بقلم:سهام البيايضة
كانت المرة الثانية التي اقطع فيها الشارع ذهابا وإيابا وأنا أحاول البحث عن موقف بين السيارات أمام المركز التجاري الكبير،حيث ازدحمت السيارات رغم اتساع المواقف ،وازدحم الناس لشراء حاجياتهم ،أينما نظرت، وفي كل مكان أجد أن العالم قد تجمع هنا،أمام المركز، العيادة، المخبز،محطة الوقود ،وجوه مختلفة الألوان والسمات ،لا تكاد تسمع احد أو أن تعرف احد .
غالبني شعور بالوحدة وانا اتجول بسرعة بين المحلات ارتدي حذاء خفيف يساعدني على المشي السريع ويمنع انزلاقي على الارضية المصقولة بالشمع، وتلمع كصفحة ماء، ذكرتني بقصة الملكة بلقيس في قصر سيدنا سليمان عليه السلام !
صوت موسيقى ينساب من بين الجدران،عرفتها ،إنها للموسيقار صاحب الشعر الطويل المدعو "ياني" ،عندها شعرت أنني على الأقل اعرف شيئا داخل هذه الاجواء المكتضة والواسعة، أراحني من شعور التفرد الذي انتابني،وبدأت إشغال التفكير والبحث بين الفلسفات عن سبب هذا الشعور، فلُمت نفسي على اقلالي من الخروج من المنزل، حتى بت اشعر برهبة ترك البيت، والرغبة بالسكينة ،او ربما اعتدت الأجواء القريبة في مدينتي القابعة في الجنوب ،حيث اعتدت المشي في شوارع اعرفها ويعرفني معظم من فيها لضيق المجتمع الذي لا يزال قريبا من العادات والموروث وعلاقات القربى التي تجمع الناس وتميز الزائر الغريب بسهولة ويسر .
" أم إبراهيم ..أم إبراهيم!!سمعت صوتا من خلف الضوضاء وموسيقى "ياني" .."ام ابراهيم"
لم يخطر لي أنني المقصودة بالكنية . عندما أدرت نظري حول المكان وأعملت فضولي لمعرفة من هذا الذي ينادي بأعلى صوته؟ ونحن في هذا المكان.عندها شاهدت شابا متوجها لي وقد ارتسمت على وجهه ابتسامة الفرح والانشراح ،رغم ضبابية المفاجئة ،عرفته وعرفت أنني أم ابراهيم المقصودة.انه عمر! ابن قريبتي و زميلتي السابقة في العمل، هش قلبي لرؤيته وقد تغير كثيراً.لم يعد ذلك الشاب الصغير، وقد اكتملت رجولته طولا وعرضا وظهرت ملامحه واضحة تعبر عن رزانته وثقته بنفسه.
-"هلا عمر!!ما شاء الله.. لو لم تعرفني لما عرفتك !!..ماذا تفعل ..ياشين؟.. هل أنت تائه هنا.. أم ماذا؟
ببساطتي وعفويتي بادلته الصوت المرتفع حتى جلبنا انتباه من حولنا.. ورأينا نظرات الاستغراب ونحن نتبادل الكلمات بلهجتنا المحلية..وشعرت انه يقصد جلب الانتباه بأسلوب كلامه، غير عابئ بنظرات الصبايا اللواتي استغربن هيئته" المودرن" ولهجته المفرطة بالمحلية ،حتى أن أحداهن وأثناء مرورها قالت لصديقتها مشيرةً بإصبعها:انظري كيف يتحدثان وكأنهما في مسلسل بدوي!!،..رمقها عمر بعينيه ، ردت عليه بابتسامة !
عمر:وينكي يا أم إبراهيم ،وشلونكي ..عساكي بخير؟
كنت سعيدة جدا برؤيته، وكأنني وجدت شيء يخصني اعرفه ويعرفني في وحدة المدينة وصخبها!
أجبته بفرح كبير:أنا بخير، وأنت ؟ماذا تفعل هنا؟؟
عمر :أنا هنا في دورة متقدمه للحاسوب .وخرجت لشراء بعض الملابس ..وأفكر بشراء "بذلة " جديدة، قميص، ربطة عنق..وما يتبعها من جوارب وحذاء ،أغتنم موسم التنزيلات!!
قلت مستبشرة:خير إن شاء الله ..أكيد لمناسبة! ..ما هي المناسبة؟ ..هيا فرحني ." ثم همست له مستفسرة "خطبه؟"
ضحك قائلا:لا لا.. بكير ..لا زلت صغيرا على الزواج!
قلت :كم مضى من عمرك الآن.؟..أرى انك قد كبرت..هيا اخبرني.. وأنا احكم على ذلك!
عمر:أكاد اقترب من الثالثة والثلاثين..لا يزال أمامي أشهر لإتمامها !!
قلت مستغربه: كم هي مسرعةً الأيام ! بالأمس كنت ذلك الشاب الصغير والآن ..أصبحت قريبا من منتصف العمر..ولم تتزوج بعد!! هل تعلم أن شهرزاد وشهريار بعد مضي ألف ليله وليله كان لديهما ثلاثة أطفال. متى سترى أطفالك وتكون قادراً على تربيتهم.. ألا تعلم أن متوسط أعمارنا لا يتعدَ الثانية والستون ؟..بالكاد يكبرون أمامنا لنراهم ولنطمئن عليهم!!
ضحك كثيرا حتى دمعت عيناه ومن جيب معطفه تناول منديلا مسح به عيناه ووجه قائلا:لا ادري من أين تأتين بهذا الكلام..الله يكون في عون أبا إبراهيم عليك!!
قلت له :أنا محظوظة بأبو إبراهيم ،الزوج الصالح نعمة من نعم الله على الارض،وسبب للسعادة والأمان في الحياة..متى سأراك عريسا وأباًً لعشيرة من الأولاد والبنات؟
بشيء من الحسرة أجابني "الحياة هذه الأيام صعبه جدا على اثنين.. فما بالك بالأولاد أيضا..لم تعد مثل هذه الأفكار من أولوياتنا في الحياة ،.. لا أنكر رغبتي بالزواج وتكوين عائله.. لكن من ستقبل بي وأنا راتبي محدود ولا املك غيره..أنت تعلمين وضع العائلة ،والدي يعمل، وراتب والدتي التقاعدي وبالكاد يصرفان على البيت وعلى اخواتي الثلاثة في الجامعة ، وراتبي لا يكاد يكفي حاجاتي وحياتي هنا ..لم تعد الأمور سهلة ..والبنات لهن أحلامهن في البيت والحياة.. أصبحنا نحن الشباب غير قادرين على تلبية طموحاتهن في الزواج والبيت !
كان يتحدث بمنطق وصراحة، وبعقلانية دفعتني لتذكيره بما ليس له علاقة بالمنطق والرشد:والحب يا عمر؟؟ماذا لو نبض هذا القلب المغلف.. لعيون صبيه؟ ماذا ستفعل حينها؟
ابتسم قائلا :لن يفعل ..لن ادعه يكبلني بما لا طاقة لي به! زمن الرومانسية انتهى ..ألان زمن المصالح والحسابات البنكية معك قرش تساوي قرش!! انه صراع العمل والكفاءات واثبات الذات!!
قلت : كلامك خطير يا عمر!!كلامك يعبر عن مأزق اجتماعي يعاني منه الشباب بنفس المستوى وبنفس الثاثير النفسي والاجتماعي على الطرفين .. إننا أمام ظاهره اجتماعية أتمنى أن لا تكون قد تفشت في عقول الشباب..العزوف عن الزواج مشكله اجتماعية لها انعكاسات على المجتمع !!
قال ساخراًً :هل تعتقدين انه لا بد من تدخل الحكومات أو منظمات عالمية ومحليه لحل مشكلة العنوسه والعزوف عن الزواج؟؟
قلت وقد تملكني شعور بالخطر: لم لا وقد بدأت انعكاساتها تظهر على المجتمع...الحكومات هي التي تضع السياسات التي تؤثر بشكل عام على حياة الناس ..وهذا لا يعني انعدام دور الأهل و تخلى الآباء عن مسؤولياتهم تجاه أبناءهم ..انظر يا عمر. الى مجتمعنا.. كيف تفشت فيه الجريمة وكثرت فيه المظاهر الغريبة.. وفي كل يوم نسمع عن أطفال لقطاء في الشوارع..هذا أمر وصل الى حد الخطر !!
عمر:. لقد أصبح للشباب، طرق ووسائل يتقرب كل منهما للأخر خارج مؤسسة الزواج..وهذا ليس مقبولاً تماما..أنا كشاب ارفضه، لكنه أمر واقع، أصبحنا نتعود عليه من قبيل التكرار وانعدام الخيارات والبدائل في ظل الظروف الاقتصادية الحالية!
أخذت نفسا عميقا ثم قلت :معك حق ..كان الله في عون الجميع.. تكاليف الحياة أصبحت باهظة جدا ،وشكليات الزواج أصبحت مهلكة ..لا بد من تخفيف الطلبات والرجوع الى أساسيات الفكرة من الزواج وبناءه على أساس السكينة والمودة والرحمة !
عمر:هل سمعتِ عن زواج المسيار.. وزواج الفرند ..والزواج العرفي؟؟وهناك أيضا من يجادل بزواج المتعة ..هل تعتقدين أن شاب وصل الى هذا العمر لا يتابع هذه المشكلة...باحثا عن مخرج مناسب؟؟...
وقبل أن ينهي كلامه قلت :وهناك زواج الوناسه ؟؟هل سمعت به ؟؟ هذا آخر الافتاءات ألحديثه ..وهناك من يجيز ألمساكنه..هناك أكثر من جبهة للرأي ..يا الله .بدأت اشعر بالقلق الحقيقي !!
بين الجد والهزل والضحكة والتراجع نظرت الى ساعتي التي أخبرتني أن موعد ذهابي قد حان ..ولا بد أن استأذن:اعذرني يا عمر..لا بد من الذهاب ألان . أتمنى أن اسمع أخبار جيده عنك وإذا صدف، ووقعت على بنت الحلال لا تنسى الاتصال بي..لنفرح لفرحك ...مشاهدتك حدث هذا اليوم ونقطة فرحة..شكرا على هذا الحديث العابر !!
ودعته على أمل اللقاء القريب..ثم توجهت مسرعة الى سيارتي ..كانت السماء ملبدة بالغيوم وقطرات المطر بدأت بالتساقط برفق ورحمة ..أدرت محرك السيارة، أريد الانطلاق ..عندها توقفت وأسندت ظهري الى المقعد وكأنني أصبت برعشة وجل ،أعادت مجريات الحديث ،ليتحول الحديث من مجرد حديث عابر الى قضية اجتماعية تحمل الكثير من المحاذير النفسية والاجتماعية ،
نظرت حولي حيث لا يزال الشارع مزدحما بالناس ،الأغلبية من الشباب والصبايا يتدافعون الى داخل المركز التجاري .لعلهم بهذه اللقاءات يخففون عن أنفسهم، قيود اجتماعية فرضت عليهم ،وأوضاع اقتصادية حرمتهم من ابسط حقوقهم في السكينة والتراحم ..فكان من السهل نعتهم بالاستهتار والخروج عن المألوف من العادات والموروث.طالما نبرع بوضع المحاذير والقيود ولا نكلف أنفسنا بإيجاد الحلول!!
أولادنا اكبادنا :ندفعهم للخطيئة وبنفس الوقت نحاكمهم عليها!!!
كانت المرة الثانية التي اقطع فيها الشارع ذهابا وإيابا وأنا أحاول البحث عن موقف بين السيارات أمام المركز التجاري الكبير،حيث ازدحمت السيارات رغم اتساع المواقف ،وازدحم الناس لشراء حاجياتهم ،أينما نظرت، وفي كل مكان أجد أن العالم قد تجمع هنا،أمام المركز، العيادة، المخبز،محطة الوقود ،وجوه مختلفة الألوان والسمات ،لا تكاد تسمع احد أو أن تعرف احد .
غالبني شعور بالوحدة وانا اتجول بسرعة بين المحلات ارتدي حذاء خفيف يساعدني على المشي السريع ويمنع انزلاقي على الارضية المصقولة بالشمع، وتلمع كصفحة ماء، ذكرتني بقصة الملكة بلقيس في قصر سيدنا سليمان عليه السلام !
صوت موسيقى ينساب من بين الجدران،عرفتها ،إنها للموسيقار صاحب الشعر الطويل المدعو "ياني" ،عندها شعرت أنني على الأقل اعرف شيئا داخل هذه الاجواء المكتضة والواسعة، أراحني من شعور التفرد الذي انتابني،وبدأت إشغال التفكير والبحث بين الفلسفات عن سبب هذا الشعور، فلُمت نفسي على اقلالي من الخروج من المنزل، حتى بت اشعر برهبة ترك البيت، والرغبة بالسكينة ،او ربما اعتدت الأجواء القريبة في مدينتي القابعة في الجنوب ،حيث اعتدت المشي في شوارع اعرفها ويعرفني معظم من فيها لضيق المجتمع الذي لا يزال قريبا من العادات والموروث وعلاقات القربى التي تجمع الناس وتميز الزائر الغريب بسهولة ويسر .
" أم إبراهيم ..أم إبراهيم!!سمعت صوتا من خلف الضوضاء وموسيقى "ياني" .."ام ابراهيم"
لم يخطر لي أنني المقصودة بالكنية . عندما أدرت نظري حول المكان وأعملت فضولي لمعرفة من هذا الذي ينادي بأعلى صوته؟ ونحن في هذا المكان.عندها شاهدت شابا متوجها لي وقد ارتسمت على وجهه ابتسامة الفرح والانشراح ،رغم ضبابية المفاجئة ،عرفته وعرفت أنني أم ابراهيم المقصودة.انه عمر! ابن قريبتي و زميلتي السابقة في العمل، هش قلبي لرؤيته وقد تغير كثيراً.لم يعد ذلك الشاب الصغير، وقد اكتملت رجولته طولا وعرضا وظهرت ملامحه واضحة تعبر عن رزانته وثقته بنفسه.
-"هلا عمر!!ما شاء الله.. لو لم تعرفني لما عرفتك !!..ماذا تفعل ..ياشين؟.. هل أنت تائه هنا.. أم ماذا؟
ببساطتي وعفويتي بادلته الصوت المرتفع حتى جلبنا انتباه من حولنا.. ورأينا نظرات الاستغراب ونحن نتبادل الكلمات بلهجتنا المحلية..وشعرت انه يقصد جلب الانتباه بأسلوب كلامه، غير عابئ بنظرات الصبايا اللواتي استغربن هيئته" المودرن" ولهجته المفرطة بالمحلية ،حتى أن أحداهن وأثناء مرورها قالت لصديقتها مشيرةً بإصبعها:انظري كيف يتحدثان وكأنهما في مسلسل بدوي!!،..رمقها عمر بعينيه ، ردت عليه بابتسامة !
عمر:وينكي يا أم إبراهيم ،وشلونكي ..عساكي بخير؟
كنت سعيدة جدا برؤيته، وكأنني وجدت شيء يخصني اعرفه ويعرفني في وحدة المدينة وصخبها!
أجبته بفرح كبير:أنا بخير، وأنت ؟ماذا تفعل هنا؟؟
عمر :أنا هنا في دورة متقدمه للحاسوب .وخرجت لشراء بعض الملابس ..وأفكر بشراء "بذلة " جديدة، قميص، ربطة عنق..وما يتبعها من جوارب وحذاء ،أغتنم موسم التنزيلات!!
قلت مستبشرة:خير إن شاء الله ..أكيد لمناسبة! ..ما هي المناسبة؟ ..هيا فرحني ." ثم همست له مستفسرة "خطبه؟"
ضحك قائلا:لا لا.. بكير ..لا زلت صغيرا على الزواج!
قلت :كم مضى من عمرك الآن.؟..أرى انك قد كبرت..هيا اخبرني.. وأنا احكم على ذلك!
عمر:أكاد اقترب من الثالثة والثلاثين..لا يزال أمامي أشهر لإتمامها !!
قلت مستغربه: كم هي مسرعةً الأيام ! بالأمس كنت ذلك الشاب الصغير والآن ..أصبحت قريبا من منتصف العمر..ولم تتزوج بعد!! هل تعلم أن شهرزاد وشهريار بعد مضي ألف ليله وليله كان لديهما ثلاثة أطفال. متى سترى أطفالك وتكون قادراً على تربيتهم.. ألا تعلم أن متوسط أعمارنا لا يتعدَ الثانية والستون ؟..بالكاد يكبرون أمامنا لنراهم ولنطمئن عليهم!!
ضحك كثيرا حتى دمعت عيناه ومن جيب معطفه تناول منديلا مسح به عيناه ووجه قائلا:لا ادري من أين تأتين بهذا الكلام..الله يكون في عون أبا إبراهيم عليك!!
قلت له :أنا محظوظة بأبو إبراهيم ،الزوج الصالح نعمة من نعم الله على الارض،وسبب للسعادة والأمان في الحياة..متى سأراك عريسا وأباًً لعشيرة من الأولاد والبنات؟
بشيء من الحسرة أجابني "الحياة هذه الأيام صعبه جدا على اثنين.. فما بالك بالأولاد أيضا..لم تعد مثل هذه الأفكار من أولوياتنا في الحياة ،.. لا أنكر رغبتي بالزواج وتكوين عائله.. لكن من ستقبل بي وأنا راتبي محدود ولا املك غيره..أنت تعلمين وضع العائلة ،والدي يعمل، وراتب والدتي التقاعدي وبالكاد يصرفان على البيت وعلى اخواتي الثلاثة في الجامعة ، وراتبي لا يكاد يكفي حاجاتي وحياتي هنا ..لم تعد الأمور سهلة ..والبنات لهن أحلامهن في البيت والحياة.. أصبحنا نحن الشباب غير قادرين على تلبية طموحاتهن في الزواج والبيت !
كان يتحدث بمنطق وصراحة، وبعقلانية دفعتني لتذكيره بما ليس له علاقة بالمنطق والرشد:والحب يا عمر؟؟ماذا لو نبض هذا القلب المغلف.. لعيون صبيه؟ ماذا ستفعل حينها؟
ابتسم قائلا :لن يفعل ..لن ادعه يكبلني بما لا طاقة لي به! زمن الرومانسية انتهى ..ألان زمن المصالح والحسابات البنكية معك قرش تساوي قرش!! انه صراع العمل والكفاءات واثبات الذات!!
قلت : كلامك خطير يا عمر!!كلامك يعبر عن مأزق اجتماعي يعاني منه الشباب بنفس المستوى وبنفس الثاثير النفسي والاجتماعي على الطرفين .. إننا أمام ظاهره اجتماعية أتمنى أن لا تكون قد تفشت في عقول الشباب..العزوف عن الزواج مشكله اجتماعية لها انعكاسات على المجتمع !!
قال ساخراًً :هل تعتقدين انه لا بد من تدخل الحكومات أو منظمات عالمية ومحليه لحل مشكلة العنوسه والعزوف عن الزواج؟؟
قلت وقد تملكني شعور بالخطر: لم لا وقد بدأت انعكاساتها تظهر على المجتمع...الحكومات هي التي تضع السياسات التي تؤثر بشكل عام على حياة الناس ..وهذا لا يعني انعدام دور الأهل و تخلى الآباء عن مسؤولياتهم تجاه أبناءهم ..انظر يا عمر. الى مجتمعنا.. كيف تفشت فيه الجريمة وكثرت فيه المظاهر الغريبة.. وفي كل يوم نسمع عن أطفال لقطاء في الشوارع..هذا أمر وصل الى حد الخطر !!
عمر:. لقد أصبح للشباب، طرق ووسائل يتقرب كل منهما للأخر خارج مؤسسة الزواج..وهذا ليس مقبولاً تماما..أنا كشاب ارفضه، لكنه أمر واقع، أصبحنا نتعود عليه من قبيل التكرار وانعدام الخيارات والبدائل في ظل الظروف الاقتصادية الحالية!
أخذت نفسا عميقا ثم قلت :معك حق ..كان الله في عون الجميع.. تكاليف الحياة أصبحت باهظة جدا ،وشكليات الزواج أصبحت مهلكة ..لا بد من تخفيف الطلبات والرجوع الى أساسيات الفكرة من الزواج وبناءه على أساس السكينة والمودة والرحمة !
عمر:هل سمعتِ عن زواج المسيار.. وزواج الفرند ..والزواج العرفي؟؟وهناك أيضا من يجادل بزواج المتعة ..هل تعتقدين أن شاب وصل الى هذا العمر لا يتابع هذه المشكلة...باحثا عن مخرج مناسب؟؟...
وقبل أن ينهي كلامه قلت :وهناك زواج الوناسه ؟؟هل سمعت به ؟؟ هذا آخر الافتاءات ألحديثه ..وهناك من يجيز ألمساكنه..هناك أكثر من جبهة للرأي ..يا الله .بدأت اشعر بالقلق الحقيقي !!
بين الجد والهزل والضحكة والتراجع نظرت الى ساعتي التي أخبرتني أن موعد ذهابي قد حان ..ولا بد أن استأذن:اعذرني يا عمر..لا بد من الذهاب ألان . أتمنى أن اسمع أخبار جيده عنك وإذا صدف، ووقعت على بنت الحلال لا تنسى الاتصال بي..لنفرح لفرحك ...مشاهدتك حدث هذا اليوم ونقطة فرحة..شكرا على هذا الحديث العابر !!
ودعته على أمل اللقاء القريب..ثم توجهت مسرعة الى سيارتي ..كانت السماء ملبدة بالغيوم وقطرات المطر بدأت بالتساقط برفق ورحمة ..أدرت محرك السيارة، أريد الانطلاق ..عندها توقفت وأسندت ظهري الى المقعد وكأنني أصبت برعشة وجل ،أعادت مجريات الحديث ،ليتحول الحديث من مجرد حديث عابر الى قضية اجتماعية تحمل الكثير من المحاذير النفسية والاجتماعية ،
نظرت حولي حيث لا يزال الشارع مزدحما بالناس ،الأغلبية من الشباب والصبايا يتدافعون الى داخل المركز التجاري .لعلهم بهذه اللقاءات يخففون عن أنفسهم، قيود اجتماعية فرضت عليهم ،وأوضاع اقتصادية حرمتهم من ابسط حقوقهم في السكينة والتراحم ..فكان من السهل نعتهم بالاستهتار والخروج عن المألوف من العادات والموروث.طالما نبرع بوضع المحاذير والقيود ولا نكلف أنفسنا بإيجاد الحلول!!
أولادنا اكبادنا :ندفعهم للخطيئة وبنفس الوقت نحاكمهم عليها!!!
الجمعة 19 أغسطس 2016, 2:15 am من طرف راهب الفكر
» تصريح الناطق الرسمي لجيش رجال الطريقة النقشبندية بصدد التهجير القسري للعراقيين
الجمعة 19 أغسطس 2016, 2:14 am من طرف راهب الفكر
» زيف المفترين في إعلان خلافة المسلمين
الجمعة 19 أغسطس 2016, 2:14 am من طرف راهب الفكر
» مبارزة شعرية .......
الجمعة 19 أغسطس 2016, 2:11 am من طرف راهب الفكر
» مقاومينا بغزة البواسل للشاعر عطا سليمان رموني
الجمعة 19 أغسطس 2016, 2:08 am من طرف راهب الفكر
» أتثائب... عبلة درويش
الأحد 24 أغسطس 2014, 1:54 pm من طرف راهب الفكر
» تصريح ولكن.... وما بعد الجدار/تغريد العزة
الأحد 24 أغسطس 2014, 1:54 pm من طرف راهب الفكر
» " منديلٌ لبسمات امرأة " لؤي ابو عكر
الأحد 24 أغسطس 2014, 1:53 pm من طرف راهب الفكر
» نقد الحزب المشكلات التنظيمية للحزب الشيوعي " سلامة كيلة (للتحميل)
الأحد 24 أغسطس 2014, 1:53 pm من طرف راهب الفكر
» تلخيص كتاب: تاريـخ فلسطين في أواخر العهد العثماني 1700 – 1918
الأحد 24 أغسطس 2014, 1:37 pm من طرف راهب الفكر