الفنان ضياء الدين حمدان علي مصلح

فنان فلسطيني شاب يعيش تحت الاحتلال ، اتخذ الريشة وسيلة للتعبير عما يعتمل في نفسه من مشاعر وأحاسيس ، تشرب روح المقاومة فكانت هي السمة الأبرز في لوحاته، ظهرت موهبته في فترة مبكرة من حياته وحاول صقلها بالتخصص فهو طالب في السنة النهائية من دراسته في كلية الفنون الجميلة ، تخصص تصوير- جامعة النجاح الوطنية في نابلس ، نترك الفنان ضياء ليحدثنا عن نفسه وموهبته من خلال هذا الحوار .

*متى اكتشفت موهبتك في الرسم وكيف ؟

بداياتي مع الفن كانت من أيام دراستي في المدرسة ، وقد حباني الله خطا جميلا ومقدرة على نقل الصور بواقعية ، وكانت توكل إليّ مهام عمل الوسائل التعليمية في المدرسة ، إلى أن كان التحول الرئيس الذي جعل تعلم الفن هاجسي الأول .

نقطة التحول بدأت عندما شاركت أنا ومجموعة طلاب مع أستاذ التربية الفنية في المدرسة، وكنت حينها في الصف التاسع برسم لوحات على جميع جدران المدرسة وقد استغرقنا وقتا في رسمها، وكانت تجربة جميلة أثرت في نفسي كثيرا .. بت على إثرها مغرما بالرسم ... وأحبه كثيرا ... لاقيت الكثير من التشجيع من الأصدقاء وحتى المدرسة ساهمت في هذا التشجيع بمنحي العديد من شهادات التقدير ...

وقد كان أيضا لوالدي الأثر الأكبر في تفعيل وتنمية موهبة الرسم والخط حيث اهتم الوالد حفظه الله في توفير ما كنت أطلب من أدوات وكتب في هذا المجال ..

مررت بنقاط مفصلية في حياتي الفنية وتجربتي المتواضعة – فأنا ما زلت في بداية البداية على طريق المسيرة الفنية التي أحلم بها - كانت بعد انتهاء دراستي الثانوية وحصولي في الثانوية العامة على معدل 75.7% سنة 2001 في الفرع الأدبي حيث كان بإمكاني وقتها التسجيل في كليات الشريعة والاقتصاد والآداب .. إلا أني فضلت الفنون الجميلة وكانت حينها تقبل معدل 50 % في الثانوية العامة ... كانت نظرة الناس وقتها لمن يدرس الفن نظرة سلبية خصوصا في محيطنا القروي الذي نسكن فيه .. وكانت انتفاضة الأقصى في أوجها .. والشهداء يسقطون كل يوم .. وقد اصطدمت بتعليقات ممن أعرفهم من كبار السن بسخريتهم من توجهي لكلية الفنون الجميلة ، وكان هذا ضاغطا نفسيا مؤثرا ... كدت على أثره أتراجع عن وجهتي التي قصدت .. إلا أن الوالد شجعني بالرغم أيضا من الانتقادات التي وجهت إليه كونه إمام مسجد سيبعث ولده للرقص والغناء والرسم ... والشهداء يتمحترمون كل يوم !!

هذه الفكرة الخاطئة وحصر الفنون بالغناء والموسيقى والرقص للأسف كانت منتشرة بين الأغلبية في مجتمعنا ...

دخلت كلية الفنون الجميلة في جامعة النجاح الوطنية بنابلس / قسم التصوير وتابعت مسيرتي الفنية ، وخلال الجامعة شاركت في أكثر من 5 معارض طلابية ذات طابع لا منهجي تتمثل في تصميم ورسم وتنفيذ بوابات معارض طلابية سنوية بأسلوب فني جميل .. وكنت أحيانا أشارك وحدي بالعمل وأحيانا مع فنانين من الطلبة .. كذلك شاركت ورسمت أكثر من 7 جداريات ولوحات ضخمة على القماش .. تراوحت مقاييسها ما بين 12 متر * 9 متر في الغالب

*إلى أي مدرسة تنتمي وهل شاركت بمعارض؟

أنا لا أنتمي إلى أي مدرسة فنية معينة بحد ذاتها .. وأعمالي تنوعت ما بين التجريد ،الواقعية،السريالية والانطباعية وبحكم تجربتي القصيرة المتواضعة التي ما زالت في بدايتها فأنا في مرحلة تكوين شخصيتي الفنية التي لم تأخذ شكلها النهائي بعد لكي أعرف به ...وأنا أسعى لذلك طبعا..

مشاركتي كما ذكرت اقتصرت على معارض داخل الجامعة منها: معرضان سنويان لأعمال طلاب كلية الفنون الجميلة آخرها كان قبل شهر تقريبا وشاركت فيه بثلاثة أعمال فنية..

* أي أدوات الرسم تستخدم (الريشة الكمبيوتر) ؟

طبعا اليوم نحن في عهد السرعة والتكنولوجيا الحديثة وقد ولى بنظري زمان الرسم الواقعي ذو التفاصيل الدقيقة ..التي كان يقصد منها تسجيل وتوثيق المشاهد بسبب عدم وجود الكاميرات إلا أن تطور العلم ساهم في دخول الكاميرا الرقمية التي أصبحت بمتناول الجميع .. كذلك دخول أجهزة الحاسوب وظهور فن الديجيتال آرت .. هذا أجبرني بحكم مجاراتي للواقع المتطور أن أطرق باب التصميم الدعائي والرسم الفني بواسطة الحاسوب ..

التطور التكنولوجي بنظري يساعد الفنانين في استثماره لإخراج أعمال مميزة ..وخدمة مسيرتهم الفنية.. مع التأكيد طبعا على أن الريشة والألوان يبقى لها من الأصالة ما لها .. ولا يمكن ( برأيي المتواضع ) اعتبار من لا يتقن الفن بالريشة فنانا تشكيليا أصيلا بحق حتى لو أبدع في مجال استخدام الحاسوب والرسم الرقمي ... يبقى للرسم اليدوي أصالته ورونقه ونكهته الابداعيه الخاصة .. وبالتالي فقد جمعت بين الطريقتين في العمل .. الكمبيوتر والريشة ..

* من هم الفنانين الذين تأثرت بهم ؟

تأثرت بالبيئة الفنية العامة على تواضعها إلا أنني لم أتأثر بفنان معين بشكل فعلي يجعلني أقول أنني أسير على خطى الفنان الفلاني .. لكني آخذ وأشاهد وأتأثر بكل ما هو جميل بغض النظر عن هوية الفنان وشخصيته..

* كيف ترى مستقبل الفنانين الشباب وهل هناك من يهتم بمواهبهم ؟

بحكم أوضاعنا التي نعيش والمرحلة التي نحيا بقتامتها وسوداويتها لم تترك مجالا للفنانين الشباب أن يعبروا ويبدعوا .. أؤكد أن هناك الكثير الكثير من الطاقات الهائلة لمثل هذه الفئة من المجتمع ..إلا أنني بت ألمس في الفترة الأخيرة اهتماما أكثر بفئة الشباب خصوصا من مؤسسات فنية وثقافية شبابية .. وبالرغم من بوادر الأمل بمزيد من الاهتمام إلا أنها لا زالت محصورة في منطقة جغرافية من الوطن لعدة أسباب لا مجال لذكرها في هذه العجالة .. وهذه المحاولات أيضا تبقى متواضعة وغير كافية ونتمنى إن شاء الله مزيدا من الاهتمام بمواهب الشباب وخلق جيل إبداعي يحمل رسالة وقضية شعبنا الفلسطيني المكلوم للعالم ..

* هل تؤمن بالتخصص في المجال بمعنى دراسته ؟ أم يمكن للفنان أن يهتم بموهبته بعيدا عن تخصصه الجامعي؟

أنا أؤمن بالتخصص في مجال دراسة الفنون ... وأنا شخصيا أسعى لإكمال الدراسة في مجال تخصصي .. لكن هناك ملاحظة مهمة وأنا أضرب دائما مثالا للدلالة عليها وهو: لو أن هناك شخصا حصل على معدل 90% في الفرع العلمي ولديه موهبة فنية وطلب نصيحة مني ماذا يدرس؟ .. الفنون أم الهندسة مثلا .. فسأنصحه ( من وجهة نظري الشخصية ) أن يدرس الهندسة وأن يهتم بالفنون بعدها ... فالهندسة مثلا لا تعتمد على الموهبة كما الفن .. وهو بذلك يجمع مجالين بامكانه حتما الابداع فيهما .. وهذه النظرة موجودة في بعض الدول الأوروبية حيث يعتبرون الفن علم تكميلي بإمكان من يحمل أي شهادة في أي مجال أن يدرسه ويأخذ شهادات عليا فيه ..

أخيرا ... أود القول أن الفنان عين مجتمعه وأمته .. يجب أن يحمل الرسالة بأمانة وإخلاص ... وأن يوصلها بصدق ... بحسه المرهف ومشاعره النبيلة ... وقد قدر الله لنا أن نعيش وسط المحنة والاحتلال .. مما حتم علينا أن نمضي بقوة .. طارقين كل المجالات مصممين على النجاح في سبيل إعلاء شأن وطننا وأمتنا .. وأسأل الله لنا ولكم التوفيق في الدنيا والآخرة ...