بقلم:طلعت سقيرق
تعود بي الذاكرة طويلا إلى الوراء ،وأعود بها ربما إلى نقطة ما زالت في البال لا تبرح .. يومها تعرفت على أديبنا الكبير ، وربما المسرحي الأول في فلسطين دون منازع ، نصري الجوزي .. وكان هذا اللقاء فاتحة لقاءات كثيرة كنت أسعد بها في الحديث مع الجوزي والاستماع إليه وهو يروي ذكريات طويلة عن أيامه في فلسطين ، حيث لكل يوم طعم ورائحة لا يشبهان أي طعم ورائحة في العالم .. مسافة العمر بيننا لم تكن عائقا أو سدا يقطع روعة التواصل .. فقد كان هذا الكاتب المقدسي الفلسطيني مسكونا بحبه الكبير لفلسطين وبإصراره على العطاء حتى آخر يوم من حياته من أجل فلسطين وعروبتها وتاريخها ..
ولد نصري الجوزي في القدس عام 1908 ، وعاش في دمشق بعد النكبة حتى وفاته يوم 17/8/1996.. أصدر العديد من المسرحيات الصغيرة التي مثل بعضها في فلسطين ، وكان يشارك في التمثيل والإعداد، بل قل كان أديبنا كما حدثني يضطر أحيانا للتدخل في كل صغيرة وكبيرة .. وإذا كانت مؤلفاته المسرحية عديدة كثيرة كتب بعضها في فلسطين ونشر هناك ، كما كتب بعضها الآخر في المنفى ومثل بعضه .. فإنني اذكر هنا كتابه الهام " تاريخ المسرح الفلسطيني " الذي صدر في العام 19990 وكان الكتاب الأول في مجاله ، حيث حاول أن يرصد فيه تاريخ المسرح الفلسطيني ذاهبا في المكان حتى العمق ، متحدثا عن فلسطين ونشوء المسرح فيها ، مركزا على الكثير من الظروف التي أحاطت بنشأة هذا المسرح ، ذاكرا شخصيات كثيرة ساهمت في بناء هذا المسرح ..
أورد هنا بعضا من أحاديث نصري الجوزي التي سجلتها في حوارات معه ، وأظن أن حواراتي معه كانت كثيرة ، لنتعرف من خلالها على هذا الكاتب المقدسي الكبير .. يقول :" لقد خطا المسرح الفلسطيني خطوات لابأس بها في النهوض بهذا الفن .. كان الشبان يقرؤون عن ا لمسرح وفن التمثيل ويحتوون في مكتباتهم عدداً كبيراً من المسرحيات باللغات العربية والانجليزية والفرنسية . كما كانت الجمعيات الفلسطينية على اتصال دائم بالفرق المصرية والأجنبية التي كانت تؤم البلاد .. وجدنا صعوبات جمة منها : الرقابة الحكومية على النصوص .. إيجاد الفتاة المتحررة لتعتلي خشبة المسرح ، مشاحنات الممثلين عند تقسيم الأدوار ونزاعهم للحصول على الأدوار الرئيسية ، بالإضافة إلى عدم وجود مسارح للتمثيل إلا عند اليهود والإرساليات الفرنسية والايطالية التي كانت تحرم ظهور الفتيات على المسرح.. يكفي أن أذكر لك أن القسم العربي في الأربعينات اشترك في مسابقة لأحسن تمثيلية تأليفاً وإخراجاً وتمثيلاً ، ففازت فرقة الإذاعة بالمرتبة الأولى بين المحطات الخمس والعشرين التي تذيع باللغة العربية في منطقة الشرق الأوسط ".. و" في العشرين من عمري أي في سنة 1928 كنت جدّ متحمس لكل ما هو عربي ولدى مطالعاتي العديدة للمسرحيات الأجنبية وحضوري لكثير من المترجم منها ، وجدت أن المسرحية الأجنبية مهما بلغت أوجها لا تتمشى مع عاداتنا وأخلاقنا .. لذا رأيت أن ألقي بدلوي بين الدلاء، وأحاول كتابة المسرحية المستمد موضوعها وحوادثها من بيئتنا حباً في إعلاء شأن المسرح والرواية المسرحية ، ورغبة في تنبيه شعبي إلى الأخطار المحيقة ببلادي وسلكت السبيل غير هياب ولا وجل ، ووضعت أنا وأخواي جميل وفريد اللبنة الصالحة المثمرة في هذا الحقل الفسيح، ويكفي أن أذكر لك أن فرقة ((الجوزي )) كانت الوحيدة في تقديم المسرحية الإذاعية ، وفي سنة 1944 كان عدد الفرق المساهمة يزيد على العشرين .."... و" في القدس أنشئت مطبعة الآباء الفرنسيسكان سنة 1847ومطبعة دير الروم الأرثوذكس سنة 1851 ثم مطبعة دار الأيتام السورية التي سدّت فراغاً كبيراً في عالم الطباعة. وبعد إعلان الدستور 1908 كانت المطبعة الوطنية في حيفا ومطبعة جريدة الكرمل 1909 ثم تبعتها مطابع في جميع أرجاء البلاد .."..
ذكر لي نصري الجوزي انه ألف كتابا ضخما عن الإذاعة الفلسطينية بعنوان (( تاريخ الإذاعة الفلسطينية من سنة 1918 ـ 1948 )) وقال لقد تبنته إدارة الإذاعات العربية ، التابعة لجامعة الدول العربية .. وسيطبع بعد حين .. يقع الكتاب في حوالي 300 ـ 350 صفحة من الحجم الكبير ، تحدثت فيه عن مدراء الإذاعة ، إبراهيم طوقان ، عجاج نويهض ، وعزمي النشاشيبي ..ولست أدري ماذا حصل بهذا الكتاب ..
كان نصري الجوزي واحدا من الرعيل الأول المؤلفين والمساهمين في نهضة المسرح الفلسطيني .. أعطى الكثير وشاهم بالكثير ، هو وعائلة الجوزي المقدسية بشكل عام .. وما زال الكثير من عطائه يشكل مادة غنية لدراسة المسرح الفلسطيني بشكل عام ..
الجمعة 19 أغسطس 2016, 2:15 am من طرف راهب الفكر
» تصريح الناطق الرسمي لجيش رجال الطريقة النقشبندية بصدد التهجير القسري للعراقيين
الجمعة 19 أغسطس 2016, 2:14 am من طرف راهب الفكر
» زيف المفترين في إعلان خلافة المسلمين
الجمعة 19 أغسطس 2016, 2:14 am من طرف راهب الفكر
» مبارزة شعرية .......
الجمعة 19 أغسطس 2016, 2:11 am من طرف راهب الفكر
» مقاومينا بغزة البواسل للشاعر عطا سليمان رموني
الجمعة 19 أغسطس 2016, 2:08 am من طرف راهب الفكر
» أتثائب... عبلة درويش
الأحد 24 أغسطس 2014, 1:54 pm من طرف راهب الفكر
» تصريح ولكن.... وما بعد الجدار/تغريد العزة
الأحد 24 أغسطس 2014, 1:54 pm من طرف راهب الفكر
» " منديلٌ لبسمات امرأة " لؤي ابو عكر
الأحد 24 أغسطس 2014, 1:53 pm من طرف راهب الفكر
» نقد الحزب المشكلات التنظيمية للحزب الشيوعي " سلامة كيلة (للتحميل)
الأحد 24 أغسطس 2014, 1:53 pm من طرف راهب الفكر
» تلخيص كتاب: تاريـخ فلسطين في أواخر العهد العثماني 1700 – 1918
الأحد 24 أغسطس 2014, 1:37 pm من طرف راهب الفكر