2 مشترك

خطاب الاستيطان

الصفدي: مشرف مجلة اجراس العودة الثقافية مكتبة اجراس العودة الثقافية; جنسيتك : فلسطينية
اعلام الدول :
نقاط : 411
السٌّمعَة : 0
تاريخ التسجيل : 04/07/2009

مساهمة رقم 1

خطاب الاستيطان

من طرف الصفدي الجمعة 27 نوفمبر 2009, 11:08 pm

خطاب الاستيطان

لعل الـمتابع لشؤون الـمسار التفاوضي الإسرائيلي / الفلسطيني وحيثيات توقفه يمكنه قراءة خطاب رئيس الوزراء نتنياهو، أول من أمس.
فقد جاء هذا الخطاب بعد مداولات إقليمية ودولية بشأن الاستيطان وضرورات وقفه؛ تمهيداً لعودة الـمفاوضات إلى سابق عهدها.
جاء الخطاب مقتضباً ودقيق العبارات والتحديدات؛ استجابةً لاحتياجات
إسرائيلية أولاً وقبل أي شيء آخر، وكذلك لاحتياجات أميركية وأخرى أوروبية.
فالخطاب ليس مناورةً بقدر ما هو مجموعة تحديدات سياسية لـمستقبل العلاقة
مع الفلسطينيين ومستقبل إسرائيل والـمفاوضات. يمكن اعتبار هذا الخطاب ــ
وبجدارة ــ خطاب الاستيطان، وليس خطاباً بشأن وقف الاستيطان، فقد استثنى
نتنياهو القدس من دائرة البحث في الاستيطان، على أساس أنها عاصمة أبدية
لإسرائيل وأنها موحدة، وبالتالي فهي ليست قضية من قضايا الحل الدائم، كما
استثنى البناء في ألفين وخمسمائة وحدة استيطانية قيد الإنجاز... ووعد
باستئناف الـمفاوضات بعد عشرة شهور من التوقف!!! كل ذلك يجعل من خطاب
نتنياهو خطاباً للاستيطان وليس لوقفه، أي لشرعنة الاستيطان وجعله جزءاً من
الحياة السياسية الجارية، وليس قضية من القضايا التي تحتاج إلى مفاوضات
لإنهائها.
لاقى الخطاب آذناً صاغية من الولايات الـمتحدة وفرنسا، ما ينبئ أن ثمة
ضغوطاً ستمارس على السلطة مستقبلاً، وأن موقف السلطة إزاء الاستيطان بات
يمثل ــ من وجهة النظر الفرنسية والأميركية ــ عقبة في وجه استئناف
الـمفاوضات، لا شيء ينبئ بأن الـموقف الأميركي قابل للتغيير، الآن، بشأن
الاستيطان، وبأنه بات موقفاً مماثلاً للـموقف الإسرائيلي.
لا يمكن القفز عن الـموقف الأميركي / الفرنسي الجديد، ويجب بالضرورة أخذه
في الحسبان عند صنع القرار الفلسطيني وصوغه. الـموقف الرسمي الفلسطيني،
غير قابل للتغيير الآن، وفقاً لـمعطيات متشابكة ومعقدة، بعضها داخلي
والآخر خارجي، وبالتالي، فإن الاستمرار على الـموقف نفسه، وهو باختصار:
ضرورة وقف الاستيطان، وقفاً كاملاً شاملاً، تنفيذاً لـما ورد في الـمرحلة
الأولى من خارطة الطريق، وتحديد الـمرجعيات الدولية للـمفاوضات، إن
الاستمرار في النهج نفسه، بات يتطلب تغييراً في الإستراتيجية القائمة، وهي
إستراتيجية الـمفاوضات فحسب، إن صوغ إستراتيجية جديدة، تدخل في صلبها
الـمقاومة الـمدنية، والشروع جدياً ودون تردد في هجوم سياسي فلسطيني كاسح،
لإعادة طرح الـملف الفلسطيني مجدداً في الـمحافل الدولية، وفي الـمقدم
منها، مجلس الأمن بات يتطلب، بالضرورة، تغييراً في الهياكل السياسية
القائمة، ومنها الأطر القائمة في (م.ت.ف)، وفي الـمقدم منها اللجنة
التنفيذية والـمجلس الـمركزي.
إن صوغ إستراتيجية جديدة بديلة للـمفاوضات في حال غيابها، ومرافقة لها في
حال عودتها، هو عمل وطني واسع وشامل، بات يحتاج، بالضرورة، لعقد دورة جدية
وشاملة لـمجلس وطني فلسطيني، يتدارس الخيارات الـمتاحة لرسم ملامح مرحلة
جديدة.
هنالك مفصل تاريخي الآن، تمر به القضية الفلسطينية وعلى ضوء التعاطي معه، سترسم ملامح مستقبل فلسطيني بالكامل.
لـم يعد نهج الـمفاوضات، على أساس قواعد وأطر الاتفاق الفلسطيني /
الإسرائيلي، نهجاً مجدياً، بعد تجربته طويلاً، ودون ثمرة. كما ولـم يعد
نهج "الـمقاومة" خاصة بممارستها السابقة من عمليات انتحارية وإطلاق صواريخ
أمراً مجدياً، وبالتالي فالجميع مدعو إلى رسم وصوغ إستراتيجية جديدة، قد
تخرجنا من الـمأزق الذي نعيشه!!!.

سميح شبيب