تخضع البلدة القديمة من مدينة الخليل لسياسة احتلال ممنهجة تهدف إلى تفريغ المنطقة من سكانها، وذلك عبر إجراءات مشددة من الإغلاق والمضايقات على السكان والتجار، فأصبحت أشبه بمدينة أشباح.
تخلو أزقة البلدة القديمة ذات الأسقف والأقواس العتيقة من سكانها ومن المتسوقين، في وقت كانت أسواقها تمثل مركز المدينة وتعج بالحياة والحركة والنشاط التجاري والسياحي، نظرا لعراقة المدينة تاريخيا ودينيا لوجود الحرم الإبراهيمي الشريف في قلبها، التي تسعى حكومة الاحتلال إلى جعله كنيسا يهوديا، ووضعه على خريطة الأماكن التراثية اليهودية، متجاهلة بذلك كافة القوانين الدولية والإنسانية.
وكشفت لجنة إعمار الخليل مؤخراً، النقاب عن مجموعة جديدة من الإغلاقات في البلدة القديمة من المدينة، لخلق أمر واقع جديد على الأرض في مناطق عدة منها.
وأوضح المدير العام للجنة إعمار الخليل عماد عبد الله حمدان، أن الجيش الإسرائيلي أغلق المدخل المؤدي إلى اثني عشر بيتا، منها أربعة بيوت مأهولة وثمانية غير مأهولة، وهي حاليا تحت الترميم، مشيرا إلى أنه نتيجة لهذا الإغلاق اضطر المواطنون لسلوك طرق بعيدة للوصول إلى بيوتهم تصل إلى حوالي 800 متر تقريبا، بينما كانوا يحتاجون إلى مسافة لا تزيد عن عشرة أمتار.
كما تم إغلاق المدخل الجنوبي الشرقي المؤدي إلى حارة السلايمة، الواقع مقابل ديوان آل جابر المسمى (طريق المصلين)، ما أدى إلى إجبار سكان أربعة بيوت على سلوك طرق طويلة تفوق الكيلومتر، بينما كان بإمكانهم سلوك عدة أمتار للوصول إلى نفس المكان.
وأضاف: تم أيضاً إغلاق المدخل المؤدي إلى حارة جابر من الجهة الشمالية من طريق المصلين، ونتج عن ذلك إغلاق خمسة بيوت مأهولة، واجبر سكانها على سلوك طرق طويلة قد تصل إلى أربعمئة متر، بينما كان بإمكانهم الوصول مباشرة من طريق المصلين إليها بمسافة لا تتعدى مترين.
من الجدير بالذكر أن المحكمة العليا الإسرائيلية تنظر حالياً في التماس قدمته لجنة إعمار الخليل بخصوص إغلاق مداخل حارات جابر، والرجبي، وبني دار، وذلك منذ عام 2007.
وقال حمدان: تخلق الإغلاقات الجديدة وقائع لا بد من العمل على إيقافها ومواجهتها حتى لا تستمر معاناة المواطنين القاطنين في تلك المنطقة.
من جانبه، قال المواطن أسامة أبو شرخ أحد سكان حارة جابر، إن حملة الإغلاق الجديدة طالت مداخل اثني عشر بيتا في عدة أحياء من البلدة القديمة، مضيفا أن هذه الإغلاقات طالت منزل والدته المسنة والمقعدة، بالقرب من ديوان جابر.
وأوضح أن والدته تعاني من عدة أمراض ناتجة عن الهرم وهشاشة العظام، وأن إغلاق مدخل البيت منعها من الوصول إلى المستشفى ومراجعة الأطباء، مشيرا إلى أن أبناءها يواجهون صعوبة في حمل والدتهم والتنقل بها 'نظراً لحساسية وضعها واحتمالية تعرض عظامها للكسور بأي لحظة'.
ولفت إلى أن سيارة الإسعاف تحتاج إلى تنسيق مع الصليب الأحمر والجيش، وبهذا تحتاج إلى ساعة حتى تصل إلى المكان، وفي حالة الطوارئ لا جدوى من وصول الإسعاف حيث يكون قد فات الآوان. مضيفا أن أهالي المنطقة يعانون كثيرا من إغلاق الشارع، خاصة في نقل 'مونتهم' واحتياجاتهم الثقيلة مثل الأثاث، ومواد البناء لترميم بيوتهم، حيث يستخدمون وسائل بدائية كالعربات والكارات والدواب.
وأشار أبو شرخ إلى أن الشارع الرئيس الذي يبدأ من مستوطنة 'كريات أربع' إلى الحرم، مغلق منذ عشر سنوات، كما أنه من منطقة قيزون إلى الحرم بمسافة 3 كيلومترات والمأهولة بالسكان تعاني أيضا من إغلاق تام.
وبين أن مؤسسات محلية مثل البلدية، ولجنة الإعمار، والأوقاف رفعت دعوى إلى محكمة العدل العليا الإسرائيلية لفتح الشارع، في حين سارعت سلطات الاحتلال بإعلان أن باستطاعة أي شخص في المنطقة إدخال سيارته إلى بيته بعد تقديم طلب لسلطات الاحتلال، تحت 'شعار القيام بإجراءات تخفيفية'.
وأوضح أن المواطنين المحتاجين إلى هذا التسهيل سارعوا الى إدخال سياراتهم للمنطقة، في حين قام الجيش الإسرائيلي بتصوير تلك السيارات وقدموها إلى المحكمة لإثبات أن هنالك تسهيلات ولا حاجة لفتح الشارع بشكل كامل.
وأكد أنه رغم كل الصعوبات من منع للتجول، واعتداءات الجيش والمستوطنين المتكررة على أطفالنا وممتلكاتنا، سنبقى صامدين في بيوتنا رغم كل محاولات التهجير المنظمة لأهالي البلدة القديمة.
من جانبها، أكدت المواطنة هناء أبو هيكل المقيمة في حي تل الرميدة بالخليل، أن جنود الاحتلال يمارسون كل أساليب الإذلال والإرهاب بحق الشباب على الحواجز والبوابات الالكترونية في الشوارع المغلقة بالبلدة القديمة، حيث يلقي جنود الاحتلال أغراضهم على الأرض ويخضعونها للتفتيش بشكل مهين.
واستذكرت حالة الاعتداء بالضرب على الشاب سامي أبو هيكل (17 عاما) بتاريخ 1-6-2010، الذي أطفأ الحريق الذي أشعله المستوطنون في أشجار الزيتون بتل الرميدة من الجهة الثانية، عندما منع جنود الاحتلال سيارة الإطفاء من دخول المنطقة، مشيرة إلى أن جنود الاحتلال اعتقلوه على الحاجز بعد ضربه وكسر يده، وقدم إلى المحاكمة بتهمة إلقاء الحجارة على المستوطنين.
من جانبه، أكد محامي لجنة الإعمار توفيق جحشن، أن قوات الاحتلال كثفت من هجمتها على البلدة القديمة من خلال عمليات إغلاق الشوارع والمداخل المؤدية الى سوق اللبن، وباب الخان، وحي السهلة في البلدة القديمة بالصفائح الحديدية، دون إبداء أي أسباب، أو إنذارات مسبقة.
وبهذا الإغلاق الجديد تكون سلطات الاحتلال قد رفعت من عدد المداخل والشوارع المغلقة في قلب المدينة، البالغ عددها أكثر من 112 حاجزاً وبوابة حديدية وسدة ترابية، بالإضافة إلى الأبراج العسكرية المنتشرة بالمنطقة، والتي من شأنها إعاقة التواصل السكاني الاجتماعي، فضلاً عن الحركة التجارية التي أصبحت شبه معدومة في أسواق البلدة القديمة.
بدوره، قال الناشط في تجمع شباب ضد الاستيطان هشام الشرباتي، إنه 'في ضوء استمرار إغلاق شارع الشهداء شريان الحياة الأهم في الخليل والعديد من الشوارع الأخرى، قام نشطاء سلام وتجمعات شبابية بدعم من القوى الوطنية وبالتنسيق مع مجموعات تضامن دولية وإسرائيلية، بإعلان ذكرى مجزرة الحرم الإبراهيمي 25/2/2010 يوما للنضال من أجل إعادة فتح شارع الشهداء. وجرى تنظيم العشرات من الفعاليات حول العالم والتي هدفت إلى الضغط على حكومة الاحتلال لدفعها على إعادة فتح الشارع المغلق وتمكين الفلسطينيين من الحركة بحرية فيه'.
وأشار الشرباتي إلى أن قوات الاحتلال بعد مجزرة الحرم الإبراهيمي في 25/2/1994 منعت مركبات الفلسطينيين من التحرك في شارع الشهداء، ومن عبور شارع السهلة، والمرور من سوق الخضار المركزي نهائياً، لتتحول تلك المنطقة بالكامل لسيطرة المستوطنين الذين أعطوا الشوارع أسماء عبرية حملتها لافتات على جدران المنطقة تشير إلى أسماء تلك الشوارع منها اسم 'شارع الملك داوود' بدلا من شارع الشهداء.
هذا وما زالت المعاناة مستمرة في انتظار أن تسفر مفاوضات جديدة، أو مظاهرات سلمية، وتضامن دولي، وحقوق الإنسان، بتغيير ما أفسده المستوطنون وجيش الاحتلال.
الجمعة 19 أغسطس 2016, 2:15 am من طرف راهب الفكر
» تصريح الناطق الرسمي لجيش رجال الطريقة النقشبندية بصدد التهجير القسري للعراقيين
الجمعة 19 أغسطس 2016, 2:14 am من طرف راهب الفكر
» زيف المفترين في إعلان خلافة المسلمين
الجمعة 19 أغسطس 2016, 2:14 am من طرف راهب الفكر
» مبارزة شعرية .......
الجمعة 19 أغسطس 2016, 2:11 am من طرف راهب الفكر
» مقاومينا بغزة البواسل للشاعر عطا سليمان رموني
الجمعة 19 أغسطس 2016, 2:08 am من طرف راهب الفكر
» أتثائب... عبلة درويش
الأحد 24 أغسطس 2014, 1:54 pm من طرف راهب الفكر
» تصريح ولكن.... وما بعد الجدار/تغريد العزة
الأحد 24 أغسطس 2014, 1:54 pm من طرف راهب الفكر
» " منديلٌ لبسمات امرأة " لؤي ابو عكر
الأحد 24 أغسطس 2014, 1:53 pm من طرف راهب الفكر
» نقد الحزب المشكلات التنظيمية للحزب الشيوعي " سلامة كيلة (للتحميل)
الأحد 24 أغسطس 2014, 1:53 pm من طرف راهب الفكر
» تلخيص كتاب: تاريـخ فلسطين في أواخر العهد العثماني 1700 – 1918
الأحد 24 أغسطس 2014, 1:37 pm من طرف راهب الفكر