الحاج أمين الحسيني طبق المثل القائل لا يموت حق وراءه مُطالب، في حياته وفي كفاحه. عاش الرجل بهموم قضية فلسطين حتى آخر نفس في حياته. أثناء حياته دعت المنظمات الصهيونية لقتله قائلة: يجب أن يموت أمين الحسيني حتى نجد من الفلسطينيين من يتفاوض معنا.
وبعد موته قال أحد زعماء إسرائيل: قد كان مقدراً أن تنشأ دولة إسرائيل خلال عشر سنوات أو خمس عشرة سنة من بدء المشروع، ولكن أمين الحسيني جعل الأمر يحتاج إلى عشرات السنين.
وُلِد محمد أمين الحسيني في القدس عام 1895 م. كان والده طاهر الحسيني مفتي القدس و يشار إلى أن العائلة جاءت من الحجاز منذ استعاد صلاح الدين الأيوبي القدس، ونزلت في القدس وبعض فروع العائلة نزلت في غزة واللد.
نشأ محمد في بيت علم وتقوى وصلاح، تلقَّى القرآن واللغة العربية والعلوم الدينية في بيت والده، فقد خصص له والده عدداً من العلماء والأدباء لتعليمه في البيت، وقد أرسله والده إلى مدارس القدس الابتدائية والثانوية كسائر أبناء البلدة، ثم أدخله مدرسة الفرير لمدة عامين لتعلم الفرنسية، ثم أرسله والده إلى جامعة الأزهر بالقاهرة ليستكمل عدته، وقد اجتهد الشاب في تحصيل العلم أيضًا في كلية الآداب في الجامعة المصرية، وكذلك في مدرسة محمد رشيد رضا "دار الدعوة والإرشاد"، وفي إجازة له في القدس عام 1914 م قامت الحرب العالمية الأولى، فلم يستطع العودة لاستكمال دراسته، فوجَّهه والده إلى إستانبول لاستكمال عدته العلمية في معاهدها، ولكن الشاب آثر الالتحاق بكليتها العسكرية، وتخرج ضابطاً في الجيش العثماني، وقد عمل في عدة مراكز عسكرية، وبذلك اجتمع للشاب عُدَّة من الكفاية العلمية والعسكرية، وكان قد أدى فريضة الحج مع والدته في عام 1913 م، فاكتسب لقب الحاج من حينها. وقد ترك الخدمة العسكرية مع نهاية الحرب العالمية الأولى.
الوظائف والمناصب
- أسس ورأس "النادي العربي" 1915 م، وهو أول منظمة سياسية عرفتها فلسطين، وانطلقت منها الحركة الوطنية الفلسطينية، ثم عمل معلمًا بمدرسة روضة المعارف الوطنية.
- انتخب مفتيًا للقدس عام 1921م خلفاً لشقيقه كامل الحسيني.
- رأس أول مجلس للشئون الإسلامية والأوقاف والمحاكم الشرعية وهو المجلس الإسلامي الأعلى لفلسطين عام 1922م.
- أشرف على إعادة تنظيم المحاكم الشرعية في سائر قطاعات فلسطين (18 محكمة شرعية).
- استعاد الإشراف على الأوقاف الإسلامية بعد أن كانت في يد النائب العام (وهو اليهودي الإنجليزي بنتويش).
- تأسيس وتقوية المدارس الإسلامية في كل أنحاء فلسطين.
- تأسيس الكلية الإسلامية (من 1924م إلى 1937م).
- تأسيس والإشراف على "دار الأيتام الإسلامية الصناعية" في القدس.
- رئاسة لجنة إعادة إعمار وترميم المسجد الأقصى وقبة الصخرة، وهو المشروع الذي تم في عام 1929م.
- رئاسة المؤتمر الإسلامي العام - وهو الذي بدأ منذ عام 1931م في القدس من أجل القضية الفلسطينية، وتكرر عقده برئاسته في مكة وبغداد وكراتشي وغيرها.
- تكوين جمعيات "الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر" للإصلاح بين المتخاصمين ومقاومة الدعوة الصهيونية للعرب ببيع أرضهم.
- تنسيق الجهود والإشراف على إعداد التنظيمات المسلحة في أرض فلسطين، والتي أثمرت "جيش الجهاد المقدس" في أطواره المختلفة.
- تأسيس ورئاسة "اللجنة العربية العليا لفلسطين".
- المشاركة في ثورة رشيد علي الكيلاني في العراق ضد الإنجليز عام 1941م.
- إنشاء مكاتب للحركة العربية والقضية الفلسطينية في برلين وروما، ثم في أماكن مختلفة من أوروبا بعد انتهاء الحرب العالمية الثانية.
- رئاسة "الهيئة العربية العليا لفلسطين" والتي تشكلت بموجب قرار من جامعة الدول العربية عام 1946م.
- رئاسة وفد فلسطين في مؤتمر باندونج عام 1955م، وقد حضر الوفد بصفة مراقب.
- تنسيق جهود الأعمال الفدائية بعد حرب 1948م.
- رئاسة "المؤتمر الوطني الفلسطيني" عام 1948، والذي أعلن حكومة عموم فلسطين ووضع دستورها، وبرنامج الحكومة.
[b] جهاده للقضية الفلسطينية
شارك أمين الحسيني في العمل الوطني الفلسطيني منذ نهاية الحرب العالمية الأولى في عام 1918م، وشارك في عقد المؤتمر العربي الفلسطيني" الأول عام 18/1919م، والمظاهرات الفلسطينية في عام 1920م، وقد اتهمته السلطات البريطانية بأنه وراء هذه المظاهرات، وهاجم شباب القدس القافلة البريطانية المشرفة على ترحيله للسجن، وهرب إلى سوريا، وحكم عليه غيابيًّا بالسجن 15 سنة، وتحت ضغط الغضب الفلسطيني تم العفو عنه، وبعد عودته بأشهر يُتَوفَّى شقيقه مفتي القدس، ويرشِّحه رجال فلسطين لخلافه شقيقه وهو ابن خمسة وعشرين عامًا، ويفوز الشاب بالمنصب، ولكنه لا يكتفي بهذا، فيطالب بتشكيل هيئة إسلامية تشرف على كافة الشئون الإسلامية في فلسطين، وينجح في حمل السلطة البريطانية على الموافقة، ويفوز في انتخابات رئاسة هذه الهيئة، ويعمد من خلال هذه الهيئة إلى تنظيم الشعب الفلسطيني، فينظم الجمعيات الكشفية، وفرق الجوالة، وإعدادها إعدادًا جهاديًّا، ويتصل بكافة المخلصين من أمثال عزِّ الدين القسَّام وعبد القادر الحسيني وغيرهما؛ لتنظيم جمع السلاح وتدريب المجاهدين لمقاومة المؤامرة الصهيونية.
وقد توجهت الدعاية المعارضة لأمين الحسيني لتظهره وكأنه الرجل المسالم للإنجليز، وفي لقاء بينه وبين بعض قادة العمل الوطني على رأسهم عبد القادر الحسيني يدور الحديث عن موقفه من مقاومة الإنجليز، فيرد الرجل قائلاً: ما رأيكم أن تقاوموا أنتم الإنجليز وتتركوني لمقاومة اليهود؟
وأحسَّ القوم أن الرجل له علم ونظرة أعمق من مجرد دفع عدو ظاهر، وأن الأمر أخطر من مجرد السيطرة الإنجليزية، وأن هذه السيطرة ستار لمؤامرة استيطانية شيطانية، وتتوحد الجهود، ويكون عبد القادر الحسيني قائداً للأعمال العسكرية، والمفتي أمين الحسيني هو الواجهة السياسية، والمنسق (من خلال منصبه واتصالاته) للجهود العسكرية، وتوفير التمويل اللازم لكافة الجهود لنصرة القضية الفلسطينية، وتتحرك الثورة عام 1929م، ثم في عام 1933م، ثم تكون الثورة الكبرى عام 36 - 1939م، ويتولى أمين الحسيني مسئولية اللجنة العربية العليا لفلسطين"، وهي لجنة سرية لتنسيق الجهود على مستوى الدول العربية لنصرة القضية الفلسطينية، وتتعقب بريطانيا المفتي في كل مكان، ويلجأ الرجل للمسجد الأقصى يدير الثورة من داخله، ويصدر قرار بإقالة المفتي من جميع مناصبه من السلطة الإنجليزية.
ويضطر الفتى إلى الخروج من فلسطين إلى لبنان، وقد وقع في قبضة السلطة الفرنسية بها، وترفض فرنسا تسليمه للسلطة البريطانية، وتسمح له بالعمل في الفترة من 37 إلى 1939م، ومع بشائر الحرب العالمية الثانية، تقرر السلطة الفرنسية القبض عليه ونقله للسجن، فيهرب إلى العراق، وهناك يشجع الضباط العراقيين على الثورة، وتقوم ثورة رشيد عالي الكيلاني عام 1941م، ويناصر المفتي الثورة، ويشترك معه مجموعات فلسطينية على رأسها عبد القادر الحسيني الذي يشترك في مقاومة التقدم الإنجليزي في العراق، ومع بشائر الفشل للثورة ينتقل إلى طهران، ثم انتقل سرًّا بين عدة عواصم أوروبية حتى انتهى به الأمر إلى برلين، وقد التقى في هذه المرحلة مع قادة دول المحور سواء في إيطاليا أو ألمانيا، ولم يكن الأمر مفاجئاً، فقد أجرى المفتي اتصالات سابقة مع القيادة الألمانية في بداية الحرب، وهذا أمر طبيعي، فالدول العربية كلها تقريبًا ليس بينها وبين ألمانيا عداوة، ثانيًا ألمانيا صارت العدو القوي المواجه لكل من إنجلترا وفرنسا "وهما الدولتان اللتان يحتلان أغلب الدول العربية".
وكانت رسالة المفتي السابقة على وصوله لألمانيا تتضمن المطالب الآتية:
- الاعتراف الرسمي من جانب دول المحور باستقلال كل من: مصر، السعودية، العراق، اليمن.
- الاعتراف بحق البلدان العربية الخاضعة للانتداب: سورية، لبنان، فلسطين والأردن بالاستقلال.
- الاعتراف بحق البلدان الخاضعة للاحتلال الإنجليزي بالاستقلال: السودان، البحرين، الكويت، عمان، قطر، حضرموت، إمارات الخليج العربي.
- إعادة عدن وبقية الأجزاء المنفصلة عن اليمن، والتي يستعمرها الإنجليز.
- الإعلان من قبل دول المحور أنها لا تطمع في مصر والسودان.
- الاعتراف بحق العرب في إلغاء الوطن القومي اليهودي وعدم الاعتراف به.
الجمعة 19 أغسطس 2016, 2:15 am من طرف راهب الفكر
» تصريح الناطق الرسمي لجيش رجال الطريقة النقشبندية بصدد التهجير القسري للعراقيين
الجمعة 19 أغسطس 2016, 2:14 am من طرف راهب الفكر
» زيف المفترين في إعلان خلافة المسلمين
الجمعة 19 أغسطس 2016, 2:14 am من طرف راهب الفكر
» مبارزة شعرية .......
الجمعة 19 أغسطس 2016, 2:11 am من طرف راهب الفكر
» مقاومينا بغزة البواسل للشاعر عطا سليمان رموني
الجمعة 19 أغسطس 2016, 2:08 am من طرف راهب الفكر
» أتثائب... عبلة درويش
الأحد 24 أغسطس 2014, 1:54 pm من طرف راهب الفكر
» تصريح ولكن.... وما بعد الجدار/تغريد العزة
الأحد 24 أغسطس 2014, 1:54 pm من طرف راهب الفكر
» " منديلٌ لبسمات امرأة " لؤي ابو عكر
الأحد 24 أغسطس 2014, 1:53 pm من طرف راهب الفكر
» نقد الحزب المشكلات التنظيمية للحزب الشيوعي " سلامة كيلة (للتحميل)
الأحد 24 أغسطس 2014, 1:53 pm من طرف راهب الفكر
» تلخيص كتاب: تاريـخ فلسطين في أواخر العهد العثماني 1700 – 1918
الأحد 24 أغسطس 2014, 1:37 pm من طرف راهب الفكر