الكاتب : ظافر الخطيب
جاء موسم النكبة، وعلى عادتها ازدحمت الأجندة الفلسطينية بالكثير من الأفعال والأفعال المضادة التي تستهدف في ظاهرها تذكير العالم بأن هناك قضية اسمها قضية فلسطين، وأن هناك شعباً اسمه شعب فلسطين دونه نزال الأخوة الأعداء، ما زال ينتظر هبة الحرية من شرعية دولية كانت ولا تزال واحدة من أهم أسباب استدامة حالة الاغتيال للعدالة الإنسانية، لكنها في باطنها لا تزيد النكبة إلا تنكباً وعليه فإن لفلسطين رباً يحفظها.
بعض هذه الأنشطة لا تعدو عن كونها تقليداً خالياً من روح النكبة، ويفتقد إلى عزيمة تعادي القهر وتصهر المعاناة فتحولها إلى إرادة فاعلة متفاعلة مع حالة الصراع حتى النصر، أما بعضها الآخر فمثله مثل مداد الدم في الأوردة دونه إن جفّ قلب بلا حياة، مثله مثل الأكسجين دونه يفنى الجسد و ينتهي، فتتحول النكبة إلى موسم الأفيشات الإعلامية لبعضنا الذي يحتاج أن يكون مرئياً كتعويض لا بديل عنه لتسييله وعظمته في دائرة البروفايل الاجتماعي حفظاً للوجود، أو عن مركب النقص الذي يدمغ شخصياتنا، تحت تأثير سياط الهزيمة وذل التعامل الاستثنائي، دون أن نغفل التشوه الخلقي الناتج عن عقم التجربة الفلسطينية في مواجهة الآخر، أما فلسطين، أما نكبة فلسطين فإن لها أن تنتظر أجيالاً لا تبدل تبديلاً.
تفيد مفردة النكبة معنى الفاجعة، وعلى ذلك يتحدد النص الفلسطيني في دائرة الندب والنواح من جهة، والشتم والرجم من جهة أخرى، ففي المستوى الأول (الندب والنواح) تحضر فلسطين في صورة أرض راحت في لحظة غدر، وشعب مغدور بلا حولٍ أو قوة، تحول في ليلةٍ و ضحاها، إلى جزئين، واحدٌ أسير وآخر منفي، وتنتشر على ضفتي الغدر(الآسر والمنفى)، صور دراماتيكية حزينة لا تزيد القهر إلا قهراً، وسفينة فلسطينية تمزق شراعها فتاهت في بحر التيه والضياع.
أما على المستوى الثاني، فيأتي النص شاتماً راجماً، لأنظمة عربية، متواطئة، عميلة، تابعة، متخاذلة، جبانة.
وينحدر المسار الشاتم، اللاعن أكثر، مع كل مدماك جديد لكنيس يلف الأقصى، أو مستوطنة جديدة تنهش الأرض، ثم تأتي عوامل التعرية لتنحت في الروح الفلسطينية فيتحول مسارها تحت عباءة الواقعية إلى التشاؤم واليأس والإحباط، وهي حالة يمكن لها أن تنحدر في صيرواتها من الحد الأدنى إلى الفتات واللاشيء.
وبين البينين تتسلل (إبداعات) فلسطينية، مصابة بهالة العظمة، تعتقد أنها ستغير وجه التاريخ اتكاءً على صحن حمص أو (مسخن)، وترى في صفحات غينتس التي لا يطل عليها سوى بعض قليل من البشر إمكان انتصار وعودة، لندخل مع هذه الإبداعات، عهداً جديداً من التيه الفلسطيني.
لكن الحقيقة الفلسطينية التي طال انتظارها تحتاج إلى أكثر من تيهٍ وابتذال وضياع، تحتاج إلى إدراك الماهية الفلسطينية التي لا تستوي إلا مع فلسطين، فلسطين ال27 ألف كيلو متر مربع، فلسطين الأسطورة والحلم، والممكنة فقط بحكم الانتصار، حين يتحول الانتصار إلى خاتمة النكبة، بعد أن تسكت نصوص الفاتحة عن التفجع وحالاتها الندب والنواح، الشتم والسب.
وبعيداً عن الغوص في النكبة\الفاجعة وأبجديتها سالفة الذكر، تبرز النكبة\الهزيمة، وإذا كانت الأولى (النكبة\الفاجعة) تشي بالسكون فإن الثانية (النكبة الهزيمة) متحركة أكثر، حتى وإن كان الحراك سالبا، بحكم أنها ثقيلة الوقع، لأنها تحمل في ذاتها إهانة للكرامة الجمعية، ومساً بالمصالح على اختلاف ألوانها، وبناءً عليه، فإن التعامل معها ومن منطلق الواجب الوجوب، يصبح مختلفاً بشكل جذري ونهائي، ولا يقبل القسمة لا على مستوى المسارات ولا على مستوى الوسائل.
هنا يتغول السؤال ويتعمق، وعليه يتعاظم الجواب، وبناءً عليه فإننا أمام انخراطً متزايد في موجبات الجواب، حين يتحول إلى مهمات يومية وبرنامج عمل يعيد إلينا بريقنا الفلسطيني الملفح بكوفية العشق والعناد مهما كانت موازين القوى.
فالخامس عشر من أيار لم يسقط إسقاطاً، بل كان نتيجة لفعلٍ ومجهودٍ تراكميٍ كبير، أي نتيجة لجهود بذلت على مدى عقود من الزمن، وطالت مختلف الاتجاهات والمستويات العملية، وقبل هذا وذلك، كانت نتيجة وعي مدرك، مدروس، أي أنه استند في صناعة الإنتصار إلى دراسات علمية، وجهود واعية، وتمويل متواصل، مؤسسة على إرادة فاعلة متفاعلة، تعي واقعها وتدرك إمكانياتها وتعرف كيفية توظيفها من اجل صناعة الانتصار. أكثر من ذلك لديها استعداد عالِ للبذل في سبيل تحويل الحلم إلى حقيقة، حتى وإن كانت تفتقد إلى السند الأدبي والأخلاقي في الأحقية بالأرض (فلسطين)، فأخلاق ذلك الزمن كانت هي أخلاق القوة والقوة وحدها.
كما أن الخامس عشر من أيار نفسه، لم يكن بداية، بل كان سياقاً متطوراً وحلقة متقدمة من حلقات المشروع الصهيوني، إذ أن مبنى الدولة الصهيونية بكل مجالاتها، كان قد تحقق قبل ذلك الوقت بكثير، ولم ينقص ذلك التشكل سوى الإعلان الذي ترافق مع إعلان بريطانيا إنهاء سلطة الانتداب.
ماذا يعني ذلك ؟
ذلك يعني أن هناك ضدين على درجة عالية من الوضوح، فهناك هزيمة وهناك انتصار، لا يوجد ثالث لهما، مهما أبدعت الأبجدية النكبوية في تعبيرات التفجع، وعليه لا يصح الصحيح إلا بالقبض على صحيحه، فإذا كان انتصار الأخر هو هزيمتنا، فإن هزيمة الآخر لا يمكن أن تأتي إلا من خلال انتصارنا، وعليه أيضاً فإننا محكومين بخيارين لا ثالث لهما، إما نكبة مزمنة مستدامة لها تقاليدها، أعرافها، مواسمها، طقوسها وهو ما نحن عليه، وإما انتصار تاريخي ومهما كان الثمن.
جاء موسم النكبة، وعلى عادتها ازدحمت الأجندة الفلسطينية بالكثير من الأفعال والأفعال المضادة التي تستهدف في ظاهرها تذكير العالم بأن هناك قضية اسمها قضية فلسطين، وأن هناك شعباً اسمه شعب فلسطين دونه نزال الأخوة الأعداء، ما زال ينتظر هبة الحرية من شرعية دولية كانت ولا تزال واحدة من أهم أسباب استدامة حالة الاغتيال للعدالة الإنسانية، لكنها في باطنها لا تزيد النكبة إلا تنكباً وعليه فإن لفلسطين رباً يحفظها.
بعض هذه الأنشطة لا تعدو عن كونها تقليداً خالياً من روح النكبة، ويفتقد إلى عزيمة تعادي القهر وتصهر المعاناة فتحولها إلى إرادة فاعلة متفاعلة مع حالة الصراع حتى النصر، أما بعضها الآخر فمثله مثل مداد الدم في الأوردة دونه إن جفّ قلب بلا حياة، مثله مثل الأكسجين دونه يفنى الجسد و ينتهي، فتتحول النكبة إلى موسم الأفيشات الإعلامية لبعضنا الذي يحتاج أن يكون مرئياً كتعويض لا بديل عنه لتسييله وعظمته في دائرة البروفايل الاجتماعي حفظاً للوجود، أو عن مركب النقص الذي يدمغ شخصياتنا، تحت تأثير سياط الهزيمة وذل التعامل الاستثنائي، دون أن نغفل التشوه الخلقي الناتج عن عقم التجربة الفلسطينية في مواجهة الآخر، أما فلسطين، أما نكبة فلسطين فإن لها أن تنتظر أجيالاً لا تبدل تبديلاً.
تفيد مفردة النكبة معنى الفاجعة، وعلى ذلك يتحدد النص الفلسطيني في دائرة الندب والنواح من جهة، والشتم والرجم من جهة أخرى، ففي المستوى الأول (الندب والنواح) تحضر فلسطين في صورة أرض راحت في لحظة غدر، وشعب مغدور بلا حولٍ أو قوة، تحول في ليلةٍ و ضحاها، إلى جزئين، واحدٌ أسير وآخر منفي، وتنتشر على ضفتي الغدر(الآسر والمنفى)، صور دراماتيكية حزينة لا تزيد القهر إلا قهراً، وسفينة فلسطينية تمزق شراعها فتاهت في بحر التيه والضياع.
أما على المستوى الثاني، فيأتي النص شاتماً راجماً، لأنظمة عربية، متواطئة، عميلة، تابعة، متخاذلة، جبانة.
وينحدر المسار الشاتم، اللاعن أكثر، مع كل مدماك جديد لكنيس يلف الأقصى، أو مستوطنة جديدة تنهش الأرض، ثم تأتي عوامل التعرية لتنحت في الروح الفلسطينية فيتحول مسارها تحت عباءة الواقعية إلى التشاؤم واليأس والإحباط، وهي حالة يمكن لها أن تنحدر في صيرواتها من الحد الأدنى إلى الفتات واللاشيء.
وبين البينين تتسلل (إبداعات) فلسطينية، مصابة بهالة العظمة، تعتقد أنها ستغير وجه التاريخ اتكاءً على صحن حمص أو (مسخن)، وترى في صفحات غينتس التي لا يطل عليها سوى بعض قليل من البشر إمكان انتصار وعودة، لندخل مع هذه الإبداعات، عهداً جديداً من التيه الفلسطيني.
لكن الحقيقة الفلسطينية التي طال انتظارها تحتاج إلى أكثر من تيهٍ وابتذال وضياع، تحتاج إلى إدراك الماهية الفلسطينية التي لا تستوي إلا مع فلسطين، فلسطين ال27 ألف كيلو متر مربع، فلسطين الأسطورة والحلم، والممكنة فقط بحكم الانتصار، حين يتحول الانتصار إلى خاتمة النكبة، بعد أن تسكت نصوص الفاتحة عن التفجع وحالاتها الندب والنواح، الشتم والسب.
وبعيداً عن الغوص في النكبة\الفاجعة وأبجديتها سالفة الذكر، تبرز النكبة\الهزيمة، وإذا كانت الأولى (النكبة\الفاجعة) تشي بالسكون فإن الثانية (النكبة الهزيمة) متحركة أكثر، حتى وإن كان الحراك سالبا، بحكم أنها ثقيلة الوقع، لأنها تحمل في ذاتها إهانة للكرامة الجمعية، ومساً بالمصالح على اختلاف ألوانها، وبناءً عليه، فإن التعامل معها ومن منطلق الواجب الوجوب، يصبح مختلفاً بشكل جذري ونهائي، ولا يقبل القسمة لا على مستوى المسارات ولا على مستوى الوسائل.
هنا يتغول السؤال ويتعمق، وعليه يتعاظم الجواب، وبناءً عليه فإننا أمام انخراطً متزايد في موجبات الجواب، حين يتحول إلى مهمات يومية وبرنامج عمل يعيد إلينا بريقنا الفلسطيني الملفح بكوفية العشق والعناد مهما كانت موازين القوى.
فالخامس عشر من أيار لم يسقط إسقاطاً، بل كان نتيجة لفعلٍ ومجهودٍ تراكميٍ كبير، أي نتيجة لجهود بذلت على مدى عقود من الزمن، وطالت مختلف الاتجاهات والمستويات العملية، وقبل هذا وذلك، كانت نتيجة وعي مدرك، مدروس، أي أنه استند في صناعة الإنتصار إلى دراسات علمية، وجهود واعية، وتمويل متواصل، مؤسسة على إرادة فاعلة متفاعلة، تعي واقعها وتدرك إمكانياتها وتعرف كيفية توظيفها من اجل صناعة الانتصار. أكثر من ذلك لديها استعداد عالِ للبذل في سبيل تحويل الحلم إلى حقيقة، حتى وإن كانت تفتقد إلى السند الأدبي والأخلاقي في الأحقية بالأرض (فلسطين)، فأخلاق ذلك الزمن كانت هي أخلاق القوة والقوة وحدها.
كما أن الخامس عشر من أيار نفسه، لم يكن بداية، بل كان سياقاً متطوراً وحلقة متقدمة من حلقات المشروع الصهيوني، إذ أن مبنى الدولة الصهيونية بكل مجالاتها، كان قد تحقق قبل ذلك الوقت بكثير، ولم ينقص ذلك التشكل سوى الإعلان الذي ترافق مع إعلان بريطانيا إنهاء سلطة الانتداب.
ماذا يعني ذلك ؟
ذلك يعني أن هناك ضدين على درجة عالية من الوضوح، فهناك هزيمة وهناك انتصار، لا يوجد ثالث لهما، مهما أبدعت الأبجدية النكبوية في تعبيرات التفجع، وعليه لا يصح الصحيح إلا بالقبض على صحيحه، فإذا كان انتصار الأخر هو هزيمتنا، فإن هزيمة الآخر لا يمكن أن تأتي إلا من خلال انتصارنا، وعليه أيضاً فإننا محكومين بخيارين لا ثالث لهما، إما نكبة مزمنة مستدامة لها تقاليدها، أعرافها، مواسمها، طقوسها وهو ما نحن عليه، وإما انتصار تاريخي ومهما كان الثمن.
الجمعة 19 أغسطس 2016, 2:15 am من طرف راهب الفكر
» تصريح الناطق الرسمي لجيش رجال الطريقة النقشبندية بصدد التهجير القسري للعراقيين
الجمعة 19 أغسطس 2016, 2:14 am من طرف راهب الفكر
» زيف المفترين في إعلان خلافة المسلمين
الجمعة 19 أغسطس 2016, 2:14 am من طرف راهب الفكر
» مبارزة شعرية .......
الجمعة 19 أغسطس 2016, 2:11 am من طرف راهب الفكر
» مقاومينا بغزة البواسل للشاعر عطا سليمان رموني
الجمعة 19 أغسطس 2016, 2:08 am من طرف راهب الفكر
» أتثائب... عبلة درويش
الأحد 24 أغسطس 2014, 1:54 pm من طرف راهب الفكر
» تصريح ولكن.... وما بعد الجدار/تغريد العزة
الأحد 24 أغسطس 2014, 1:54 pm من طرف راهب الفكر
» " منديلٌ لبسمات امرأة " لؤي ابو عكر
الأحد 24 أغسطس 2014, 1:53 pm من طرف راهب الفكر
» نقد الحزب المشكلات التنظيمية للحزب الشيوعي " سلامة كيلة (للتحميل)
الأحد 24 أغسطس 2014, 1:53 pm من طرف راهب الفكر
» تلخيص كتاب: تاريـخ فلسطين في أواخر العهد العثماني 1700 – 1918
الأحد 24 أغسطس 2014, 1:37 pm من طرف راهب الفكر