- وطــــــــــــن اللاجئيــــــــــن-
بقلم/ م.هاشم البدارين
كان يوما مشمسا حارا من ايام الصيف الاتية من جديد..ترمي الشمس السنة لهيبها على صفيح بيوتنا التي أوتنا وحمتنا طوال الشتاء.. برغم طرقات حبات المطرالمنهمرة عليه والتي لازمتنا كطنين الصمت ...برغم قساوته، الا اننا مدينون لهذا الصفيح المزرق....كيف لا...فلولاه لما صلينا الفجر حاضرا..ولولا تفاعله وانسجامه مع كل الطقوس الباردة والساخنة لما بقي ليلنا يقظا - رغما عنا - حتى الفجر ولما نعمنا بالصلاة حاضرا خلف الامام ...!
اليوم هو الخميس ..وهذا هو اليوم الذي الزم فيه جنبات البيت ...فأبي ياتينا في هذا اليوم حاملا معه بعض الفواكه والحاجيات كما يحمل معه كدحه وعرق الاسبوع بأكمله!
اقتربت من جدي اطلب وده قبيل مجيء أبي كي لا يخبره بشقاوتنا في ازقة المخيم....!
وبدأت امازحه فأشد عكازه تارة..واشد مسبحته تارة اخرى...وانا افكر كيف اختلق قصة تجرنا لحديث..!
سألته :كم عمرك يا جدي..؟
وخيم الصمت انتظارا للجواب...
ظننت ان جدي لم يسمعني..فاعدت سؤاله مرة اخرى...ولكنه لم يلتفت اليّ...
شددت في طرف معطفه الاسود ..وقلت:الم تسمعني ياجدي؟
نظر الي سائلا: نعم؟ اقلت شيء؟؟
اظهرت له تقاسيم وجهي العابسة مستنكرا اهماله لي..وقلت:نعم ..لقد سألتك عن سني عمرك ...فكم تبلغ؟؟
شد شفاهه ليصنع منها ابتسامة لكن عيناه كانت اكثر عنادا فلم يصطنع فيها الا الحزن...واجاب:الان عمري اثان وثمانون ايار..!!
ضحكت في خجل..وكأني احاول اخفاء جهلي بالذي قاله...
- يا جدي ..انت تقصد اثنان وثمانون عاما ..صحيح؟
قال: بل انها تعد بشهر ايار يا بني ...!
اتعرف يا جدي ؟؟هذه اول مرة تعد السنين امامي بشهر معين ..فكرة جميلة!
ولكن لماذا اخترت ايار بالذات.؟؟اليس من الاولى كانون الثاني باعتباره الشهر الاول من كل سنه؟؟؟
هز رأسه بضحكة تكاد لا تسمع ..واتكأ برأسه على عكازه مبصرا نحو ركبتيه اللتان تشابكتا في جلسة عهدته عليها منذ صغري..وعاد للصمت من جديد..!
جدي ..جدي..انت لم تجبني ....اتحب شهر ايار؟؟
تنهد وقال:يا بني،ايار كان اشد قسوة علينا منذ ان كنّا في ريعان الشباب..ايار وهل لنا من الموت غيره...؟!
آه ما اقساها من ليلة عشناها من ليالي ايار...وكأن الليل بدأ من هناك ...ولم تشرق الشمس بهدها حتى الان..!
امعنت النظر في جدي وكأني اراه لاول مرة...كانت عيناه غير التي عهدتها ..رأيت فيهما لوعة لم ارى مثلها من قبل...ونبرة صوته المثقلة بالجراح كادت ان تسقط الدمع من عيني بلا وعي...!
تمالكت نفسي،وقلت له: اخبرني ..ماذا حصل؟
نظر الى الارض مرة اخرى وصمت قليلا ..وغاب بذاكرته بعيدا عن الزمن ..ليعود الى حيث كان شابا يافعا يحمل في داخله طموحه البسيط ،واحلامه المنطقية التي تسكن الارض والمعول ركنا كبيرا في زوايا واقعه وواقع الذين عاشوا حقبته التاريخية التي طالما استجدى الزمن ليعود به اليها!
غاب ليكون في احضان الارض السمراء التي لطالما مزقتها انياب محراثه، لا لقسوة عليها ولا لثأر مبيت بينه وبينها...انما حبا لها و عشقا متيما لرائحة التراب التي امتزجت بعرقه وعرق الذين سبقوه لعشقها...
ومن بين السكون الذي ساقه عالمه الخاص..بدأ ينقل لي تفاصيل مسلسل الذكريات الذي تدور حلقاته في مخيلته التي لم تغيبها قسوة الايام ومرارتها...
بدأ يحدثني بكلمات صنعت في نفسي صورا حية ومشاهد لحالة وكأنها تدور الان...يسردها بتفاصيلها التي بكل بساطة يمكن ان تمحى..الا انها بقيت عالقة في وجدانه ولازمته كما عيناه بل اشد التصاقا..
رأيت في حديثه بيارات البرتقال التي دأب على قضاء ثلثي وقته فيها..ما بين فصول خدمتها الى فصول العطاء..
كان عشقه لها بائنا في همساته ..وفي ثنايا كلماته التي ما خلت من عبارات الغزل والاعجاب ..
كانت تقاسيم وجهه باسمة وهو يروي لي كيف كان يكد ويتعب لاجل ارضه التي كونت ذاته..وكانت هي المؤشر الوحيد لبلوغه سن الرجوله..
حدثني عن حقول القمح...وعن البقرات..حدثني عن محراثه الخشبي العتيق...عن والده ..عن امه كيف كانت تحصد بالمنجل..وتغني اهازيج الحصيد....
حدثني عن كروم اللوز ..عن جداول الماء...حدثني باشياء كانت لهم ..فحسبته كان في الجنة.
داهمته بسؤال استفز شرود ذهنه وذكرياته الجميلة وقلت له: ما الذي جعلكم تتركون بيوتكم وارضكم؟؟
التفت اليّ والحسرة اجمعت الدموع في عينيه وقال:نحن لم نكن تاركين لارضنا ولم نفكر لحظة واحدة ان نهاجر..
بقينا وصمدنا برغم الموت القادم الينا..برغم روائح الدم التي كانت تهب علينا مع كل نسمة تأتينا من هنا او هناك من الجوار...
لقد كان قرارنا ان نبقى بارضنا ..لا ضير ان كنا فوق ترابها او تحته...
نحن لم نتصور لحظة واحدة ان نغادر ارضنا ...فهي حياتنا وسر بقائنا...ولولاها لما كان لنا الوجود...
وصمت ليلتقط انفاسه التي غارت في حسرة الهم الذي امتلأ محياه... وبتنهيده عميقة قال لي اننا خُدعنا وضُللنا...
..لقد انتظرنا زحف الجيوش العربية التي ستلتهم جيوش اسرائيل الغازية...!! لقد قالوا لنا ان قواتنا العربية ستسحقهم..ولكن ماحدث كان العكس..لقد دمروا كل شيء...لقد اقتلعوا الشجر والحجر قبل البشر...لقد احرقوا ودمروا وقتّلوا...ولم تأت الجيوش العربية بعد..!!
لقد ابلغونا بأن علينا الخروج لأيام معدودة ريثما تهدأ الامور...ولكن الامور يبدوا انها لم تهدأ حتى الان..؟؟!!
لم يكن امامنا خيار سوى ان نحمل امتعتنا وابنائنا واهلنا ... و نحمل الوطن فينا ..
رحلنا حاملين تراب الارض في وجداننا وفي وعينا وادراكنا...حملناه حُبّا كبر مع سني عمرنا ومع طفولتنا الغائرة...
رحلنا تاركين مهجة قلوبنا في اطراف بيوتنا التي رفعنا اعمدته من دماء شراييننا ومن حبات عيوننا ...
رحلنا وسر بقاء حياتنا هو عودتنا الى كروم الجنة التي صنعناها بكدحنا وعرقنا ودمنا...جنتنا التي لا نرضى غيرها جنة..حتى لو خيرنا كنوز الارض ولاليء البحار كلها...لن نرضى غيرها..ولن تكون لنا وطنا او ثمنا او بديل!!
ومضى جدي ينشد كلماته الغزلية وتعابير ارتباطه الجدلي بالارض التي لا اعرف منها سوى اسمها ...وكم تمنيت ان احظى بضمة من ترابها لأستلهم ترانيم العشق وعذابات الحب الخرافي الذي يحياه ذاك العجوز الذي انتزع من وطنه قسرا ...
تمنيت ان تنعم انفاسي بشم عبق ترابها ..علني ادرك لون الارجوان فيها ...علني اصطلي بنار ذاك العشق الذي لم تفرقه سني الدهر القاسية ولم تقطع اوصاله المسافات التي باعد الاحتلال بين جدي ومحبوبته....!
ادركت حينها قيمة الارض التي تستحق لها الحياة..وان عليها كل ما هو جميل يمكن ان تجده.. ويشدك نحوها بعلاقة حميمة توائم ما بين ادراكك لقيمتها المادية والمعنوية والتي تشكل مع مرور الايام تشابك روحاني تتعقد ارتباطاته ..وتتعدد مشاربه بين الوعي واللاوعي لتنسج في نهاية المطاف انسجاما عضويا لواقع لا يمكن ان تكتمل حلقاته ان فقدت احداها....
لقد اضحت علاقة الفلسطيني الذي هجر عن ارضه كعشق صوفي،تتجلى في قرارة نفسه صورا وصفيه جميلة كلما فاحت رائحة الارض في قلبه لتصنع مزيجا من الحنان والشوق والاصرار على العودة... لتراكم ارتباطا بالاصل واتصالا بواقع مرير علّه ان يتبدل .. وفي ذات الوقت انتظارا وترقبا للحظة الخلاص والنجاة من الرزوح تحت نير الغربة والتشرد والخيام العفنة والواح الصفيح.. وبين هذا وذاك...ظل جدي ياقظا متيقظا يرقب تفاصيل المفردات التي تصدر من هنا او هناك والتي يخشى ان تنهش حقه في ارضه ومسقط رأسه ومنتهى امره...
لقد احسست حقا بذلك الحب الوحشي للارض وسر التكامل الذي خُلق ما بين الوطن والفلسطيني الذي ضربت جذوره في اعماق التاريخ و الذي دأب الاحتلال على اقتلاعه منه بشتى السبل..فلم يجد منه الا الاصرارالعنيد على ان تواري جثته ترابها ليبعث منها يوم يقوم الاشهاد....!!
بقلم/ م.هاشم البدارين
كان يوما مشمسا حارا من ايام الصيف الاتية من جديد..ترمي الشمس السنة لهيبها على صفيح بيوتنا التي أوتنا وحمتنا طوال الشتاء.. برغم طرقات حبات المطرالمنهمرة عليه والتي لازمتنا كطنين الصمت ...برغم قساوته، الا اننا مدينون لهذا الصفيح المزرق....كيف لا...فلولاه لما صلينا الفجر حاضرا..ولولا تفاعله وانسجامه مع كل الطقوس الباردة والساخنة لما بقي ليلنا يقظا - رغما عنا - حتى الفجر ولما نعمنا بالصلاة حاضرا خلف الامام ...!
اليوم هو الخميس ..وهذا هو اليوم الذي الزم فيه جنبات البيت ...فأبي ياتينا في هذا اليوم حاملا معه بعض الفواكه والحاجيات كما يحمل معه كدحه وعرق الاسبوع بأكمله!
اقتربت من جدي اطلب وده قبيل مجيء أبي كي لا يخبره بشقاوتنا في ازقة المخيم....!
وبدأت امازحه فأشد عكازه تارة..واشد مسبحته تارة اخرى...وانا افكر كيف اختلق قصة تجرنا لحديث..!
سألته :كم عمرك يا جدي..؟
وخيم الصمت انتظارا للجواب...
ظننت ان جدي لم يسمعني..فاعدت سؤاله مرة اخرى...ولكنه لم يلتفت اليّ...
شددت في طرف معطفه الاسود ..وقلت:الم تسمعني ياجدي؟
نظر الي سائلا: نعم؟ اقلت شيء؟؟
اظهرت له تقاسيم وجهي العابسة مستنكرا اهماله لي..وقلت:نعم ..لقد سألتك عن سني عمرك ...فكم تبلغ؟؟
شد شفاهه ليصنع منها ابتسامة لكن عيناه كانت اكثر عنادا فلم يصطنع فيها الا الحزن...واجاب:الان عمري اثان وثمانون ايار..!!
ضحكت في خجل..وكأني احاول اخفاء جهلي بالذي قاله...
- يا جدي ..انت تقصد اثنان وثمانون عاما ..صحيح؟
قال: بل انها تعد بشهر ايار يا بني ...!
اتعرف يا جدي ؟؟هذه اول مرة تعد السنين امامي بشهر معين ..فكرة جميلة!
ولكن لماذا اخترت ايار بالذات.؟؟اليس من الاولى كانون الثاني باعتباره الشهر الاول من كل سنه؟؟؟
هز رأسه بضحكة تكاد لا تسمع ..واتكأ برأسه على عكازه مبصرا نحو ركبتيه اللتان تشابكتا في جلسة عهدته عليها منذ صغري..وعاد للصمت من جديد..!
جدي ..جدي..انت لم تجبني ....اتحب شهر ايار؟؟
تنهد وقال:يا بني،ايار كان اشد قسوة علينا منذ ان كنّا في ريعان الشباب..ايار وهل لنا من الموت غيره...؟!
آه ما اقساها من ليلة عشناها من ليالي ايار...وكأن الليل بدأ من هناك ...ولم تشرق الشمس بهدها حتى الان..!
امعنت النظر في جدي وكأني اراه لاول مرة...كانت عيناه غير التي عهدتها ..رأيت فيهما لوعة لم ارى مثلها من قبل...ونبرة صوته المثقلة بالجراح كادت ان تسقط الدمع من عيني بلا وعي...!
تمالكت نفسي،وقلت له: اخبرني ..ماذا حصل؟
نظر الى الارض مرة اخرى وصمت قليلا ..وغاب بذاكرته بعيدا عن الزمن ..ليعود الى حيث كان شابا يافعا يحمل في داخله طموحه البسيط ،واحلامه المنطقية التي تسكن الارض والمعول ركنا كبيرا في زوايا واقعه وواقع الذين عاشوا حقبته التاريخية التي طالما استجدى الزمن ليعود به اليها!
غاب ليكون في احضان الارض السمراء التي لطالما مزقتها انياب محراثه، لا لقسوة عليها ولا لثأر مبيت بينه وبينها...انما حبا لها و عشقا متيما لرائحة التراب التي امتزجت بعرقه وعرق الذين سبقوه لعشقها...
ومن بين السكون الذي ساقه عالمه الخاص..بدأ ينقل لي تفاصيل مسلسل الذكريات الذي تدور حلقاته في مخيلته التي لم تغيبها قسوة الايام ومرارتها...
بدأ يحدثني بكلمات صنعت في نفسي صورا حية ومشاهد لحالة وكأنها تدور الان...يسردها بتفاصيلها التي بكل بساطة يمكن ان تمحى..الا انها بقيت عالقة في وجدانه ولازمته كما عيناه بل اشد التصاقا..
رأيت في حديثه بيارات البرتقال التي دأب على قضاء ثلثي وقته فيها..ما بين فصول خدمتها الى فصول العطاء..
كان عشقه لها بائنا في همساته ..وفي ثنايا كلماته التي ما خلت من عبارات الغزل والاعجاب ..
كانت تقاسيم وجهه باسمة وهو يروي لي كيف كان يكد ويتعب لاجل ارضه التي كونت ذاته..وكانت هي المؤشر الوحيد لبلوغه سن الرجوله..
حدثني عن حقول القمح...وعن البقرات..حدثني عن محراثه الخشبي العتيق...عن والده ..عن امه كيف كانت تحصد بالمنجل..وتغني اهازيج الحصيد....
حدثني عن كروم اللوز ..عن جداول الماء...حدثني باشياء كانت لهم ..فحسبته كان في الجنة.
داهمته بسؤال استفز شرود ذهنه وذكرياته الجميلة وقلت له: ما الذي جعلكم تتركون بيوتكم وارضكم؟؟
التفت اليّ والحسرة اجمعت الدموع في عينيه وقال:نحن لم نكن تاركين لارضنا ولم نفكر لحظة واحدة ان نهاجر..
بقينا وصمدنا برغم الموت القادم الينا..برغم روائح الدم التي كانت تهب علينا مع كل نسمة تأتينا من هنا او هناك من الجوار...
لقد كان قرارنا ان نبقى بارضنا ..لا ضير ان كنا فوق ترابها او تحته...
نحن لم نتصور لحظة واحدة ان نغادر ارضنا ...فهي حياتنا وسر بقائنا...ولولاها لما كان لنا الوجود...
وصمت ليلتقط انفاسه التي غارت في حسرة الهم الذي امتلأ محياه... وبتنهيده عميقة قال لي اننا خُدعنا وضُللنا...
..لقد انتظرنا زحف الجيوش العربية التي ستلتهم جيوش اسرائيل الغازية...!! لقد قالوا لنا ان قواتنا العربية ستسحقهم..ولكن ماحدث كان العكس..لقد دمروا كل شيء...لقد اقتلعوا الشجر والحجر قبل البشر...لقد احرقوا ودمروا وقتّلوا...ولم تأت الجيوش العربية بعد..!!
لقد ابلغونا بأن علينا الخروج لأيام معدودة ريثما تهدأ الامور...ولكن الامور يبدوا انها لم تهدأ حتى الان..؟؟!!
لم يكن امامنا خيار سوى ان نحمل امتعتنا وابنائنا واهلنا ... و نحمل الوطن فينا ..
رحلنا حاملين تراب الارض في وجداننا وفي وعينا وادراكنا...حملناه حُبّا كبر مع سني عمرنا ومع طفولتنا الغائرة...
رحلنا تاركين مهجة قلوبنا في اطراف بيوتنا التي رفعنا اعمدته من دماء شراييننا ومن حبات عيوننا ...
رحلنا وسر بقاء حياتنا هو عودتنا الى كروم الجنة التي صنعناها بكدحنا وعرقنا ودمنا...جنتنا التي لا نرضى غيرها جنة..حتى لو خيرنا كنوز الارض ولاليء البحار كلها...لن نرضى غيرها..ولن تكون لنا وطنا او ثمنا او بديل!!
ومضى جدي ينشد كلماته الغزلية وتعابير ارتباطه الجدلي بالارض التي لا اعرف منها سوى اسمها ...وكم تمنيت ان احظى بضمة من ترابها لأستلهم ترانيم العشق وعذابات الحب الخرافي الذي يحياه ذاك العجوز الذي انتزع من وطنه قسرا ...
تمنيت ان تنعم انفاسي بشم عبق ترابها ..علني ادرك لون الارجوان فيها ...علني اصطلي بنار ذاك العشق الذي لم تفرقه سني الدهر القاسية ولم تقطع اوصاله المسافات التي باعد الاحتلال بين جدي ومحبوبته....!
ادركت حينها قيمة الارض التي تستحق لها الحياة..وان عليها كل ما هو جميل يمكن ان تجده.. ويشدك نحوها بعلاقة حميمة توائم ما بين ادراكك لقيمتها المادية والمعنوية والتي تشكل مع مرور الايام تشابك روحاني تتعقد ارتباطاته ..وتتعدد مشاربه بين الوعي واللاوعي لتنسج في نهاية المطاف انسجاما عضويا لواقع لا يمكن ان تكتمل حلقاته ان فقدت احداها....
لقد اضحت علاقة الفلسطيني الذي هجر عن ارضه كعشق صوفي،تتجلى في قرارة نفسه صورا وصفيه جميلة كلما فاحت رائحة الارض في قلبه لتصنع مزيجا من الحنان والشوق والاصرار على العودة... لتراكم ارتباطا بالاصل واتصالا بواقع مرير علّه ان يتبدل .. وفي ذات الوقت انتظارا وترقبا للحظة الخلاص والنجاة من الرزوح تحت نير الغربة والتشرد والخيام العفنة والواح الصفيح.. وبين هذا وذاك...ظل جدي ياقظا متيقظا يرقب تفاصيل المفردات التي تصدر من هنا او هناك والتي يخشى ان تنهش حقه في ارضه ومسقط رأسه ومنتهى امره...
لقد احسست حقا بذلك الحب الوحشي للارض وسر التكامل الذي خُلق ما بين الوطن والفلسطيني الذي ضربت جذوره في اعماق التاريخ و الذي دأب الاحتلال على اقتلاعه منه بشتى السبل..فلم يجد منه الا الاصرارالعنيد على ان تواري جثته ترابها ليبعث منها يوم يقوم الاشهاد....!!
الجمعة 19 أغسطس 2016, 2:15 am من طرف راهب الفكر
» تصريح الناطق الرسمي لجيش رجال الطريقة النقشبندية بصدد التهجير القسري للعراقيين
الجمعة 19 أغسطس 2016, 2:14 am من طرف راهب الفكر
» زيف المفترين في إعلان خلافة المسلمين
الجمعة 19 أغسطس 2016, 2:14 am من طرف راهب الفكر
» مبارزة شعرية .......
الجمعة 19 أغسطس 2016, 2:11 am من طرف راهب الفكر
» مقاومينا بغزة البواسل للشاعر عطا سليمان رموني
الجمعة 19 أغسطس 2016, 2:08 am من طرف راهب الفكر
» أتثائب... عبلة درويش
الأحد 24 أغسطس 2014, 1:54 pm من طرف راهب الفكر
» تصريح ولكن.... وما بعد الجدار/تغريد العزة
الأحد 24 أغسطس 2014, 1:54 pm من طرف راهب الفكر
» " منديلٌ لبسمات امرأة " لؤي ابو عكر
الأحد 24 أغسطس 2014, 1:53 pm من طرف راهب الفكر
» نقد الحزب المشكلات التنظيمية للحزب الشيوعي " سلامة كيلة (للتحميل)
الأحد 24 أغسطس 2014, 1:53 pm من طرف راهب الفكر
» تلخيص كتاب: تاريـخ فلسطين في أواخر العهد العثماني 1700 – 1918
الأحد 24 أغسطس 2014, 1:37 pm من طرف راهب الفكر