[url=https://ajrasal3awda.ahlamontada.net/Search.aspx?AUTHOR=رانيه حداد]الكاتب: رانيه حداد[/url]
"في الولايات المتحدة الأمريكية صُمم النظام الاجتماعي- الاقتصادي بحيث تكون السيطرة على وسائل الإعلام في أيدي أقلية تمتلك شركات كبيرة... والنتيجة هي أن المصالح المالية لتلك الجماعات هي دائما وراء ما يسمى حرية التعبير" هذا ما قاله المفكر الأمريكي نعوم تشومسكي في لقائه مع الرئيس الفنزويلي هوغو شافيز آب الماضي، وإذ يضع تشومسكي إصبعه على الجرح، فيوقظ في داخلنا الأسئلة؛ هل يختلف الوضع مع وسائل إعلامنا العربي في ظل العولمة؟ وهل المصالح المالية للأقلية التي تقود إعلامنا تحكم حرية التعبير فقط أم أنها تذهب ابعد نحو إعادة صياغة عقولنا ووجدننا؟ وان كان ذلك فوفق أي أجندات تصوغها؟ وكيف تصوغها؟ وإلى أين يمكن أن تقودنا؟ ...هذه الأسئلة وغيرها تصبح ملحة أكثر مع قراءة أخبار تناقلتهما بعض الصحف العربية والأجنبية حول صفقات بيع فضائيات عربية، كان آخرها مفاوضات رجل الأعمال الأمريكي روبرت مردوخ - صاحب اكبر إمبراطورية إعلامية "نيوز كورب" - مع الأمير السعودي الوليد بن طلال لشراء 20% من أسهم شركة روتانا للخدمات الإعلامية التي يملكها، فالأخبار تؤكد أن هذه الصفقة في طريقها إلى التنفيذ مطلع العام 2010، كما أن الاستغناء عن ما يقارب ثلث المطربين المتعاقدين مع روتانا، وإغلاق بعض محطات روتانا يؤكد عملية إعادة هيكلة تتطلبها إتمام هذه الصفقة التي تضعنا بدورها أمام أسئلة جديدة؛ فهل كانت تلك مجرد صدفة أن يرغب مردوخ بشراء حصة كبيرة من أكثر الفضائيات العربية الترفيهية متابعة؟ هل فقط لأنها تشكل استثمار رابح؟ وبالأصل هل يمكن النظر إلى صفقات بيع وسائل الإعلام كأي صفقة استثمار آخر؛ بيع وشراء سيارات، أو فنادق مثلا، بمعزل عن كونها تحمل مضمونا فكريا وثقافيا؟ ومن أين تكتسب هذه السلعة قيمتها الشرائية العالية؟
قدرة وسائل الإعلام -خصوصا الفضائيات والسينما– على الوصول إلى شريحة كبيرة من الناس/ المتلقي/ المستهلك أي تكن التسمية، ومقدار رواج ما تقدمه تلك الوسائل الإعلامية من أفكار هو ما يجعل منها سلعة مرغوبة وغالية الثمن، لان الثمن هنا يدفع لعدد العقول التي يمكن النفاذ إليها والتأثير عليها وصياغة أفكارها وميولها، هذا تماما ما يغري أي أفراد أو جهات تحمل أجنداتها الخاصة في المنطقة العربية للتنافس على امتلاك وسائل إعلامية عربية كقنوات روتانا الفضائية المتابعة بشكل كبير، والمؤثرة في صياغة العقل العربي على اختلاف إلى أين يمكن أن تقوده؛ إلى الوعي والثقافة أو إلى السقوط في هاوية التفاهة.
مردوخ: رسم السياسات
في هذا الإطار يمكن أن نقرأ رغبة رجل الأعمال الأمريكي مردوخ، وسعيه لشراء نسبة من أسهم هذه القنوات الفضائية بما يكفي ليتمكن من التدخل في رسم السياسات، وامتلاك ناصية القرارات المهمة فيها وفق أجندته الخاصة التي لم تعد خافية على احد، فروبرت مردوخ بإمبراطوريته الإعلامية المنتشرة حول العالم، هو من اكبر الداعمين لإسرائيل استثماريا وإعلاميا ولسياستها العسكرية في فلسطين المحتلة، وعند نتتبع مسار الصفقة نستطيع حينها إدراك أن لا شيء يحدث بالمصادفة، وإنما وفق تخطيط زمني مبرمج بدأ أولا بشراء الشركة القابضة التي يمتلكها ويديرها الوليد بن طلال حصة تقدر ب 5,7% من أسهم شركة "كورب نيوز" التي يمتلكها روبرت مردوخ، ثم باحتفال روتانا عند استضافتها لقناة فوكس للأفلام -التي تعود لشركة مردوخ- على مجموعة قنواتها في أيار العام الماضي، والآن ببسط السجاد الأحمر لأول استثمار إعلامي لروبرت مردوخ في المنطقة العربية من خلال شراء أسهم من شركة روتانا، إذن هي صفقة مخطط لها مسبقا ذات أجندة أمريكية إسرائيلية، سيتمكن من خلالها مردوخ امتلاك ناصية الترفيه عربيا، ولن نستبعد لاحقا أن يصار إلى إبرام صفقات مشابهة مع فضائيات إخبارية عربية لامتلاك ناصية السياسة أيضا، فامتلاك ناصيتي السياسة والترفيه معا تصبح ضرورة إذا ما أرادت تلك الجهات الإحاطة بالعقول العربية من مختلف الجهات لتحكم امتلاكها.
فكيف لنا أن نثق بعد هذا بالشعار الذي رفعه الوليد بن طلال "اطمح إلى استخدام وسائل الاتصال لبناء جسور بين الشرق والغرب" في معرض حديثه لمجلة فارايتي عن أهداف صفقة روتانا –مردوخ، ألا يتطلب بناء الجسور من الطرف الآخر أن يكون شريكا محايدا لا يحمل أجندة خاصة؟!!!
يبدو أن شعار بناء الجسور هذا ذو شجون، فها نحن نسمع صداه الآن في فرنسا وهذه المرة على لسان جان ماري بوكيل وزير الدولة للتعاون الفرانكفوني في معرض دفاعه عن صفقة بيع نسخة من متحف اللوفر إلى ابو ظبي فيقول "... نيتنا نشر حوار الحضارات بين الشرق والغرب"، ولنا أن ندرك أي نوع من حوار الحضارات الذي يعنيه بوكيل، عندما نعلم أن وضع الرئيس الفرنسي ساركوزي للبنة الأولى في مشروع متحف اللوفر في ابو ظبي كان متزامنا مع تدشينه لأول قاعدة عسكرية فرنسية في الإمارات أيار الماضي.
لا أجندة عربية
عودة إلى صفقات بيع الفضائيات العربية، هل سيتغير شيء إذا أصبحت وسائل الإعلام العربي الآن بتمويل أمريكي أو إسرائيلي؟
ربما لن يكون هناك فرقا يذكر، مادامت المصالح المادية للأقلية العربية الثرية التي تمتلك وسائل إعلامنا لا تحمل معها في المقابل أي أجندة عربية قومية، بالأحرى هي لا تمتلك سوى أن تفتح ذراعيها لأجندات الآخر التي يراد برمجتنا وفقها، فاقل ما يمكن أن نصف به الوضع الحالي لوسائل الإعلام العربي بشكل عام والفضائيات بشكل خاص، هو أن اغلبها يحمل أجندات غير عربية بتمويل عربي، ولا يحتاج الأمر إلى جهد كبير لإثباته، فمضامين البرامج والأفلام التي يتم انتخابها وعرضها على تلك الفضائيات تتكفل بترجمة ذلك.
لكن الجديد في الموضوع أن هكذا مفاوضات وصفقات في السابق كانت تحاط بسرية تامة، أما الآن فقد أصبحت تدار وتنفذ في العلن دون أي حرج، لا بل بمباركة المشاهد العربي دون أن يحرك بدوره ساكنا، باستثناء قلة مدركة لخطورة ما يحدث، لكنها لا تمتلك القدرة لمنع هكذا صفقات، فكيف لها أن تتدخل وتقول كلمتها في أمر شركات، حق التصرف فيها يعود للأقلية الثرية المتنفذه التي تمتلكها، رغم هذا لن يعدم هذا البعض الواعي عربيا وسيلته في التعبير والمقاومة إن هو أراد، كغيره من المثقفين في العالم، فمؤخرا كانت هناك مقاربة سينمائية وثائقية ايطالية جريئة بعنوان "فيديوقراطية"، تهاجم هيمنة رئيس الوزراء الايطالي سيلفيو برلسكوني على الإعلام في ايطاليا، وتفضح إلى أي مدى ساهم في تسطيح جيل الشباب في ايطاليا، وفي الحديث عن فيلمه لرويترز يقول المخرج إريك جانديني انه حاول إظهار كيف استطاع فرد واحد ثري متنفذ يمتلك إمبراطورية إعلامية يمتزج فيها الترفيه بالسياسة كـ برلسكوني أن يشكل الإعلام والثقافة في ايطاليا ويصوغ عقول شبابها على مدى أكثر من 30 عاما، بحيث أصبح الهوس بالماركات المعروفة وبالمظهر الخارجي وجني المال والشهرة بسرعة هو ما يحرك ويشغل بال هؤلاء الشباب، بعيدا عن الاهتمام الحقيقي بالسياسة وبالعالم. وهل يختلف ما فعلته سيطرت برلسكوني على الإعلام في ايطاليا عما تفعله الآن الأقلية الثرية التي تسيطر على وسائل إعلامنا العربي؟
قدرة وسائل الإعلام -خصوصا الفضائيات والسينما– على الوصول إلى شريحة كبيرة من الناس/ المتلقي/ المستهلك أي تكن التسمية، ومقدار رواج ما تقدمه تلك الوسائل الإعلامية من أفكار هو ما يجعل منها سلعة مرغوبة وغالية الثمن، لان الثمن هنا يدفع لعدد العقول التي يمكن النفاذ إليها والتأثير عليها وصياغة أفكارها وميولها، هذا تماما ما يغري أي أفراد أو جهات تحمل أجنداتها الخاصة في المنطقة العربية للتنافس على امتلاك وسائل إعلامية عربية كقنوات روتانا الفضائية المتابعة بشكل كبير، والمؤثرة في صياغة العقل العربي على اختلاف إلى أين يمكن أن تقوده؛ إلى الوعي والثقافة أو إلى السقوط في هاوية التفاهة.
مردوخ: رسم السياسات
في هذا الإطار يمكن أن نقرأ رغبة رجل الأعمال الأمريكي مردوخ، وسعيه لشراء نسبة من أسهم هذه القنوات الفضائية بما يكفي ليتمكن من التدخل في رسم السياسات، وامتلاك ناصية القرارات المهمة فيها وفق أجندته الخاصة التي لم تعد خافية على احد، فروبرت مردوخ بإمبراطوريته الإعلامية المنتشرة حول العالم، هو من اكبر الداعمين لإسرائيل استثماريا وإعلاميا ولسياستها العسكرية في فلسطين المحتلة، وعند نتتبع مسار الصفقة نستطيع حينها إدراك أن لا شيء يحدث بالمصادفة، وإنما وفق تخطيط زمني مبرمج بدأ أولا بشراء الشركة القابضة التي يمتلكها ويديرها الوليد بن طلال حصة تقدر ب 5,7% من أسهم شركة "كورب نيوز" التي يمتلكها روبرت مردوخ، ثم باحتفال روتانا عند استضافتها لقناة فوكس للأفلام -التي تعود لشركة مردوخ- على مجموعة قنواتها في أيار العام الماضي، والآن ببسط السجاد الأحمر لأول استثمار إعلامي لروبرت مردوخ في المنطقة العربية من خلال شراء أسهم من شركة روتانا، إذن هي صفقة مخطط لها مسبقا ذات أجندة أمريكية إسرائيلية، سيتمكن من خلالها مردوخ امتلاك ناصية الترفيه عربيا، ولن نستبعد لاحقا أن يصار إلى إبرام صفقات مشابهة مع فضائيات إخبارية عربية لامتلاك ناصية السياسة أيضا، فامتلاك ناصيتي السياسة والترفيه معا تصبح ضرورة إذا ما أرادت تلك الجهات الإحاطة بالعقول العربية من مختلف الجهات لتحكم امتلاكها.
فكيف لنا أن نثق بعد هذا بالشعار الذي رفعه الوليد بن طلال "اطمح إلى استخدام وسائل الاتصال لبناء جسور بين الشرق والغرب" في معرض حديثه لمجلة فارايتي عن أهداف صفقة روتانا –مردوخ، ألا يتطلب بناء الجسور من الطرف الآخر أن يكون شريكا محايدا لا يحمل أجندة خاصة؟!!!
يبدو أن شعار بناء الجسور هذا ذو شجون، فها نحن نسمع صداه الآن في فرنسا وهذه المرة على لسان جان ماري بوكيل وزير الدولة للتعاون الفرانكفوني في معرض دفاعه عن صفقة بيع نسخة من متحف اللوفر إلى ابو ظبي فيقول "... نيتنا نشر حوار الحضارات بين الشرق والغرب"، ولنا أن ندرك أي نوع من حوار الحضارات الذي يعنيه بوكيل، عندما نعلم أن وضع الرئيس الفرنسي ساركوزي للبنة الأولى في مشروع متحف اللوفر في ابو ظبي كان متزامنا مع تدشينه لأول قاعدة عسكرية فرنسية في الإمارات أيار الماضي.
لا أجندة عربية
عودة إلى صفقات بيع الفضائيات العربية، هل سيتغير شيء إذا أصبحت وسائل الإعلام العربي الآن بتمويل أمريكي أو إسرائيلي؟
ربما لن يكون هناك فرقا يذكر، مادامت المصالح المادية للأقلية العربية الثرية التي تمتلك وسائل إعلامنا لا تحمل معها في المقابل أي أجندة عربية قومية، بالأحرى هي لا تمتلك سوى أن تفتح ذراعيها لأجندات الآخر التي يراد برمجتنا وفقها، فاقل ما يمكن أن نصف به الوضع الحالي لوسائل الإعلام العربي بشكل عام والفضائيات بشكل خاص، هو أن اغلبها يحمل أجندات غير عربية بتمويل عربي، ولا يحتاج الأمر إلى جهد كبير لإثباته، فمضامين البرامج والأفلام التي يتم انتخابها وعرضها على تلك الفضائيات تتكفل بترجمة ذلك.
لكن الجديد في الموضوع أن هكذا مفاوضات وصفقات في السابق كانت تحاط بسرية تامة، أما الآن فقد أصبحت تدار وتنفذ في العلن دون أي حرج، لا بل بمباركة المشاهد العربي دون أن يحرك بدوره ساكنا، باستثناء قلة مدركة لخطورة ما يحدث، لكنها لا تمتلك القدرة لمنع هكذا صفقات، فكيف لها أن تتدخل وتقول كلمتها في أمر شركات، حق التصرف فيها يعود للأقلية الثرية المتنفذه التي تمتلكها، رغم هذا لن يعدم هذا البعض الواعي عربيا وسيلته في التعبير والمقاومة إن هو أراد، كغيره من المثقفين في العالم، فمؤخرا كانت هناك مقاربة سينمائية وثائقية ايطالية جريئة بعنوان "فيديوقراطية"، تهاجم هيمنة رئيس الوزراء الايطالي سيلفيو برلسكوني على الإعلام في ايطاليا، وتفضح إلى أي مدى ساهم في تسطيح جيل الشباب في ايطاليا، وفي الحديث عن فيلمه لرويترز يقول المخرج إريك جانديني انه حاول إظهار كيف استطاع فرد واحد ثري متنفذ يمتلك إمبراطورية إعلامية يمتزج فيها الترفيه بالسياسة كـ برلسكوني أن يشكل الإعلام والثقافة في ايطاليا ويصوغ عقول شبابها على مدى أكثر من 30 عاما، بحيث أصبح الهوس بالماركات المعروفة وبالمظهر الخارجي وجني المال والشهرة بسرعة هو ما يحرك ويشغل بال هؤلاء الشباب، بعيدا عن الاهتمام الحقيقي بالسياسة وبالعالم. وهل يختلف ما فعلته سيطرت برلسكوني على الإعلام في ايطاليا عما تفعله الآن الأقلية الثرية التي تسيطر على وسائل إعلامنا العربي؟
الجمعة 19 أغسطس 2016, 2:15 am من طرف راهب الفكر
» تصريح الناطق الرسمي لجيش رجال الطريقة النقشبندية بصدد التهجير القسري للعراقيين
الجمعة 19 أغسطس 2016, 2:14 am من طرف راهب الفكر
» زيف المفترين في إعلان خلافة المسلمين
الجمعة 19 أغسطس 2016, 2:14 am من طرف راهب الفكر
» مبارزة شعرية .......
الجمعة 19 أغسطس 2016, 2:11 am من طرف راهب الفكر
» مقاومينا بغزة البواسل للشاعر عطا سليمان رموني
الجمعة 19 أغسطس 2016, 2:08 am من طرف راهب الفكر
» أتثائب... عبلة درويش
الأحد 24 أغسطس 2014, 1:54 pm من طرف راهب الفكر
» تصريح ولكن.... وما بعد الجدار/تغريد العزة
الأحد 24 أغسطس 2014, 1:54 pm من طرف راهب الفكر
» " منديلٌ لبسمات امرأة " لؤي ابو عكر
الأحد 24 أغسطس 2014, 1:53 pm من طرف راهب الفكر
» نقد الحزب المشكلات التنظيمية للحزب الشيوعي " سلامة كيلة (للتحميل)
الأحد 24 أغسطس 2014, 1:53 pm من طرف راهب الفكر
» تلخيص كتاب: تاريـخ فلسطين في أواخر العهد العثماني 1700 – 1918
الأحد 24 أغسطس 2014, 1:37 pm من طرف راهب الفكر