مساء يوم السبت 21/2/2009 سلّمت بلديّة الاحتلال في القدس 134 عائلةً مقدسيّة مكوّنة من 1500 شخص يقطنون في 88 عقاراً في حيّ البستان في ضاحية سلوان جنوب المسجد الأقصى أوامر لإخلاء بيوتهم تمهيداً لهدمها لإقامة حديقةٍ عامّة تُسمّى "حديقة الملك داوود" مكانها.
وبقدر ما ظهرت هذه الخطوة معزولةً أو مفاجئة، إلاّ أنّها في واقع الأمر كانت جزءاً من مشروعٍ يسير على قدمٍ وساقٍ في مدينة القدس لإنشاء مركزٍ يهوديّ بديلٍ للمدينة في البلدة القديمة ومحيطها، يعزل المسجد الأقصى عن حاضنه الفلسطينيّ، ويُحقّق تواصلاً بين المستوطنات الموزّعة على أطراف المدينة وبين البلدة القديمة والمسجد الأقصى، وفيما يلي سنحاول أن نُلقي الضوء على مختلف جوانب هذه الخطوة والمشروع الذي تُشكّل جزءاً أساسيّاً منه:
أوّلاً: حيّ البستان:
يقع حيّ البستان في وسط ضاحية سلوان جنوب المسجد الأقصى المبارك، تحدّه من الشمال أسوار البلدة القديمة والمسجد الأقصى، ومن الجنوب حيّ الثوري المقام على سفح جبل المكبّر، ومن الشرق حيّ راس العمود، ومن الغرب حيّ وادي الحلوة. وتبلغ مساحة الحيّ حوالي 70 دونماً، ويُشكِّل جزءاً من حوض رقم 29986 بحسب تنظيم الانتداب البريطاني، وملكيّة جميع أراضي وعقارات هذا الحيّ هي مقدسيّة فلسطينيّة خالصة.
ثانياً: قرار الإخلاء:
قبل 5 سنواتٍ من اليوم، وبالتحديد في 11/11/2004 أصدر مهندس بلديّة الاحتلال في القدس "أوري شطريت" قراراً بهدم جميع مباني حيّ البستان "لصالح بناء حديقة أثريّة متصلةٍ بمدينة الملك داوود" (وثيقة رقم 1). وفي بداية العام 2005 بدأت بلدية الاحتلال بتنفيذ هذا الأمر وبدأ سكان الحيّ بتلقي أوامر هدم ولوائح اتهام جرّاء البناء بدون ترخيص، وخلال ذلك العام هدمت البلديّة بالفعل بيتين في الحيّ.
لكن حكومة الاحتلال عادت وجمّدت القرار في أواخر عام 2005 نتيجة تعرّضها لضغوطٍ دوليّة، إضافةً لتقدم أهالي حيّ البستان بعريضة احتجاج للمستشار القضائي لحكومة الاحتلال طالبوه فيها بمنع هدم الحي. في أعقاب ذلك، أعلن رئيس بلدية الاحتلال في القدس عن تراجعه عن الخطة وإتاحة الفرصة لسكان الحي لتقديم مخطط يعبر عن الاحتياجات التطويرية الخاصة بهم، وفي شهر آب/أغسطس 2008 عرض سكان الحي مخططهم على بلدية الاحتلال، لكن مهندس البلدية "شلومو أشكول"، أعلمهم أن المخطط الذي تقدّموا به لن يُبحث قريباً، وأن البلديّة ستمضي قدماً بخطتها لبناء "حديقة وطنية" في الحيّ، وعرض عليهم إخلاء منازلهم طوعاً مقابل الحصول على تعويضات أو إعادة تسكينهم في منطقة أخرى في القدس كبيت حنينا شمال المدينة، لكنّ أهالي الحيّ رفضوا هذا العرض بالمطلق، فأبلغتهم بلديّة الاحتلال لاحقاً برفضها للمخطط الذي تقدّموا به، ومن ثمّ سلّمتهم إنذارات الإخلاء.
ثالثاً: مشروع تهويد "الحوض المقدّس":
في تسعينيّات القرن الماضي، طرحت بلديّة الاحتلال في القدس مشروع تهويد المنطقة التي يُسمّيها الاحتلال "الحوض المقدّس"، وهي تشمل البلدة القديمة بكاملها وأجزاءً واسعة من الأحياء والضواحي المحيطة بها؛ حيّ الشيخ جراح ووداي الجوز في الشمال، ضاحية الطور في الشرق، وضاحية سلوان في الجنوب.
ويتضمّن مشروع التهويد هذا:
أ. إنشاء مدينةٍ أثريّة مطابقةٍ للوصف التوراتيّ "لأورشليم المقدّسة" أسفل المسجد الأقصى وفي ضاحية سلوان وأجزاءٍ من الحيّ الإسلاميّ في البلدة القديمة، وربط هذه المدينة بمجموعةٍ من الحدائق والمنتزهات والمتاحف والمواقع الأثريّة المقامة فوق الأرض في محيط البلدة القديمة، وخصوصاً في جنوبها حيث ضاحية سلوان وفي شرقها حيث جبل الزيتون وضاحية الطور.
ب. إحلال السكّان اليهود مكان سكّان المنطقة العرب الفلسطينيّين، بدءً من المدينة القديمة ووصولاً إلى أحياء وادي الجوز والشيخ جراح والطور وسلوان وراس العمود.
ولهذا المشروع أهدافٌ متعدّدة على مختلف الصعد الثقافيّة والسياسيّة والديمغرافيّة والدينيّة، وأبرز هذه الأهداف:
1. محو الهويّة العربية والإسلاميّة لمدينة القدس واستبدال هويّة يهوديّة بها من الناحيتين التاريخيّة والدينيّة.
2. ترحيل عدد كبير من المقدسيّين إلى مناطق أبعد عن المسجد الأقصى والبلدة القديمة أو حتى ترحيلهم خارج مدينة القدس.
3. عزل المسجد الأقصى عن الأحياء العربية الفلسطينية في مدينة القدس، مما يحرم المسجد من أحد أهمّ خطوط دفاعه، ويُسهّل على المحتلّ الاعتداء عليه كيف ومتى أراد.
4. تحقيق تواصل جغرافيّ بين البؤر الاستيطانيّة في البلدة القديمة ومحيطها وبين المستوطنات الموجودة على أطراف مدينة القدس، كمستوطنة التلّة الفرنسيّة في الشمال، وكتلة E1 الاستيطانيّة في الشرق، ومستوطنة تل بيوت الشرقيّة في الجنوب.
وحتى اليوم قطع المحتلّ بالفعل شوطاً كبيراً في مشروعه هذا ومن أبرز ما تحقّق منه:
1. إنهاء عدد كبير من المزارت الأثريّة تحت المسجد الأقصى وضاحية سلوان جنوب المسجد ، وفتحها أمام الزوّار من اليهود والسائحين.
2. إنهاء القسم الأكبر من "مدينة داوود" الأثريّة الموجودة اليوم فوق الأرض في حيّ وادي الحلوة في ضاحية سلوان وافتتاحها أمام الزوار من اليهود والسواح.
3. إقامة بؤر استيطانيّة في الأحياء العربية الفلسطينيّة المحيطة بالمسجد الأقصى، خصوصاً في الحيّ الإسلاميّ في البلدة القديمة وفي ضاحية سلوان وحيّ الشيخ جرّاح.
4. عزل الأحياء الفلسطينيّة المحيطة بالبلدة القديمة والمسجد الأقصى عن بقيّة القدس من خلال الجدار الفاصل، والحواجز، ومنع سكّان هذه الأحياء من استخدام عددٍ كبير من الطرق والشوارع الرئيسة "لدواعٍ أمنيّة".
وبقدر ما ظهرت هذه الخطوة معزولةً أو مفاجئة، إلاّ أنّها في واقع الأمر كانت جزءاً من مشروعٍ يسير على قدمٍ وساقٍ في مدينة القدس لإنشاء مركزٍ يهوديّ بديلٍ للمدينة في البلدة القديمة ومحيطها، يعزل المسجد الأقصى عن حاضنه الفلسطينيّ، ويُحقّق تواصلاً بين المستوطنات الموزّعة على أطراف المدينة وبين البلدة القديمة والمسجد الأقصى، وفيما يلي سنحاول أن نُلقي الضوء على مختلف جوانب هذه الخطوة والمشروع الذي تُشكّل جزءاً أساسيّاً منه:
أوّلاً: حيّ البستان:
يقع حيّ البستان في وسط ضاحية سلوان جنوب المسجد الأقصى المبارك، تحدّه من الشمال أسوار البلدة القديمة والمسجد الأقصى، ومن الجنوب حيّ الثوري المقام على سفح جبل المكبّر، ومن الشرق حيّ راس العمود، ومن الغرب حيّ وادي الحلوة. وتبلغ مساحة الحيّ حوالي 70 دونماً، ويُشكِّل جزءاً من حوض رقم 29986 بحسب تنظيم الانتداب البريطاني، وملكيّة جميع أراضي وعقارات هذا الحيّ هي مقدسيّة فلسطينيّة خالصة.
ثانياً: قرار الإخلاء:
قبل 5 سنواتٍ من اليوم، وبالتحديد في 11/11/2004 أصدر مهندس بلديّة الاحتلال في القدس "أوري شطريت" قراراً بهدم جميع مباني حيّ البستان "لصالح بناء حديقة أثريّة متصلةٍ بمدينة الملك داوود" (وثيقة رقم 1). وفي بداية العام 2005 بدأت بلدية الاحتلال بتنفيذ هذا الأمر وبدأ سكان الحيّ بتلقي أوامر هدم ولوائح اتهام جرّاء البناء بدون ترخيص، وخلال ذلك العام هدمت البلديّة بالفعل بيتين في الحيّ.
لكن حكومة الاحتلال عادت وجمّدت القرار في أواخر عام 2005 نتيجة تعرّضها لضغوطٍ دوليّة، إضافةً لتقدم أهالي حيّ البستان بعريضة احتجاج للمستشار القضائي لحكومة الاحتلال طالبوه فيها بمنع هدم الحي. في أعقاب ذلك، أعلن رئيس بلدية الاحتلال في القدس عن تراجعه عن الخطة وإتاحة الفرصة لسكان الحي لتقديم مخطط يعبر عن الاحتياجات التطويرية الخاصة بهم، وفي شهر آب/أغسطس 2008 عرض سكان الحي مخططهم على بلدية الاحتلال، لكن مهندس البلدية "شلومو أشكول"، أعلمهم أن المخطط الذي تقدّموا به لن يُبحث قريباً، وأن البلديّة ستمضي قدماً بخطتها لبناء "حديقة وطنية" في الحيّ، وعرض عليهم إخلاء منازلهم طوعاً مقابل الحصول على تعويضات أو إعادة تسكينهم في منطقة أخرى في القدس كبيت حنينا شمال المدينة، لكنّ أهالي الحيّ رفضوا هذا العرض بالمطلق، فأبلغتهم بلديّة الاحتلال لاحقاً برفضها للمخطط الذي تقدّموا به، ومن ثمّ سلّمتهم إنذارات الإخلاء.
ثالثاً: مشروع تهويد "الحوض المقدّس":
في تسعينيّات القرن الماضي، طرحت بلديّة الاحتلال في القدس مشروع تهويد المنطقة التي يُسمّيها الاحتلال "الحوض المقدّس"، وهي تشمل البلدة القديمة بكاملها وأجزاءً واسعة من الأحياء والضواحي المحيطة بها؛ حيّ الشيخ جراح ووداي الجوز في الشمال، ضاحية الطور في الشرق، وضاحية سلوان في الجنوب.
ويتضمّن مشروع التهويد هذا:
أ. إنشاء مدينةٍ أثريّة مطابقةٍ للوصف التوراتيّ "لأورشليم المقدّسة" أسفل المسجد الأقصى وفي ضاحية سلوان وأجزاءٍ من الحيّ الإسلاميّ في البلدة القديمة، وربط هذه المدينة بمجموعةٍ من الحدائق والمنتزهات والمتاحف والمواقع الأثريّة المقامة فوق الأرض في محيط البلدة القديمة، وخصوصاً في جنوبها حيث ضاحية سلوان وفي شرقها حيث جبل الزيتون وضاحية الطور.
ب. إحلال السكّان اليهود مكان سكّان المنطقة العرب الفلسطينيّين، بدءً من المدينة القديمة ووصولاً إلى أحياء وادي الجوز والشيخ جراح والطور وسلوان وراس العمود.
ولهذا المشروع أهدافٌ متعدّدة على مختلف الصعد الثقافيّة والسياسيّة والديمغرافيّة والدينيّة، وأبرز هذه الأهداف:
1. محو الهويّة العربية والإسلاميّة لمدينة القدس واستبدال هويّة يهوديّة بها من الناحيتين التاريخيّة والدينيّة.
2. ترحيل عدد كبير من المقدسيّين إلى مناطق أبعد عن المسجد الأقصى والبلدة القديمة أو حتى ترحيلهم خارج مدينة القدس.
3. عزل المسجد الأقصى عن الأحياء العربية الفلسطينية في مدينة القدس، مما يحرم المسجد من أحد أهمّ خطوط دفاعه، ويُسهّل على المحتلّ الاعتداء عليه كيف ومتى أراد.
4. تحقيق تواصل جغرافيّ بين البؤر الاستيطانيّة في البلدة القديمة ومحيطها وبين المستوطنات الموجودة على أطراف مدينة القدس، كمستوطنة التلّة الفرنسيّة في الشمال، وكتلة E1 الاستيطانيّة في الشرق، ومستوطنة تل بيوت الشرقيّة في الجنوب.
وحتى اليوم قطع المحتلّ بالفعل شوطاً كبيراً في مشروعه هذا ومن أبرز ما تحقّق منه:
1. إنهاء عدد كبير من المزارت الأثريّة تحت المسجد الأقصى وضاحية سلوان جنوب المسجد ، وفتحها أمام الزوّار من اليهود والسائحين.
2. إنهاء القسم الأكبر من "مدينة داوود" الأثريّة الموجودة اليوم فوق الأرض في حيّ وادي الحلوة في ضاحية سلوان وافتتاحها أمام الزوار من اليهود والسواح.
3. إقامة بؤر استيطانيّة في الأحياء العربية الفلسطينيّة المحيطة بالمسجد الأقصى، خصوصاً في الحيّ الإسلاميّ في البلدة القديمة وفي ضاحية سلوان وحيّ الشيخ جرّاح.
4. عزل الأحياء الفلسطينيّة المحيطة بالبلدة القديمة والمسجد الأقصى عن بقيّة القدس من خلال الجدار الفاصل، والحواجز، ومنع سكّان هذه الأحياء من استخدام عددٍ كبير من الطرق والشوارع الرئيسة "لدواعٍ أمنيّة".
الجمعة 19 أغسطس 2016, 2:15 am من طرف راهب الفكر
» تصريح الناطق الرسمي لجيش رجال الطريقة النقشبندية بصدد التهجير القسري للعراقيين
الجمعة 19 أغسطس 2016, 2:14 am من طرف راهب الفكر
» زيف المفترين في إعلان خلافة المسلمين
الجمعة 19 أغسطس 2016, 2:14 am من طرف راهب الفكر
» مبارزة شعرية .......
الجمعة 19 أغسطس 2016, 2:11 am من طرف راهب الفكر
» مقاومينا بغزة البواسل للشاعر عطا سليمان رموني
الجمعة 19 أغسطس 2016, 2:08 am من طرف راهب الفكر
» أتثائب... عبلة درويش
الأحد 24 أغسطس 2014, 1:54 pm من طرف راهب الفكر
» تصريح ولكن.... وما بعد الجدار/تغريد العزة
الأحد 24 أغسطس 2014, 1:54 pm من طرف راهب الفكر
» " منديلٌ لبسمات امرأة " لؤي ابو عكر
الأحد 24 أغسطس 2014, 1:53 pm من طرف راهب الفكر
» نقد الحزب المشكلات التنظيمية للحزب الشيوعي " سلامة كيلة (للتحميل)
الأحد 24 أغسطس 2014, 1:53 pm من طرف راهب الفكر
» تلخيص كتاب: تاريـخ فلسطين في أواخر العهد العثماني 1700 – 1918
الأحد 24 أغسطس 2014, 1:37 pm من طرف راهب الفكر