بات انتشار قناديل البحر على طول شواطئ قطاع غزة يشكل هاجسا يقض مضاجع المصطافين الذين لا يجدون أفضل من البحر متنفسا للترويح عن أنفسهم من ضغوط الحياة اليومية وحر الصيف.
وحينما تصل إلى البحر تلاحظ على الشاطئ انتشار أعداد كبيرة من القناديل التي قذفت بها الأمواج، لتعطي إنذارا أوليا للمصطافين بأن خطرا قد يداهمهم.
ولم يلقي البعض بالا لهذه الظاهرة ويصر على نزول البحر متحديا القناديل، وما أن تطأ قدماه البحر حتى يسارع بالخروج بعد لسعه من قبل القناديل التي تتربص بكل من يحاول أن يتحداها.
ويقول المواطن محمد النجار، رب أسرة من مدينة خان يونس، إنه كان ينتظر الإجازة الصيفية لأبنائه بعد انتهاء امتحانات نهاية العام الدراسي، لكي يأخذهم إلى البحر للسباحة والاستجمام.
وأضاف أنه في أول رحلة إلى البحر فوجئ بأعداد كبيرة من قناديل البحر الهالكة على الشاطئ.
وأشار النجار أنه حذر أبناءه من النزول إلى البحر خوفا من لسع القناديل، إلا انه بسبب إلحاحهم الشديد فشل في إقناعهم بعدم السباحة، ما اضطره إلى الرضوخ إلى طلبهم والموافقة على ما جاءوا من اجله ألا وهو السباحة.
وما هي إلا لحظات حتى بدأ الأطفال يخرجون مسرعين واحد تلو الآخر، وكل منهم ممسك بجزء من جسمه اثر إصابتهم بلسع القناديل.
أمام هذا المشهد، اضطر أبناء أسرة النجار للاستسلام لحكم الطبيعة، والاكتفاء بالجلوس على شاطئ البحر بعيدا عن الماء خوفا من إصابتهم مرة أخرى ليحرموا من أهم ما جاءوا من اجله.
ويؤدي ارتفاع درجات حرارة المياه الساحلية بشكل أعلى من المعتاد خلال هذه الفترة من العام، إلى خلق الظروف المواتية لتكاثر وازدهار قناديل البحر ونمو عينات منها في بعض الأحيان إلى أحجام أكبر من المعتاد، وتؤثر القناديل إلى حد ما على تكاثر الأسماك.
ويشير سعيد اللحام، الذي يمتهن صيد الأسماك، أنه لم يتمكن طوال يوم كامل من صيد أي نوع من الأسماك، مبينا أن الأيام السابقة لم تكن أحسن حالا.
وعلل اللحام تناقص كميات الأسماك بازدياد أعداد القناديل التي تتغذى على بيض الأسماك، علاوة أنها تلتهم الأسماك الصغيرة.
قناديل البحر مخلوقات رخوية ضعيفة متفاوتة الأحجام ذات ألوان جذابة، يوجد منها في قطاع غزة ذات اللون الأبيض واللون الأزرق، وتعيش القناديل في المياه المالحة غالباً، وليس لها عقل ولا قلب ولا عظام ولا دماء ولا خياشيم أو عيون، ومع ذلك فهي تحس بالخطر وتتذوق الطعام وتتفاعل وتدرك الضوء، وتتوازن وتسبح في الماء.
يأخذ جسم قنديل البحر الشكل القرصي ويشبه المظلة أو الناقوس في مظهره العام، وتتفاوت قناديل البحر في أحجامها، ويتكون الجسم في معظمه من الماء (أكثر من 98% من وزنه) لذلك تتحلل بسرعة ولا تترك على الشاطئ سوى آثار بسيطة لمكوناتها العضوية سرعان ما تختفي خلال بضعة أيام.
وأوضح الأستاذ الدكتور موسى الصفدي، أخصائي علم الحيوان بجامعة الأزهر، أن قناديل البحر تمتلك خلايا متخصصة توجد على سطح الجسم، خاصة عند اللوامس، وهي خلايا ذات جسم بيضاوي يبرز طرفها البعيد على سطح الجسم، حيث تخرج منه شعيرة حسية تسمى شعيرة اللمس أو الزناد، ويوجد بداخل الخلية كيس يعرف بالكيس الخيطي، له قاعدة قوية، مثلثة الشكل تقريبا، مزودة بالشويكات، ومتصلة بجدار الخلية بألياف عضلية، تساعد عند انقباضها في عملية انطلاق الخيط.
ولفت إلى أن الخلايا اللاسعة تساعد الحيوان في الدفاع عن نفسه، أو اصطياد الفرائس، وهذه الخلايا هي التي تسبب الألم والحروق لجلد الإنسان عندما تقترب منه، وذلك لأن الأكياس الخيطية تحتوي إما على مواد شديدة القلوية شرهة جدا للماء، تساعد على اندفاع الخيط بدخول الماء إليه عند الإثارة، أو على سوائل بروتينية سامة، تنغمس فيها أطراف تلك الخيوط التي تنطلق ناقلة تأثير المواد السامة إلى جسم الإنسان أو الحيوان مسببة لها الحروق والالتهابات المؤلمة.
ولتجنب خطر القناديل، نصحت الصيدلانية عايدة يحيي، بمراقبة المياه قبل السباحة، والتأكد من عدم وجود قناديل بها، وعدم ملامستها عند موتها أو وجودها خارج المياه، حيث أن هذه الحيوانات تحتفظ بسمها بعد موتها.
وعن طرق معالجة لسعات قناديل البحر، دعت يحيى إلى نقع الجزء المصاب بماء البحر وليس بالماء العذب الذي يحفز انطلاق الخيوط اللاسعة، وعدم محاولة إزالة أجزاء القناديل الملتصقة بالجسم بأدوات حادة، وعدم لفها بالفوط أو دعكها بالرمال، لأن كل هذا يؤدي إلى انطلاق ما لم ينطلق من الخلايا اللاسعة، فيزداد التأثير اللاسع.
ولفتت إلى أنه يستحسن أن تزال أجزاء القناديل الملتصقة بالملاقط، أو بالحافة الخلفية غير الحادة للسكين إن أمكن، ومعاملة الجزء المصاب بمحلول مخفف من الخل أو عصير الليمون لمنع انطلاق الخيوط اللاسعة وإزالة السموم، أو بعض الزيت إذا لم يتوفر أحد المكونات السابقة، مع عدم استخدام العطور أو مراهم الحلاقة لأنها تزيد من تأثير اللسعات.
ورغم المنغصات التي تسببها القناديل، يبقى البحر الملاذ الذي يستوعب أعداداً كبيرة من الناس، خاصة الشرائح الشعبية، يستمتعون في أوقاتهم ويخرجون من أجواء المنازل الخانقة، فيما يظل المواطن الغزي ينتظر ولو بعد حين، النزول إلى البحر وممارسة حقه في التمتع وقضاء أوقات الفراغ في فصل الصيف، وخاصة للأطفال الذين تضيق بهم الشوارع والطرقات.
الجمعة 19 أغسطس 2016, 2:15 am من طرف راهب الفكر
» تصريح الناطق الرسمي لجيش رجال الطريقة النقشبندية بصدد التهجير القسري للعراقيين
الجمعة 19 أغسطس 2016, 2:14 am من طرف راهب الفكر
» زيف المفترين في إعلان خلافة المسلمين
الجمعة 19 أغسطس 2016, 2:14 am من طرف راهب الفكر
» مبارزة شعرية .......
الجمعة 19 أغسطس 2016, 2:11 am من طرف راهب الفكر
» مقاومينا بغزة البواسل للشاعر عطا سليمان رموني
الجمعة 19 أغسطس 2016, 2:08 am من طرف راهب الفكر
» أتثائب... عبلة درويش
الأحد 24 أغسطس 2014, 1:54 pm من طرف راهب الفكر
» تصريح ولكن.... وما بعد الجدار/تغريد العزة
الأحد 24 أغسطس 2014, 1:54 pm من طرف راهب الفكر
» " منديلٌ لبسمات امرأة " لؤي ابو عكر
الأحد 24 أغسطس 2014, 1:53 pm من طرف راهب الفكر
» نقد الحزب المشكلات التنظيمية للحزب الشيوعي " سلامة كيلة (للتحميل)
الأحد 24 أغسطس 2014, 1:53 pm من طرف راهب الفكر
» تلخيص كتاب: تاريـخ فلسطين في أواخر العهد العثماني 1700 – 1918
الأحد 24 أغسطس 2014, 1:37 pm من طرف راهب الفكر