صرخة في قاع الوادي

قد غادر الجميع.. ولم يبق َ في قاع الوادي حتى حجارته.. كل شئ أصبح فارغاً خاوياً... حتى من الصراخ... فقد أعلن امتعاضه.. وقرر أن يخالف قوانين الفيزياء فحجب صداه ليستقر في قاع الوادي وحيداً.. فلم يعد للصراخ معنى.. ولا داعي للتسكع بين الأطلال وفوق شواهد القبور.. فاصمت.. فقد تسقط تلك الحجارة من السماء.. خضراء بلون الجنة.. صفراء من شدة القهر. حمراء من حرقة الشمس.. سمراء من غضب جهنم.. بيضاء تيمناً بعقولنا.. فهنيئاً لك يا وادينا.. فقد تمتلأ احشاءك من جديد ويعود المطر ليرسم على جانبيك أمواج الفرح.. وترقص حجارتك مداعبة قدوم السيل من علِ ويبتسم الذبياني ونوابغه.. فقد نعود معاً.. نكر ونفر كجلاميد الصخر نهتف ليافا وحيفا والرملة وأم الفحم.. لتعود ترانيم الناصرة وآذان عكا. أتذكرون يوم كنا في عكا وهزمنا النابليون وريتشارد وانتزعنا من الأسد قلبه . دعونا نحلم فقد يعلن صراخنا في دواخلنا وقف إضرابه ويعود الصدى يعانق قوانين آنيشتاين ويخرج من قاع ذاك الوادي ينادي فاطمة ومحمد ويشتري ملابس العيد لحنا وسارة .. حلم جميل. أليس كذلك . فلا تحاول أن تستيقظ فقد يطيل النوم عمراً ويصبح السهر هماً.. ويصبح الحلم حقيقة.. فكل من كانوا في قاع الوادي أصابهم حمى الاشتياق وعرفوا أن الأخضر يموت بدون سواد الأرض وأن الأصفر لا وجود له.. إذا غابت حُمرة الشمس. .. فاحزموا أمتعتكم واذهبوا.. اذهبوا هناك حيث يرقد صلاح الدين.. والظاهر بيبرس وابن الوليد وابن شداد. وأعيدوا لابن المقفع يداه وقدماه واطلبوا من ابن عفان أن يسامح.. فهو صاحب القلب الكبير.. واطردوا عمرو من بين ضلوعكم. فالفتنة الكبرى هي من جلب الروم إلى أحضان أم الشرايط وهي من ترك الفرس يلعبوا على جدران مكة.. أما الترك فاتركوهم ... فقد جربناك .. جربناك. جربناك..جربناك ... فلن تعود تلك الحجارة إلى قاع العبودية.. فهي تحب اللغة العربية وتكره أتاتورك قاتل الحروف.. فلا خير في أمة باعت تاريخها لشكسبير وادعت أنه كان الشيخ الزبير.. رحمة الله عليك يا شوقي ويا ابن درويش.. فلم يعد هناك مكان بين ثنايا الوادي لأي درويش. فهيا أفيقوا فنحن على ميعاد مع السيد نعم السيد درويش.. ليغني... طلعت يا محلى نورها. شمس الشموسة.

وإلى اللقاء في قاع الوادي.. فقد نادى المنادي.. عاشت فلسطين. من النهر إلى البحر.. وعاش وادينا.
الكاتب: د.ذوالفقار سويرجو

وها نحن ما زلنا في قاع الوادي