أشعر أنه من الواجب علينا نحن الفلسطينيون, أن نُرجع المعروف لأهله, وأن نكون الأوفياء لمن أحبوا فلسطين, وكافحوا وناضلوا وقاتلوا دفاعاً عن فلسطين وأرضها وأهلها وعروبتها, وماتوا من أجلها, ومن هؤلاء الفريق أول الشهيد عبد المنعم رياض أشهر الضباط والعسكريين العظام العرب في تاريخنا المعاصر, الذي ولد بمدينة طنطا بلد السيد البدوي بمصر الحبيبة 1919م , ونشأ في أسرة أشتهر عنها الانضباط والترتيب والنظام, حيث كان والده العقيد محمد رياض عبد الله, قائد "بلوكات" الطلبة بالكلية الحربية المصرية, أي كان مسئول أقسام المبيت في الكلية, وقد تخرج على يديه أعداد كبيرة ممن تولوا مناصب قيادية في الجيش المصري الشقيق, وبعد حصول الطالب عبد المنعم, على شهادة الثانوية العامة التحق بكلية الطب بناءاً علي رغبة أسرته ووالده , لكنه بعد عامين آثر الالتحاق بالكلية الحربية, حيث كان يرغب ويتمنى, وتخرج منها برتبة م. ث. وبعد ستة سنوات من الحياة العسكرية والخدمة مع الجيش المصري بجانب الجيش الإنجليزي في الصحراء الغربية ضد الجيش الألماني في معركة العلمين, نال شهادة الماجستير في العلوم العسكرية 1944م, وقد عمل كمعلم للمدفعية المضادة للطائرات في نفس المدرسة البريطانية التي تخرج منها بتقدير امتياز, وعرف عنه أنه يجيد اللغات الانجليزية, والفرنسية, والألمانية والروسية قراءة وكتابة ومحادثة, كما عرف عنه أنه انتسب لكلية التجارة وهو برتبة الفريق لإيمانه بأن العسكرية والإستراتيجية, هما الاقتصاد.
ولقد كان الشهيد عبد المنعم رياض رحمه الله بارعاً في كل المهمات التي كُلف بها والأعمال التي مارسها منذ تخرجه وحتى استشهاده, وكان يتمتع بحس أمني وطني رفيع, وكانت له توجهات فكرية رفيعة المستوي- حيث كان يؤمن بحتمية الحرب ضد إسرائيل, وأنه لن ينتصر العرب عليها إلا في إطار إستراتيجية شاملة تأخذ البعد الاقتصادي في الحسبان, وتوفير وتطوير القدرات القتالية للمعركة, وإتاحة الوقت الكافي للإعداد والتجهيز, وكذلك تهيئة الظروف المواتية للحرب مع إسرائيل - وأعتقد أن هذه الرؤية وهذه التوجهات هي التي عملت عليها القيادة العسكرية المصرية بعد هزيمة 1967 و أثناء الإعداد والتجهيز للمعارك التي انتصرت فيها الجيوش العربية في أكتوبر ورمضان المبارك 1973 م.
ومما يجدر الإشارة إلية في هذا المقام أن الشهيد عبد المنعم رياض كان له وجهة نظر أيضا في القادة وأنهم يصنعون ولا يولدون, وأن القادة يصنعهم العلم والتجربة والتدريب الجيد والفرصة والثقة, لأن القائد الذي يقود هو من يملك القدرة على إصدار القرار في الوقت المناسب, وليس الذي يملك سلطة إصدار القرار. وعندما أقر مؤتمر القمة العربي الأول تأسيس القيادة العربية الموحدة 1964م عُين الفريق عبد المنعم رياض رحمه الله كأول رئيس أركان لها, وبعد عقد اتفاقية الدفاع المشترك بين المملكة الأردنية والجمهورية العربية المتحدة مايو 1967 أُختير عبد المنعم رياض قائدا لمركز القيادة المتقدم وقائداً عاما للجبهة الأردنية, وبعد هزيمة يونيو حزيران 1967م عينه الرئيس جمال عبد الناصر, رئيساً لأركان قوات الجمهورية العربية المتحدة , برتبة الفريق, وأخذ يعمل مع وزير الحربية الجديد الفريق أول محمد فوزي بكل جد ومسؤولية على إعادة بناء الجيش المصري الشقيق علي قواعد وأُسس ومفاهيم وقواعد جديدة, أعادت لجيشنا المصري هيبته من جديد, وبسرعة أذهلت العدو والصديق, وحقق الفريق عبد المنعم رياض, إنجازات وانتصارات عسكرية في المعارك التي خاضتها قواتنا المصرية على جبهة قناة السويس, مثل معركة رأس العش, وتدمير المدمرة الإسرائيلية إيلات, وإسقاط بعض الطائرات الإسرائيلية قبل استشهاده في الاشتباكات العنيفة التي حدثت بين القوات المسلحة المصرية الشقيقة وبين قوات العدو الإسرائيلي ليل وصباح 8/3/ علي 1968 على امتداد الجبهة من مدينة السويس جنوباً إلي القنطرة شمالاً .
وقد سجل التاريخ بمداد من ذهب الصفحة الأخيرة من حياة الشهيد البطل الفريق عبد المنعم رياض الذي أصر في تلك الليلة إلا أن يكون بين جنوده وضباطه وقواته المسلحة, ليشاهد بأم عينه سير المعارك عن كثب, ويديرها عن قرب, بكل شجاعة واقتدار, فكان لا يفصله عن العدو الإسرائيلي سوي عرض قناة السويس والسواتر الرملية لحصون خط بارليف, وكان على مرمي النيران, كما يقول العسكريون, حيث إستمر يقود جنوده حتى انفجرت إحدي قنابل المدفعية بالقرب من الحفرة التي كان يقود المعركة منها بالقرب "موقع المعدية رقم 6 " , ونتيجة لشظاياها القاتلة أصابته بجروح خطيرة أسلم الروح لربه راضيةً مرضية, متأثرا بجراحه، بعد أن أرسى وثبت قواعد ونُظم الجيش العربي المصري الجديد, وارتقت روحه إلى بارئها, بين جنوده وضباطه, وهو يدير معارك الشرف, ويعيد لجيش مصر هيبته, وانتصاراته على جيش العدو الإسرائيلي الذي كان يتبجح وقتها بأنه الجيش الذي لا يقهر, بعد 32 عاماً قضاها في خدمة دينه ووطنه وقضيته العربية الفلسطينية العادلة, وقد نعاه يوم استشهاده الرئيس الخالد جمال عبد الناصر رحمه الله ومنحه رتبة الفريق أول ونجمة الشرف العسكرية العربية المصرية, وقد كانت في حينها تعتبر أعلى وأكبر وسام عسكري في الجمهورية العربية المتحدة .
وهكذا عاش الفريق أول عبد المنعم رياض محُباً لوطنه و فلسطين ولشعبها ومات من أجلها .
رحم الله شهيدنا البطل الفريق أول عبد المنعم رياض
ورحم الله شهداءنا وشهداء أمتنا العربية
والشفاء العاجل لجرحانا البواسل
والحرية لأسرانا في سجون الاحتلال الإسرائيلي
والاستقلال والحرية لفلسطين.
الجمعة 19 أغسطس 2016, 2:15 am من طرف راهب الفكر
» تصريح الناطق الرسمي لجيش رجال الطريقة النقشبندية بصدد التهجير القسري للعراقيين
الجمعة 19 أغسطس 2016, 2:14 am من طرف راهب الفكر
» زيف المفترين في إعلان خلافة المسلمين
الجمعة 19 أغسطس 2016, 2:14 am من طرف راهب الفكر
» مبارزة شعرية .......
الجمعة 19 أغسطس 2016, 2:11 am من طرف راهب الفكر
» مقاومينا بغزة البواسل للشاعر عطا سليمان رموني
الجمعة 19 أغسطس 2016, 2:08 am من طرف راهب الفكر
» أتثائب... عبلة درويش
الأحد 24 أغسطس 2014, 1:54 pm من طرف راهب الفكر
» تصريح ولكن.... وما بعد الجدار/تغريد العزة
الأحد 24 أغسطس 2014, 1:54 pm من طرف راهب الفكر
» " منديلٌ لبسمات امرأة " لؤي ابو عكر
الأحد 24 أغسطس 2014, 1:53 pm من طرف راهب الفكر
» نقد الحزب المشكلات التنظيمية للحزب الشيوعي " سلامة كيلة (للتحميل)
الأحد 24 أغسطس 2014, 1:53 pm من طرف راهب الفكر
» تلخيص كتاب: تاريـخ فلسطين في أواخر العهد العثماني 1700 – 1918
الأحد 24 أغسطس 2014, 1:37 pm من طرف راهب الفكر