الخليل - من جهاد القواسمي - أضحت بلدة الخليل القديمة مدينة تعيش تحت نظام الفصل العنصري المتكامل، الكثير من الشوارع حجزت كليا للمستوطنين، ويمنع الفلسطينيون من استعمالها، شوارع أخرى يسمح للفلسطينيون السير فيها، ولكن يمنع عليهم قيادة مركباتهم، وشوارع أخرى مسموح للفلسطيني قيادة مركبته لكن يمنع عليه الترجل منها، كما يوجد فيها منازل منع سكانها من استخدام أبواب منازلهم فحولوا الشبابيك إلى أبواب، أو فتحوا أبوابا جديدة لمنازلهم، وآخرون لم يستطيعوا حل مشاكل الوصول إلى منازلهم إلا بالسير على أسطح المنازل المجاورة، وأحياء لا يمكن للفلسطيني أن يدخلها إلا إذا كان من سكانها، وبالتالي لا يسمح لأحد زيارتها، وأحياء أخرى لا يمكن دخولها إلا عبر بوابات ونقاط تفتيش جسدي، كل هذه الترتيبات لتسهيل وتأمين حياة 400 مستوطن يسكنون في البلدة القديمة ومحيطها.
وقال مدير عام لجنة اعمار الخليل خالد القواسمي، أن الخليل شهدت منذ احتلالها عددا من المراحل في إستراتيجية الاحتلال لتهويدها، وهدفت كلها إلى خلق واقع جغرافي داخل المدينة وضواحيها، فقد تم تأسيس مستوطنة "كريات أربع" عام 1968 على أراضي الخليل من الجهة الشرقية، ثم تتابعت عمليات الاستيلاء على بعض الأبنية داخل المدينة القديمة وتحويلها إلى أحياء سكن يهودية، وفي العام 1979، تم الاستيلاء على مبنى الدبويا والسكن فيه، كما تم الاستيلاء على سوق الخضار المركزية في عمق البلدة القديمة العام 1980 وبناء ما يسمى حارة "ابراهام أبينو". وفي العام 1983 تم الاستيلاء على مدرسة أسامة بن منقذ ومحطة الباصات، وخلال هذه الفترة تصاعدت الاعتداءات التي قام بها المستوطنون في الخليل، كما تم احتلال تل الرميدة العام 1984، حيث عمد المستوطنون خلال تلك الفترة إلى تحويل المباني التي استولوا عليها داخل المدينة إلى أحياء سكن يهودية، مشيرا أن المستوطنين من البؤر الاستيطانية التي أقيمت داخل المدينة من أكثر المستوطنين تطرفا.
وأضاف القواسمي انه مع بداية الثمانينات من القرن الماضي، دخلت إستراتيجية تهويد المدينة مرحلة جديدة، حيث فرضت العديد من الإجراءات القمعية كإغلاق بعض الشوارع والأزقة والأسواق والمحال التجارية، وتصاعد الإرهاب ضد المواطنين المقيمين في الخليل، وفي محيط البؤر الاستيطانية خصوصا، وظل هذا الحال قائما بهدف خلق تواصل جغرافي بين المواقع الاستيطانية داخل المدينة من جهة، وإيصالها بمستوطنة "كريات أربع" من جهة أخرى، وظلت سياسة الاحتلال قائمة على طرد آلاف الفلسطينيين من سكان المدينة وتهجيرهم وتشريدهم من منازلهم ومحالهم التجارية، فضلا عن تعمدهم هدم وإزالة عدد كبير من المباني التاريخية والأثرية، مشيرا ان الوثائق والوقائع المتكررة كشفت عن سياسات يقوم بها المستوطنون مدعومين من جيش الاحتلال والمستوى السياسي، بالاعتداء على السكان الفلسطينيين في الخليل ومضايقتهم، حيث قام جيش الاحتلال بفرض حظر التجوال لأشهر وأيام طويلة، وإغلاق الشوارع الرئيسية والفرعية أمام حركة السيارات الفلسطينية بحجة المحافظة على أمن المستوطنين، وشكل كل ذلك فرصا للمستوطنين وجيشهم للإسراع في الاستيلاء على الأراضي وهدم المنازل وتهجير السكان الفلسطينيين.
وأشار القواسمي انه في هذا السياق، أقدمت سلطات الاحتلال على شق طريق عرضه 6-12 مترا يصل مستوطنة "كريات أربع" بالمسجد الإبراهيمي، كما أقدمت على هدم عدد من المباني هناك، بما فيها مجموعة من المباني التاريخية والأثرية التي يعود بناؤها إلى العصرين المملوكي والعثماني (1250-1916)، ما يعني تدمير النسيج العمراني لمدينة الخليل القديمة، وإبادة أجزاء من البيئة التاريخية المحيطة بالمسجد الإبراهيمي، مضيفا انه بعد التوقيع على اتفاق الخليل (بروتوكول الخليل) في 17 كانون الثاني (يناير) 1997 بين السلطة الوطنية وإسرائيل، قسمت المدينة سياسيا إلى منطقتي H1 وH2، أعطيت إسرائيل بموجبه سيطرة كاملة على البلدة القديمة من الخليل وأطرافها.
وتابع القواسمي أما في المرحلة الأخيرة في هذه السياسة، فكانت الحرم الإبراهيمي، فقد بدأ اليهود بزيارة الحرم الإبراهيمي أفرادا وجماعات عام 1967 مباشرة بعد احتلال الخليل، إلا أن هذه الزيارات لم تتخذ طابعا رسميا إلا في أواخر حزيران (يونيو) 1972، عندما سمحت سلطات الحكم العسكري رسميا لليهود بأداء الصلوات في الحرم، وذلك في غير أوقات صلاة المسلمين. إلا أن هذه الصلوات اتخذت طابعا تظاهريا، وفي أواخر العام 1978، بدأوا حملة جديدة لإكمال تحويل أجزاء واسعة من الحرم إلى كنيس يهودي.
وأوضح القواسمي انه جاءت الفرصة المواتية لمخطط السيطرة على الحرم، وذلك في 25/2/1994، عندما هاجم المستوطن اليهودي باروخ غولدشتاين المصلين المسلمين أثناء صلاة الفجر، حيث فتح نار رشاشه على المصلين، ما أدى إلى حدوث مجزرة رهيبة ذهب ضحيتها 29 من المصلين. وعلى رغم أن الفلسطينيين كانوا الضحية، فإنه، وعلى أثر هذه المجزرة، عاقبت الحكومة الإسرائيلية أهالي مدينة الخليل بمنع التجول، وعدم مغادرة منازلهم لمدة شهر كامل، ثم أغلقت الحرم الإبراهيمي الشريف مدة 10 اشهر، تلاها تقسيم الحرم الإبراهيمي الشريف إلى قسمين، قسم خاص بالمسلمين وقسم خاص باليهود، يتم الوصول إليهما عبر مدخلين منفصلين، حيث يعاني الفلسطينيون خلال عبورهم إجراءات أمنية معقدة.
وأشار القواسمي ان مشروع إعمار وإعادة تأهيل البلدة القديمة يكتسب أبعادا مختلفة، فهو بالإضافة إلى حرصه على الحفاظ على التراث المعماري والنسيج الحضري التاريخي للمدينة، فهو يهدف إلى توفير المساكن للسكان، وإنعاش الحركة الاقتصادية، ومقاومة الفقر والبطالة، والتصدي للاستيطان ومصادرة المباني، وتجهيز البلدة القديمة للسياحة في حال تحسن الأوضاع العامة، وتسهيل دمج البلدة القديمة بالمدينة الجديدة
الجمعة 19 أغسطس 2016, 2:15 am من طرف راهب الفكر
» تصريح الناطق الرسمي لجيش رجال الطريقة النقشبندية بصدد التهجير القسري للعراقيين
الجمعة 19 أغسطس 2016, 2:14 am من طرف راهب الفكر
» زيف المفترين في إعلان خلافة المسلمين
الجمعة 19 أغسطس 2016, 2:14 am من طرف راهب الفكر
» مبارزة شعرية .......
الجمعة 19 أغسطس 2016, 2:11 am من طرف راهب الفكر
» مقاومينا بغزة البواسل للشاعر عطا سليمان رموني
الجمعة 19 أغسطس 2016, 2:08 am من طرف راهب الفكر
» أتثائب... عبلة درويش
الأحد 24 أغسطس 2014, 1:54 pm من طرف راهب الفكر
» تصريح ولكن.... وما بعد الجدار/تغريد العزة
الأحد 24 أغسطس 2014, 1:54 pm من طرف راهب الفكر
» " منديلٌ لبسمات امرأة " لؤي ابو عكر
الأحد 24 أغسطس 2014, 1:53 pm من طرف راهب الفكر
» نقد الحزب المشكلات التنظيمية للحزب الشيوعي " سلامة كيلة (للتحميل)
الأحد 24 أغسطس 2014, 1:53 pm من طرف راهب الفكر
» تلخيص كتاب: تاريـخ فلسطين في أواخر العهد العثماني 1700 – 1918
الأحد 24 أغسطس 2014, 1:37 pm من طرف راهب الفكر