كاظم رشدي بختان أبو فواز، هذا العجوز المقدسي الذي يزيد عمره عن السبعين عاما، والد الأسير الفلسطيني فواز الذي يقضي 23 عاما داخل سجون الاحتلال، يعرفه الجميع، فهو يبيع السجائر في باب العامود بالقدس منذ عشرين عاما، لا بد أن الكثيرين مروا عنه، إما ليشتروا سجائر أو يقرأوا حكايته السابقة في ذاكرة رجل لم ينطفئ دخان قلبه.
لقد رافقنا أبو فواز طيلة الجولة التي قمنا بها لزيارة عائلات الأسرى والأسيرات المقدسيين، شعرنا أن القدس تمشي معنا تاريخا ومعنى وأصالة، ومن بيت الى بيت تقتنع أكثر أن القدس ليست بحاجة الى أساطير لتثبت حضورها، ففي كل خطوة تسمع قصة وعند كل قصة تتراءى أسماء تشع وآيات لم يستطع الشبح أن يطردها من المكان.
كنا ننظر الى سحابات الدخان التي ينفثها أبو فواز، والى أصابعه الراجفة، فنشاهد نوافذ تطل على القدس: رائحة البلدة القديمة، الحارات المشتبكة يوميا مع الجنود الإسرائيليين، صلاة متواصلة بين العتمة والفولاذ ، ملائكة تهبط بين التين والزيتون وطور سنين، فيصل الحسيني أميرا فوق ساحات الصهيل.
الاعتقالات متواصلة في القدس، أكثر من 400 أسير مقدسي لازالوا خلف قضبان السجون، 44 منهم يقضون أكثر من 20 عاما، أقدمهم الأسير فؤاد الرازم والأسيرة آمنة منة، أول الشهداء وأول المعتقلين هم من القدس، من قاسم أبو عكر حتى فاطمة برناوي، ونسبة الملح في جسد القدس قد زادت كما هي نسبة الاستيطان والتهويد وهدم المنازل والتعذيب في المسكوبية.
بائع السجائر لا زال يدخن، يستفز الغيوم الشاردات وجوع المطر، يفتح الأبواب السبع حتى يدخل الجميع الى القدس، مؤكدا أن السماء ليست بعيدة عن أرضها، وأن الأسرى يحملون القدس فوق الصرخات، هنا أسماء وأعشاب وأحجار وروح حصى ووقت للرياح.
عندما دخلنا البيت، بكت أم فواز المريضة والمقعدة، بكت كثيرا ونظرت إلينا واحدا واحدا كأنها تبحث عن ولدها وظلت تبكي، فنجان قهوة امتلأ بالحسرة، فخرجنا من البيت كالمطرودين من الرحمة.
لا زال أسرى القدس معلقين بين السماء والطارق، ترفض حكومة الاحتلال إدراجهم في أية مفاوضات أو تسوية سياسية، أعطتهم تصنيفا قانونيا عنصريا يستهدف شطبهم كما القدس، فلا تعترف أنهم جزء من سكان الأراضي المحتلة عام 1967، ولا تمنحهم مواطنة الدولة العبرية، فهم فلسطينيون عندما يطالبون بحقوقهم، وهم مواطنو دولة الاحتلال عندما يتعلق الأمر بإطلاق سراحهم.
بائع السجائر لا يسأل كثيرا عن الراهن، يتحدث أكثر عن القادم، ينظر بعينين خائفتين الى الليل، كأنه يخشى على ابنه من الموت البارد، ثم ينتفض فجأة صارخا: هذه الأرض لا موت فيها.
بائع السجائر لم يغب عن أية زيارة للسجون منذ 23 عام، ولكنه توقف عن الكلام عندما دخلنا منزلي الشهيدين الأسيرين جمعة موسى ومحمد حسن أبو هدوان، هامسا: لقد ماتوا في السجن بعد عشرين عاما من اعتقالهم، لم نستطع أن نغسلهم بضوء القدس، ولم نعطهم ما يكفي من تحية في الصلاة.
في كل بيت ترى صورا لأسرى تقف تحت ظلالهم حكاية، أسرى أعلوا صوت النشيد، حملوا الصليب واختلطوا في الغيم، ومدوا أجسادهم للبرق والحرية.
هنا: علاء البازيان، وفؤاد الرازم، وناصر عبد ربه، وابتسام العيساوي، وإبراهيم مشعل، وحسام شاهين، وأيمن الشرباتي، وجمال أبو صالح ، وإبراهيم عليان، وبلال أبو الحسن، وعبد الناصر وطارق الحليسي، وعلي المسلماني، وأحمد شحادة، وأحمد عميرة، وسناء شحادة، وآمنة منى ، ورجائي الحداد، ومازن علوي، وجهاد العبيدي، وسامي أبو سير وياسين أبو خضير وخالد محسن...وأسماء كثيرة منقوشة كالبراهين.
بائع السجائر لا زال يجلس في باب العامود، لا أحد يستثني المقيمون في المكان، ولا أحد قادرأن يطفئ سيجارته الملتهبة كالحنين الساخن، لا زال يراهن على أسرار القدس التي انتحر الغرباء على أبوابها دائما.
لقد رافقنا أبو فواز طيلة الجولة التي قمنا بها لزيارة عائلات الأسرى والأسيرات المقدسيين، شعرنا أن القدس تمشي معنا تاريخا ومعنى وأصالة، ومن بيت الى بيت تقتنع أكثر أن القدس ليست بحاجة الى أساطير لتثبت حضورها، ففي كل خطوة تسمع قصة وعند كل قصة تتراءى أسماء تشع وآيات لم يستطع الشبح أن يطردها من المكان.
كنا ننظر الى سحابات الدخان التي ينفثها أبو فواز، والى أصابعه الراجفة، فنشاهد نوافذ تطل على القدس: رائحة البلدة القديمة، الحارات المشتبكة يوميا مع الجنود الإسرائيليين، صلاة متواصلة بين العتمة والفولاذ ، ملائكة تهبط بين التين والزيتون وطور سنين، فيصل الحسيني أميرا فوق ساحات الصهيل.
الاعتقالات متواصلة في القدس، أكثر من 400 أسير مقدسي لازالوا خلف قضبان السجون، 44 منهم يقضون أكثر من 20 عاما، أقدمهم الأسير فؤاد الرازم والأسيرة آمنة منة، أول الشهداء وأول المعتقلين هم من القدس، من قاسم أبو عكر حتى فاطمة برناوي، ونسبة الملح في جسد القدس قد زادت كما هي نسبة الاستيطان والتهويد وهدم المنازل والتعذيب في المسكوبية.
بائع السجائر لا زال يدخن، يستفز الغيوم الشاردات وجوع المطر، يفتح الأبواب السبع حتى يدخل الجميع الى القدس، مؤكدا أن السماء ليست بعيدة عن أرضها، وأن الأسرى يحملون القدس فوق الصرخات، هنا أسماء وأعشاب وأحجار وروح حصى ووقت للرياح.
عندما دخلنا البيت، بكت أم فواز المريضة والمقعدة، بكت كثيرا ونظرت إلينا واحدا واحدا كأنها تبحث عن ولدها وظلت تبكي، فنجان قهوة امتلأ بالحسرة، فخرجنا من البيت كالمطرودين من الرحمة.
لا زال أسرى القدس معلقين بين السماء والطارق، ترفض حكومة الاحتلال إدراجهم في أية مفاوضات أو تسوية سياسية، أعطتهم تصنيفا قانونيا عنصريا يستهدف شطبهم كما القدس، فلا تعترف أنهم جزء من سكان الأراضي المحتلة عام 1967، ولا تمنحهم مواطنة الدولة العبرية، فهم فلسطينيون عندما يطالبون بحقوقهم، وهم مواطنو دولة الاحتلال عندما يتعلق الأمر بإطلاق سراحهم.
بائع السجائر لا يسأل كثيرا عن الراهن، يتحدث أكثر عن القادم، ينظر بعينين خائفتين الى الليل، كأنه يخشى على ابنه من الموت البارد، ثم ينتفض فجأة صارخا: هذه الأرض لا موت فيها.
بائع السجائر لم يغب عن أية زيارة للسجون منذ 23 عام، ولكنه توقف عن الكلام عندما دخلنا منزلي الشهيدين الأسيرين جمعة موسى ومحمد حسن أبو هدوان، هامسا: لقد ماتوا في السجن بعد عشرين عاما من اعتقالهم، لم نستطع أن نغسلهم بضوء القدس، ولم نعطهم ما يكفي من تحية في الصلاة.
في كل بيت ترى صورا لأسرى تقف تحت ظلالهم حكاية، أسرى أعلوا صوت النشيد، حملوا الصليب واختلطوا في الغيم، ومدوا أجسادهم للبرق والحرية.
هنا: علاء البازيان، وفؤاد الرازم، وناصر عبد ربه، وابتسام العيساوي، وإبراهيم مشعل، وحسام شاهين، وأيمن الشرباتي، وجمال أبو صالح ، وإبراهيم عليان، وبلال أبو الحسن، وعبد الناصر وطارق الحليسي، وعلي المسلماني، وأحمد شحادة، وأحمد عميرة، وسناء شحادة، وآمنة منى ، ورجائي الحداد، ومازن علوي، وجهاد العبيدي، وسامي أبو سير وياسين أبو خضير وخالد محسن...وأسماء كثيرة منقوشة كالبراهين.
بائع السجائر لا زال يجلس في باب العامود، لا أحد يستثني المقيمون في المكان، ولا أحد قادرأن يطفئ سيجارته الملتهبة كالحنين الساخن، لا زال يراهن على أسرار القدس التي انتحر الغرباء على أبوابها دائما.
الجمعة 19 أغسطس 2016, 2:15 am من طرف راهب الفكر
» تصريح الناطق الرسمي لجيش رجال الطريقة النقشبندية بصدد التهجير القسري للعراقيين
الجمعة 19 أغسطس 2016, 2:14 am من طرف راهب الفكر
» زيف المفترين في إعلان خلافة المسلمين
الجمعة 19 أغسطس 2016, 2:14 am من طرف راهب الفكر
» مبارزة شعرية .......
الجمعة 19 أغسطس 2016, 2:11 am من طرف راهب الفكر
» مقاومينا بغزة البواسل للشاعر عطا سليمان رموني
الجمعة 19 أغسطس 2016, 2:08 am من طرف راهب الفكر
» أتثائب... عبلة درويش
الأحد 24 أغسطس 2014, 1:54 pm من طرف راهب الفكر
» تصريح ولكن.... وما بعد الجدار/تغريد العزة
الأحد 24 أغسطس 2014, 1:54 pm من طرف راهب الفكر
» " منديلٌ لبسمات امرأة " لؤي ابو عكر
الأحد 24 أغسطس 2014, 1:53 pm من طرف راهب الفكر
» نقد الحزب المشكلات التنظيمية للحزب الشيوعي " سلامة كيلة (للتحميل)
الأحد 24 أغسطس 2014, 1:53 pm من طرف راهب الفكر
» تلخيص كتاب: تاريـخ فلسطين في أواخر العهد العثماني 1700 – 1918
الأحد 24 أغسطس 2014, 1:37 pm من طرف راهب الفكر