح المهندس مصطفي أبو زهرة : "أنها مقبرة إسلامية منذ 1400 عام تم دفن فيها الصحابي عبادة ابن الصامت والصحابي شداد ابن قوس منذ 1400 عام، ويدفن فيها المسلمون موتاهم فيها والشهداء والعلماء وفيها قبور إخوة لنا من الأتراك الجنود الشهداء الأتراك، وفيها من الشهداء العراقيين وأيضاً من المسلمين عشرات الألوف لا بل مئات الألوف.


وعن دور العراقيين والأتراك... قال أبو زهرة:" إن العراقيين ليس لهم دور فيما يتعلق برفات موتاهم الشهداء، بينما الأتراك يحاولون منذ 5 سنوات على إقامة قبر جماعي لشهدائها في مقبرة باب الرحمة، ولكن سلطات الاحتلال منعت هذا العمل رغم أن هناك اتصالات رسمية ما بين الحكومة التركية والاحتلال.

t]

وأشار: "إلى أن الاحتلال يدعي بأن هذه المقبرة هي جزء من بساتين " الأمة" أي " ناشو نال بارك" ويدعي أنها من بساتين الدولة وأنها تحت وصاية مؤسسة حماية الطبيعة، مؤكداً أن هذا فراء ولا يمت للواقع بأي صلة... فهي مقبرة إٍسلامية عريقة موجودة من قبل 14 قرناً.
أما فيما يتعلق بما أقرته محكمة الاحتلال العليا منذ حوالي أسبوع، أن هناك حوالي 1800 متر من هذه الأرض في الجهة الجنوبية الشرقية من المقبرة هو جزء يصل الهيكل المزعوم بـ"مدينة داوود" هو كلام باطل وهراء ولن نقبل به."
وأكد أن هذا الجزء هو جزء إسلامي مقدسي دفن فيه المسلمون ولن نرضي على الإطلاق بأن يدنس من قبل أي جهة وهو خالص للمسلمين وحدهم منذ زمنٍ طويل، وإن وضع عليه تراب أحمر أو أصفر فلن يغير من هوية هذه المقبرة ولن يجعلها بستاناً لأحد ستبقى مقبرة إٍسلامية إلى أن يرث الله الأرض ومن عليها.

وعن المقابر التي يدفن فيها المسلمون في مدينة القدس قال أبو زهرة: "يوجد مقبرة واسمها باب الرحمة و اليوسيفية وهما في الجهة الشرقية من أسوار القدس، ومقبرة بقيع الساهرة زيته، ومقبرة"مأمن الله" لا يدفن فيها المسلمون، و مقبرة النبي داوود، ومقبرة دير ياسين تم طمس حوالي 95% منها وهي تابعه لدير ياسين وهي في غربي القدس، ومقبرة عين كارم في الجهة الغربية من القدس وهي الآن موضع عناية من قبل المسلمين إلا أنها تنتهك على مر الأيام من قبل العابثين اليهود ومن قبل المجاورين.



وعن دور لجنة رعاية المقابر الإسلامية في التصدي للاحتلال، قال أبو زهرة:" نقوم ببناء بعض الأسوار حول المقابر الثلاثة التي لم يتبقى غيرها لأهل المدينة المسلمين والذين يصل تعدادهم إلى حوالي 300 ألف، و لجنة رعاية المقابر في القدس تعمل جاهدة على استثمار كل شبر من المقابر الثلاث لدفن الأموات فيها."

وأهاب زهرة بالأمة العربية والإسلامية الدفاع عن المقدسات الإسلامية ومسجدها الأقصى المبارك، وعن قبورها التي تنتهك من قبل الاحتلال داعياً إلى تحرك جاد والوقوف بجانب الشعب المقدسي المهدد بالتشريد والاستيلاء على أرضهم وبناء حدائق عامة على أنقاض منازلهم وقبورهم.