مقدمة :
رائد الدبس
لا يمكن دراسة العنصرية والبحث فيها كظاهرة مستقلة بذاتها – أو كوباء معزول – فالعنصرية ظاهرة يمكن دراستها بشكل موضوعي، إذا ما تم الكشف عن الروابط العضوية التي تربطها تاريخيا بالعبودية والتوسع والهيمنة.
إن العنصرية تظهر جلية في حقلها الثقافي البنيوي، وفي الروابط العضوية التي تربطها بثقافة الاستعمار والاسترقاق والهيمنة، عبر تشكيلات وأنماط عقائدية ومعرفية، تستخدم الدين والميثولوجيا والفن والأدب والعلوم الإنسانية والطبيعية ضمن نمط بنيوي واحد وعلاقات ثابتة.
سوف أحاول أن أبحث فيما أنتجته ثقافة العبودية والاستعمار والهيمنة والعنصرية من أنماط وتشكيلات ثقافية فوقية متسلطة . فالثقافة و الفن و الأدب والمعرفة بوجه عام سلطة، وحين يتم تسخير هذه السلطة لصالح الاستعمار والهيمنة فلا مناص من العنصرية.
عرف التاريخ العبودية كنظام ذو قواعد قانونية تشرع حق استرقاق الناس وتعتبرهم جزء من الثروة والممتلكات المادية واستخدامهم ضمن دائرة الإنتاج البدائي منذ عهود اليونان ثم الرومان القدامى، حيث استلهمت روما من حضارة اليونان القدامى نموذج أسبارطة وتركت لهم "أثينا" والمدينة الفاضلة.
منذ تلك العهود الغابرة نشأ نظام يفصل بين البشر. لقد تأسس القانون الروماني القديم على نظام من الفصل الحاسم والتماهي مع القوة: ـ قانون للرومان وقانون للــبرابرة (الشعوب الأخرى) أو قانون لروما وآخر لمستعمرات روما، قانون يشرع حق روما في استرقاق أسرى الحرب واستخدامهم كعبيد للعمل اليدوي الشاق.
كانت فكرة الملكية وفكرة تفوق الرومان تؤسس لمنظومة فكر سياسي ذو نزعة إمبراطورية تفرط في تقديس القوة وترفعها إلى مكانة الحق المطلق، فالشعوب والجماعات الأقل قوة كانت في نظر روما أدنى مرتبة لأنها تملك مطالب إنسانية أقل وقيما إنسانية أدنى وبالتالي حقوقا أقل.. وإن الرسالة الحضارية لروما هي أن تتدبر أمر ومصير تلك الشعوب و أن تحكمها بالقوة – فهي شعوب دونية همجية لا تفهم إلا لغة القوة – وما على تلك الشعوب سوى أن تخضع لحكم روما إذا أرادت أن تعيش بسلام، أما البديل فهو الدمار، هكذا استلهمت روما من اليونان القدامى تجربتهم مع طروادة لفرض (سلام) مع قرطاجنة بعد تدميرها دمارًا شاملا، ولم يكتمل سلامها إلا بعد أن بدأ من تبقى على قيد الحياة من أهل قرطاجنة ينطقون باللغة الرومانية وفقدوا لغتهم وذاكرتهم تماما مثلما حدث مع أهل طروادة من قبلهم، حيث لم يكتمل سلام أسبارطة مع من بقي حيا في طروادة إلا بعد أن صاروا يتحدثون باليونانية ويحفظون أشعار هوميروس.
منذ ذلك الوقت كانت عقدة الاستعلاء والتفوق العرقي على "الآخر" تضاعف إنتاج مرضياتها وتشوهاتها الذاتية، مثلما كانت تنتج مرضيات وعقد وتشوهات لدى الآخر إما من قبيل التماهي بالمنتصر ومحو الذاكرة الذاتية – الفردية والجمعية – و إما من قبيل العزلة والانغلاق على الذات ورفض الآخر رفضا أصوليا تاما.
"إن أصل كلمة برابرة جاء من اللغة اليونانية، حيث استخدم اليونانيون القدامى ذلك المصطلح قبل الرومان للدلالة على الشعوب الأخرى، " فتسمية اليونانيين للمتحدثين الغرباء بكلمة بربر "Barbario"، ومنها اشتقت الكلمة الانجليزية (Barbarian) أي الناس الذين يتحدثون دون فهم. وهذه التسمية قد تكون ذات دلالة على موقفهم، إذ ليس لدينا دليل على وجود اهتمام جدي لدى اليونانيين باللغات الأخرى".(1)
إن هذا المدلول لكلمة البرابرة (أي الذين يتكلمون دون فهم ) سينتقل إلى اللغة الرومانية ثم إلى كل اللغات الأوروبية للدلالة على الهمجية والتخلف، علما بأن الأصل في استخدامها هو وصف (المتحدثين الغرباء) الذين كان اليونان ثم الرومان يجهلون لغاتهم. وهذا الجهل بالآخرين وبلغاتهم كان سببا كافيا لوصفهم بالبربرية.
النظرية العنصرية:
يعرّف الدكتور شاكر مصطفى سليم في قاموس الـ Anthropology النظرية العنصرية كما يلي: ـ
(نظرية تبني التوكيد على الصفات العنصرية (Racial Traits) وهي الصفات الطبيعية الوراثية الظاهرة في الجسم. وتربط النظرية العنصرية بين هذه الصفات الطبيعية الوراثية وبين السمات الحضارية (Cultural Trait) وتدعو إلى اتخاذها أساسا لفعاليات الأفراد والجماعات، كما تقول بوجود عناصر بشرية متفوقة رفيعة، و أخرى متخلفة وضيعة لوجود صفات ذاتية متأصلة فيها، وتؤمن بوجود دم نقي ودم عكر. وتذهب النظرية كذلك إلى أن العنصر البشري هو الذي يخلق الحضارة، لذا يجب أن تعطى العناصر المتفوقة الرفيعة السيادة والقيادة، وليس لهذه النظرية سند علمي، فلقد دحضتها الدراسات الأنثروبولوجية الحديثة، بعد أن أثبتت أن لا علاقة البتة بين السمات العنصرية والسمات الحضارية، و أن لا وجود لعنصر متفوق وآخر متخلف وضيع، و أن لا وجود لدم نقي وآخر عكـر، وقد ثبت علميا أن هذه النظرية لا تصلح أساسا ولا منهجا لفلسفة لافتقارها للصحة ) (2)
ولو أخذنا تعريفا آخر للعنصرية، حيث يلخصه بشكل مكثف عالم الاجتماع الإنجليزي البروفيسور ( سيغموند باومن ) محددا جوهر الفكرة العنصرية بما يلي: ـ
"تقوم العنصرية على اقتناع بفكرة أن مجموعة معينة من البشر لا يمكن أن تندمج في نظام منطقي، مهما بذلت من جهود ….." (3)
نستطيع أن نستخلص من هذين التعريفين أن العنصرية تبدأ بفكرة تنطلق من التوكيد على الصفات الطبيعية البشرية الظاهرة، ثم تربطها ربطا متخيلا بالسمات الحضارية Cultural Trial ثم تتخذ منها أساسا جوهرانيا للحكم على فعاليات الأفراد والجماعات البشرية، من خلال عقيدة تربوية ثقافية كانت قد قامت بزرع فكرة التفوق، وإذا ما نظرنا إلى مفهوم الثقافة لدى الرومان، ونظرنا إلى أصل كلمة Culture لوجدنا أنها مشتقة من الكلمة الرومانية colere بمعنى "زرع" لذا فقد ارتبط مفهوم الثقافة منذ عهود الرومان بالزراعة ثم توسع إلى معان كثيرة كان أهمها مفهوم التربية. حيث ساهم شيشرون بتكريس هذا المفهوم للثقافة وربطه بالتربية وذلك في محاضرتــه ( التوسكولانية).
في كتاب "تاريخ الحياة الثقافية في أميركا" يتحدث "لويس بيري" عن أصل مفهوم الثقافة الذي تكرس في الحياة الثقافية الأمريكية قائلا: ـ
(إن أصل هذا التعبير جاء من دنيا الزراعة والبستنة (علما بأن بعض الأمثلة من هذه الفئة تشير إلى زراعة "تربية" العقل)، ولكن القاموس قدم معنى ثانيا للمصطلح وهو "فن التحسين والتشذيب" وضرب جونسون في مقاله المعنون " ذي تاتلر" هذا المثل: ـ قد يلبس الإنسان أي عاطفة أو هوى آخذا ذلك من أسرته بالثقافة، كما يفعل الجنائنيون (من جنائني) حين يخلعون بعض أوراق الزنبقة لئلا يؤدي لونها الباهت إلى إفساد الجمال اللوني للزنبقة ذاتها) (4)
هكذا تؤدي العنصرية إلى تسطيح الثقافة و إلى مسخ دورها بصورة تقليصية و حصرية. لكن السؤال الذي يطرح نفسه إذن، ما هي الثقافة؟
وإذا كانت العنصرية تنتج مفهوما وظيفيا (ولائيا) للثقافة، فكيف يمكن أن تكون الثقافة إنسانية سامية فوق الولاءات الوظيفية والحصرية والعنصرية؟
سوف أتناول مفهوم البروفيسور إدوارد سعيد للثقافة، فهو يعرّف الثقافة في كتابه "الثقافة والإمبريالية" تعريفا يدل على أمرين اثنين: ـ
"أولا: جميع تلك الممارسات مثل فن الوصف والتوصيل والتمثيل التي تملك استقلالا نسبيا عن المجالات الاقتصادية والاجتماعية والسياسية والتي كثيرا ما توجد في أشكال جمالاتية تشكل اللذة واحدة من غاياتها الرئيسية، ويندرج في ذلك طبعا كلا مخزون المأثورات الشعبية حول أجزاء نائية من العالم، والمعرفة المتخصصة المتاحة في حقول تفقهية مثل علم الأعراق الوصفــي (العرقوغرافيا) وعلم التاريخ وفقه اللغة وعلم الاجتماع والتاريخ الأدبي.
وثانيا: وبصورة تكاد تكون عصية على الإدراك الحسي، فإن الثقافة مفهوم يضم عنصرا منقيا ودافعا إلى السمو، هو مخرون كل مجتمع من أفضل ما تحققت المعرفة به والتفكير فيه كما قال "ماثيو آرنولد" في عام 1860. لقد آمن أرنولد بأن الثقافة تلطف إن لم تكن قادرة بشكل تام على أن تحيد وقع متآلف الوجود الحضري الحديث العدواني التجاري المولد للفظاظة والخشونة".(5)
رائد الدبس
لا يمكن دراسة العنصرية والبحث فيها كظاهرة مستقلة بذاتها – أو كوباء معزول – فالعنصرية ظاهرة يمكن دراستها بشكل موضوعي، إذا ما تم الكشف عن الروابط العضوية التي تربطها تاريخيا بالعبودية والتوسع والهيمنة.
إن العنصرية تظهر جلية في حقلها الثقافي البنيوي، وفي الروابط العضوية التي تربطها بثقافة الاستعمار والاسترقاق والهيمنة، عبر تشكيلات وأنماط عقائدية ومعرفية، تستخدم الدين والميثولوجيا والفن والأدب والعلوم الإنسانية والطبيعية ضمن نمط بنيوي واحد وعلاقات ثابتة.
سوف أحاول أن أبحث فيما أنتجته ثقافة العبودية والاستعمار والهيمنة والعنصرية من أنماط وتشكيلات ثقافية فوقية متسلطة . فالثقافة و الفن و الأدب والمعرفة بوجه عام سلطة، وحين يتم تسخير هذه السلطة لصالح الاستعمار والهيمنة فلا مناص من العنصرية.
عرف التاريخ العبودية كنظام ذو قواعد قانونية تشرع حق استرقاق الناس وتعتبرهم جزء من الثروة والممتلكات المادية واستخدامهم ضمن دائرة الإنتاج البدائي منذ عهود اليونان ثم الرومان القدامى، حيث استلهمت روما من حضارة اليونان القدامى نموذج أسبارطة وتركت لهم "أثينا" والمدينة الفاضلة.
منذ تلك العهود الغابرة نشأ نظام يفصل بين البشر. لقد تأسس القانون الروماني القديم على نظام من الفصل الحاسم والتماهي مع القوة: ـ قانون للرومان وقانون للــبرابرة (الشعوب الأخرى) أو قانون لروما وآخر لمستعمرات روما، قانون يشرع حق روما في استرقاق أسرى الحرب واستخدامهم كعبيد للعمل اليدوي الشاق.
كانت فكرة الملكية وفكرة تفوق الرومان تؤسس لمنظومة فكر سياسي ذو نزعة إمبراطورية تفرط في تقديس القوة وترفعها إلى مكانة الحق المطلق، فالشعوب والجماعات الأقل قوة كانت في نظر روما أدنى مرتبة لأنها تملك مطالب إنسانية أقل وقيما إنسانية أدنى وبالتالي حقوقا أقل.. وإن الرسالة الحضارية لروما هي أن تتدبر أمر ومصير تلك الشعوب و أن تحكمها بالقوة – فهي شعوب دونية همجية لا تفهم إلا لغة القوة – وما على تلك الشعوب سوى أن تخضع لحكم روما إذا أرادت أن تعيش بسلام، أما البديل فهو الدمار، هكذا استلهمت روما من اليونان القدامى تجربتهم مع طروادة لفرض (سلام) مع قرطاجنة بعد تدميرها دمارًا شاملا، ولم يكتمل سلامها إلا بعد أن بدأ من تبقى على قيد الحياة من أهل قرطاجنة ينطقون باللغة الرومانية وفقدوا لغتهم وذاكرتهم تماما مثلما حدث مع أهل طروادة من قبلهم، حيث لم يكتمل سلام أسبارطة مع من بقي حيا في طروادة إلا بعد أن صاروا يتحدثون باليونانية ويحفظون أشعار هوميروس.
منذ ذلك الوقت كانت عقدة الاستعلاء والتفوق العرقي على "الآخر" تضاعف إنتاج مرضياتها وتشوهاتها الذاتية، مثلما كانت تنتج مرضيات وعقد وتشوهات لدى الآخر إما من قبيل التماهي بالمنتصر ومحو الذاكرة الذاتية – الفردية والجمعية – و إما من قبيل العزلة والانغلاق على الذات ورفض الآخر رفضا أصوليا تاما.
"إن أصل كلمة برابرة جاء من اللغة اليونانية، حيث استخدم اليونانيون القدامى ذلك المصطلح قبل الرومان للدلالة على الشعوب الأخرى، " فتسمية اليونانيين للمتحدثين الغرباء بكلمة بربر "Barbario"، ومنها اشتقت الكلمة الانجليزية (Barbarian) أي الناس الذين يتحدثون دون فهم. وهذه التسمية قد تكون ذات دلالة على موقفهم، إذ ليس لدينا دليل على وجود اهتمام جدي لدى اليونانيين باللغات الأخرى".(1)
إن هذا المدلول لكلمة البرابرة (أي الذين يتكلمون دون فهم ) سينتقل إلى اللغة الرومانية ثم إلى كل اللغات الأوروبية للدلالة على الهمجية والتخلف، علما بأن الأصل في استخدامها هو وصف (المتحدثين الغرباء) الذين كان اليونان ثم الرومان يجهلون لغاتهم. وهذا الجهل بالآخرين وبلغاتهم كان سببا كافيا لوصفهم بالبربرية.
النظرية العنصرية:
يعرّف الدكتور شاكر مصطفى سليم في قاموس الـ Anthropology النظرية العنصرية كما يلي: ـ
(نظرية تبني التوكيد على الصفات العنصرية (Racial Traits) وهي الصفات الطبيعية الوراثية الظاهرة في الجسم. وتربط النظرية العنصرية بين هذه الصفات الطبيعية الوراثية وبين السمات الحضارية (Cultural Trait) وتدعو إلى اتخاذها أساسا لفعاليات الأفراد والجماعات، كما تقول بوجود عناصر بشرية متفوقة رفيعة، و أخرى متخلفة وضيعة لوجود صفات ذاتية متأصلة فيها، وتؤمن بوجود دم نقي ودم عكر. وتذهب النظرية كذلك إلى أن العنصر البشري هو الذي يخلق الحضارة، لذا يجب أن تعطى العناصر المتفوقة الرفيعة السيادة والقيادة، وليس لهذه النظرية سند علمي، فلقد دحضتها الدراسات الأنثروبولوجية الحديثة، بعد أن أثبتت أن لا علاقة البتة بين السمات العنصرية والسمات الحضارية، و أن لا وجود لعنصر متفوق وآخر متخلف وضيع، و أن لا وجود لدم نقي وآخر عكـر، وقد ثبت علميا أن هذه النظرية لا تصلح أساسا ولا منهجا لفلسفة لافتقارها للصحة ) (2)
ولو أخذنا تعريفا آخر للعنصرية، حيث يلخصه بشكل مكثف عالم الاجتماع الإنجليزي البروفيسور ( سيغموند باومن ) محددا جوهر الفكرة العنصرية بما يلي: ـ
"تقوم العنصرية على اقتناع بفكرة أن مجموعة معينة من البشر لا يمكن أن تندمج في نظام منطقي، مهما بذلت من جهود ….." (3)
نستطيع أن نستخلص من هذين التعريفين أن العنصرية تبدأ بفكرة تنطلق من التوكيد على الصفات الطبيعية البشرية الظاهرة، ثم تربطها ربطا متخيلا بالسمات الحضارية Cultural Trial ثم تتخذ منها أساسا جوهرانيا للحكم على فعاليات الأفراد والجماعات البشرية، من خلال عقيدة تربوية ثقافية كانت قد قامت بزرع فكرة التفوق، وإذا ما نظرنا إلى مفهوم الثقافة لدى الرومان، ونظرنا إلى أصل كلمة Culture لوجدنا أنها مشتقة من الكلمة الرومانية colere بمعنى "زرع" لذا فقد ارتبط مفهوم الثقافة منذ عهود الرومان بالزراعة ثم توسع إلى معان كثيرة كان أهمها مفهوم التربية. حيث ساهم شيشرون بتكريس هذا المفهوم للثقافة وربطه بالتربية وذلك في محاضرتــه ( التوسكولانية).
في كتاب "تاريخ الحياة الثقافية في أميركا" يتحدث "لويس بيري" عن أصل مفهوم الثقافة الذي تكرس في الحياة الثقافية الأمريكية قائلا: ـ
(إن أصل هذا التعبير جاء من دنيا الزراعة والبستنة (علما بأن بعض الأمثلة من هذه الفئة تشير إلى زراعة "تربية" العقل)، ولكن القاموس قدم معنى ثانيا للمصطلح وهو "فن التحسين والتشذيب" وضرب جونسون في مقاله المعنون " ذي تاتلر" هذا المثل: ـ قد يلبس الإنسان أي عاطفة أو هوى آخذا ذلك من أسرته بالثقافة، كما يفعل الجنائنيون (من جنائني) حين يخلعون بعض أوراق الزنبقة لئلا يؤدي لونها الباهت إلى إفساد الجمال اللوني للزنبقة ذاتها) (4)
هكذا تؤدي العنصرية إلى تسطيح الثقافة و إلى مسخ دورها بصورة تقليصية و حصرية. لكن السؤال الذي يطرح نفسه إذن، ما هي الثقافة؟
وإذا كانت العنصرية تنتج مفهوما وظيفيا (ولائيا) للثقافة، فكيف يمكن أن تكون الثقافة إنسانية سامية فوق الولاءات الوظيفية والحصرية والعنصرية؟
سوف أتناول مفهوم البروفيسور إدوارد سعيد للثقافة، فهو يعرّف الثقافة في كتابه "الثقافة والإمبريالية" تعريفا يدل على أمرين اثنين: ـ
"أولا: جميع تلك الممارسات مثل فن الوصف والتوصيل والتمثيل التي تملك استقلالا نسبيا عن المجالات الاقتصادية والاجتماعية والسياسية والتي كثيرا ما توجد في أشكال جمالاتية تشكل اللذة واحدة من غاياتها الرئيسية، ويندرج في ذلك طبعا كلا مخزون المأثورات الشعبية حول أجزاء نائية من العالم، والمعرفة المتخصصة المتاحة في حقول تفقهية مثل علم الأعراق الوصفــي (العرقوغرافيا) وعلم التاريخ وفقه اللغة وعلم الاجتماع والتاريخ الأدبي.
وثانيا: وبصورة تكاد تكون عصية على الإدراك الحسي، فإن الثقافة مفهوم يضم عنصرا منقيا ودافعا إلى السمو، هو مخرون كل مجتمع من أفضل ما تحققت المعرفة به والتفكير فيه كما قال "ماثيو آرنولد" في عام 1860. لقد آمن أرنولد بأن الثقافة تلطف إن لم تكن قادرة بشكل تام على أن تحيد وقع متآلف الوجود الحضري الحديث العدواني التجاري المولد للفظاظة والخشونة".(5)
الجمعة 19 أغسطس 2016, 2:15 am من طرف راهب الفكر
» تصريح الناطق الرسمي لجيش رجال الطريقة النقشبندية بصدد التهجير القسري للعراقيين
الجمعة 19 أغسطس 2016, 2:14 am من طرف راهب الفكر
» زيف المفترين في إعلان خلافة المسلمين
الجمعة 19 أغسطس 2016, 2:14 am من طرف راهب الفكر
» مبارزة شعرية .......
الجمعة 19 أغسطس 2016, 2:11 am من طرف راهب الفكر
» مقاومينا بغزة البواسل للشاعر عطا سليمان رموني
الجمعة 19 أغسطس 2016, 2:08 am من طرف راهب الفكر
» أتثائب... عبلة درويش
الأحد 24 أغسطس 2014, 1:54 pm من طرف راهب الفكر
» تصريح ولكن.... وما بعد الجدار/تغريد العزة
الأحد 24 أغسطس 2014, 1:54 pm من طرف راهب الفكر
» " منديلٌ لبسمات امرأة " لؤي ابو عكر
الأحد 24 أغسطس 2014, 1:53 pm من طرف راهب الفكر
» نقد الحزب المشكلات التنظيمية للحزب الشيوعي " سلامة كيلة (للتحميل)
الأحد 24 أغسطس 2014, 1:53 pm من طرف راهب الفكر
» تلخيص كتاب: تاريـخ فلسطين في أواخر العهد العثماني 1700 – 1918
الأحد 24 أغسطس 2014, 1:37 pm من طرف راهب الفكر