ملتقى أجراس العودة

مرحباً بك عزيزي الزائر في ملتقى أجراس العودة ، اذا لم يكن لديك حساب بعد نتشرف بدعوتك لإنشائه

انضم إلى المنتدى ، فالأمر سريع وسهل

ملتقى أجراس العودة

مرحباً بك عزيزي الزائر في ملتقى أجراس العودة ، اذا لم يكن لديك حساب بعد نتشرف بدعوتك لإنشائه

ملتقى أجراس العودة

هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.
ملتقى أجراس العودة

سياسي، ثقافي ، اجتماعي، إخباري


    ظاهرة الاستشهاد في الواقع الفلسطيني المعاصر

    قومي عربي
    قومي عربي
    مشرف مجلة اجراس العودة الثقافية مكتبة اجراس العودة الثقافية


    ذكر الحمل جنسيتك : سورية
    اعلام الدول : ظاهرة الاستشهاد في الواقع الفلسطيني المعاصر Syria_a-01
    نقاط : 174
    السٌّمعَة : 0
    تاريخ التسجيل : 21/04/2009

    ظاهرة الاستشهاد في الواقع الفلسطيني المعاصر Empty ظاهرة الاستشهاد في الواقع الفلسطيني المعاصر

    مُساهمة من طرف قومي عربي الإثنين 11 مايو 2009, 10:40 am

    تبرز ظاهرة الاستشهاد في الواقع الفلسطيني المعاصر واضحة جلية، من بين ظواهر أخرى في انتفاضة الأقصى التي هي عند الشروع في كتابة هذا الحديث في منتصف شهرها العاشر.وتحظى هذه الظاهرة بعناية خاصة على مختلف صعد الصراع العربي الصهيوني الممتد، الذي دخل بانتصار المقاومة في لبنان وبانتفاضة الأقصى مرحلة جديدة عام2000 وذلك بما لها من تأثير قوي فعال على مسار الصراع ،وبما تثيره من مشاعر ، وتطرحه من أفكار.

    في تناولي هذا الموضوع سوف أقوم أولا بالتعرف على الظاهرة، ثم أبحث عن عواملها في الواقع الفلسطيني المعاصر ، ثم تبين تأثير فعلها المتعاظم وأختم بالنظر في مستقبلها . وأمهد لذلك كله بوقفة أمام عنوان الحديث لتحدثي المصطلحين الواردين فيه.

    الواقع الفلسطيني المعاصر:

    حين ننظر في الواقع الفلسطيني المعاصر نرى قطرا عربيا رازحا تحت نير استعمار استيطاني صهيوني عنصري ، فيه فلسطينيون تسلط عليهم الكيان الإسرائيلي منذ عام 1948 حين أقامته قوى الاستعمار الغربي ، يمارس عنصريته ويجبرهم على حمل جنسية إسرائيلية . وفيه فلسطينيون تسلط عليهم الاحتلال منذ حرب حزيران يوينو عام 1967 ، حين احتل الضفة الغربية وقطاع غزة.

    ونرى أيضا فلسطينيين خارج وطنهم لاجئين يحول العدو الإسرائيلي بينهم وبين العودة إلى الوطن، ونصب أعينهم التحرير والعودة .

    ويحيط بهذا الواقع الفلسطيني المعاصر واقع عربي معاصر ، يتربص به الكيان الإسرائيلي ويعمل بدعم من قوى الاستعمار الغربي الذي أوجدته ، على التحكم في مقدراته، والاستمرار في احتلال هضبة الجولان السورية العربية التي احتلها عام 1967، وفرض نظام الشرق الأوسط عليه نظاما إقليميا تكون له القيادة فيه.

    وقد شهد هذا الواقع العربي المعاصر انتصار المقاومة اللبنانية على العدو الإسرائيلي ونجاحها في تحرير جنوب لبنان من الاحتلال الإسرائيلي الذي استمر منذ عام 1978 فكان تتويج هذا الانتصار بيوم المقاومة والتحرير في 25/5/2000م.

    إن أبرز ما في هذا الواقع الفلسطيني المعاصر هو انتفاضة الأقصى التي بدأت يوم 28/9/2000م، لتكون حلقة أخرى مضيئة في سلسلة حلقات جهاد الشعب العربي الفلسطيني ضد الغزوة الاستعمارية الصهيونية لوطنه فلسطين. وفي هذا الواقع أيضا ما يمارسه الصهاينة حكومة إسرائيلية وجيشا واحتلالاً ومستعمرين مستوطنين من جرائم يومية على أصحاب الوطن المحتل. وإن لنا أن نستحضر الصور التي نقلتها وسائل الإعلام وما اقترن بها من أخبار وصور حية.

    جذور هذا الواقع ممتدة في أعماق أرض فلسطين، وتاريخ الصراع العربي الصهيوني ، وضروري من أجل فهم ظاهرة الاستشهاد في الواقع الفلسطيني تتبع هذه الجذور ، واستحضار تاريخ الصراع، ونكتفي بإشارات، فقد بدأ الصراع حين باشرت الحركة الصهيونية ، بدعم من قوى الاستعمار الغربي ، تهجير اليهود من أوطانهم وتوظيفهم في استعمار استيطاني صهيوني لفلسطين، وتصدي الشعب العربي الفلسطيني ليقاوم هذا التحالف الصهيوني الاستعماري ، وذلك في نهاية القرن التاسع عشر الميلادي. واستمر هذا الصراع على مدى القرن العشرين الميلادي ، ومر بمراحل انتقلت الغزوة الصهيونية فيها من التسلل، إبان الحكم العثماني إلى التغلغل بعد فرض الاستعمار البريطاني على فلسطين منذ آخر عام 1917 إلى الغزو بعد أن فرضت قوى الهيمنة الغربية بعامة، وعلى رأسها الولايات المتحدة الأمريكية – إقامة إسرائيل عام 1948 ودعتها لتكون قاعدة استعمارية استيطانية لها في قلب الوطن العربي ودائرة الحضارة الإسلامية. ودخلت الغزوة الصهيونية مرحلة التوسع بحرب حزيران يونيو 1967 وعلى مدى قرن بطوله استمرت مقاومة الشعب العربي الفلسطيني لهذا التحالف الاستعماري الصهيوني.

    كان الجامع المشترك في سلوك التحالف الاستعماري الصهيوني طوال غزوته العنصرية هو العدوانية والظلم والعسف.

    وقد قامت بريطانيا بدور كبير فيه بين عامي 1917 و1948 وإلى جانبها كانت عصابات الإرهاب الصهيونية الهاجاناه وأرغون وشتيرن،وتولت هذه العصابات الإرهابية التي كونت حكومة الكيان الإسرائيلي بعد إقامته هذا الدور وإلى جانبها كانت الولايات المتحدة توفر الحماية الدولية للإرهاب الصهيوني، وتدعمه في عدوانيته وظلمه وعسفه، واستقرت في ذاكرة شعب فلسطين العربي جرائم الاستعمار البريطاني والإرهاب الصهيوني ، والإرهاب الرسمي للحكومات المتعاقبة، التي بلغت في فظاعتها وبشاعتها وقسوتها حدا غير مسبوق.

    بالمقابل كان المحرك الرئيسي لمقاومة الشعب العربي الفلسطيني ولأبناء الأمة العربية المقاومين معه في مواجهة العدو الاستعماري الصهيوني هو الجهاد في سبيل الله ذودا عن الوطن والأرض والعرض، ودفعا للظلم ، وردا على العدوان. وقد برز فيه أبطال استشهد منهم كثيرون . وتطورت أساليب المقاومة في هذا الجهاد المتصل تبعا للظروف المحيطة بالصراع، ولافت أن الاسم الذي كان يطلق على المقاومين عبر عن هذا التطور فهم قبل 1948 المجاهدون وفيهم الفدائي الذي وصفه الشاعر إبراهيم طوقان في قصيدته عبس الخطب فابتسم وطغى الهول فاقتحم وهم بين 1948 و1987 الفدائيون ، وقد برز من بينهم منذ الانتفاضة الأولى عام 1987 الاستشهاد يون الذين أسهموا في صنع ظاهرة الاستشهاد في انتفاضة الأقصى الراهنة.

    ظاهرة الاستشهاد:

    ظاهرة الاستشهاد تعني أن الاستشهاد تكرر حتى أصبح ظاهرة والاستشهاد هو فعل يقع في دائرة الجهاد في سبيل غاية ،والجهاد عند المؤمن بالله يكون في سبيل الله لتكون كلمة الله هي العليا ، وتعبير في سبيل الله يتضمن الذود عن الوطن والعرض والمال والعمل لانتصار القيم العلا، التي نزل بها الوحي الإلهي ، ويتميز الاستشهاد عن أفعال أخرى تقع في دائرة الجهاد بأن الإستشهادي القائم به يكون قد وضع نصب عينيه الشهادة في سبيل الله ، فهو طالب الشهادة وقد عزم على أن يقاتل العدو إلى أن يقتل هو ويقضى نحبه فيكون شهيدا .

    ووارد من ثم أن يلتحم هو نفسه بسلاحه وأدواته التي يستخدمها لضرب العدو، فيغدو جزءا منها ، وهذا هو حال الاستشهادي الذي يفجر سيارة مفخخة، فالسيارة من أدواته و المتفجرات من سلاحه وهو أيضا حال الاستشهادي الذي يجعل الحزام الناسف نطاقا له وسلاحا، ويفجره بنفسه، وهو سليل ذلك المجاهد الاستشهادي الذي كان ينزل بسلاحه إلى الوغى فيقاتل بلا هوادة إلى أن يقتل ويقضي نحبه شهيدا.

    حين نتأمل في العناصر المكونة للاستشهاد نجد إنسانا هو الاستشهادي يؤمن بعقيدة تعلى من شأن الشهادة ، يعيش في وسط اجتماعي يكرم الشهداء وذويهم.

    أذكر أنني وقفت أمام العنصرين الأولين حين وقعت عملية شهداء قبية يوم 25/11/1987 الموافق 3/4/1408هـ، التي فتحت الطريق أمام انتفاضة عام 1987 مع عمليتين أخريين، فرأيت بطلها الشاب أبا رامي ، عمره اثنان وعشرون عاما ، وهو واحد من أربعة فدائيين اقتحموا قاعدة جيبور العسكرية قرب مستعمرة كريات شمونة شمال فلسطين بطائرة شراعية ذات محرك ، وقد اقتحم هذا الفدائي الطيار قاعدة مكتظة بالجنود ، ورمي بذخيرته أولا، ثم بنفسه، فقتل وجرح عشرات من جنود العدو قبل أن يستشهد ويشهد الجنة وتشهد له روحه عند خالقه، وتأملت في العقيدة التي آمن بها هذا البطل، فوجدت أن الشهيد عند المؤمنين مسلمين ومسيحيين، هو الذي يشهد عند انتقاله إلى ربه ما أعد له من نعيم وتشهد روحه عند ربه بما قدمه في سبيل الله، وهو حي عند ربه مرزوق ، وتداعت إلى خاطري وأنا أنظر في استشهاد أبي رامي الطيار الشاب قصة جعفر بين أبي طالب رضي الله عنه الذي لقب بعد استشهاده في غزوة مؤتة بالطيار وأوجزتها كما روتها كتب السيرة النبوية، فقد تولى جعفر القيادة بعد استشهاد زيد ابن حارثة، وكان يحمل اللواء بيمينه، فحين قطعت حمله بشماله فقطعت فاحتضن اللواء بعضديه ، فتكاثروا عليه ، وضربه بعضهم حتى انشطر جسمه نصفين.

    وقال عبد الله بن عمر: التمسنا جعفر بن أبي طالب في القتلى فوجدناه ، ووجدنا في جسده بضعا وتسعين ضربة ورمية ليس منها شيء في ظهره، وكان جعفر يومئذ في الثالثة والثلاثين من عمره.

    وقد أخبر رسول الله صلى الله عليه وسلم قومه بأن الله أبدل جعفرا من يديه اللتين قطعتا جناحين يطير بهما في الجنة ، فاشتهر باسم جعفر الطيار وكان جعفر حين اقتحم الوغى حاملا اللواء يردد يا حبذا الجنة واقترابها طيبة وباردا شرابها. وتفصيل حديث وقفتي تلك في كتابي الانتفاضة والصحوة العربية.

    العنصر الثالث الذي هو الوسط الاجتماعي المكرم للشهداء وذويهم ، تتحدث عنه وكالات الأنباء عند كل عملية استشهادية ونسوق هنا مثلين صادفاني وأنا أكتب هذا الحديث.
    قومي عربي
    قومي عربي
    مشرف مجلة اجراس العودة الثقافية مكتبة اجراس العودة الثقافية


    ذكر الحمل جنسيتك : سورية
    اعلام الدول : ظاهرة الاستشهاد في الواقع الفلسطيني المعاصر Syria_a-01
    نقاط : 174
    السٌّمعَة : 0
    تاريخ التسجيل : 21/04/2009

    ظاهرة الاستشهاد في الواقع الفلسطيني المعاصر Empty رد: ظاهرة الاستشهاد في الواقع الفلسطيني المعاصر

    مُساهمة من طرف قومي عربي الإثنين 11 مايو 2009, 10:43 am

    المثل الأول جاء بمناسبة استشهاد نافذ النذر في عملية استشهادية في الأسبوع الثاني من شهر تموز/ يوليو 2001 قرب نقطة تفتيش تابعة للجيش الإسرائيلي فقد نقل محرر جريدة القدس العربي يوم 10/7/2001من مخيم جباليا للاجئين، أن عشرات من جيرانه الذين تجمعوا خارج منزله إثر استشهاده قالوا إنه بطل وقال أحد أقاربه كل من ينتقم لأبناء شعبه بطل جليل، كما أوضح أقارب النذر وأصدقاءه أنه كان يحلم منذ زمن بالاستشهاد من أجل القضية الفلسطينية أما هو رحمه الله فقد قال في شريط مصور مسجل قبل العملية أنه يهدي العملية لأسر الشهداء ولأسر المعتقلين في سجون الصهاينة، و أنه يريد الثأر لاستشهاد فلسطينيين على أيدي الإسرائليين ومن بينهم شقيقه الذي قتله جنود إسرائيليون إبانا الانتفاضة الأولى. وكان نافذ النذر قد فقد إحدى عينيه خلال تلك الاشتباكات . وقد شاهد المحرر نضال المغربي على جدار قرب منزل نزار جملة مكتوبة تقول : إن شهيدا آخر صعدت روحه إلى بارئها وهناك المزيد منهم كما نقلت رويتر.



    المثل الثاني نقله رويتر من غزة ، ونشرته الأهرام يوم 15/7 يتحدث عن عروسين في مخيم رفح تم تدمير منزل الزوجية قبل زفافهما بيومين ضمن ستة وعشرين منزلا سوتها قوات الاحتلال الإسرائيلي بالأرض يوم 10/7 ومع ذلك مضيا قدما مع أسرتيهما والأهل، فأقاما حفل زفافهما داخل خيمة كبيرة وقال العريس سامي اليازوري لن تمنع قوات الاحتلال الإسرائيلية ودباباتها وجرافاتها احتفالاتنا أبدا، ولن نتخلى أبدا عن حقنا في الحياة. وأضاف أن تدمير منزله ليس الهدية الوحيدة السيئة التي تقدمها إسرائيل لعائلته فقد قتلت القوات الإسرائيلية شقيقه باسل وشقيقه أحمد أثناء الانتفاضة الأولى.



    هذان مثلان من بين آلاف الأمثلة المشابهة التي تعطي فكرة عن الوسط الاجتماعي المحيط بظاهرة الاستشهاد ففي المثل الأول نلاحظ إعلاء الناس شأن الاستشهاد ، واعتبارهم الاستشهادي بطلا صعدت روحه بعد استشهاده إلى بارئها.



    وقد تكررت أمثلة أخرى زغردت فيها الأم إثر علمها باستشهاد ولدها إيمانا بالله ، واحتسابا وعزما على متابعة الجهاد. وفي المثل الثاني نجد الإصرار على ممارسة حق الحياة، والاحتفال بالزواج الذي يثمر ذريه تنشأ في مناخ الاستشهاد، تعبيرا عن العزم على متابعة التصدي للعدو المحتل في صراع النفس الطويل.



    يحرص إعلام العدو الصهيوني ومعه إعلام دول الهيمنة الطاغوتية على أن يسمى الاستشهادي باسم الانتحاري والعملية الاستشهادية " عملية انتحارية"

    وقد كان هذا دأبه في الانتفاضة الأولى . ويومها كتبت " أشعر بالأسف حين تردد بعض وسائلنا الإعلامية هذا الاسم الغربي لهذه العمليات منساقة وراء الإعلام الغربي المسيطر عليها. فحاشى أن يكون ما قدم عليه أبطالنا انتحارا ، لأنه إحياء . وما أعظم الفرق بين الانتحار والاستشهاد ، فالأول تعبير عن اليأس ، والأخر تعبير عن الإيمان ، وما يقترن بالإيمان من أمل واطمئنان وثقة ، وما يعبر عنه الإيمان من تعلق بالحق والعدل والسلام.



    ولافت أن أحدا من المجتمع المحيط بالاستشهادي لا تخطر على باله شبهة وجود قصد الانتحار عند البطل الاستشهادي . ولافت أيضاً إن هناك ما يشبه الإجماع بين علماء الأمة على رفض مصطلح الانتحار ، وتأكيد مصطلح الاستشهاد مع التدليل على ذلك. وقد رأينا مؤخرا ما حدث حين لم يأخذ الشيخ عبد العزيز آل الشيخ - مفتي السعودية - في الاعتبار ذلك الإجماع الذي كان متحققاً من قبل في تاريخنا بعامة ، وأثناء الانتفاضة الأولى بخاصة ، وقال في حوار له مع صحيفة الشرق الأوسط : " لا أعلم لهذه الطريقة وجها شرعيا ، ولا أنها من الجهاد في سبيل الله ، وأخشى أن تكون من قتل النفس" ، فإذا بكثير من علماء الآمة يردون من مختلف أنحاء الوطن الكبير . " فهذه العمليات من أعظم الجهاد في سبيل الله، وهي عمل مشروع بل واجب إسلامي". وتفضيل هذه الردود نشرتها مجلة فلسطين المسلمة (5/2001) وقالت في ختام تحقيقها في ضوء ذلك كله يمكن القول إن اللغط حول مشروعية هذه العمليات البطولية الاستشهادية لا يملك أدنى قدر من الوجاهة ، بيد أن منزلة الشيخ الجليل عبدالعزيز آل الشيخ تستدعي أن يزوره نفر من أهل العلم ليناقشوه في المسألة ونحن على ثقة بأنه سيغير رأيه عندما يتبين له الحق".



    في التعرف على الظاهرة:

    في تعرفنا على ظاهر الاستشهاد في الواقع الفلسطيني المعاصر، نستذكر إن الاجتماع الإنساني عرف هذه الظاهرة منذ فجر التاريخ ، كلما اشتدت صولة الباطل ، وساد الظلم وطغى الحاكم . كما نستذكر استشهادييهم المسيحية في عهد الرومان ، والاستشهاديين المسلمين . وقد أعلى المسلمون من شان استشهاديهم من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم وبقى حديث النبي صلى الله عليه وسلم عن ذلك الغلام المؤمن الاستشهادي موحياً . فالغلام أوضح للملك أن السهم الذي أراد قتله به لن يصيبه إلا إذا قال " باسم الله رب الغلام" ففعل الملك وآمن الناس برب الغلام ، الذي كان استشهاديا ، وقضى نحبه في سبيل نشر دعوة الحق ، والحديث بنصه في رياض الصالحين للنووي .



    لا تزال العمليات الاستشهادية تتوالى منذ حدوث انتفاضة الأقصى يوم 28/9/2000 ، ونذكر منها تلك التي وقعت يوم 26/10 وكان الاستشهادي من حركة الجهاد الإسلامي اقترب بدراجته من موقع عسكري يهودي في قطاع غزة فأصاب جندياً إسرائيليا بجروح . وتلك العملية التي وقعت يوم 22/11 في محطة الخضيرة التي تقع على بعد 45 كم شمال تل أبيب قرب حافلة إسرائيلية فقتلت إسرائيلية ، وجرحت خمسة وأربعين آخرين ، وأعلنت كتائب القسام مسؤوليتها عنها .



    وتلك التي وقعت يوم 3/3/2001 حين فجر استشهادي نفسه قرب السوق في نتانيا فقتل ثلاثة إسرائيليين وجرح أربعة وستين آخرين . وتلك العملية التي وقعت يوم 27/3/2001 حين فجر استشهادي نفسه قرب حافلة في التلة الفرنسية فقتل وأصاب واحد وثلاثين إسرائيليا .

    وتلك التي وقعت يوم 28/3/2001 حين فجر استشهادي نفسه قرب محطة وقود وموقف قريباً من قلقيلية فقتل و أصاب تسعة إسرائليين وتلك التى فجر فيها استشهادي نفسه يوم22/4/2001 في موقف للباصات أثناء توقف أحدى الحافلات في منطقة كفار سابا إلى الشرق من تل أبيب فقتل وأصاب ما يزيد على ثلاثين إسرائيليا (فلسطين 5/2001) . وعمليات أخرى تلت أخرها عند كتابة هذه السطور يوم 16/7/2001 حين فجر استشهادي نفسه قرب محطة للقطارات شمال تل أبيب فقتل وأصاب ستة إسرائيليين . وهذه المعلومات هي التي أذاعها العدو .



    لقد وفرت تقارير المسؤولين عن هذه العمليات الاستشهادية من المعلومات ما يمكننا من استكمال تعرفنا على ظاهرة الاستشهاد . ففي عملية كفار سابا أنفة الذكر استهداف الاستشهادي عماد كامل الزبيدي الشرطة الإسرائيلية الصهيونية ، وقتل سبعة وعشرين إسرائيليا وجرح عشرات . وحين خرج الاستشهادي جمال عبد الغني ناصر (ابو خالد) ليقود السيارة المفخخة التي أعدها تلاميذ المهندس نحو مستعمرة شافي شمرون الاستيطانية المقامة على الأرض المغتصبة من إحدى قرى نابلس ، كان متوضئا ، مغتسلاً ، متعطراً .



    وقد كتب قائمة مرتبة بمن يشفع لهم إن شاء الله يوم القيامة واستهداف حافلة عسكرية تقل جنودا ففجرها بسيارته ، وقتل وجرح نحو خمسين . وجاء في وصيته دعوة لإخوانه طلاب جامعة النجاح "التفوا حول خيار المقاومة، ولتعل راية الجهاد " ووصف نفسه "بالشهيد الحي" . أما الاستشهادي محمود أحمد مرمش (أبو القاسم) من طولكرم فقد أدى صلاة الفجر في المسجد ، ثم اشترى كيسا من الحلوى لامه ، ثم انطلق إلى "أم خالد" التي اغتصبها الصهاينة عام 1948 وشردوا أهلها وأطلقوا عليها اسم ناتانيا ، فقام فقام بعمليته الاستشهادية صباح الجمعة 18/5/2002 ، وذلك بعد أن سجل على شريط فيديو حديثه الأخير "سأجعل من جسدي قنبلة أفجر بها أجساد الصهاينة … انتقاما لكل قطرة دم سالت على تراب بيت المقدس مسرى نبينا محمد (صلى الله عليه وسلم) ، وانتقاما لأبناء فلسطين ونسائها وشيوخها وأطفالها .. انتقاما لإيمان حجو التي هزت قلبي وكياني ووجداني (وهي ابنة الشهور الأربعة التي قتلها في مهدها قصف صهيوني لخان يونس في قطاع غزة ) ، وبعد أن تلا آيات من القرآن الكريم قال " إن الجهاد هو السبيل الوحيد لإنهاء الاضطهاد الذي يمارسه الصهاينة ضد أبناء شعبنا ". قصدنا أن نعرض هذه التفاصيل عن " تهيؤ" الاستشهادي قبل القيام بعمليته وعن وصيته بخاصة لنتعمق فهم ظاهرة الاستشهاد . وواضح مايكشف عنه التهيؤ من ايمان بالله سبحانه وبالدار الآخرة وما تعبر عنه الوصية من إدراك لطبيعة الصراع ضد العدو الصهيوني وعزم على معاقبته على جرائمه بحق جميع أبناء شعب فلسطين .



    وقد خرج الاستشهادي عرفات طلال ابو كريك في ذكرى نكبة فلسطين يوم 15/5/2001 بعد أن كتبت وصيته التي قال فيها " أن الحياة بجوار رب العزة لهي أفضل حياة وخير من أي حياة . والله إنها لبئس حياة يتحكم بها الطغاة والمستكبرون والله انها لشهادة لا تنتهي في ساعة ولا تنتهي في ليلة … وخاض البطل بمفرده معركة مع موقع عسكري قريب من خان يونس حيث المستعمرة الاستيطانية كفار داروم فرمى ثلاث قنابل يدوية وقاتل حتى قتل ، وكان يوم استشهاده في الحادية والعشرين من عمره .



    نختم هذا الجزء من حديثنا الذي نتعرف من خلاله على ظاهرة الاستشهاد بتقديم صورة من قريب لاستشهادي بطل اختار يوم الجمعة الأخيرة من رمضان لينفذ عمليته الاستشهادية في " ميمون" القريبة من بيسان . وكان العدو قد اغتال القائد القسامي إبراهيم عودة فقرر هاشم النجار أن يرد . وقد رد وأوجع العدو قبل أن يقضى نحبه شهيدا وهو في الثالثة والعشرين . وذلك بعد أن قدم امتحانه للحصول على الإجازة من الجامعة . كانت أمه بانتظار تخرجه ، ويقول أحد مدرسيه إنه راجع ورقة امتحانه فوجد انه حصل على درجة شرف بامتياز قبل يومين من استشهاده . وكان هاشم قد ولد عام 1978 لعائلة مهاجرة من بلدة الفالوجة عام 1948 ، في بيت متدين متواضع في منطقة الهرية بالخليل. وصبيا تفتح على المقاومة في الانتفاضة الأولى .



    وفي عام 1996 اعتقله العدو لمدة عام كامل فتنقل بين سجون شطة والجلمة وبتاح تكفا ومجدو . درس الصحافة ، ويقول احد مدرسيه انه وجد بين أوراقه تصميما لصفحة أولى لجريدة للتدريب على فن الإخراج الصحفي كان العنوان الرئيسي فيها يتحدث عن عملية استشهادية ضد القوات الإسرائيلية قام بها طالب بقسم الصحافة بجامعة النجاح إسهاما في انتفاضة الأقصى . .
    قومي عربي
    قومي عربي
    مشرف مجلة اجراس العودة الثقافية مكتبة اجراس العودة الثقافية


    ذكر الحمل جنسيتك : سورية
    اعلام الدول : ظاهرة الاستشهاد في الواقع الفلسطيني المعاصر Syria_a-01
    نقاط : 174
    السٌّمعَة : 0
    تاريخ التسجيل : 21/04/2009

    ظاهرة الاستشهاد في الواقع الفلسطيني المعاصر Empty رد: ظاهرة الاستشهاد في الواقع الفلسطيني المعاصر

    مُساهمة من طرف قومي عربي الإثنين 11 مايو 2009, 10:44 am

    متوقع ومفهوم أن تشغل ظاهرة الاستشهاد أوساط التحالف الاستعماري الصهيوني ، فتعكف على دراستها بغية التصدي لها .

    وقد نشرت صحيفة يديعوت في 20/5/2001 عصارة احد التقارير الذي عنى بتصنيف الاستشهاديين وكما يقول التقرير إن المنظمات الفلسطينية أرسلت منذ توقيع اتفاقية اوسلو عام 1993 اثنين وسبعين استشهاديا ضد أهداف إسرائيل منهم اثنا عشر منذ انتفاضة الأقصى .



    ويبين التقرير بمعرفة مواطنهم والحالة الاجتماعية لكل منهم وفئة العمر ، وما حصلوه من تعليم .



    وقد تبين انه بالنسبة للموطن فإن 68% من قطاع غزة و31% من الضفة الغربية و 1% من القدس الشرقية . وبالنسبة للحالة الاجتماعية فإن 17% متزوجون و83% غير متزوجين . وبالنسبة لفئة العمر فإن 64% بين 18 و23 سنة و36% بين 24 و 30 سنة . وأخيرا بالنسبة للتعليم فان 47% منهم ذوي التعليم الجامعي الأكاديمي و29% من ذوي التعليم الثانوي و24% انهوا التعليم الابتدائي . وذكرت الصحيفة إن هناك استشهاديين آخرين ينتظرون .



    النتيجة التي نتوصل إليها من خلال تعرفنا على ظاهرة الاستشهاد في الواقع الفلسطيني المعاصر هي أن عقيدة الاستشهاد في سبيل الله لتحرير الوطن والدفاع عن النفس والأرض والعرض والمقدسات قوية راسخة في أوساط شعب فلسطين العربي ، وان سلاح الاستشهاد هو من أمضى أسلحة المقاومة ، التي هي سبيل التحرير والانتصار على التحالف الاستعماري الصهيوني في الصراع الصهيوني الممتد .



    عوامل تكون ظاهرة الاستشهاد:

    ماذا عن العوامل التي تفاعلت في الواقع الفلسطيني لتكوين الظاهرة ؟

    العامل الأول هو عقيدة الاستعمار الاستيطاني التي يتبناها التحالف الاستعماري الصهيوني الذي استهدف فلسطين و الوطن العربي بالغزوة الصهيونية وممارسات طرفية : قوى الهيمنة الاستعمارية والصهاينة العنصريين .



    العقيدة الصهيونية هي اليوم في واجهة هذا الواقع ، وهي أساس التربية والتعليم في الكيان الإسرائيلي ، تتجلى في المناهج التعليمية وفي الأساليب التربوية . ويكشف تقرير إخباري نشرته الأهرام في 8/7/2001 أعده طارق الشيخ بعنوان التعليم في مدارس إسرائيل : عسكرية وشوفينية عن أن هذا التعليم يزرع قيما تشجع العدوان وتعتبر المدرسة فيه الوسيلة للسيطرة على عقول الأطفال بالعقيدة الصهيونية العنصرية . وهذا التعليم هو الذي يلعب دورا رئيسيا في ديمومة السيطرة العسكرية على المجتمع المدني كما تقول الباحثة الإسرائيلية ريلا مازالي . وهو يتضمن عرض لوحات للملصقات العسكرية الجذابة وتنظيم رحلات لمواقع المعارك العسكرية ، واللقاء بالعسكريين ، ومناهج لكل المواد تشجع على العسكرية الصهيونية، وتحفل بتحريضات تلمودية على قتل الاغيار وبإباحة ذبحهم واحتفالات بانتصارات اليهود



    ظاهرة الاستشهاد:

    على أمم أخرى. ونتوقع من ثم أن يفوز في الانتخابات الإسرائيلية دوما دعاة الحرب والإرهاب، ويحكموا الكيان منذ بن جوريون إلى شارون. ويختم التقرير بأنه ما لم يتغير نظام التعليم الصهيوني هذا لن يتوافر عدد كاف من الإسرائيليين يكون قادرا على قبول أغصان الزيتون.



    عقيدة قوى الهيمنة الغربية التي أوجدت ظاهرة الاستعمار الغربي في العالم لا تزال هي الأخرى في مواجهة هذا الواقع.

    وتتبناها اليوم قيادة الولايات المتحدة الأمريكية استمرارا لتبني بريطانيا لها من قبل.



    وهي عقيدة تنضح بالعنصرية هي الأخرى، وتحت على توظيف العقيدة الصهيونية والصهاينة للإبقاء على الكيان الإسرائيلي الذي أوجدته بريطانيا وتدعمه كي يقوم بدوره في تنفيذ استراتيجيتها الاستعمارية في وطننا العربي ودائرتنا الحضارية الإسلامية.



    يواجه الشعب العربي الفلسطيني والأمة جمعاء الممارسات الصهيونية الاستعمارية التي تحركها هاتان العقيدتان ويكفي في هذا المجال استذكارها على مدى قرن بطولة في فلسطين والأقطار العربية، واستحضار ما نعيشه يوميا في نطاق الصراع العربي الصهيوني.



    وقد أوصلت هذه الممارسات الشعب العربي الفلسطيني والأمة العربية إلى اقتناع راسخ بأنهم يواجهون في هذا الصراع العربي الصهيوني الممتد الصهيونية العنصرية ممثلة في الكيان الإسرائيلي والاستعمار الغربي ممثلا في الولايات المتحدة الأمريكية. ويسود هذا الاقتناع الراسخ في أوساط الاستشهاديين عربا وفلسطينيين. ويتعزز ويترسخ بفعل ما ينشر من وثائق وحقائق عن هذه الممارسات من أمثلة الأخيرة ما تضمنه كناب المؤرخ الإسرائيلي بني موريس تصحيح خطأ الذي ترجمه هارون محاميد وفواز جرار وعرضته جريدة الأهرام في حلقات منذ 16/7/2001 وهو يثمر اعتماد سلاح الاستشهاد في المقاومة وتطويره.



    العامل الثاني هو ما يفعله الشعب العربي الفلسطيني بفعل هذه الممارسات في ظل الاغتصاب والاحتلال الإسرائيلي المدعوم أمريكيا، على مختلف الصعد الاجتماعية والسياسية والاقتصادية والنفسية.



    وقد بلغت هذه المعاناة حداً غير مسبق في تاريخ الاستعمار الاستيطاني الغربي على بشاعة جرائمه وتكشف الإحصاءات التي نشرها الجهاز المركزي للإحصاء الفلسطيني عن أكثر من مليوني فلسطيني في الضفة والقطاع يعيشون تحت خط الفقر، وأن 14.1% من الأسر ليس لها مصدر دخل.



    وأن 57.9% من الأسر الفلسطينية تواجه صعوبة في الحصول على الخدمات الصحية. وقد تضمنت دراسة لجيورشوم باسكين نشرها على شبكة المعلومات،وعرضناها في مقال بعنوان الانتفاضة وفضح مسلكية العدو نشر بالأهرام يوم 13/7/، تفاصيل عن تدهور الوضعية الاقتصادية في الراضي الفلسطينية، وعن إزعاج الفلسطينيين على نقاط التفتيش، وهو تعبير مخفف عن صور بشعة للتعذيب النفسي، وعن الحصار الإسرائيلي للفلسطينيين، وعن إجراءات معقدة لأخذ الأوذونات والرخص وهو تعبير مخفف عن بشاعة الإجراءات الإسرائيلية التي تستهدف ابتزاز أموال الناس وإزعاجهم ولافت أن الإرهاب الإسرائيلي الرسمي الذي ممارسته الحكومات الإسرائيلية المتعاقبة منذ إقامة الكيان الإسرائيلي عام 1948 واعتمد من وسائله القيام بمذابح للفلسطينيين بلغت عشرات ورسخت في ذاكرة الشعب. ولافت أيضا أن الإرهاب الرسمي اقترن في الواقع الإسرائيلي القائم بإرهاب قطعان المستعمرين المستوطنين الإسرائيليين الذين يقتلون ويحرقون الزرع ويعتدون بحماية جيش الاحتلال.



    و هاهي وكالات الأنباء تنقل عند كتابة هذه السطور خبر قيام نفر منهم بقتل أفراد أسرة فلسطينية كانت تستقل سيارة عائدة من حفل عرس يوم 19/7.



    يتعمق فهمنا في ضوء هذه المعاناة لما كتبه الاستشهادي عرفات طلال أبو كريك في وصيته التي أوردناها وفيها "لبئس حياة يتحكم فيها الطغاة والمتكبرون" وما سجله الاستشهادي محمود مرمش في وصيته التي أوردناها، وتحدث فيه عن تفجير أجساد الصهاينة انتقاما لأبناء فلسطين ونسائها وشيوخها وأطفالها وللطفلة إيمان ابنة الشهور الأربعة.



    العامل الثالث هو ترسيخ الاقتناع في أوساط غالبية شعب فلسطين العربي بأن المقاومة بمعناها الواسع وبكل أبعادها هي السبيل الوحيد لإنهاء الاحتلال الإسرائيلي، وتحرير الأراضي العربية المحتلة واستعادة القدس.



    كان هذا الاقتناع موجودا لدى قطاع واسع من الشعب، عبر مراحل النضال الفلسطيني المتتالية. وعبر عن نفسه بقوة في مرات كثيرة كان أبرزها الانتفاضة الأولى عام 1987 ثم حاء زلزال الخليج وأعقبه مؤتمر مدريد في 30/10/1991 الذي فتح الباب أمام محاولات تسوية صممتها الولايات المتحدة الأمريكية.



    وتعرض الشعب والأمة لحملة إعلام ترويج قوية جذبت البعض إليها، فمال إلى تصديق وعودها.



    وجاءت أوسلو في 13/9/1993 مقترنة بتكثيف حملة إعلام الترويج وترديد وعود الرخاء والمثلث الذهبي وسنغافورة الأخرى وعوائد السلام من خلال نظام الشرق الأوسط، وانساق البعض إلى الانخراط في التسوية مصدقا هذه الوعود وكان هناك بعض آخر لم يصدقها ولكنه مال إلى إتاحة فرصة أمام أولئك الذين صدقوها.



    وبقي في الشعب قطاع مقتنع بأن المقاومة هي الطريق الوحيد، وما عداها سراب بقيعة يحسبه الظمآن ماء ومارس هذا القطاع المقاومة تعبيرا عن اقتناعه، وكانت منها عمليات استشهادية بلغت حتى 20//20025 حسب ما نشرته يديعون احرونوت اثنين وسبعين عملية.



    مع مباشرة عملية التسوية وانكشاف السلوك الإسرائيلي فيها فلا مواعيد مقدسة لتطبيق الاتفاقات كما أعلن اسحق رابين بداية، ولا تنفيذ لجل اتفاقات إعادة الانتشار، واستمرار في اعتقال المناضلين الأبطال الأسرى الفلسطينيين وأقصى درجات الاستغلال الاقتصادي، حدث تحول غالبية الشعب إلى الاقتناع من جديد بأن المقاومة هي السبيل الوحيد.



    وجرى التعبير عن هذا التحول على صعيد السلطة نفسها في وقفتها مع الشعب يوم هبة الأقصى في 26/9/1996 في مواجهة جنود الاحتلال، وبلغ التحول مداه في ربيع عام 2000 حين أثمرت المقاومة اللبنانية، وحقق حزب الله الانتصار، وفرض لبنان على جيش الاحتلال الإسرائيلي الانسحاب من جنوبه يوم 23/5/2000 بلا قيد ولا شرط.



    كانت المقاومة اللبنانية على مدى العقد الأخير من السنين بخاصة قد أثبتت عمليات أن الكفاح المسلح هو سبيل التحرير. وبرز فيها بقوة الاستشهادي البطل، وهكذا تعزز نموذجه في أوساط الشعب العربي الفلسطيني الذي ما فتئ أبناؤه يرددون قول شاعرهم الشهيد عبد الرحيم محمود:

    سأحمل روحي على راحتي

    وألقي بها في مهاوي الردى

    فإما حياة تسر الصديق

    وإما ممات يغيظ العدا

    وغدت غالبيته تؤيد مقولة الفصائل التي رفعت شعار المقاومة والاستشهاد.



    العامل الرابع هو بمثابة القشة التي قسمت ظهر البعير وجبة الرمانة التي فجرت غضب قلوب ملآنة والقول الأول مثل عربي قديم مشهور والمثل الثاني شعبي منتشر، وهذا العامل الرابع هو جماع ما حصل إبان مفاوضات كامب دافيد الثانية، وفي أعقابها وتداعياته وتفاعلات الانتفاضة بعد حدوثها.



    فقد علم الشعب العربي الفلسطيني، إثر فشل تلك المفاوضات بما كان من سلوك مجرم الحرب يهودا باراك أثناءها فيما يتصل برفضه تنفيذ اتفاقات إعادة انتشار جيش الاحتلال في منطقتي ب وج وإطلاق سراح الأسرى الأبطال، وسعيه لفرض السيادة الإسرائيلية على القدس داخل السور بخاصة بهدف اغتصاب الحرم القدسي.
    قومي عربي
    قومي عربي
    مشرف مجلة اجراس العودة الثقافية مكتبة اجراس العودة الثقافية


    ذكر الحمل جنسيتك : سورية
    اعلام الدول : ظاهرة الاستشهاد في الواقع الفلسطيني المعاصر Syria_a-01
    نقاط : 174
    السٌّمعَة : 0
    تاريخ التسجيل : 21/04/2009

    ظاهرة الاستشهاد في الواقع الفلسطيني المعاصر Empty رد: ظاهرة الاستشهاد في الواقع الفلسطيني المعاصر

    مُساهمة من طرف قومي عربي الإثنين 11 مايو 2009, 10:47 am

    كما علم الشعب العربي الفلسطيني بما كان عليه موقف الإدارة الأمريكية، ورئيسها بيل كلينتون الذي جاهر بدعم الإسرائيليين، ومارس أشد الضغوطات على رئيس السلطة الفلسطينية ورئيس منظمة التحرير ليقبل اتفاقا مملى بشان القدس وقضايا الوضع النهائي بعامة. وبلغ غضب أبناء الشعب مداه حين عرفوا تفاصيل ما جرى، وحين أقدم بيل كلينتون على تحميل ياسر عرفات مسؤولية فشل المفاوضات.

    كم اجمعوا على تأييد موقف الصمود الفلسطيني الذي تعزز بدعم عربي وإسلامي رسمي، واعتزوا بهذا الموقف، وهكذا عم الاقتناع بان الكلمة الآن هي للمقاومة والتقت جميع الفصائل دون استثناء على ممارساتها، فكان أن تهيأ المناخ لمباشرة انتفاضة الأقصى ولتعزيز منطق الاستشهاد في نطاقها.

    لقد أحدثت الانتفاضة تفاعلات قوت ظاهرة الاستشهاد فالعدو الإسرائيلي كثف ممارساته الإجرامية في محاولة إنهائها.

    وكانت كل جريمة يقترفها تزيد من عزم المقاومة، وتدفع بمزيد من المجاهدين لاختيار سبيل الاستشهاد.

    ولافت أن دائرة هؤلاء اتسعت لتشمل أفرادا لم يسبق لهم انخرطوا في تنظيمات. كما أن جرائم العدو المتتالية حثت على النهوض بما أسميناه المسؤولية الفردية في المقاومة وعنينا به أن يختار الفرد المقاوم بعد النظر فيما يستطيعه العمل المقاوم الذي يقوم به ومثل على ذلك هو البطل الأسير علاء خليل أبو علبة وهو مثل يستحق وقفة أمامه قمنا بها في كتابنا انتفاضة الأقصى وتفجر الحل العنصري، ونوجز هنا عصارتها.

    البطل هنا رجل في الخامسة والثلاثين من عمره من حي الشيخ رضوان بغزة، ليس منتميا لأي فصيل سياسي، رب أسرة، يعمل منذ خمس سنوات سائقا لحافلة تابعة لشركة أيجد الإسرائيلية، يعيش قريبا من أسرته الممتدة مع زوجه وأطفاله. وفي صباح الأربعاء 14/2/2001 وضع الاستشهادي نصب عينيه بعد أن أوصلته جرائم العدو إلى هذا القرار واختار العمل الذي يسهم به في مقاومة الصهاينة والاحتلال الإسرائيلي العسكري. فاتجة بالحافلة التي يقودها نحو تجمع لجنود الاحتلال فدهمهم وقضى على ثلاثين جنديا. وحين حاول مغادرة المكان اصطدم بشاحنة إسرائيلية اعترضت طريقه، فأصيب بجروح وتم أسره. وحين سئل أخوه عما دعا علاء للقيام بعمليته وهو لم يسبق أن تعرض للاعتقال أجاب الأخ رد فعل على كل ما يراه يوميا من قتل لأطفال وشبان وتدمير وحرق للمنازل رد فعل كأي فلسطيني يتألم لما يتعرض له شعبه يوميا، إلا أن علاء توافرت له الفرص كي يعبر عن غضبه وقد عبرت زوجته عن فخرها بزوجها رغم حزنها وقالت وهي تنظر لأبنائها كان علاء كثير التحدث خلال الأيام السابقة عن العمليات الاستشهادية وقتل اليهود الصهاينة. وقد صلى ركعتين قيام ليل قبل مغادرته.

    وأكملت أمه وهي تمسح دموعها علاء رفع رأسي شامخا وسط نساء فلسطين ورفع هامة شعبه. وأنا أتألم لأنه في قبضة اليهود أسيرا. ولقد شاء الله لهذا الاستشهادي أن يبقى حيا في الأسر إلى أن تنجح المقاومة في تحريره وجميع الأسرى بإذن الله.

    هذه هي العوامل التي تفاعلت في الواقع الفلسطيني المعاصر لتكوين ظاهرة الاستشهاد ولا تزال تتفاعل ولا فت أن كلمة الشهيد هي اليوم في جهاد شعب فلسطين على كل لسان. والناس يطلقونها على الشهيد ضحية الاحتلال وتعسفه وعلى الشهيد المقاتل الذي يخرج لقتال العدو ويستشهد وعلى الاستشهادي الذي اختار الالتحام بسلاحه انطلاقا من إيمانه بالله وتطلعه إلى أن يكون حياً عند ربه. وهذه المرتبة هي الأعلى في نظر الناس.

    وقد أوضح إبراهيم أبو الهيجا في فلسطين المسلمة(6/2001) بعد أن أورد هذا التصنيف للشهيد أن السلاح الأمضى في أيدي الشعب هو "الروحية الاستشهادية".

    تأثير فعل الظاهرة المتعاظم:

    نصل في حديثنا عن ظاهرة الاستشهاد إلى تبين تأثير فعلها المتعاظم على مختلف الصعد.. كان للاستشهاد عبر مراحل التاريخ المختلفة تأثيره الفعال، وهذا شأنه اليوم في نطاق انتفاضة الأقصى التي يتعاظم تأثير فعلها يوماً بعد يوم على صعد عدة.

    فعلي صعيد العدو الصهيوني تكشف التقارير الصادرة عنه عن مدى معاناته من الانتفاضة، وهذا ما دعاه إلى تكثيف جرائمه لإنهائها، ولكن لسان حال المنتفضين هو "إذا كنا نألم من هذه الجرائم فإننا نؤلم العدو". " وإن يمسسنا قرح فقد مسهم قرح أشد". "ولا رجوع لما كان عليه الحال قبل بدء الانتفاضة يوم 28/9/2000". والحق أن خسائر العدو الاقتصادية تتضمن اليوم انخفاضاً حاداً في صناعة السياحة يصل إلى 40% من الولايات المتحدة و65% من دول العالم الأخرى، الأمر الذي مثل كارثة للمنشآت الفندقية واستثماراتها، وأدى بالتالي إلى زيادة كبيرة في نسبة البطالة وصلت إلى 9% كما تتضمن ارتفاع تكاليف استنفار الجيش، واستمرار حالة الطوارئ، ولجوء العديد من شركات إعداد برامج الحاسبات إلى تصفية أعمالهم داخل الكيان الإسرائيلي، ونقلها إلى الولايات المتحدة. أما خسائر العدو السياسية فتتجلى في ازدياد الرفض العالمي للعدوانية الإسرائيلية وبخاصة بعد انكشاف بشاعة ما تقوم به من احتلال.

    ولعل أهم خسائره كان انتشار الإحساس بعدم الأمان والاستقرار في أوساط الإسرائيليين الصهاينة بعامة (جلال دويدار، الأخبار 19/7) وقد كان لظاهرة الاستشهاد تأثير خاص على هذا الصعيد بما حققته العمليات الاستشهادية من إصابات موجعة في قلب الكيان، الأمر الذي يدعو كثيراً من اليهود الذين هجرتهم الحركة الصهيونية من أوطانهم إلى فلسطين إلى مغادرة الكيان الإسرائيلي، والعودة إلى أوطانهم الأصلية، ويدعو في الوقت نفسه كثيراً من اليهود التي تحاول الصهيونية تهجيرهم من أوطانهم إلى أن يبقوا حيث هم.

    وقد ذكرت معاريف في 7/5/2001 أن أعداد المهجرين من دول الاتحاد الروسي انخفضت بحوالي 60% ونقلت عن سالي مريدو رئيس إدارة الوكالة اليهودية أن عدد المهجرين من روسيا ودول الرابطة سو يتقلص تدريجياً لأسباب منها تدهور الوضع الأمني في الكيان الإسرائيلي، وأن كثيرين من يهود روسيا يفضلون الهجرة إلى الغرب.

    لقد اعترف شاؤول موفاز- رئيس أركان الجيش الإسرائيلي- أن أجهزة الأمن الإسرائيلية فقدت القدرة على إحباط عمليات التفجير داخل إسرائيل بسبب انعدام التنسيق مع الجانب الفلسطيني، وأن فرض الحصار على الأراضي الفلسطينية لم يعد بجدي نفعاً. ويقرر بعض الإستراتيجيين أن العمليات الاستشهادية حققت نوعاً من توازن الردع في غياب توازن القوة بين جيش الاحتلال والشعب العربي الفلسطيني تحت الاحتلال الصهيوني.

    ولافت أن العدو يتخبط في حيرة بين تنفيذ استعماره الاقتصادي للفلسطينيين المتمثل بتوظيفهم، وتسخيرهم "عمالاً" في كيانه، مما يتطلب دخولهم المناطق التي اغتصبها داخل ما يسميه "الخط الأخضر"، وفرض الحصار عليهم، ومنعهم من الدخول إلى تلك المناطق خوفاً من العمليات الاستشهادية، الأمر الذي يمس اقتصاده في الصميم وقد أوصى "الشاباك" "حكومة شارون" التريث في السماح للفلسطينيين بالعودة للعمل داخل "الخط الأخضر" حين أعلنت المقاومة في أعقاب إحدى العمليات أنها عازمة على تنفيذ عمليات أخرى. ولافت تعليق الجنرال "شلومو أهارونشكي" مفتش الشرطة الإسرائيلية الذي قال فيه إنه بعد التحقيق في تلك العمليات تبين أن عناصر المقاومة يستغلون ما أسماه "مواطن الضعف في إسرائيل إلى جانب خبرتهم في الثغرات الموجودة في الاحتياطات الأمنية".

    وهو يدل على شعور بتعذر التغلب على هذا النوع من المقاومة والحق هو أن المقاومة الفلسطينية أدركت أن هذا الكيان الصهيوني المدجج بكل أنواع السلاح الأمريكي من البندقية إلى السلاح الكيماوي إلى السلاح النووي فيه مواطن ضعف هي "كعب أخيل" في ملحمة الإلياذة الشهيرة، وأنها قادرة من ثم على إصابته فيها، فكان أن اعتمدت عمليات الاستشهاد واحدة من وسائلها.

    التأثير المتعاظم لفعل هذه العمليات يتجلى فيما نقله التلفزيون الإسرائيلي عن مصادر أمنية إسرائيلية من أن المجاهد الاستشهادي يعد إعداداً دقيقاً قبل قيامه بعمله، فيتلقى محاضرات حول كيفية التعامل مع الإسرائيليين قبل تنفيذ العملية، ويجرى إطلاعه على مجمل الاحتياطات الأمنية الإسرائيلية، وتدريبه كيف يلتف عليها إلى جانب إتقانه للغة العبرية بلكنة تبدو أصيلة.

    كما تجرى له عملية "مكياج" دقيقة تناسب عملية التنفيذ وبغض النظر عما إذا كان هذا الحديث الأمني الإسرائيلي المعمم تلفزيونياً يستهدف "تبرير العجز" أو "تنبيه الإسرائيليين" أو الاثنين معاً، فإنه يكشف عن التأثير القوى الفعال للعمليات.

    بقى أن نذكر أن هذا التأثير دعا الرئيس الإسرائيلي وشيمون بيريز وآخرين من قادة العدو إلى اعتبار هذه الفترة من انتفاضة الأقصى أخطر فترة مر بها الكيان الإسرائيلي منذ إقامته كما أن هذا التأثير بدأ يشجع بعض الإسرائيليين على المجاهرة بضرورة الانسحاب الإسرائيلي من الأراضي الفلسطينية المحتلة منذ عام 1967، وبضرورة تصفية المستعمرات الاستيطانية الصهيونية، وينحى باللائمة على من أقاموها وقد أوردت "معاريف" ما قاله شلومو بن عامي وزير خارجية إسرائيل الأسبق في محاضرة أمام مؤتمر المركز اليهودي العلماني في بروكسل مؤخراً "إن المشكلة الأساسية تكمن في وجود المستوطنات اليهودية في الضفة والقطاع. فلا يمكن التوصل لسلام إذا ظلت، وعلينا أن نخلى الأرض الفلسطينية التي احتلت عام 1967، والسلام لا يتحقق إلا إذا وافقنا على اقتسام القدس، ولا يمكننا المقارنة بين اليهود الذين تركوا الدول الغربية بمحض إرادتهم لينضموا إلى المشروع الصهيوني مع الفلسطينيين الذين أجبروا على ترك بيوتهم بالقوة عام 1948".

    تأثير فعل انتفاضة الأقصى كان عظيماً على صعيد قوى الهيمنة الأمريكية الداعمة للكيان الصهيوني، وقد رأينا كيف اهتز الرئيس كلينتون وإدارته "الديموقراطية" إثر حدوثها بعد شهر من فشل مباحثات كامب ديفيد الثانية، فحاول باراك تهدئتها بمباحثات طابا. ثم رأينا كيف اضطر الرئيس جورج دبليو بوش وإدارته "الجمهورية" إلى الخروج عن الخطة التي تبنوها للقضاء على الانتفاضة، وإجراء تعديل عليها بعد أن فعلت العمليات الاستشهادية فعلها، وبخاصة عملية الملهى الليلي في تل أبيب مساء يوم 1/6/2001م.
    قومي عربي
    قومي عربي
    مشرف مجلة اجراس العودة الثقافية مكتبة اجراس العودة الثقافية


    ذكر الحمل جنسيتك : سورية
    اعلام الدول : ظاهرة الاستشهاد في الواقع الفلسطيني المعاصر Syria_a-01
    نقاط : 174
    السٌّمعَة : 0
    تاريخ التسجيل : 21/04/2009

    ظاهرة الاستشهاد في الواقع الفلسطيني المعاصر Empty رد: ظاهرة الاستشهاد في الواقع الفلسطيني المعاصر

    مُساهمة من طرف قومي عربي الإثنين 11 مايو 2009, 10:48 am

    وما كان أفظع تلك الخطة التي أسهم في اقتراح بنودها غلاة الأمريكيين الصهاينة في مراكز البحث التابعة للحزب الجمهوري، وعلى رأسهم هنرى كيسنجر وريتشارد هاس، وتبنتها الإدارة على غير ما كانت تعلنه من أنها لا تزال تبلور أفكارها والحديث التفصيلي عن تلك الخطة له مجال آخر، ولذا نكتفى بالإشارة إلى أنها تبنت قدوم مجرم الحرب شارون رئيساً لحكومة الكيان الإسرائيلي، ثم أعطته الضوء الأخضر ليضرب بعنف وقسوة لمدة مائة يوم زاعماً أنه قادر على إنهاء الانتفاضة خلالها، ثم تبنت موقفة بأنه لا تفاوض إلا بعد وقف "العنف الفلسطيني" على حد تعبير قوى الهيمنة الطاغوتيين والصهاينة العنصريين، وأعطته هو أن يحكم على هذا الوقف، بينما يتابع هو جرائمه اليومية قصفاً وخطفاً واعتقالاً واغتيالاً. وقصد الرئيس الأمريكي ألا يقابل الرئيس الفلسطيني مع أنه قابل رئيس الحكومة الإسرائيلية مرتين في واشنطن، ولكن استمرار الانتفاضة فرض على بوش أن يتصل هاتفياً بالأخ ياسر عرفات، ثم أن يبعث برئيس المخابرات المركزية للنظر في الأوضاع وتهدئتها. وهاهو في قمة الدول الثمانية في جنوا لا يعترض على قرار إرسال مراقبين دوليين للأراضي الفلسطينية المحتلة الذي طالب به الرئيس الفلسطيني، وقاومته دوماً "إسرائيل"، فتأتى الأخبار يوم كتابه هذا الجزء من الحديث في 22/7 بصدور هذا القرار.



    وكانت الإدارتان الديموقراطية السابقة والجمهورية الحالية قد شعرتا بتزايد الاستياء العربي الرسمي والغضب العربي الشعبي بسبب الانحياز الأمريكي الصارخ للعدو الصهيوني واهتزت واشنطن لحادث المدمرة كول في خليج عدن باليمن، وللتهديدات التي وصلت لقواتها المرابطة في المنطقة، فكان أن كررت مراراً تحذيرها لرعاياها الأمريكيين الموجودين في المنطقة، وكانت القمة العربية في عمان (3/2001) قد فتحت بعدد من قراراتها ملف العلاقات الأمريكية الإسرائيلية.



    لقد فعلت انتفاضة الأقصى فعلاً مؤثراً في أوساط الرأي العام العالمي في مختلف الدوائر الحضارية، وفضحت بجلاء عنصرية العدو الصهيوني وعدوانية الولايات المتحدة الأمريكية. وذلك بعد أن قام الإعلام التلفزيوني بنقل صورها ولا تزال صورة محمد جمال الدرة وهو يلوذ بأبيه فيقتله الصهاينة "صبراً" بالدم البارد، مع صورة كثيرة أخرى في ذاكرة الكثيرين.



    كما لا تزال العمليات الاستشهادية ببطولات القائمين بها تهز مشاعرهم هزاً. وهكذا تنامي التأييد للنضال الفلسطيني في أوساط غالبية شعوب العالم. وعلى الرغم مما للإعلام الصهيوني من سيطرة على الإعلام في دول أوروبا وفي الولايات المتحدة فإن تحولاً ملموساً حدث في الرأي العام الأوروبي، وكذلك في الرأي الأمريكي. والمجال لا يتسع هنا لتفصيل الحديث عن هذا التحول. ولكنه تحول له ما بعده على صعيد مواجهة الصهيونية العنصرية.



    بقى أن نشير بإيجاز شديد إلى تثير فعل الانتفاضة المتعاظم والعمليات الاستشهادية فيها بخاصة على أبناء الأمة وياله من تأثير فيه "إحياء"، انطلاقاً من حقيقة أن الشهيد الذي هو حي عند ربه مرزوق فإنه باستشهاده يبعث الحياة في مجتمعه وكثيرة صور "الإحياء" هذه والتي رأيناها في تعبيرات وتجليات تؤيد انتفاضة الأقصى.



    وبعد.... ما ذا عن مستقبل هذه الظاهرة؟

    وضح لنا مما سبق أنها نشأت في نطاق مقاومة العدو لدفع عدوانه ولتحرير الوطن. وهذا يعنى أنها مستمرة حتى يبلغ الشعب العربي الفلسطيني هدفه . ولقد بلورت انتفاضة الأقصى هدفاً مرحلياً هو تحرير الأراضي الفلسطينية المحتلة 1967 وإقامة دولة فلسطينية فيها عاصمتها القدس الشرقية، وعودة اللاجئين، وإن لنا أن نتوقع استمرار ظاهرة الاستشهاد على المدى القريب إلى أن يتحقق هذا الهدف المرحلي.



    ولما كانت سياسة الولايات المتحدة الأمريكية الداعمة للكيان الإسرائيلي لا تزال تعرقل بلوغه، وتنتهك القانون الدولي فيما يخصه، فإن من المتوقع أن يترسخ في الوطن العربي الاقتناع بضرورة أن تتجه المقاومة أيضاً إلى أمريكا بغية الوصول بها إلى مراجعة سياستها وهذا يعنى توقع توجه بعض العمليات الاستشهادية نحو الوجود العسكري الأمريكي في المنطقة، ونحو المصالح الأمريكية، بغية أن تتخلى الاستراتيجية الأمريكية عن اعتماد الكيان الإسرائيلي ركيزة استراتيجية لها وقاعدة استعمارية استيطانية تعتمد عليها وذلك بعد أن تقتنع من خلال المساس بمصالحها أن هذه القاعدة باتت تمثل عبئاً استراتيجياً عليها.



    لنا أن نتوقع أيضاً إن تم التوصل إلى اتفاق لا يحقق كل الهدف المرحلي أن يهدأ الصراع فترة بفعل كثافة إعلام الترويج الذي يصاحب ذلك ولكن لن تلبث القضايا الباقية فيما سمى بالحل النهائي في عملية التسوية أو بخاصة قضية عودة اللاجئين الفلسطينيين إلى أوطانهم أن تفرض عودة المقاومة من جديد، ودخول الممارسات القمعية الإجرامية الإسرائيلية طوراً جديداً، الأمر الذي يعنى حتمية بروز ظاهرة الاستشهاد مرة أخرى يحركها ما استقر من صورها وقصصها وبطولاتها في ذاكرة الأمة.



    وهذا يصدق على مراحل الصراع العربي الصهيوني الممتد الذي لن ينتهي إلا إذا نبذ اليهود الصهيونية العنصرية، وتخلت قوى الهيمنة الغربية عن فكرة القاعدة الاستعمارية الاستيطانية الصهيونية ركيزة لها في الدائرتين العربية والإسلامية، لأنها باتت عبئاً إستراتيجياً عليها لا قبل لها بتحمله، ويوم ذاك تسقط آخر القلاع الاستعمارية الاستيطانية العنصرية في آسيا وأفريقيا، كما سقطت سابقاتها بفضل اتصال المقاومة واستمرارها، وبفعل الدور الخاص الذي قام به الاستشهاديون فيها. وعندها تطوى صفحة الحل العنصري لقضية فلسطين، ويتحقق الحل الإنساني للمسألة اليهودية التي ولدت في ظل الحضارة الغربية.



    وهو الحل الذي طرحته الحضارة العربية الإسلامية، ومارسته عملياً، وشعاره في كل قطر "لهم مالنا وعليهم ما علينا" ماداموا مواطنين في أوطانهم نابذين للصهيونية العنصرية التي اصطنعت قومية لهم، ووظفتهم في مخططات قوى الهيمنة الطاغوتية. فاليهودي الأمريكي في وطنه، شأن الفلاشا الأثيوبي، شأن الروسي، اليهودي المنتمى للحضارة الإسلامية في وطنه شأن اليهودي الإيراني وهكذا ورحم الله استشهاديينا الذين قضوا في سبيل الله ونصب العين تحرير فلسطين والقدس والجولان ومزارع شبعا.


    * د. أحمد صدقي الدجاني ، القدس وانتفاضة الأقصى وحرب العولمة. الطبعة الأولى يوليو 2002.

      الوقت/التاريخ الآن هو الأحد 19 مايو 2024, 8:04 am